يَحْدُثُ في الجزائر الآن .. أو «شُروط»المُعَارَضَة ومزايداتها / محمد خروب

محمد خروب ( الأردن ) الخميس 28/3/2019 م …



شكّلت المادة «102» من الدستور الجزائري التي استند إليها رئيس الأركان الفريق قايد صالح في المُطالَبة بتفعيلها, وهي المُتعلِّقة بإعلان «شغور» منصب رئيس الجمهورية وعدم أهليّة الرئيس للإستمرار في منصبه, (تنتهي ولاية بوتفليقة في 28نيسان الوشيك)، فرصة للخروج من الأزمة السياسيّة الراهنة, التي جاءت نتاج حِراك شعبي «مَطلبِيّ» تحول الى ما هو أبعد من ذلك, مُعمِّقاً وكاشِفاً أزمة سياسية شاملة. إن لجهة النظام القائم منذ الإستقلال قبل خمسة عقود ونيف, أم لجهة انكشاف إفلاس أحزاب المعارَضة وعُزلتها عن الجماهير الجزائرية, التي خرَجت الى الشارع رافِضة ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة, رغم إقرار الغالبية العظمى من الجزائريين بأنّ «المجاهِد» كان صاحِب دور أساسي في إطفاء فتنة العشرية السوداء وإعادة الوئام والاستقرار الى البلاد, لكن ما ألم به من مرض أقعَده عن ممارسة أعماله على نحو مقبول، أثار الشكوك بأن «الطبقَة» أو البطانة المحيطة به, هي التي تُدير البلاد على نحو غير دستوري. ما أسهَم ضمن أمور أخرى, في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتنموِيّة.

بصرف النظر عن رأي البعض في «التخريجة الذَكِية», التي استولَدتها المؤسسة العسكرية صاحبة النفوذ والدور الحيوي في الجمهورية الأولى, وخصوصاً انها جاءت بعد خطوات ومواقِف اتّسمَت (قبل البيان الأخير) بالغموض وإمساك العصى من المنتصف, وصولاً الى الإتكاء على المادة (102) من الدستور, وما إذا كانت قد وفّرَت مَخرَجاً لائقاً ومُشرّفاً للرئيس بوتفليقة, الذي كان اضطر تحت إلحاح الجماهير للتراجع عن ترشّحه لعُهدة خامسة، فإن ما يلفت الإنتباه هنا وعلى نحو يبدو وكأنه «مَرَض» أُصيبَ به المعارَضات العربية، هو موقف المعارَضة الجزائرية التي «رفض» أو تحفّظ مُعظمها أو اعتبر بعضها طلب رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح تفعيل المادة «102» غير كافية. ومنهم من حاول «استفزاز”الجيش وذهب بعيدا في القول: إن «الجيش» تدخَّل في مسألة لا تخصه من الاساس، ونسي هؤلاء انهم – وليس الجمهور–مَن طالبَ المؤسسة العسكرية بالتدخّل وتحديد موقفها مما يجري في الشارع الجزائري, حاضّاً اياها على عدم مواصَلة دعم الرئيس في الترشّح مُجدّداً.

للمُعارَضة-بافتراض انها تتقدّم الجمهور وتقود الحِراك للإنتقال «السِلمي» الى الجمهورية الثانية, ان تطرَح ما تشاء من آراء وتُبدي ما ترى من مواقِف، لكن من يَقرأ بيانات هذه المُعارَضات, التي لا تلتقي عند هدف مرحلي او استراتيجِي مُحدّ,د والخلافات بينها أكبر من أن تحصى، تُريد وبعد ان بدأت «سفينة» الرئيس بوتفليقة بالـ«غَرَق» وقفز منها مَن قفز, طالباً السلامة أو طامعاً في دور ما بعد انتهاء مرحلة بوتفليقة، يَخرج بانطباع بأن هناك في المعارَضة وبخاصة جماعةالإخوان المسلمين (حركة مُجتمَع السِلم) لم يتعلّموا دروس العشرية السوداء، ولا هُم استخلَصوا عِبِر ما حدث حواليهم في ليبيا والسودان, وخصوصاً تلك العدمية التي اتّسمت بها المُعارَضات السورية, التي أوعَز مُشغِّلوها لها, برفض «التنازلات» التي قدمها «النظام» عبر إلغاء المادة الثامنة من الدستور وغيرها من القرارات والإجراءات, التي كانت كفيلة-ولو بالتدريج-بإنضاج مشهد سوري جديد. عِوَض ان تنتهي سوريا وشعبها الى هذه الكارثة المُخطّطة مُسبَقاً في الدوائر والغرف السوداء التي يديرها التحالف الصهيواميركي وبعض العرب.

الفرصة مُتاحة لإخراج الجزائر من أزمتها, ووضع حد لمحاولات تأجيج الأمور بهدَفِ إيصالها إلى نقطة اللاعودة.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.