اغتيال العقيد حسان الشيخ : لماذا على الرئيس أن يتدخّل؟ / عامر نعيم الياس
عامر نعيم الياس* ( سورية ) الثلاثاء 11/8/2015 م …
نكأت حادثة قتل العقيد حسان الشيخ الجراح، اعتصامات لمواطنين تجمعهم هويتهم السورية وبؤسهم وتحمل في معناها ودلالاتها الكثير في محافظة اللاذقية، وهتافات تدعو إلى المحاسبة بعدما ضاقت الهوامش في أعين كافة المواطنين. فالأزمة خلقت نوعاً من الضغوط على المكوّن البشري في سورية لا يمكن في دولٍ كثيرة احتمالها. ربما يحتمل المواطن السوري الأزمات المعيشية والخدمية التي أدّت إلى انفجار الوضع الشعبي في العراق على سبيبل المثال، لكنه بعد الآن لن يقدر على احتمال ما هو على تماسّ مباشر مع وجوده المقاوم على أرضه على رغم ما يجري. لا يحتمل هذا الصلف من مراهقٍ يحمل سلاحاً لا يعرف عنه سوى أنه أداة ترهيب وتخويف وقتل وتمييز عن باقي الشعب.
لا يحتمل المواطن ما يجري على امتداد ساحات سورية ومدنها الآمنة من استعراضٍ للقوة من قبل أناس لا يستحقون حماياتهم الشخصية التي باتت موزعةً على أبواب حانات العاصمة دمشق والمحافظات الأخرى ومطاعمها ونواديها. طبعاً هناك من يستحق الحمايات والتقدير والرعاية والحرص على حياته وحتى تكريمه، خصوصاً أن سورية صارت ساحةً مفتوحة لعمل عددٍ من أجهزة الاستخبارات المعادية. لكن في المقابل لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال تعميم نموذج الحمايات ليتحوّل إلى مقياسٍ وهمي للنفوذ والمزايدة في الوطنية في زمن الحرب، من جانب بعضٍ من قطّاع الطرق وأغنياء الحرب الجدد الذين يجمعون حولهم بعض المشوّهين نفسياً وجسدياً للترهيب والتغطية على عقد نقصٍ ليس إلا.
نعود إلى الرئيس السوري الذي توّجهت إليه كافة النداءات للقصاص ممن ارتكب الفعلة الشنيعة وقَتل ضابطاً مكرّماً في الجيش السوري في يوم إجازته وأمام أطفاله. صدحت الحناجر في اللاذقية هاتفةً بحياة الرئيس، فيما محافظ المدينة يركب موجة التهوين من الأمر والابتعاد قدر الإمكان عن شخص القاتل بحدّ ذاته، فهل الفاعل «مواطنٌ سوري»؟
الفاعل ليس مواطناً سورياً البتة، فهو بلطجيّ وقاطع طريق من الطراز الرفيع، معتدٍ على أعراض الناس وكراماتهم، ومدجج بأحدث أنواع الأسلحة الخفيفة وربما المتوسطة. القاتل ليس مواطناً سورياً أو قريباً من أقرباء الرئيس السوري، هو يستهدف الرئيس بِصلة القرابة ويحاول تشويه الصورة الناصعة لرجلٍ هتف له مواطنو اللاذقية طالبين العدل ممّن يدّعي قرابة الرئيس. هذا القاتل المتعجرف ليس مواطناً سورياً. هو متمتعٌ بمزايا ناتجة عن الكسب غير المشروع ومن المفروض أن تتم ملاحقته قانونياً، لا بتهمة القتل العمد، إنما بتهمة خيانة دماء السوريين وصمودهم في زمن الحرب القذرة على سورية.
هي قضية رأي عام في سورية بشار الأسد، هي قضية كرامات في سورية التي طوّرها الرئيس إلى أبعد مستوى حتى عام 2011 ولو قدّر الاستمرار لتمّ القضاء بشكلٍ تلقائي على ظاهرة سليمان هلال الأسد، هي قضيةٌ تكشف غياب القانون والدولة بأجهزتها في ذهنية المواطن السوري قبل أن يكون الأمر واقعاً على الأرض، فالثقة بأجهزة الدولة وقانونها الساري على الجميع غير موجودة، والموجود فقط هو الجيش والرئيس بصفته السياسية والعسكرية في آن، فالشارع تحرّك رافضاً النيل من كرامة حماة دياره واتجه صوب الرئيس أملاً بالانتقام، فيما الدولة غائبة ومحافظ اللاذقية زاد الطين بلة بتصريحاته للإعلام.
إن التحرّك لمحاربة هذا الانفلات والفساد الطاغي في الداخل جزء من الحرب التي تخوضها الدولة السورية، ففي غياب المحاسبة لا تسأل عن الخيانة ولا عن الفساد ولا عن القانون، في غياب المحاسبة لا تسأل عن الوطن والمواطن، في غياب المحاسبة يلجأ السوريون متّحِدين إلى الرئيس الذي يحمل أعباء لا تحملها الجبال ويقوم بواجبه الوطني وما يمليه عليه منصبه وقسمه مواجهاً العالم مستنداً على إرادةٍ شعبية تخوّل الرئيس صدّ الحرب الكونية على سورية، وتخوّل الرئيس مواجهة العالم بالسياسة والرهان على صناديق اقتراعٍ وشارع جاهزٍ للتصويت تحت رقابة الأمم المتحدة أياً كان شكل الرقابة. إنه الرئيس مرةً أخرى وجهة الشارع السوري، ومقومٌ من مقومات صموده ومواجهته للحرب، هو الرئيس ليس للتدخل المباشر في القضية لكن وللأسف من أجل أن تأخذ العدالة مجراها ويحاسَب القاتل الخائن للوطن والشعب والجيش والرئيس في العلن.
*كاتب ومترجم سوري
التعليقات مغلقة.