المعراج السياسي من دمشق / د. يحيى محمد ركاج
د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) السبت 8/8/2015 م …
*باحث في السياسة والاقتصاد- سورية …
اعتاد المتابعون والمحللون أن يترقبوا إطلالة الرئيس السوري عند نهاية كل مرحلة من مراحل الحرب التي تواجهها سورية ليعلن الانتصار في مرحلة مضت والتهيؤ والتحضير للمرحلة التي تليها دون تحديد سقف زمني أو إجراءات محدودة الأجل للمراحل المقبلة، فلم يعد خافياً على أحد أن توقيت إعلان الانتصار في كل مرحلة من مراحل العدوان على سورية كان يفاجئ العالم أجمع، إلا أن خطابه في هذه المرة في نهاية الشهر السابع وبعد انتهاء المؤتمر الإعلامي المقاوم لمواجهة الفكر التكفيري بدمشق كان أكثر من صادم ومفاجئ للجميع بلا استثناء، لدرجة أن الحلف المعادي بدا مرتبكاً ومتخبطاً في تناقض واضح عند محاولته كالمعتاد تحوير مضمون الخطاب، ولعل السبب في ذلك هو توقيت الخطاب وجمهوره ومضامينه الإستراتيجية ورسائله السيادية للداخل والخارج والمفاهيم الحديثة للهوية والانتماء والمواطنة، أو لعل السبب في ذلك هو الليلة النووية الإيرانية وما تركته من تداعيات على الحراك السياسي والدبلوماسي في المنطقة والعالم.
إلا أن المتابع لمضمون خطاب الرئيس الأسد وما سبقه من تصريحات لبزوغ نطفة التحالف الرباعي الذي أعلنت عنه روسية لمواجهة التنظيم الإرهابي المسمى (داع ش) وما تبعها من تسريبات إعلامية حول زيارات متبادلة بين رئيس مكتب الأمن القومي السوري ومخابرات الدول المتورطة بالحرب على سورية، وإسقاطات هذه الزيارات على بعض الملفات في المنطقة كالملف اللبناني والفلسطيني، يدرك تماماً مضمون وهدف الزيارات المكوكية لوزراء الخارجية ورجال الدبلوماسية العالمية للمنطقة وأيضاً زيارات دبلوماسيي الدول المنخرطين في تدميرها، ويدرك أيضاً قوة الموقف السوري وصلابته. الأمر الذي يجعل من مباريات المبادرات المتبادلة بين الأطراف السياسية المتجاذبة والمتنافرة حول المنطقة ليست إلا محاولات تطويق أو احتواء للآخر، خاصة في ظل التخبط العربي في التسابق نحو تبعيته الصهيوأمريكية من جهة، والتصريحات الأمريكية المتناقضة في التعامل مع الإرهاب الداعشي، وتبديله لأسماء التنظيمات التي يحاول زجها كبديل عسكري يفاوض على منجزاته في سورية من جهة أخرى.
لقد شكلت كلمة الرئيس السوري رسالة واضحة المضمون للمرحلة القادمة من تاريخ سورية المتجدد، حملت في ثناياها رسالة الإعمار والبناء والتفاوض الدبلوماسي والسياسي، ورسالة أخرى معلنة حول القيادة العسكرية وأولوية أهدافها في الميدان، الأمر الذي فهمه جميع سياسيي العالم دون الحاجة إلى شيفرة لفك كلمة سر الرئاسة والسيادة السورية.
إن ملفات المنطقة المتشابكة والتي أسفرت بالتوقيع النووي الإيراني عن ولادة مرحلة جديدة من المواجهات، تشير إلى الانتصار السوري في مرحلة المواجهات القائمة في هذه الفترة، وتشير أيضاً إلى تحول سورية والعالم أجمع إلى مواجهات جديدة قاسمها المشترك التأكيد الدمشقي بأن وطننا حق لنا.. وحمايته حق علينا .. والله مع الحق. الأمر الذي يجعل من دمشق معراج السياسيين والدبلوماسيين الراغبين بالوصول إلى السيطرة على حكم العالم، فلا حل ولا تسوية ولا حرب ولا انتصار إلا عن طريق دمشق وبالتوافق معها.
كما أن الأيام القادمة تتطلب صبراً وترقباً لما سوف تحمله من بشائر انتصارات عربية تصنعها الجمهورية العربية السورية المقاومة في الميدان السوري وفي الميدان العربي، دعامتها اقتصادية، وأداتها عسكرية، وصناعها بواسل الجيش العربي السوري أسطورة الصمود العالمي، خاصة أن بوادر كلمتها العالمية بدت للملأ من ثنائيات الفيتو الثلاثة في الأمم المتحدة.
عشتم وعاشت سورية
التعليقات مغلقة.