غزوة سليمان وإسقاط النظام / د. يحيى محمد ركاج

 

 د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الثلاثاء 11/8/2015 م …

* باحث في السياسة والاقتصاد سورية

أخرجت الحرب على سورية إبداعات المبدعين والقدرات الكامنة للدجالين وعلماء النفس والاجتماع والإعلام السياسي، حتى أصبحت الساحة السورية محوراً مركزياً لمنح شهادات الماجستير والدكتوراه بالحرب النفسية وأدواتها ومحددات تطبيقها وابتكاراتها التقنية والبشرية، فأضحى القول مقبولاً لدى معظم الدارسين والباحثين بأن لسورية فضلاً على العالم لما سوف يشهده في السنوات القليلة المقبلة من تطور علمي هائل في ميادين علم النفس والإجتماع والحروب النفسية.

ولعل أخر إبداعات الحرب النفسية التي تواجهها سورية بعد أن واجهت تكتيكات مختلفة من الحروب النفسية السابقة والتي أعادت دمج التضليل الإعلامي مع الأنواع الرئيسة للحرب النفسية التكتيكية والاستراتيجية والتعزيزية هو الدمج العكسي لمكونات الحرب النفسية من خلال تسليط الضوء على نقطة شبه مضيئة تهدف إلى إقناع الناس بالهزيمة مبني على حالة اللامبالاة بالدولة وهيبتها وسيادتها مع صدام مباشر في الأماكن العصية عن الوصول بالنسبة إليهم.

ولا يظن البعض أن السبب في اختياري نقطة شبه مضيئة هو خلق نوع من التفاؤل حتى لا أقول نقطة معتمة تقريباً أو شبه مطلق، إنما تأكيداً على حالات الاندفاع الشعبي في الذود عن الدولة والصبر على كل ما من شأنه النيل من هيبتها وسيادتها ولو كان ذلك على حساب الحقوق الخاصة للمواطنين أنفسهم.

وهنا أسقط الحادثة التي وقعت في مدينة اللاذقية وأسفرت عن استشهاد ضابط من الجيش العربي السوري والتي تناولها الإعلام المعادي كوليمة دسمة لتدمير دولة تحت مسمى إسقاط نظام عجز عن إسقاطه أمراء وزعماء وثروات طائلة، فقد ترافقت الحادثة مع كثافة إعلامية معادية رافقها عدة ألاف الحسابات الوهمية التي ولدت لهذا الهدف على مواقع التواصل الاجتماعي مع هجوم كثيف يقوده قطيع من النفايات الانتحارية تبعه إطلاق قذائف الحقد وصواريخ تطال المدنيين في اللاذقية، في تكامل وتناغم إعلامي يؤكد مجدداً عدم قدرة رعاع الإرهابيين على القيام به دون وجود منظومة دولية تدعمه وترسخ أركانه.

لقد جسدت حادثة العقيد سليمان في اللاذقية سيناريو مكرراً للحرب النفسية التي شنها الإعلام المعادي أيام ضريح سليمان شاه، وهي في آليتها تكراراً لسيناريو الحرب النفسية التي كرست سقوط الدولة العثمانية في زمن سليمان القانوني، إلا أنها في سورية سقطت أيام ضريح سليمان شاه بإنجازات الجيش العربي السوري التي تحققت في تلك الفترة بشنه هجوماً معاكساً على مواقع الإرهابيين في مناطق متنوعة من جبهات القتال التي يخوضها، وفي هذه الأيام سقطت بالثقة الكبيرة التي صنعها خطاب الرئيس وشفافيته في كشف الحقائق والوقائع وتمسكه بسيادة الدولة وفق معيار المواطنة المبني على التضحية والفداء قبل أيام قليلة من الحادثة وبما يحققه بواسل الجيش من إنجازات في هذه الأيام.

لقد طرحت حادثة سليمان يوم الخميس في اللاذقية أكثر من تساؤل وسلطت الضوء على أكثر من فجوة تعاني منها مساحات جغرافية متفرقة من الدولة، ولكنها كثفت وميضها حول دور الإعلام السوري في مواجهة الحرب التي يشهدها وخاصة الإعلام الالكتروني سريع الانتشار والأكثر فعالية في التنفيذ.

فإلى متى سيبقى الإعلام الالكتروني غائباً عن ساحة المواجهة في الساحة السورية، وهل سوف ينتظر حلف المقاومة حرباً عالمية جديدة حتى يقر بضرورة إيجاد هيئة مركزية موحدة للإعلام الالكتروني.

لقد حمى الله سورية هذه المرة بحنكة قيادتها وبالثقة المتبادلة بين الشعب والقائد، وكان للقدر الدور الأكبر في تأخر الحادثة بعد خطاب الرئيس السوري أمام الفعاليات الاقتصادية، فهل يعتبر أعدائنا بأن سورية الله حاميها

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.