آخر فضائح الإخوان المسلمين … القيادي السابق خليل عسكر يكشف خفايا التنظيم السري لـ “الإخوان” في الأردن
الأردن العربي – الرأي ( الإثنين ) 3/8/2015 م …
كشف أمين سر التنظيم السري في جماعة الإخوان المسلمين خليل عسكر تفاصيل تشكيل التنظيم السري داخل الجماعة، الذي تشكل في ستينيات القرن الماضي.
وقال عسكر الذي كان أميناً لسر هذا التنظيم لمدة (6) سنوات في حوار خاص مع الرأي إن التنظيم والذي تشكل داخل الجماعة؛ هدف إلى تشويه سمعة علماء ورموز وطنية، لافتاً إلى أن أعضاء هذا التنظيم ينطلقون من مصالحهم ويوظفون الأحداث بما تقتضيه «الغاية تبرر الوسيلة».
وأضاف عسكر الذي استمر في التنظيم حتى عام 1999 أن هذا التنظيم شكل للحفاظ على ثوابت جماعة الإخوان المسلمين وفقاً لنظرة التنظيم، وحوكم أصحابه وفصلوا من الجماعة جراء آراء لهم كانت مغايرة لقيادة التنظيم، الأمر الذي دفعهم للاعتذار والتعهد بعدم العودة إلى ذلك، فقبل اعتذارهم وانخرطوا في التنظيم السري الذي شكل في السبعينات وأصبحت له قيادة واجتماعات مستمرة ومحاضر جلسات.
وبين عسكر أنه خرج من التنظيم فراراً بدينه ومعه مجموعة من الشخصيات الإخوانية البارزة، وعلى رأسهم المرحوم الدكتور قنديل شاكر « الذي رأيته وهو يبكي على السنوات الطويلة التي قضاها في هذا التنظيم» على حد قول عسكر.
ولفت إلى أن التنظيم السري أنفق آلاف الدنانير من أجل انجاح شخصيات اخوانية محسوبة عليهم في انتخابات لشعبة واحدة، من خلال دفع الاشتراكات المالية للأعضاء، والاغداق في توزيع المساعدات المالية الموجهة إلى مناطق بحد عينها خدمة لمصالح انتخابية.
وأشار إلى أنه كان قد تقدم بشهادة لقيادة الإخوان حول هذا التنظيم وجرى التحقيق بما قاله دون التوصل إلى نتيجة فعلية.
وبين عسكر أن الشهيد الدكتور عبد الله عزام كان من أوائل من عانى من هذا التنظيم، إذ تعرض لاغتيال شخصيته من قبل هذا التنظيم، لافتاً إلى أن الشيخ عزام يقول في رسالته الموجهة إلى مجلس شورى الإخوان المسلمين في السبعينات «أن الحب في الله عنوان فلاح الجماعات والأمم والتنازع والخلافات الداخلية هي سبب الهزائم، وأن الإسلام علمه أن يقول الحق لو على نفسه، وأن الهوى هو فساد في الأرض، مؤكدا أن الغاية لا تبرر الوسيلة؛ فلا يجوز الكذب من أجل الدعوة».
ويستشهد عسكر بما جاء في رسالة عزام التي وجهها قبل ربع قرن تقريبا الى اخوته في جماعة الاخوان المسلمين بالاردن شرح فيها اهمية الحب في اي عمل او تنظيم او جماعة فبقدر ما يكون الحب بين أفرادها بقدر ما تنزل الرحمة عليها من ربها.. والحب كما بين عزام في رسالته هو الذي يدفع النفس للطاعة والتضحية، ويحفزها للتنفيذ والعمل، وقال عزام «إذا فقدت الجماعة هذا العنصر المحرك لها عادت كشركة اقتصادية يتعامل فيها الأفراد مع مسؤوليهم كما يتعامل عمال الشركة مع مديرها».
وبين عزام في رسالته ان الجماعة في ذلك الوقت فقدت الحب وحذر حينها من التنازع والخلافات الداخلية مبينا انها سبب الهزائم.
ولفت عسكر إلى أن عزام شخّص في رسالته التاريخية اسباب ضعف الجماعة وانقسامها إذ قال «إني أرى في الدعوة خطاً معجباً برأيه يستعمل كل وسيلة لطمس آراء الآخرين ولإبعادهم عن الأنظار حتى لا يرى في ساحة الجماعة إلا الحفنة التي توافقهم في كل شيء أو في معظم الأشياء».
وذكر عسكر أن عزام تحدث في رسالته مطولا عن استهدافه من قبل بعض القيادات « أنّ بعض إخواني يقصد تحطيمي لا لشيء إلا لأنهم يريدون أن لا آخذ أصواتاً في مجلس الشورى، أو في المكتب».
وأضاف أن عزام انهى رسالته بقوله «طالما رددت في نفسي كيف ينظر الله إلينا ونحن على هذا الحال؟ كيف ينزل الله رحمته أو نصراً أو سكينةً على قلوب بمثل هذا؟».
وأشار إلى ما قاله عزام «وكنت أحتسب ذلك بيني وبين الله ولا زلت، ولو استطعت أيها الإخوة أن أعيش خارج هذه الدعوة لفعلت، فراراً بقلبي إن كان بقي فيه صفاء، الذي صرت أفتقد خشوعه في ساعات الخشوع بين يدي رب العالمين، ورحمة بصدري الذي كان منشرحاً يتسع لإخوانه ليضمهم بين حناياه وأضلاعه». كما يشير إلى أن عزام قال في الرسالة «كنت أريد أن أبقي هذا في نفسي أشكوه إلى الله وكنت أقرأ كثيراً (إنّما أشكو بثي وحزني إلى الله) يوسف:86 (فصبرٌ جميل والله المستعان) سورة يوسف:18». كما قال (إنّه من يتقّ ويصبر فإنّ الله لا يضيع أجر المحسنين)، وكنت أمتثل لقول الله (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً، إنّ الله بما يعملون محيط) آل عمران:120. (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) فاطر:43
وكشف عسكر حيثيات اطلاعه على واقع هذا التنظيم في العام 1993 عندما جرى دعوته لحضور لقاء في عمّان، وما تضمنه من حديث حول ثوابت الجماعة وأن المكتب التنفيذي في حينه لا يحافظ على هذه الثوابت وأنه لا يمثل الجماعة ولا بد من ابعادهم عن القيادة.
وأضاف أنه «قيل له ولمن حضر الاجتماع في حينه أن هذه القيادة هذه مشبوهة ولها اتصالات أمنية وأنها لا تحافظ على الجماعة».
وأكد أن هذا التنظيم له قيادة ومحاضر جلسات واجتماعات دورية ومندوبين عن الشعب الإخوانية.
أهداف التنظيم
وأوضح أن التنظيم يهدف إلى المحافظة على ثوابت الجماعة ودفع الأخطار عنها والوصول إلى مواقع القيادة العليا والوسطى والمحافظة عليها، وابعاد الفريق الآخر عن مراكز القيادة وصنع القرار لعدم الثقة بهم، بسبب وجود شبهات أمنية عليهم.
هيكلة التنظيم
وحول هيكلة التنظيم قال عسكر إن الإخوان في التنظيم ينقسمون إلى مجموعتين هما المجموعة الأولى وتضم كبار الشيوخ والعلماء وأعضاء مجلس الشورى بالجماعة وبعض الرموز الأخرى وهي بمثابة قيادة التنظيم وأصحاب القرار في جميع القضايا والأمور التي تهم التنظيم ولها رئيس كمرجعية للتنظيم.
اما المجموعة الثانية هي مجموعة الشباب وهي الجهة التنفيذية التي تتحرك بالشعب وتضم مجموعة من الإخوان ولها رئيس ومقرر وأمين صندوق، إذ أضاف عسكر « تم تكليفي برئاسة هذه المجموعة ولها اجتماعات ومحاضر جلسات وقرارات»، لافتاً إلى وجود نواة في كل شعبة من شعب المملكة.
وذكر عسكر أن رئيس مجموعة الشباب يرتبط بقائد التنظيم والذي هو حلقة وصل بين القيادة والشباب ويتولى تنفيذ القرارات ومتابعتها والتأكد من تنفيذها.
أعمال مجموعة الشباب
ولفت عسكر إلى أن كل مجموعة الشباب تتولى الأعمال المتمثلة في عقد اللقاءات الشهرية مع مندوبين في الشعب الإخوانية بحيث يشكل في كل شعبة نواة لهذا التنظيم، ولها رئيس لإدارة العمل والتواصل مع القيادة ونقل الأخبار وتنفيذ القرارات التي تصدر عن القيادة. والإشراف على انتخابات مجالس الشورى والهيئات الإدارية وتكون بمثابة اللجنة المركزية العليا التي تشرف على الانتخابات ومتابعة اللجان الفرعية بالشعب الإخوانية.
إضافة إلى التنسيب للقيادة بأسماء المرشحين من كل الشعب لاعتمادها بلقاء مشترك يجمع مجموعة الشباب مع القيادة، والقيام بزيارات للشعب والمناطق لمتابعة أخبارها وضم المؤيدين للتنظيم ، مؤكدا أن مجموعة الشباب تضم أمينا للصندوق ومن مهامه دفع الاشتراكات عن بعض الأعضاء في الشعب الإخوانية للسيطرة عليها والتأثير على النتائج في كل انتخابات.
آلية العمل للانتخابات
وبين عسكر إن آلية العمل للانتخابات تنطلق من ترشيح أعضاء للشورى والهيئات الإدارية من قبل أعضاء التنظيم والمؤيدين له وحصر الإخوان في الشعب الإخوانية من ناحية تصنيفهم لـ(مؤيد، معارض، وسط)، ومن ثم يصار دفع الاشتراكات عن المؤيدين ومساعدتهم والتحرك على قائمة الوسط لكسب الأنصار.
وأكد عسكر أن من آليات العمل تشويه سمعة الآخرين ووصمهم بتهم كثيرة مثل الارتباطات الأمنية أو ضد حركة المقاومة الفلسطينية حماس أو غير ذلك من تهم شأنها نسف بنية تلك الشخصيات وممارسة التحريض ضدهم من قبل الآخرين.
وأشار إلى أن» ما هو ملفت للنظر أن بعض المناطق لا يوجد للتنظيم فيها مرشحون، فيكون القرار هو العمل لإسقاط المرشح الذي يعين من قبل الفريق الآخر من خلال دعم أي مرشح آخر ضده، بهدف اقصاء أشخاص بأعينهم، رغم أنهم في الأغلب يكونون من الرموز الوطنية المعروفة بالانتماء للإسلام»؛ لافتاً إلى أن من أمثلة ذلك شعبة مأدبا وشعبة جبل التاج في عمّان، وكان الهدف أن لا يصل سالم الفلاحات وجميل أبو بكر إلى مجلس الشورى، وقاموا بدعم مرشحين آخرين من الاتجاه ذاته.
التنظيم السري والمركز الإسلامي
وحول التنظيم السري وجمعية المركز الإسلامية الخيرية قال إن هذا التنظيم سيطر على الهيئة العامة للجمعية والهيئة الإدارية لها خلال سنوات طويلة، واعتبرها التنظيم وسيلة مهمة لدعم التنظيم، وجرى اختيار القيادات العليا واستغلال الجمعية وحافلاتها ومواقعها خدمة للتنظيم وابعاد الفريق الثاني عن الوصول لأي موقع آخر داخل الجمعية، للحيلولة دون وصولهم للمواقع المؤثرة.
وأشار إلى أن المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين أصدر قرارا بالالتزام بالتصويت لقائمة اعتمدت من قبل المكتب التنفيذي من أجل انتخاب هيئة إدارية للجمعية في العام 1998.
وبين عسكر أنه عقد اجتماع عاجل للتنظيم وصدر قرار بعدم الاذعان لقرار المكتب التنفيذي وتم ترشيح قائمة مقابل قائمة المكتب، وعممت على المؤيدين للتصويت لقائمة التنظيم، وجرى اتهام القائمة الصادرة عن المكتب التنفيذي بأنها قائمة مشبوهة لها ارتباطات امنية، الأمر الذي أدى إلى فوز قائمة التنظيم السري وفشل قائمة المكتب التنفيذي للجماعة.
وحول سبب مخالفة قرار المكتب التنفيذي قال عسكر إن قيادة التنظيم قالت إن الانتخاب شهادة وتزكية ولا يجوز لأحد شرعا أن يفرض على أخ بأن يصوت لأحد ولا يجوز مصادرة حق الأخ واستشهدوا بالحديث « من ولى أحدا وفي المسلمين خير منه فقد خان الله ورسوله»، مؤكدا أن قيادة التنظيم التي قالت ذلك هي القيادة التي استطاعت أن تقود الجماعة خلال الـ(8) سنوات الأخيرة.
ولفت عسكر إلى أنه أُستجوب وآخرون من قبل قيادة الجماعة جراء مخالفة قرارهم بالتصويت في الانتخابات، وأن أحد القيادات في التنظيم قال لهم « اني اتقرب إلى الله عز وجل بمخالفة قرار المكتب التنفيذي»، لافتاً إلى أن هذا الشخص هو في موقع قيادي حالي داخل الجماعة غير المرخصة.
وبين أن التنظيم السري داخل الجماعة لا يقبل النقد والذي يخرج منه يتعرض للهجوم والتجريح، ويصبح عدوا للتنظيم، ومن أمثلة ذلك كما يروي عسكر « أحد الأخوة من الرموز المعروفة والذي كان يقال عنه (سيد قطب الأردن)، وعندما خرج من التنظيم بذلت الجهود المتتالية لارجاعه واعادته للتنظيم، قبل أن تبذل جهودهم الكبيرة لتدميره في المجتمع، والصاق التهم به، والحديث عنه بأنه متهاون في أداء الصلاة بهدف «حرقه وتشويه سمعته».
وعبر عسكر عن ارتياحه بعد خروجه من هذا التنظيم، لادراكه بأن الجماعة تدار من خلاله، في وقت كان يرفض نهجهم الاقصائي للآخرين، كما كان يرفض سياستهم المتبعة في تشويه سمعة من يخالفهم الرأي والطعن بهم، مشيراً إلى أن بعض الإخوة داخل الجماعة اعترفوا بذلك في مؤتمر اصلاح اربد وأقروا بنهج وسياسات هذا التنظيم أمام نحو 250 أخاً من الجماعة.
وأشار إلى أن التنظيم السري داخل الجماعة كان لا يسمح لكل من القيادات الإخوانية والرموز الوطنية المتمثلة بـ عبداللطيف عربيات وأسحق الفرحان ويوسف العظم من دخول مؤسسات ومدارس جمعية المركز الإسلامي الخيرية لإلقاء محاضرات خوفا من التأثير على فكر العاملين في هذه المؤسسات، موضحاً أن قرار المنع وصل للمعنيين في إدارة هذه المؤسسات بشكل شفوي. واستشهد عسكر بما قاله أحدهم في جلسة تقييمية لمؤسسات الجمعية :» له الشرف بأنه منع الدكتور عبداللطيف عربيات من دخول مؤسسات الجمعية لأكثر من عشر سنوات».
وندد عسكر بما قام به التنظيم السري من ربطه للمئات من الإخوان المسلمين بمصالح مالية من خلال شركات مسجلة بأسماء بعضهم، ومنح بعضهم وظائف وتفريغ بعضهم برواتب كبيرة، اضافة إلى رواتب المكتب التنفيذي للجماعة، عدا عن دفع الاشتراكات المالية بآلاف الدنانير للسيطرة على القيادة.
وتساءل عسكر عن مصدر هذه الأموال؟ مؤكداً بأنه لا يستطيع أن يعلم من أين يأتي هذا التنظيم بهذه الأموال التي توظف وفقاً لمصالح قيادته. وأكد أن سيطرة التنظيم السري الداخلي على الجماعة أفرز قيادة غير شرعية من خلال الأموال وشراء الذمم ودفع الاشتراكات، معبراً عن رضاه أمام الله سبحانه وتعالى بهذه الشهادة التي يضعها أمام الشعب الأردني.
التعليقات مغلقة.