صحيفة الغارديان: تصدعّ العلاقة بين العاهل السعودي وولي عهده
الأردن العربي ( الخميس ) 7/3/2019 م …
تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية في عددها الثلاثاء عن وجود “مؤشرات” على حدوث خلاف كبير بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد.
وأوضحت الصحيفة أن الخلاف بين الملك وولي عهده كان موجوداً منذ الحرب على اليمن لكنه بدأ يتسع بشكل مقلق منذ مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، الذي تؤكد وكالة الاستخبارات الأمريكية أنه تم بأمر من الأمير محمد.
وأضافت: “من المفهوم أن الملك وولي عهده اختلفا حول عدة قضايا سياسية هامة في الأسابيع الأخيرة، بينها الحرب في اليمن”.
المؤشرات على حدوث خلاف
لفتت الغارديان إلى أن الخلافات بين العاهل السعودي وابنه تفاقمت بشكل كبير، أواخر فبراير/شباط، عندما زار الملك (83 عاماً) مصر، حيث حذره مستشاروه من أنه معرض لـ”تحرك محتمل ضده”، وفق ما أكده مصدر للصحيفة.
وتجلت المخاوف بشأن تحرك محتمل ضد الملك، بعد تعيين فريق أمني جديد، يتألف من أكثر من 30 شخصاً من الموالين للملك من وزارة الداخلية، اختيروا بعناية قبل أن يرسلوا إلى مصر لحراسته بدلاً من الفريق السابق.
وأكد المصدر للغارديان أن هذه الخطوة “جاءت بعد تخوف حاشية الملك من أن يكون بعض موظفي الأمن السابقين موالين للأمير”.
وأضاف: “رفض مستشارو الملك أيضاً حراسته من قبل فريق أمن مصري خصص لملازمته طيلة وجوده في مصر”.
تصرفات ولي العهد تغضب الملك
واعتبرت الغارديان أن غياب ولي العهد عن استقبال الملك بعد عودته من مصر كان مؤشراً على تفاقم الخلاف بينهما، لاسيما وأن ولي العهد، وهو “نائب الملك”، اتخذ قرارين هامين أثناء زيارة الملك مصر دون علمه.
القرار الأول يتعلق بتعيين الأميرة ريما بنت بندر سفيرة للسعودية في واشنطن، والثاني يتعلق بترقية الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد، نائباً لوزير الدفاع. ويعزز القرار الأخير صلاحيات فرع واحد من العائلة المالكة، بحسب الصحيفة.
وشدد المصدر المقرب من العائلة المالكة للغارديان على أن الملك علم بالقرارين المهمين، هو ومستشاروه، من وسائل الإعلام، وقالت إنه انزعج من ترقية الأمير خالد التي اعتبرها “سابقة لأوانها”.
وفي العادة، تعلن التعيينات في المناصب باسم الملك، لكن آخر تعديلين رفعا باسم “نائب الملك”، وهو أمر لم يحدث منذ عقود، بحسب خبراء.
ومنذ مقتل خاشقجي، الذي عرض السعودية لأوسع حملة من الانتقادات والضغوط العالمية، سعى الملك لإصلاح بعض الأضرار التي لحقت ببلاده، ونصحه مقربوه بالمشاركة في صنع القرار بدرجة أكبر لتحجيم سلطة ولي العهد.
لكن المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن قال الاثنين: “من المعتاد أن يصدر الملك أمراً بتفويض سلطة إدارة شؤون الدولة إلى نائبه، ولي العهد، كلما سافر إلى الخارج”، مردفاً ” هذا ما حدث خلال زيارة الملك سلمان الأخيرة لمصر”.
وتابع قائلاً: “التعيينات التي قام بها الأمير محمد تمت بصفته نائب الملك وباسم الملك. أي تلميح إلى ما يخالف ذلك، ببساطة، لا أساس له”.
كيف يفسر الخبراء هذه المؤشرات؟
وأشار المصدر، الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته، إلى أن الأمير والملك اختلفا أيضاً حول عدة مسائل تتعلق بالسياسة الخارجية، بينها “التعامل مع أسرى الحرب في اليمن، وموقف السعودية من الاحتجاجات في السودان والجزائر”.
وأبلغت الصحيفة بأن الملك، الذي يفضل الإصلاح، اختلف مع نهج الأمير “المتشدد” لقمع الاحتجاجات.
وقال بروس ريدل، مدير مشروع بروكينغز الاستخباراتي والمحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط: “هناك علامات خفية، لكن هامة، على حدوث شيء غير طبيعي في القصر الملكي”. وأكد على أن “استقبال ولي العهد للملك له مغزى هام ويعكس الاحترام واستمرارية السلطة، وعدم حدوثه يعني الكثير أيضاً”.
أما نيل كيليام، المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أيضاً، فيرى أن إصدار الأمير محمد قرارات تعيين في غياب والده، أمر متعارف عليه، لكنه يشير، في الوقت نفسه، إلى “رغبة بن سلمان في المضي قدماً في التغيير استعداداً لتأكيد سلطته”.
وأضاف: “اختلاف رؤى الاثنين واضح، لاسيما في ما يتعلق بقضية القدس، لكن من غير المرجح أن يتخذ الأمير خطوة قوية ضد والده، لأنه لا يزال يعتمد على دعمه كنقطة شرعية”.
ورفضت السلطات السعودية طلب الغارديان التعليق على ما جاء في التقرير.
التعليقات مغلقة.