إن سألوك عن الكرامة والصمود فأرشدهم إلى غزة / مهدي مبارك عبدالله
بداية نقول وبنفوس مكلومة وقلوب مفجوعة وكرامة مجروحة عذرا يا أطفال وشيوخ ونساء غزة على عروبتنا التي ماتت ودفنت فوق التراب لا تحته خجلا من بسالة وبطولة شعب كله رجال مقاومة وهم يتصدون للعدو الصهيوني الغاشم بطائراتهم الورقية وحجارتهم البسيطة ولهيب غضبهم عذرا يا مخيمات وبحر ومسيرات غزة على أحاسيسنا ومشاعرنا التي انعدمت وتشوهت في ظل صمت قادة الأمة عن الكلام متناسين ما تمرون به من إبادة جماعية علي يد اعتي آلة إرهاب عالمية وعذرا يا شهداء وأسرى وجرحى ومصابي غزة على تخاذلنا إزاء نصرة قضيتكم والتي هي أمانة ومسئولية في عنق كل عربي ومسلم عذرا وعذرا لبنادقكم وصواريخكم ومقاليعكم ودواليبكم المشتعلة بالدخان تخفيكم فعالمنا العربي والإسلامي بات منهك ومتعب ومهزوم فالطغاة كثروا وسادوا والفساد عم وطغى والظلم أنتشر وسيطر فما لكم غير الله ينصركم ويثبت أقدامكم أمام الوحشية الصهيونية والمجازر الدموية التي تنهال عليكم قصفا وقتلا وحرقا وتدمير اعذرونا فنحن الجبناء الذين أصبح صمتنا عادة وضميرنا العربي أنتقل إلى رحمة الله بلا عبادة دفناه في ظلمة الليل حياءا بكل مراسم الذل والعار والهزيمة فإلى متى يعيش هذا الشعب الغزي المقاوم مقيدا بالقوة الفاشية ومحاصرا من أبناء وطنه وإخوان عروبته الذين باع بعضهم دينه وضميره وشرفه لأمريكا وحليفتها إسرائيل بأبخس الإثمان وأحط وانذل المواقف أما آن للواقع أن يتغير وأن يعيش هذا الشعب كباقي شعوب العالم .
هاهي غزة ارض الشهداء ومصنع الرجال تروي لكم حكايات الصمود والتحدي وتوزِع شهادات الفَخر والتميز وتضيء نور الكَرامة والعزة وتعطي دروسا متقدمة في المقاومة والبطولة والكبرياء ومواجهة الحصار وآلة القتل والدمار بعدما أضحت محطة المقاتلين واستراحة المجاهدين التي لن تنكسر شوكة قادتها أو ترضخ عزيمة شعبها وستظل صامدة عودها صلب وقوي في وجه العدوان القاهر والحصار الظالم مهما عظمت التضحيات وسالت الدماء وتوسعت المعاناة وطال أمد المؤامرات والخيانات والانتكاسات فأن الذين يخططون للقضاء عليها وتدميرها سيفشلون على صخرة صمودها وهي تصد الهجمات وترد السهام إلى نحور صدور المحتلين والمنهزمين لتبقى هامتها عالية وإرادتها منتصبة لا تلين أقوى من فولاذهم وستهدم الجدر وتكسر الحصار وسيهزم الجمع ويولون الدبر وستبقى غزة شامخة مشهرة سيفها دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني وحفاظا على ثوابتها المقدسة تقود الوطن والأمة نحو النصر والتغيير والعودة وسيندحر المستسلمون والخانعون والمطبعون والمشاركون ولن ينالهم إلا العار وسيكتب التاريخ عنهم صفحات مجللة بالخزي والمهانة لك الله يا غزة فهو حسبك ومؤيدك وناصرك فتجملي ليومك القادم الذي لن يطول شروقه بإذن الله تعال للمضي قدما نحو المجد والسؤدد ولو كان هناك من يفهم ويقدر لاستفاد من دروس العدوان الصهيوني المتوالية على غزة ولم يفكر إلا بطريقة واحدة وهي كيف ينحني لغزة وأهلها إكباراً وإجلالاً لا أن يبحث عن وسائل من أجل إرهابها وإخضاعها وقتل أهلها وخنقهم بالحصار والتهديد بالقصف والعدوان .
ما يجري منذ عام على سياج القطاع من مسيرات العودة النضالية والصمود الأسطوري إمام غطرسة الاحتلال يؤكد أن روح المقاومة في المنطقة تنمو وتكبر رغم التخلي عن دعمها وتزايد خيارات التطبيع من قبل بعض الأنظمة العربية فهام أبناء غزة يقولون اليوم لكل من راهن على قوة العدو والتطبيع وصفقة القرن هذه غزة الصامدة والباسلة رغم الآلام و الجراح والمصاب الجلل تبني بدماء شعبها ومقاوميها جسر العبور إلى القدس وبيت المقدس وهي تودع الشهيد تلو الشهيد بزغاريد الفرح وبندقية الثائر شعبها يعشق الحرية وإرادته تهزم الجيوش ذنبها الوحيد أنها لم تعترف بدولة الكيان الصهيوني الغاصب ولم تتنازل عن حقوقها التاريخية المشروعة .
ومبادئها الراسخة المتوارثة وأنها ستظل تقدم الآلاف من الشهداء والجرحى على طريق النصر والتحرير المبين ولن يستطيع المحتل أن يجبرها على رفع الراية البيضاء رغم المأساة والحصار ونقص المواد التموينية والغاز والوقود والكهرباء والمياه والعلاج والدواء والغذاء وازدياد الوفيات في كل يوم فلن تنتصر قوة إسرائيل ولا أملاءات أمريكا على إرادة هذا الشعب العظيم الذي يرسم في كل مجابهة مع المحتل المجرم ملحمة جديدة من ملاحم الصمود والتصدي فيا أهل غزة الباسلة تحيتنا لكم من وسط الركام ودياجير الظلام ومن الجراح وعمق الخطوب وأشلاء الضحايا تحيتنا للطفل والشيخ والأم والأرملة واليتيمة والقادة والرموز والفدائيين والمجاهدين والشهداء تحيتنا لكم جميعا وانتم تصنعون الأنموذج الأروع في الصمود والتحدي على ارض الحشد والرباط تحيتنا لتراب غزة الطهور العبق بشذى الدماء الزكية ورائحة البارود وزفرات الموت .
يا أيها الأبطال الكبار الصناديد لا تعجبوا من طغيان الزمان فالتجسس والخيانة أصبحت تنسيق وتبادل معلومات ومطاردة المقاومين واغتيالهم تعهدات واتفاقيات والمقاومة الشريفة صنفت إرهاب ونازية الصهاينة وجرائمهم سلوك مشروع للدفاع عن النفس لا تحزنوا وانتم الأعلون بعدما استعداكم وتخلى عنكم وحرف بوصلتكم ثوار الفنادق والمكاتب ومناضلي المؤتمرات لندوات وفرسان المنابر والخطابات إخوة الدم ورفاق السلاح يوم كان يجمعكم المخيم والخيمة والخندق والكوفية واللباس المبرقع ولا تستغربوا إن عرفتم أن من ساوم على مستقبل القضية وطالب بإغلاق الحدود عليكم وقطع الأموال عنكم وارشد المحتل الى أنفاقكم ومعسكراتكم ومكاتبكم وتحركات قادتكم هم أبناء وطنكم ممن يدعون زورا أنهم حماة دياركم ومعهم بعض المأجورين والجواسيس والعملاء من أدعياء العروبة والإسلام انظروا حولكم وتحسسوا المؤامرات وارتهان ذوي القربى وهم يشهرون سيوف الجوع في وجوهكم ويقطعون عنكم كل سبيل لرغيف الخبز وحبة الدواء ويمنعون دخول المواد الأولية والمساعدات الإقليمية والدولية ويفرحون بموتكم فوق بلاط المستشفيات وعلى بوابات المعابر دون عناية أو علاج وانتم محاصرون من الجهات الأربع في قفص جغرافي ضيق لا تفتح بواباته إلا بأمر الولاة الطغاة سمائكم سحاباتها طائرات نفاثة أمريكية ممهورة بنجمة داود تمطر الأرض بنار الحقد ولهيب الانتقام أهلكت الحرث والنسل وانتم الوحيدون في هذه الدنيا الذين لا زلتم تزرعون حقولكم وبياراتكم بالصواريخ والألغام والمقاتلين والأشبال لصد المعتديين وردع الغزاة كيف لا وأنتم حقا رجالات هذا الزمان وحماة الإعراض والأوطان والأسود على الثغور وفي قفار الجبال ورمال الساحل ومراكب البحر الصامدون في زمن التحدي والشامخون في مرحلة الضعف والخوف وعصر الأراجيف والأكاذيب والرياء والقابضون على جمر المقاومة وزناد الرشاش وأنتم الإعصار الهادر والنور والضياء والأمل والرجاء وسط كل هذا الظلام الدامس واليأس القاتل .
بسواعدكم الفتية أعدتم للبنادق زهوها وشرفها وقيمتها ورمزية اعتبارها بعدما صدئت واهتزت في المستودعات الرطبة وكثر استعمالها في المراسم وحراسة المواكب والشخصيات يوم حفرتم على إعقابها أسماء أمهاتكم وشهداءكم وأسراكم وتاريخ النكبة والنكسة وصوبتموها نحو صدور الأعداء في عمليات نوعية ومواجهات متميزة أذهلت كبار القادة العسكريين الصهاينة وأسقطت نظرية الجيش القوي الذي لا يهزم ولا يقهر فكم من مرة جاءوكم أذلاء يطلبون وقف إطلاق النار ويستجدون التهدئة أو يبحثون عن مصير جنودهم الأسرى وكم من عملية بطولية جريئة هزت كيانهم وأدمت قلوبهم وأبكت عيونهم وزعت الرعب والهلع في حياتهم بعدما دوت صفارات الأنظار وفشلت القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ كما عجزت من قبل أجهزتهم الحديثة والمتطورة وأبراج الرقابة الالكترونية والمخابرات والحراسات المشددة عن اكتشاف العديد من الإنفاق أو التسلل لاختطاف الجنود والمستوطنين ولا زالت صواريخكم المرعبة ذات الرؤوس النوعية المبرمجة تدك بقوة كبيرة مستعمرات غلاف غزة والمدن الرئيسية حتى وصلت إلى ما بعد تل أبيب لتحدث انفجارات بقوة تدميرية ضخمة حولت الكثير من المواقع المستهدفة إلى ركام وعلى رأسها صاروخ جعبري 80 المنسوب الى القائد العسكري لحركة حماس الشهيد أحمد الجعبري والذي اغتالته الطائرات الإسرائيلية في 14 تشرين الثاني 2012 خلال الحرب الثانية على قطاع غزة وقد صنع هذا الصاروخ بالكامل لدى كتائب القسام وهو مزود بتقنية خاصة لتضليل القبة الحديدية ما جعله بسهولة يعبر إلى شمال تل أبيب دون أي اعتراض ويسقط عليهم فجأة وقد استخدم أول مرة في صد العدوان الإسرائيلي على غزة في تموز 2014 .
استهداف المقاومة لقلب إسرائيل بالصواريخ يشكل انهياراً متجددا وتطورا مهما في سياسة الردع الإسرائيلية إصابة نتن ياهو بحالة هستيريا قبيل الانتخابات بما فيها من رسائل واضحة ومطالب شعبية فلسطينية متكررة بضرورة رفع الحصار الظالم عن القطاع وان وصول الصَواريخ إلى تل أبيب دفعِ الملايين مِن سكانها والبلدات المجاوِرة إلى الملاجئ وتعطيل الملاحة الجوية في مطار اللِد وهروب الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى لندن ونيويورك وفرانكفورت وفي نِهاية المَطاف هاهي أُسطورة القوة الإسرائيلية تتفكك والتفوق الجوي لم يعد حاسِما وفَقَد مفعوله بالرد الصَاروخي المزلزل وصواريخ غزة لم تَعد عبثيّةً بعدما صدرت الأزمة إلى الإسرائيليين حكومة وجيش وشعب وأَذلت وزير الدفاع السابق إفيغدور ليبرمان وأجبرته على الاستقالة وهي اليوم تهدد مستقبل نِتن ياهو بالإطاحة به وزجه في السجن على خطى سلفه إيهود أولمرت فالسكاكين تشحذ له والتهم جاهزة للانتقام منه ولعبه على عنصرِ الزمن اقترب من نِهايته .
إن أهلنا في غزّة هاشم من بيت لاهيا حتى رفح يعيشون اليوم حالة معنويةً في ذروة قمتها وينتظِرون مع كل تحرك أو عدوان المَزيد من الرد على الغَطرَسة الإسرائيليّة حيث باتت قِمة متعتهم إحصاء أعداد الصَواريخ وهِي تخرج مزمجرة بلهبها مِن تحت الأرض المتمردة قاصدة البلدات والمستوطنات الإسرائيليّة ورغم ارتقاء الكثير من الشهداء والأطفال والشيوخ والنساء وتدمير العديد من المدارس والمستشفيات ومحطات المياه والكهرباء فقد انتصر المجاهدون وكسروا هيبة العدو وأجبروا جرذان المستوطنين في الغلاف والنقب للنزول إلى الملاجئ واثبتوا أن شعب غزة رسخ ما يمكن تسميته بنظرية ” معادلة المسيرات ” وهي الفعاليات الشعبية المتواصلة لتثبيت حق العودة والتي لن تكون خاضعة لأي تفاهمات أو تنازلات مع العدو الصهيوني .
وفي حال شنت إسرائيل حربا جديدة على غزة ستضطر هذه المرة إلى إخلاء مستوطناتها ليس فقط في غلاف غزة بل وفي أسدود والنقب وعسقلان وتل أبيب بعدما فرضت المقاومة نفسها بقوة وندية في اتفاق تفاهمات التهدئة الأخير ووفق محددات ومبادئ عامة أهمها أن لا تتضمن أي تفاهمات لقاءات مباشرة مع العدو الصهيوني وان تتم عبر وسطاء وان لا يكون لها أي أثمان أو أبعاد سياسية وهي ليست بديلا عن الوحدة والشراكة الوطنية وان لا يتم الربط بين التفاهمات وقضية تبادل الأسرى أو أي حديث عن سلاح المقاومة الفلسطينية أو وقف مسيرات العودة والتأكيد على أن مطالب المقاومة هي مطالب كل الشعب الفلسطيني في كل مكان ويجب الوقوف معها ودعمها وعدم التنازل عنها وليست فصائل المقاومة ولا سلاحها من يتحملون المسؤولية عما جري في غزة لان إسرائيل هي المعتدية والمحتلة والمجرمة .
مرة أخرى نقول أن الشَعب الفِلسطيني في غزة وكل أجاء الوطن المحتل لن يستسلِم وسيظل يقاوِم ويقدم قوافِل الشهَداء نِساءً ورِجالًا ويصنَع المعجِزات دون كلَلٍ أو ملَلٍ كشعب يمثِّل أُمةً عريقةً وعقيدة راسِخةً وان هذهِ التضحيات الكبيرة والبطولات العظيمة ليست غَريبةً عليه وان المقاومة الباسلة في غزة ليست قوة فصيل محدد أو حركة معينة بل هي بمجملها العام تشكل قوة ردع وحماية وسند للشعب الفلسطيني بأكمله .
واعلمي يا أمة سكن قلوب رجالها وزعاماتها الخوف والخذلان والتطبيع انه حتى الساعة لم يمت أحد في غزة ﺑﻞ ماتت الإنسانية ﻓﻲ اﻟﻌاﻟﻢ أجمع حين نزفت بصمت وألم ولم يسمعها احد فصراخ الشرفاء لا يسمعه الساقطون وتذكروا أيها السادرون في غيكم يوم كنتم تشترون لأبنائكم ملابس العيد كانت غزة تشتري في كل دقيقة كفن لشهيد وطالما استمر العدوان فالمقاومة مستمرة ومستعدة بأعلى جهوزيتها للرد الحاسم ولن تنهزم العزيمة والكبرياء الفلسطينية في غزة مهما طال الزمن واشتدت المحن وحيكت المؤامرات في السر والعلن وما هو قادِم أعظَم والأيام بيننا .
التعليقات مغلقة.