انتخابات نقابة الأطباء في الأردن، هل يحقق إلغاء الألوان النقابية مبدأ التشاركية؟ / د. لؤي أبوعتيله

 د. لؤي أبوعتيله ( الأردن ) الجمعة 5/4/2019 م …

لم تكن تجربة نمو مهندسين خارج سياق ما يحدث في النقابات المهنية جميعها، إذ عبر المهندسون من خلال انتخاب هذه القائمة، عن عطش للتغيير. مترافقا مع إخفاقات المجالس السابقة في ملفات هندسية وصفت بالمحورية.




فهم التيار الإسلامي في نقابة الأطباء هذا التوجه قبل ذلك بعامين، عندما اختبأ مرشحوه بين أروقة القائمة البنفسجية “قمة” التي اكتسحت انتخابات الدورة السابقة بعد سيطرة التيار القومي واليساري لدورات متعددة، واستنسخت نمو مهندسين هذه التجربة في مواجهة التيار الإسلامي نفسه وتمكنت من الاطاحة به بعد ربع قرن من السلطة، ربما لرؤيتها أن نجاح قمة ليس إلا عطشا للتغيير وليس تعطشا للإخوان المسلمين.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار، أن المزاج العام لدى الناخبين في قطاعي الأطباء والمهندسين متشابه، انطلاقا من أن المشاكل المعيشية والمهنية التي تلقي بأوزارها عليهم متشابهة، جاءت رياح التغيير على القطاعين بنتائج ظاهرها متعاكسة، و لكن في الحقيقة أساسها واحد، ألا و هو التوق للتغيير!

فشلت قائمة قمة في الأطباء وانقسمت، بعد أن حمل كل شق فيها الآخر مسؤولية تراجع الشعبية، وعادت قائمة الاخوان المسلمين إلى الواجهة مجددا بشكلها السياسي التقليدي غير آبهة برياح التغيير التي هبت على نقابة المهندسين.

وانصب الجميع على تكريس الجهد و المال لتكون حملاتهم الانتخابية منافسة، فالكل الآن لديه شركة إعلامية و خبراء سوشيال ميديا و مصورين و مصممين يقومون بدورهم على أكمل وجه، و لم تعد أفضلية ذلك كما كانت في الدورة السابقة حكرا على التنظيم ذو الميزانية الأكبر، و هذا يساوي بين الجميع و الذي من المفترض أن يعيد الأمور إلى أساسها و هو الانتخاب  بناء على البرنامج الانتخابي المنطقي القابل للتطبيق، و لكن  انسداد الطرق و تعقد الملفات سيجعل الجميع يشتركون ببرنامج انتخابي متشابه و مكرر، مما يزيد من صعوبة الاختيار على الناخب. 

المرشحون أيضا في وضع لا يقل صعوبة عن الناخب، مشهد يعكس صعوبة المرحلة النقابية القادمة على الجميع، و هو ذات الأمر الذي دفع بالقوائم النقابية لمحاولة الوحدة، إلا أن التشرذم في المشهد كشف عن مدى جدية النوايا عندما أصبحت فرص جميع المرشحين بالنجاح ممكنة إلى حد ما.

و في الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن أساس المشاكل المهنية التي يعاني منها الأطباء اقتصادي، يولد من رحم ذلك تيارات ترى أن النقابات لا تمتلك الحق بقيادة الشارع في القضايا السياسية و الوطنية، و أن دورها يقتصر فقط على متابعة القضايا المهنية بحدها الأدنى، تماما مثلما تحول دور مجالس طلبة الجامعات إلى مراكز لنسخ و تصوير و توزيع المحاضرات، في حين ترفع رئاسة الجامعة الرسوم متى شاءت!

باستثناء قائمتين فقط لا تخفيان هوياتهم السياسية والوطنية، فقائمة التيار ويترأسها القومي د مصطفى العبادي في مواجهة المشروع السياسي لقائمة طموح ويترأسها الإسلامي د بلال عزام، أما بقية المشهد فلا يتعدى كونه انقسامات سياسية أو انبثاق عن الرؤية الحكومية لمحاربة الوجود السياسي في مجمع النقابات المهنية.

فبعد أن تمكنت النقابات من قيادة الشارع الأردني في الإضراب العام وما تبعه من أحداث أودت بحكومة هاني الملقي، لام الشارع الأردني غياب نفس الدور السياسي للنقابات في مواجهة قانون الضريبة الذي أقرته حكومة الرزاز.

وحيث أن المهنيين هم جزء أصيل من الحراك المستمر منذ رمضان الماضي في مواجهة سياسة رفع الأسعار واقرار قانون الضريبة الجديد، ويتأثرون بشكل مباشر من تبعاته، فإن استراتيجية الحكومة في مواجهة ذلك ستكون من خلال المساهمة في خلق مجالس نقابية ضعيفة ذات حساسية من أي شعار سياسي.

ولما كانت الألوان النقابية جزء من نسيج الحركة السياسية الوطنية وتنوعها وتعكس فسيفساء الحالة الوطنية الجامعة في الشارع الأردني، فإن شعارا مثل لا للألوان ” هو شعار إلغائي وإقصائي وأبعد ما يكون عن “التشاركية” وهو بالضرورة لا يخدم المهنة! وهو شعار يتناقض مع طرح القائمة النسبية المفضي إلى تواجد ومشاركة الجميع في الواجب النقابي.

في الختام، إن عصر الإقصاء النقابي لن ينتهي دون تعديل قانون الانتخاب على أساس القائمة النسبية، وإن التشاركية الفاعلة تعني بقاء الألوان لا إلغاءها!                         

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.