كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني الدكتور محمود سعادة في حفل تأبين الرفيق الراحل باسم شقير
الأربعاء 27/2/2019 م …
الأردن العربي –
أيها الحضور الكريم،
باسم الحزب الشيوعي الفلسطيني ومنظماته الثورية العلنية والسرية ننعي الى كافة المناضلين والشرفاء في جميع التيارات الوطنية رفيقنا القائد والأمين العام السابق للحزب الشيوعي الفلسطيني الدكتور باسم شقير، وتعازينا الخالصة لعائلة الرفيق والى جميع زملائه وأصدقائه ورفاقه، مناضلا ثوريا عريقا عنيدا شارك بكل ثبات طيلة حياته مدافعا عن احلام البسطاء والفقراء والعمال والكادحين في سبيل حياة شريفة متحررين من كافة اشكال الاستبداد والطغيان والاحتلال وناضل من اجل تحرير وطننا الغالي من سيطرة الاستعمار الصهيوني والرجعية والتحريفيين الممولين من منظمات مشبوهة والطبقة المستغِلة لمقدراته. وعملِ من أجل تحقيق الدولة الفلسطينية الوطنية التقدمية الديموقراطية الواحدة على كامل التراب الوطني الفلسطيني وحق العودة المقدس لللاجئين الفلسطينيين، من أجل تحقيق الديموقراطية الحقيقية والاشتراكية لشعبنا الفلسطيني ولكل القوى الثورية والوطنية والسياسية في فلسطين، والحرية للمواطن وامتلاك حقه الاصيل في الخبز والعمل والحرية والامن منذ عِرفته قبل 50 عاما، ايام الاحتلال الاردني لمدينة نابلس الشموخ والعزة(دمشق الصغرى) عندما كان يسكن في الطابق الارضي في نفس المنزل في الجبل الشمالي الذي كنا نسكن فيه وكان شاهدا على اعتقال اسرتي بالكامل ودائم التذكير بتلك الحادثة وكيف توصلت قوات الامن الاردني للمنزل حيث كانت مطبعة الحزب بين أركانه وتم مصادرة المطبعة حيث تلقى الحزب ضربة موجعة في تلك الفترة، وقد تأثر الرفيق الراحل كثيرا من تلك الواقعة التي أمدته بطاقة صلبة وقوية واصرار على تكثيف النشاط الحزبي فكان دوره بارزا في صفوف الحزب الشيوعي ونضاله طيلة حياته منذ عام 1957 في ذلك الوقت الصعب والهجمة الشرسة على الشيوعيين بعد الانقلاب على حكومة النابلسي وهو لا يتجاوز الخمسة عشر ربيعا، واثبت براعة كبيرة في الربط بين النضال من اجل الحرية والتحرر والاستقلال والنضال ضد كل اشكال التحريفية والانتهازية، واكثر ما امتاز به هو امتلاكه لتلك الروح الوثابة والمبدعة للتحرك في كل المحطات السياسية الهامة وعبر مسيرته النضالية والتنظيمية في فهم التباينات الفكرية والسياسية بين الخط اليميني الخروشوفي والغوربتشوفي والخط اللينيني الماركسي الذي قدم له الاجابة عن اسباب الاستعمار والاحتلال الصهيوني العنصري الذي يعاني منه شعبنا الفلسطيني، وهي التي جعلت منه مناضلا صلبا في سبيل تغيير الواقع الذي يعانيه شعبه، وبناء واقع جديد خال من الاستغلال والعبودية والتحرر من التبعية والارتهان للأجنبي الذي يشكل الحلقة المركزية في مواجهة الواقع المأساوي الظالم للكل الفلسطيني. وكان له دور بارز ومحوري في اعادة تأسيس وبناء الحزب الشيوعي الفلسطيني في عام 1991 غداة الردة التي أحلَت بالمنطقة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، ودافعَ ببسالة عن نقاوة الفكر الشيوعي، ضد ما سميَ بالنظام العالمي الجديد الذي بشر دعاته بالازدهار والرخاء الاقتصادي، وما هي الا سنوات قليلة حتى تبين الاستعباد للشعوب ونهب ثرواتها وتقسيم المقسم مما اظهر صوابيه فكر رفيقنا الراحل وكشف خداع وأكاذيب من سوقوا لبداية عهد الازدهار في عهد البرجوازية الوضيعة وفشل الاشتراكية، وعادت الاحداث لتؤكد صوابية النهج الاشتراكي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأصبح العالم اليوم كما قال رفيقنا الراحل (ان العالم اليوم امام خيارين اما الاشتراكية او البربرية) وما الحروب المدمرة والوحشية التي تحدث في معظم دول العالم اليوم وعالمنا العربي إلا نتيجة ارتباط تلك الانظمة بالولايات المتحدة الامريكية وتطبيق شروط وسياسات البنك والنقد الدوليين المدمرة والمفقرة للشعوب حتى في داخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها والدول الأوروبية، وما الاحتجاجات الشعبية الكبيرة والمناهضة لسياسات حكوماتها الا خير دليل على ما كان رفيقنا وحزبنا يتوقعه وصوابية التفكير العلمي الذي يتمتع به رفاقنا الشيوعيين. ولقد أدت الهيمنة الامريكية على العالم الى التأثير المباشر والكبير على قضيتنا الوطنية في الوقت الذي فقد فية شعبنا الفلسطيني سندا قويا كان يدافع الى جانبنا عن حقوقنا الوطنية، إلا أن رهان القيادة الفلسطينية على القيادة الامريكية المتصهينة في حل عادل للصراع بين الشعب الفلسطيني والاستعمار الصهيوني هو خطأ تكتيكي واستراتيجي فادح وكبير بحق شعبنا، والذي نلمس تداعياته اليوم من اعتراف امريكي بالقدس عاصمة لدولة الكيان ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال قطع التمويل عن وكالة الأونروا وتشجيع الاستيطان في أراضينا الفلسطينية، وزيادة الهجرة إليها وتهجير شعبنا عبر ما يسمى صفقة القرن.
لقد فقد حزبنا قائداً واعياً ورفيقاً غالياً علينا جميعا، وبوصلة ثورية في ظروف عصيبة تمر بها بلادنا المحتلة من قبل الصهيونية العالمية حيث الأوضاع المزرية لحركتنا الثورية، وواقعنا المر الذي أفنى رفيقنا عمره في الكفاح ضد هذا المحتل والتصدي للمشروع الصهيوني الذي هو أساس وجوهر الصراع في المنطقة والشرق الأوسط، حيث كان رفيقنا مصراً على أن أي حل لقضيتنا الوطنية يبدأ من اعتمادنا على أنفسنا أولاً والوحدة الوطنية ثانياً وصياغة استراتيجية وطنية مقاومة لهذا الكيان، وعدم المراهنة على الوعود الامريكية والأوروبية، ولذلك كان يرى في الانقسام الفلسطيني العقبة الاولى امام أي جهد كفاحي للتحرر والاستقلال ومواجهة المؤامرات التي تحاك ضد شعبنا البطل والتي كان آخرها صفقة القرن الأمريكية.
لقد كان رفيقنا يدعوا شعبنا للوحدة الوطنية والابتعاد عن الطائفية والعائلية، وعدم تصارع القيادات الفلسطينية من أجل مصالح شخصية وفئوية، ولذلك كان يؤكد دائماً على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية واعادة احياء مؤسساتها وهيكلتها على أسس وطنية تحررية، وبرنامج كفاحي ثوري جامع لكل فصائل العمل الوطني.
وكان أمل رفيقنا الراحل هو في الشباب الثوري من رفاق الكفاح الذين يرفعون راية الثورة على المحتل والظلم عاليةً خفاقة ويصرون على اكمال طريق النضال الثوري مستلهمين الدور الطليعي لرفيقنا الدكتور باسم في قيادتهم بصلابة وتواضع وانسانية ودماثة خلق شهد بها العدو قبل الصديق فيا رفيقنا كنت تمضي واثقاً بخطوات جريئة نحو الشمس قابضاً على جمر المبدأ وقلبك خفاقا بالأمل تفرد جناحيك على الرفاق من حر الشمس وتلقي إليهم بمعطفك في لحظات الزمهرير توزع من الشوكولاتة في عيادتك كنت تمضي واثقاً وفي شفتيك أغنية الحرية والاستقلال .
لقد أحب رفيقنا تراب هذه الارض فاحتضنته الى الابد هذه الارض التي تنتمي إلينا وننتمي إليها والتي تتجذر فينا ونتجذر فيها هذه الارض التي أحبته وأحبها فاحتضنته كاملة في حنان ورفق وخبأته بين ضلوعها. لقد واريناه ثرى هذه الارض بعد رحلة عمر حافلة بالعطاء وكان وجهه الباسم وروحه النضالية الوثابة العالية تسري في الانحاء، وظل صوته عالياً مدوياً ضد الظلم والاستبداد وظلت بوصلته باقية نحو الهدف لم تنحرف ولو للحظة عن اهداف شعبنا الوطنية والديموقراطية ضد الاحتلال واستغلال الانسان لأخية الانسان ومع الحق في الحرية والعدالة والمساواة وضد الفساد.
لم يمهل الموت رفيقنا الراحل ليستكمل رسالته فقد كان شغوفاً بالمعرفة والثقافة وكانت قضية حياته هي دفع الآخرين من الشباب لامتلاك أسباب هذه المعرفة والثقافة وكان يعتبر فهم قوانين التطور في الطبيعة والمجتمع والتفكير العلمي هي الاساس لفهم الواقع والنضال الواعي المحدد الهدف والوسيلة، وقدَس العقل والتنوير واستخدام المنهج الجدلي والعلمي في تحليل الواقع والمزج بين الفكر الثوري والممارسة .
تحية اعزاز واكبار لرفيقنا الراحل وعزاؤنا الى عائلته التي أهدت فلسطين والحزب هذه الثمرة الغالية وتحية الى كافة الرفاق في الشبيبة الشيوعية والكتلة العمالية الشيوعية والزملاء والاصدقاء من الشابات و الشباب الفلسطيني الوطني والجيل الفتي الصاعد الذين يحملون بإصرار راية الفكر والمبادئ الثورية الوطنية، مقدميين المصلحة العامة على الذاتية، رغم الاعتداءات والالفاظ النابية والشتائم من جانب الجماعات الاقطاعية والرجعية والبرجوازية الوضيعة في المحافل المحلية والدولية للتخلي عن المبادئ التي ضحى في سبيلها الكثير من رفاقنا ايام الشدة منذ عصبة التحرر الوطني مرورا بسنوات الحكم الاردني مقابل اغراءات ومنافع مادية , الا انهم تمكنوا من اعادة بناء وتأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني العتيد ، فحزبك الذي انذرت حياتك لة يا رفيق باسم وبجهودكم أيها الرفاق الميامين أصبح في هذه السنوات ضمن القيادة العالمية للأحزاب الشيوعية والعمالية والتي يقودها 19 حزبا وحزبكم الشيوعي ضمن هذه القيادة المقررة والمعتمد رأيه عالميا.
وأخيراً احبوا بعضكم أيها الرفاق فمن الحب تولد المحبة للعمل والتفاني والاخلاص للقضية والمودة والطاقة الحزبية الخلاقة والعطاء والطاعة الحزبية خلال العمل كما خبرناكم في كفاحكم لإنجاز المهام الصعبة التي أمامنا في سبيل تحقيق الدولة الفلسطينية الوطنية الواحدة والديموقراطية على أرض فلسطيننا التاريخية التي كانت الهدف الرئيسي لرفيقنا الراحل والطريق الأمثل والرؤية المستقبلية لإنهاء الصراع مع هذا الكيان الاستعماري الانعزالي الصهيوني العنصري المصطنع والموظف لحماية المصالح الامريكية في المنطقة العربية والشرق الاوسط وابتعدوا عن النقد اللاذع والجارح فإنه يبعث على الضغينة والحقد والتراكم في النفوس كما كان رفيقنا الراحل يقول الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل ولكن النقد والنقد الذاتي البناء عمود ورفعت شأن الحزب بين الجماهير فكونوا كبائع الورد ان لم تشتري منة فرائحته دائما طيبة
طبت حيا وميتا يا رفيق العمر
التعليقات مغلقة.