تحليلات واستنتاجات … لماذا اختفى دي مستورا في دمشق.. وما الملفات التي حملها..؟

 

الأردن العربي – كتب محمود عبد اللطيف ( الجمعة ) 14/8/2015 م …

في المشهد، يحضر وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى دمشق في زيارة الهدف منها أن يقدم المبادرة الإيرانية بشكل رسمي إلى الحكومة السورية، لكن اللافت أن يكون المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا على الأراضي السورية – وفق ما نشرته تقارير إعلامية- دون أن يكون له أي نشاط علني خلال الزيارة التي من المقرر أن تنتهي اليوم الخميس.

في المشهد أيضاً، تتكلم مصادر إعلامية متعددة عن هدنة في الزبداني مقابل أخرى في الفوعة وكفريا، دون أن يكون للإعلام الرسمي السوري أي رد فعل على هذه الهدنة، فلا أكدها ولا نفاها، وبرغم الحديث عن وجود رعاية (إيرانية – تركية) لهذه الهدنة إلا أنها لم تدخل حير التنفيذ، فما الذي يجري..؟.

في الجهة ذاتها، تخرج السعودية بنفسها من جبهة التسريبات الإعلامية الباحثة عن تقارب مع الحكومة الروسية من البوابة السورية، أو لنقل تسريبات تهدف للخروج من الملف السوري من البوابة الروسية، وتقرر من خلال (سفالة الجبير السياسية) أن تعود إلى خندق شخصنة الأزمة السورية.

ومن مفردات المرحلة السياسية الحالية أيضاً الطرح الروسي لعقد جولة ثالثة من لقاء موسكو، ويؤكد المسؤلون السوريون على إن دمشق لا تمانع توسيع حضور المعارضة، بل إنهم يعتبرون حضور الائتلاف المعارض، أو (جماعة القاهرة) تطوراً في رأي الدول المشغلة لهذه الميليشيات السياسية، وإن كان الحدث السوري في مرحلة زخم سياسي، فلا يمكن إغفال زيارة وزير الخارجية السورية إلى عمان، ولا الميل الأمريكي نحو الرأي الروسي في الملف السوري، فمن الضرورة بالنسبة لأمريكا أن تتم تهدأة المنطقة، للخروج إلى علاقات اقتصادية منفتحة في الشرق الأوسط، وبذلك يمكن ربط الأحداث كما يلي..

وجود دي مستورا في سوريا بالتزامن مع وجود وزير الخارجية الإيراني، يأتي تحضيراً للقاء ثلاثي، يسمع من خلاله المبعوث الأممي الرأي السوري فيما يطرح الأيرانيون خلال المرحلة الحالية، كما إنه سيسمع من الإيرانيين أنفسهم، رأيهم في الملف السوري، وقد يكون ثمة اجتماع ثلاثي بين دي مستورا وممثل عن الجانب السوري وآخر عن الجانب الإيراني، خلال جلسة اعتيادية، عادية، ليتم تبادل الأراء حولها، ليخرج المبعوث الأممي من دمشق إلى مشغليه بصورة كاملة عن كل المبادرة الإيرانية، وكيف يريدها السوريون، ممكن سيمكن الطرف الآخر من فهم الحدث بصورة أشمل، وليس هذا الوصف من باب التشكيك بمهمة دي مستورا، لكنه الدور المنوط به منذ أن تسلم مهمة التنسيق في الملف السوري أممياً، فالرجل إلى الآن لا يمتلك أي تصور لأي شكل من أشكال الحلول يمكن أن يطرحه، وكأنه وقع على تعهد بإطالة أمد الأزمة السورية.

ثم هل يحضر دي مستورا لإقناع الدولة السورية بضرورة الهدنة في الزبداني وإخراج المسلحين منها على غرار تسوية حمص القديمة، ليكون ثمة تبادل في المناطق ما بين مسلحي المدينة الواقعة إلى الغرب إلى دمشق، والمدنيين المحاصرين في الفوعة وكفريا، بمعنى أن المبعوث الأممي حمل مطلباً (دولياً) عاجلاً- ولا يستغرب أن يكون من بين دافعيه لهذه الزيارة الكيان الإسرائيلي- ، وذلك لإنقاذ الميليشيات من المساحة الأخيرة التي تضيق بهم مع كل لحظة، وهذا الدفع إن كان موجوداً، فإنه لن يأتي بدافع الخوف على المسلحين، بل على ضباط الارتباط من المخابرات الدولية العاملة مع المسلحين في المناطق القريبة من دمشق، فالزبداني التي حولها الجيش السوري بالتعاون مع المقاومة اللبنانية، في الثالث من الشهر الماضي، من جبهة باردة إلى واحدة من أسخن الجبهات الميدانية في سوريا، كان على المستوى الاستراتيجي والأمني والجغرافي من أكثر المناطق ملائمة لتواجد ضباط الارتباط في الداخل السوري، بهدف إدارة الميليشيات بشكل مباشر من قبل مشغليها، وأثبتت التجارب السابقة إنه حنما يكون ثمة خوف دولي على شخصيات مثل هذه في مكان ما، فإن مبادرة لمصالحة أو هدنة أو (تجميد قتال) تطرح من قبل مشغلي الميليشيات المسلحة عبر أقنية دبلوماسية غير مباشرة، وفي هذه المرة سيكون من الأكيد إن دي مستورا سيلعب دورا هاما في هذا الملف، خاصة وإنه يؤكد على أهمية المصالحات في المناطق السورية.

في حين أن الملف الأخير الذي قد يكون المبعوث الأممي قادم لاستقراء رأي دمشق فيه، هو ملف معجزة بوتين، بمعنى أن دي مستورا كلف من قبل الأطراف الدولية بمعرفة رأي القيادة السورية بوجود السعودية على سبيل المثال لا الحصر في مثل هذا التحالف، أو ما هي الشروط السورية لقبول أن يكون أعداؤها من ضمن هذا التحالف، وما هي شروط دمشق في نشأة هذا التحالف أساساً، وسيكون الرد السوري، ( إنهاء ازدواجية المعايير في التعامل مع الملف السوري، ومحاربة الإرهاب، وعدم التمييز بين فصيل وآخر، وإعطاء ضمانات صادقة من قبل الدول الإقليمية الداعمة للإرهاب بوقف هذا الدعم دون قيد أو شرط)، وإذا ما تحققت هذه الشروط سيكون الباقي مناطاً بالجيش العربي السوري.

اختباء دي مستورا عن عيون الإعلام خلال زيارته في سوريا، ليس الأول مننوعه، وفي كل مرة يعود بها المبعوث الأممي دون أن يصل إلى ما يريده مرسلوه، سيكون حاضراً للتصريح بعدد من الجمل المهاجمة للدولة السورية، كالعودة لسيرة (البراميل المتفجرة) أو اتهام الدولة السورية بعرقلة مسير الحل السياسي، وما إلى هنالك، وهذا لن يضير الدولة السورية ما دامت قادرة على إدارة ملفاتها الداخلية بكل أنواعها، والسياسية الخارجية باقتدار، فكيف لأعداء سوريا أن يقرؤوا تحديد الرئيس الأسد من خلال مرسوم يصدر خلال هذا الزخم السياسي الكبير فيما يخص الملف السوري، لتحديد موعد لاجراء انتخابات تشريعية لملء الشواغر في بعض الدوائر الانتخابية، ألا يدل هذا على ارتياح سوري كبير تجاه مجريات المرحلة الحالية ميدانياً ، وسياسيا..؟، وبالتالي أليس دليلاً على قوة كبيرة يستند إليها الرئيس الأسد في إدارة الدولة خلال هذه المرحلة..؟.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.