زيارة مفتي سوريا الى الجزائر تربك الاسلاميين الجزائريين / زكرياء حبيبي

 

 

زكرياء حبيبي ( الجزائر ) الأربعاء 12/8/2015 م …

أقام الإسلامويون في الجزائر الدنيا ولم يُقعدوها، للتنديد بزيارة مفتي سوريا العلامة أحمد بدر الدين حسون للجزائر التي بدأها يوم الخميس 7 أوت/أغسطس الجاري، وجندوا لحملة التنديد كلّ أبواقهم الإعلامية، التي وصف بعضها مفتي سوريا ب”الشيطان والإرهابي”، وراحت هذه الأبواق تدّعي أن الجزائريين يرفضون هذه الزيارة، وكأننا بهؤلاء الإسلامويين وأبواقهم الشيطانية، نصبّوا أنفسهم أوصياء على الشعب الجزائري.

حالة الهستيريا التي أصابت هؤلاء، أرى أنها ردّ فعل طبيعي للغاية، من قبل من تسبّبوا في مأساة الجزائر، التي خلّفت آلاف الضحايا خلال سنوات التسعينات من القرن الماضي، فزيارة الشيخ حسون، في هذا التوقيت بالذات، والذي يتميز بانقلاب موازين القوى في سوريا، وبداية تفكك الحلف الشيطاني الذي تآمر عليها واستقدم إليها شتى أنواع الإرهابيين من بقاع العالم، قُلت هذه الزيارة، جاءت لتُؤكد أن سوريا بدأت بالفعل في الخروج من الحصار الذي فُرض عليها، وهذا بطبيعة الحال لن يُرضي المُتآمرين على سوريا وبيادقهم، وبخاصة في بلد كالجزائر، الذي نجح لوحده في القضاء على جحافل الإرهابيين في سنوات المأساة، وتحوّلت تجربته إلى نموذج عالمي يُقتدى به، بشهادة الجميع، فهؤلاء الإسلامويون، يعون جيّدا اليوم، أن زيارة مفتي سوريا للجزائر لها وزن كبير للغاية، فالجزائر كانت ولا تزال تُعارض استعمال القوة والعنف لحلّ المشاكل في البلدان العربية على وجه الخصوص، ورفضت دائما تجميد عضوية ليبيا وسوريا في الجامعة العربية، لأن التجميد لا يُسرّع إيجاد الحلول بل يُعمّق الأزمة، وهي اليوم إذ تستقبل مفتي سوريا، في ظلّ التحولات الكبيرة التي يعرفها الملف السوري، فإنّما تُبرهن مرّة أخرى على صدقيّة مواقفها المبدئية، في مُعالجة الأزمات والنزاعات، وأكثر من ذلك كلّه، فالجزائر وبعكس مشيخات ومماليك الخليج، لا تُضمر أية كراهية أو حقد لأي بلد عربي كان، الأمر الذي أهّلها مرات عديدة للعب دور الوسيط في حلّ النزاعات بين الأشقاء، ويُرتقب اليوم أن يكون لها دور فعال للغاية في إيجاد المخارج للأزمة في سوريا وحتى في اليمن، وهذا برأيي ما يُثير قلق بعض الجهات العربية على وجه الخصوص، التي انخرطت في المُؤامرة على عديد البلدان العربية، في إطار ما سُمي باطلا ب”الربيع العربي”، والذي استخدمت فيه جماعة الإخوان المسلمين كرأس حربة، في بداية تنفيذ المؤامرة، وهذا ما عايشناه على المُباشر في تونس وليبيا وسوريا ومصر واليمن.. لكن عدم فعالية جماعة الإخوان المسلمين، وافتقادها للمصداقية لدى غالبية الشعوب العربية، كلها ساهمت في انسحاب هذه الجماعة من الصفوف الأولى، ليتمّ تعويضها بالجماعات التكفيرية، التي هي في كلّ الأحوال الإبن الشرعي للإخوان المسلمين، وهذا الإنسحاب المُذل، خاصة في تونس ومصر، وحتى في التنظيمات السورية “المُعارضة”، كان له الوقع الأكبر على تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يُحاول اليوم اللعب بكلّ الوسائل، لإبعاد الشبهة عنه، خاصة مع تسجيل عشرات الآلاف من القتلى والجرحى في البلدان التي اجتاحها “الربيع العربي”، فالإخوان يُحاولون إبعاد المسؤولية عنهم في كل المجازر التي ارتُكبت من قبل التنظيمات الإرهابية التي  خرجت من صُلبهم، بل ويحاولون اتهام ضحاياهم، بأنهم هم من يُمارسون الإرهاب، ويكفي في حال الشيخ أحمد بدر الدين حسّون مفتي سوريا، أن نُذكر بعملية إغتيال إبنه الأصغر على يد الإرهابيين بمدينة إدلب، فالشيخ وبرغم مأساته لم يتوقف عن التصريح بأنه لا يُكن الحقد والضغينة لمن إغتالوا فلذة كبده، وهذا موقف في قمة الإنسانية، موقف يعكس إيمان سماحة المفتي بالمصالحة، والعفو عند المقدرة، وبرغم كلّ ذلك يصف بعض أشباه الصحفيين والسياسيين الجزائريين، مُفتي سوريا بأنه “مفتي الشيطان.. ومفتي البراميل المتفجرة…”، لهؤلاء الشياطين أقول، أتحدّاكم أن تثبتوا بأي وسيلة كانت أنكم ندّدتم يوما بالمجازر التي ارتكبها الإرهابيون وعلى رأسهم الدّواعش بسوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر..وحتى في الجزائر، وما يحزّ في نفسي كثيرا أنه حتى الولايات المتحدة الأمريكية رائدة الإرهاب في العالم، تُسجل في بعض الأحيان تنديدها بجرائم الإرهابيين في سوريا، وآخر تنديد صدر عنها مؤخرا عندما اختطف الدّواعش 235 مدنيا بينهم 60 مسيحيا بالقريتين في سوريا، وهي الجريمة التي يرى فيها الإسلامويون وأبواقهم الإعلامية بأنها تمثل قمّة “الجهاد” !؟

أختم كلامي بالتوجه إلى سماحة مفتي سوريا، لأقول له، إن هؤلاء الشياطين الذين تطاولوا عليك، كانوا ولا يزالون إلى يومنا هذا، يدفعون باتجاه إذكاء نيران الفتن بين الجزائريين، وكأننا بهم لم تروِ عطشهم الشيطاني دماء عشرات الآلاف من الجزائريين، الذين ذهبوا ضحية أفكارهم الجهنمية، التي سمحت بتعشيش وتفريخ الإرهابيين في بلادنا، وهم اليوم، بالتطاول على سماحتك، يتطاولون على ذاكرة هذا الشعب الذي أدماه الإرهاب التكفيري، ويكفي أن نقول في هذا المقام لهؤلاء الإسلامويين، إن مفتي سوريا أشرف وأطهر من أشرفكم، -إن كان لكم أصلا شرف.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.