أين أبو بكر البغدادي؟ انشقاقات داخل “داعش” بسبب اختفاء قائده
الأردن العربي ( الإثنين ) 11/3/2019 م …
مع اختفاء زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي، فإن شقوقاً عميقة قد ظهرت داخل التنظيم الإرهابي المتهالك حيث يقاتل المقاتلون اليائسون معركتهم الأخيرة في سوريا.
على الرغم من سقوط “خلافة داعش” وسيطرة القوات العراقية والسورية على معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، إلا أن مصير زعيم “داعش”، أبو بكر البغدادي لا يزال لغزاً غامضاً، وسط تقارير متضاربة حول احتمالات وجوده في بلدة الباغوز السورية أو في صحراء الأنبار العراقية أو في مكان آخر قريب من الحدود بين الدولتين.
وكشف القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي أمس أن المعلومات الاستخباراتية تؤكد أن البغدادي وقياديي داعش الآخرين موجودون في بلدة الباغوز، مشيراً إلى أن الكثير من مقاتلي “داعش” قد دخلوا الى مناطق حوران في الجانب العراقي.
وقالت مصادر أميركية أخيراً إن كبار خبراء الحكومة الأميركية لديهم اعتقاد قوي أن البغدادي “لا يزال على قيد الحياة مختبئاً على الأرجح في العراق”.
وقال تحقيق لقناة “فوكس نيوز” إنه مع انهيار دولة تنظيم “داعش”، فإن مقاتليه اليائسين يواجهون آخر معركة لهم في سوريا في جيب نهائي محاط بقوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة، في وقت لا يمكن العثور على زعيمه “داعش” الأيديولوجي.
ويعتقد مسلحو تنظيم “داعش” الذين استسلموا لقوات التحالف أن أبا بكر البغدادي قد تخلى عن النضال عندما كانت قيادته في أشد الحاجة إليها.
وقالت القناة إن غيابه يتسبب في حدوث انشقاقات عميقة داخل المنظمة الإرهابية المنهارة، والتي رغم أنها تآكلت، فإنها لا تزال تضم بين 28000 إلى 32000 مقاتل.
وقال محمد علي، أحد مقاتلي “داعش” من كندا الذي أسرته “قوات سوريا الديمقراطية” التي يهيمن عليها الأكراد، لصحيفة الصنداي تايمز: “إن البغدادي يختبئ في مكان ما، والناس غاضبون”.
النداء الإيديولوجي لداعش والتطرف الإسلامي لا يزال قائماً، لكن فراغ قيادة البغدادي وانحسار سيطرة “داعش” على الأراضي في سوريا يقلل من نفوذ التنظيم الذي كان قوياً في السابق.
واستمرت الشائعات المستمرة حول موت البغدادي، لكنه على الأرجح ما زال على قيد الحياة. تقدم الولايات المتحدة بين 25 مليون و35 مليون دولار في مقابل أية معلومات موثوقة تؤدي إلى اعتقاله. ويعاني البغدادي أيضاً من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والجروح التي لحقت به خلال غارة جوية استهدفته منذ سنوات.
وقال أبو علي البصري، مدير مكتب الاستخبارات العراقية في وزارة الداخلية، لـ”فوكس نيوز”: “إن المخابرات العراقية تلاحق البغدادي، ونعتقد أنه لا يبقى أبداً في مكان واحد لأكثر من يوم واحد. لدينا معلومات أنه لا يزال ينتقل من بلدات في سوريا وقد دخل الحدود العراقية من خلال محافظة الأنبار مع حركة على الحدود مع محافطة صلاح الدين”.
ورغم أن البغدادي لا يزال بعيداً عن ساحة المعركة، فقد واصل حث أتباعه المخلصين والمتحمسين على مواصلة القتال. وكانت أحدث دعواته في سلسلة من المقاطع الصوتية التي تم إصدارها في آب – أغسطس 2018. وقبل نشر التسجيل في آب – أغسطس 2018، لم يسمع عن البغدادي منذ عام تقريبًا.
وفي ذروة صعود “داعش”، سيطر التنظيم على مساحة واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، وحكم سكاناً عددهم أكثر من ثمانية ملايين شخص. لقد كان إشراف البغدادي على الخلافة أمراً حاسماً في هيكله الإداري، وقد وفر خطابه الجهادي الإلهام الضروري لجذب مئات الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى الجماعة الإرهابية.
فمن دون التوجه الروحي والعملي للبغدادي، وقدرة “داعش” على الحكم، التي كانت المحرك الرئيسي لندائها وما يميّزها على الجماعات الإرهابية الأخرى مثل القاعدة ، يبقى مستقبل الجماعة مجهولاً.
وتعتمد الجماعات الإرهابية على أساس أيديولوجي لتبرير وجودها بالكامل، كما أن القائد الكاريزمي له أهمية بالغة في تحفيز عضويتهم من الدرجة الأولى لتحقيق أهداف داعش العنيفة.
تماماً مثل إدارة أي منظمة، فإن التأكيد على الناس وضمان دعمهم أمر ضروري. ومن خلال الغياب عن ساحة المعركة في أكثر اللحظات حرجاً، يبدو أن البغدادي قد فشل في حشد أنصاره المتحمسين.
يقول ماكس أبرهامز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن ومؤلف كتاب “قواعد الثوار: علم النصر في تاريخ المناضلين”: “إن اختفاء البغدادي لن يغيّر طبيعة الجماعة العنيفة”. وأضاف: “إزالة البغدادي لن تؤثر على تكتيكات المجموعة. كان يشبه المدير التنفيذي الذي يعاني من عدم الكفاءة بحيث أن إقالته لن تكون لها أي تأثير على أداء المجموعة العنيف”.
ويقول تقرير “فوكس نيوز” إنه قد يؤدي القضاء على الرؤوس القيادية، أو ببساطة غياب القائد، إلى إحداث آثار مدمرة أو غير مشجعة على المرؤوسين الذين تُركوا لمواجهة زوالهم المحتمل. لكن هذا لا يجعلهم أقل عنفاً أو تهديداً. وقد تختفي “الخلافة” في الإسم، لكن يبقى الآلاف من المقاتلين. لقد أجبروا على العمل السري واعتماد شكل غير متماثل من أشكال الحرب.
والهجمات الإرهابية الأخيرة، مثل التفجير الانتحاري الذي وقع في 17 كانون الثاني – يناير في منبج، شمال سوريا، حيث قتل أربعة عسكريين أميركيين، تدل على الأخطار التي لا تزال يشكلها تنظيم “داعش” مكسور ومشتت.
وبينما يعود العديد من مقاتلي “داعش” السابقين إلى ديارهم، فإن العديد منهم سيذهبون إلى مواقع مختلفة حول العالم لمواصلة القضية، بما في ذلك ليبيا وأفغانستان واليمن ونيجيريا وشبه جزيرة سيناء في مصر.
ويرى التحقيق أن “داعش” سيستمر في الاحتفاظ ببعض القدرات في سوريا، “لأن بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيشعل مزيداً من التطرف العنيف”.
وقبل الهجوم على الباغوز، آخر معقل لتنظيم “داعش” في شرقي سوريا، قالت “قوات سوريا الديمقراطية” إنها “تحتجز نحو 800 مقاتل أجنبي، بالإضافة إلى أكثر من 2000 من زوجات مقاتلي التنظيم وأطفالهم”.
وذكرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية أن عناصر تنظيم “داعش” يشعرون بـ”غضب وخيبة أمل عميقة” لأن زعيمهم اختفى في الصحراء بدلاً من المشاركة في المعركة الأخيرة للتنظيم في بلدة الباغوز.
وتحدثت “صنداي تايمز” مع مسؤولين لا يعتقدون أن البغدادي يتواجد في الجزء الأخير من أراضي “داعش” في سوريا، بينما رجحوا أنه ربما يكون في الأنبار غربي العراق، وهي محافظة صحراوية كانت مرتكزا لقادة “داعش” قبل سنوات.
وتقول الصحيفة إن “داعشيين سلّموا أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية، أعربوا عن غضبهم من زعيمهم الغائب في الباغوز”.
وقالت “صنداي تايمز” إن خيبة الأمل الداخلية العميقة من الخليفة المزعوم قد أسفرت عن انشقاقات داخل التنظيم، كشفتها مقابلات أجريت مع عناصر “داعش”.
ويظل سؤال “ما الذي يعنيه سقوط التنظيم لمستقبل التشدد في العالم؟” بلا إجابة، خاصة إذا ما وقع البغدادي في الأسر أو سقط قتيلاً.
التعليقات مغلقة.