رؤية سياسية … سوريا.. الباغوز تعلن انتهاء المبررات

صورة ذات صلة




لم يكن مفاجئًا إعلان الميليشيات الانفصالية المسماة “قسد” عن سيطرتها على آخر جيب لتنظيم “داعش” الإرهابي في مخيم الباغوز وبهذه السرعة اللافتة، ذلك أن طبيعة التحرك لمنظومة التآمر والعدوان على سوريا باتت مفهومة ومكشوفة لدى الجميع، وخصوصًا لدى سوريا وحلفائها، فالمنظومة المتآمرة لا تنتقل إلى موضع سياسيًّا كان أو ميدانيًّا إلا وفقًا لإحداثيات الميدان السوري بقوة الأداء والفعل والسيطرة للجيش العربي السوري وحلفائه؛ بمعنى أن أي خطوة متقدمة تحققها سوريا في مواجهة المخطط الكوني الإرهابي أو أي موقف تتخذه تجاه ذلك إلا وتجد صداه في الجانب الآخر لدى منظومة التآمر والعدوان متخذة هي الأخرى خطوة أو موقفًا ترى أنه يمكن أن تحبط به ما تسعى إليه سوريا وحلفاؤها، أو تفشل به ما أنجزوه وهكذا.
ووفقًا لذلك، فإن الإعلان السريع من قبل الميليشيات الانفصالية الكردية المسماة “قسد” والموالية لمنظومة التآمر والعدوان بقيادة الولايات المتحدة عن سيطرتها على آخر معاقل “داعش” الإرهابي في الباغوز جاء إثر الاجتماع الثلاثي العسكري بين القادة العسكريين في سوريا والعراق وإيران، والذي حمل رسائل عسكرية وسياسية إلى منظومة التآمر والعدوان ومن راهنت عليه من الأدوات والتنظيمات الإرهابية وبعض المكونات السورية الانفصالية والموالية لمنظومة التآمر. فنتائج الاجتماع ـ الذي يعد الأول من نوعه على صعيد التنسيق الدائم والمستمر بين الدول الثلاث ـ جديرة بالاهتمام والانتباه والتي جاءت في وقت تواصل فيه منظومة التآمر دعم الإرهاب، واختلاق المبررات ومحاولة تغيير وقائع الميدان وإحداثياته، وتثبيت ركائز للحفاظ على الوضع الجامد على صعيد بعض الجبهات كجبهة محافظة إدلب، وذلك من أجل تحقيق تموضع يسمح لمنظومة التآمر بالبقاء والقدرة على التأثير واستمرار عملية الاستنزاف للدولة السورية وحلفائها. وما يلاحظ هنا أن أقطاب منظومة التآمر والعدوان تتحرك في إطار واضح من التنسيق والتكامل، فبينما أقطاب في المنظومة ترتب المشهد وتثبت ركائز الإرهاب في محافظة إدلب، وتواصل دعم التنظيمات الإرهابية هناك وتتخلى عن التزامات الأدبية والأخلاقية التي وعدت بها، تعمل أقطاب أخرى في المنظومة في دير الزور وفي مناطق الفرات ومحافظة الرقة وغيرها على تثبيت ركائز وجودها غير الشرعي، مراهنة على الميليشيات الانفصالية الكردية للحفاظ على هذا الوجود غير الشرعي.
منظومة التآمر والعدوان حين قررت التدخل في الشأن الداخلي السوري وتأجيج الصراع، وإطالة أمده، رفعت شعار “محاربة تنظيم داعش” وعلى ضوئه أعلنت عن استراتيجية للمواجهة وتحالفًا قوامه أكثر من ستين دولة، واليوم إذ تعلن فيه المنظومة نفسها أنها نجحت في القضاء على “داعش” الإرهابي ـ وإن كان الإعلان ثمة ما يكذبه على أرض الواقع والميدان والشهود ـ فإن إعلانها بانتهاء سبب تدخلها في الشأن الداخلي السوري يوجب عليها قانونًا وشرعةً وأخلاقًا أن تعود إلى حيث أتت، فمبررات وأسباب وجودها غير الشرعي أساسًا والمخالف للقانون الدولي ولشرعة الأمم المتحدة قد انتفت، وبالتالي عليها الرحيل وإنهاء وجودها غير الشرعي من سوريا.
إن الموقف السوري الرسمي والشعبي من الوجود الأجنبي غير الشرعي هو موقف واضح ولا لبس فيه، بأن لا مكان لهذا الوجود على أرض سوريا، وأن لا شبر من أرض سوريا سيكون خارجًا عن سيطرة الدولة وبعيدًا عن حضن الوطن السوري الأم، وذلك إما بالمصالحات أو بالقوة، وبالتالي هذه الرسالة واضحة لمن يعنيه الأمر ممن لديهم أحلام تتجاوز طموحاتهم وتناقض الواقع وحقائق التاريخ، وممن لديهم رهانات خارج سياق حركة التاريخ وسيادة الدول ووحدتها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.