د. احمد القطامين ( الأردن ) الإثنين 1/4/2019 م …
تكتسب الاستراتيجيات قيمتها الحقيقية الحاسمة فقط عندما تتحول الى تنفيذ ناجح على ارض الواقع.. فليس هنالك خطة استراتيجية ناجحة انما هناك خطة استراتيجية نجحت عند التنفيذ، وهذا هو بالضبط معنى ان نقول ونفعل.. ان نخطط فننفذ ثم ننجح في الوصول الى الاهداف المحددة في الخطة.
تنجح الخطة الاستراتيجية للدولة اذا توفرلها ثلاث شروط:
الاول: توافر الامكانيات والقدرات المطلوبة لتنفيذ الاستراتيجية وادامتها، وتفشل اذا حدث نقص في قدرات الدولة على الاداء. والقدرات تعرف بانها ما ينتج عن التوظيف الفعال للموارد.. لذلك الموارد التي يتم توظيفها على ايدي أطر حكومية بالية او اشخاص غير مؤهلين او فاسدين اوسارقين او لا يمتلكون المهارات المطلوبة لن تقود بالتاكيد الى نجاح بل سيكون مصيرها الفشل بامتياز.
الثاني: توافر بيئة وطنية صحية تتضمن التعليم والصحة والبنية التحتية وشبكات الامن الاجتماعي وعناصر الحوكمة الرشيدة والتي تشكل رأس المال الاجتماعي الوطني الذي لا غنى عنه ابدا لانجاح تنفيذ الاستراتيجية الوطنية.
ثالثا: عندما تمر الشعوب بظروف طارئة وصعبة تلجأ الى افضل ما لديها من انظمة ادارة الازمة لمواجهة تلك الظروف وتخفيف قدرتها التدميرية او مواجهتها والحاق الهزيمة بها كليا.. وحتى تتمكن من انجاز ذلك تلجأ الى تفعيل عناصر القوة ومقومات السلطة في العقل الاستراتيجي للدولة بحيث تصبح الدولة تدار من سلطة لديها القدرات المطلوبة للمواجهة وعلى رأسها قدرتها على تحشيد الشعب ورفع امكانياته على الصمود والمواجهة وهنا تصبح السلطة هي القدوة التي تستنهض كل عناصر القوة في المجتمع لمواجهة الاخطار والمحن وتجنيب الوطن مآلات كارثية..
نحن نعلم من تجارب التاريخ ومقومات صمود الشعوب ان احداثا كصفقة القرن ليست قدرا لا يمكن مواجهته.. بل هي في الواقع قدر للشعوب التي لا ترغب بالمواجهة، اما الشعوب الحية فلا تسمح لبلادها ومستقبل اجيالها ان يضيع وسط حالة من الخوف والتردي وانعدام الحيلة..
خلاصة ما اريد قوله في هذا السياق اننا قادرون على مواجهة التحديات ايا كانت القوة الكامنة خلفها اذا توفرت الشروط الموضوعية لادارة المواجهة معها. ان اهم هذه الشروط في حالة الاردن اليوم تتلخص في تشكيل حكومة “صمود وطني” من اشخاص يحترمهم الشعب ويثق بقدراتهم على اتخاذ القرار وعلى تحفيز عناصر الصمود في المجتمع واستنهاض همته لزيادة قدرته على التحمل والمواجهة.
ان ما نمر به هي لحظات تاريخية مفصلية وحاسمة اي ان ما بعدها لا يشبه ما قبلها وان البقاء على نفس النهج الحالي لن يقود الا الى المزيد من التردي والضعف وربما يقود الى عواقب وخيمة..
التعليقات مغلقة.