بعد التحول الدراماتيكي في السودان والجزائر، هل نشهد صحوة جديدة في بعض البلدان؟ / فوزي بن يونس بن حديد
فوزي بن يونس بن حديد ( السبت ) 13/4/2019 م …
هل يتحرك الشارع المصري أو الشارع المغربي أو أي شارع يشعر أن الأمر قد ضاق وأن التظاهرات قد اتسعت لتشمل دولا أخرى تعاني مثل ما يعاني السودان والجزائر وغيرهما من البلدان، وهل تغير لون الربيع العربي وصار أكثر ديمقراطية وأكثر حذرا من الوقوع في فخ التدمير؟ وهل فطن السودانيون والجزائريون إلى ما وقعت فيه سوريا واليمن ورفضوا كل أشكال العنف والتخريب، وهل أصبحت الشعوب أكثر حنكة وحكمة وخبرة بإسقاط من يرونه غير صالح للحكم، وهل هي رسالة للجميع بأن التغيير آت لا محالة سواء لوّح صاحب الأمر بالعصا أو بقوة القانون؟ فالشعب إذا أراد الحياة يوما لا بد أن تشهد البلاد التغيير.
انتهى عهد بوتفليقة وانتهى عهد عمر البشير كما انتهت عهود من سبقهما، ولكنها انتهت بألم، فلم ينهها الزعماء بسِلم، ولم ينهها الزعماء بالخروج طواعية،كلما ترك زعيم عربي الحكم عنوة وتحت ضغط الشعب، تشبث زعيم آخر بالكرسي وكأن الأمر لا يعنيه، وأن الدائرة لا تشمله، ومهما بقي على الحياد فإن الشعب إذا تآكل من الداخل سينفجر، وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي السبب، فإذا شعر الشعب بالاختناق سارع إلى الدفاع عن نفسه بكل الوسائل للبقاء حيّا، وهكذا فعل الشعب الجزائري من قبل، وفعلها الشعب السوداني اليوم، وربما تنتقل العدوى إلى مصر أو المغرب أو غيرهما، إذا وجدت التربة الخصبة لها.
فأجيال اليوم لم تعد تعترف بالزعماء السابقين، ولم يعد تغويهم الخطابات الرنانة التي يحاول الزعماء تدوينها وتزويقها، لأنهم تدرّجوا في الحياة الجديدة الرقمية وصاروا يتعاملون مع الحدث مباشرة، ويقطعون السبيل عن كل من يريد أن يستعبدهم أو يضايقهم، يقولون كلمتهم كلما سنحت لهم الفرصة، وفي هذا الإطار قد يسقط ضحايا في أول وهلة لكن إذا اقتنعوا بوجوب التغيير أصبح في نظرهم وفكرهم وعقولهم واجبا يتحتم على الجميع الوقوف معا مهما كلف الأمر.
هذه النظرية هي التي ألهمت الشعوب مع المتابعة الدقيقة لوسائل الإعلام المختلفة كل دقيقة وثانية ما يحصل في العالم الخارجي من أقصى الأرض إلى أقصاها، وجعلتهم يتفننون في المطالبة بالحقوق المهضومة والمنهوبة التي غفل عنها المسؤولون ولم يبال بها الزعيم أو تهاون في أدائها ومتابعتها للنهوض بالشعب إلى أرقى مستوى، وبالتالي أصبحت الشعوب اليوم تحاسب رؤساءها على الهواء مباشرة من خلال الضغط المتواصل والمستمر إلى تحقيق الهدف وما يترتب عليه من نتائج، ففي الحالة السودانية بعد أن حدث على ما يبدو الانقلاب على البشير الذي لم يعد رئيسا للسودان حسب البيان القوي الذي أدلت به القوات العسكرية وتلاه وزير الدفاع السوداني الفريق أحمد عوض بن عوف، وتضمن كلمات قوية في حق الرئيس السابق عمر البشير عندما قال: اقتلعنا النظام واحتفظنا برأسه في مكان آمن، فالرئيس السابق عمر البشير قد يكون بذلك معرضا للمساءلة الجنائية وقد يُعتقل من قبل الانتربول إذا رُفعت عنه الحصانة ورفض الجيش السوداني تأمين مغادرته السودان أو حمايته من أي محاكمة داخلية أو خارجية.
لم نعد نرى البشير يلوّح بعصاه ويرقص الرقصة السودانية المعهودة التي استمرت ثلاثين سنة متتالية، ولم نعد نرى بوتفليقة وهو على كرسي متحرك يدير شؤون الدولة، فهل يمكن أن نرى يوما مصر دون سيسي، والمغرب وقد تحوّل إلى جمهورية، فأما مصر فالشعب هناك ستلهمه الثورتان الجزائرية والسودانية وسيصبح أكثر حماسا واندفاعا لمطالبة السيسي بالتنحي لأنه يحكم المصريين بيد من حديد، وأعدم الشباب المقبلين على الحياة بشُبهة وأحرق الإخوان في رابعة العدوية، وأرهق المصريين في حياتهم المعيشية، فهل سنرى تحرّكا من الداخل في مصر ينهي الأزمة النفسية التي يعيشها الشعب المصري منذ انقلاب السيسي وتوليه الحكم في البلاد.
أما المغرب، فحدّث ولا حرج، شعب يعيش الفقر في أتم معانيه، وأحكام في حق ناشطين وصفت بالقاسية، وضجيج كبير في السياسة، ومعارضة شرسة في الصحراء الجنوبية وغلق تام للحدود مع الجزائر، وملك يركع له الشعب ويسجدون له، فهل تتحرك أجنحة المغرب نحو الحرية التامة وإنهاء حالة العبودية، وتسليم الحكم للشعب؟
ربما نرى ذلك أيضا وكم من ملك أزيح عن الحكم ولا أدل على ذلك ما حدث لمصر وليبيا وغيرهما من البلدان، فلا شيء مستحيل وكل شيء وارد في زمن أصبحنا نقتنع فيه أن الحكم ينبغي أن يكون متداولا، وكل رئيس عليه أن يلتزم بالدستور ويخرج من حكمه كالشعرة من العجين، لا تفسد العجين ولا في العجين تبقى، يخرج معززا مكرّما، لا تمسه يد الغدر من أي جهة.
التعليقات مغلقة.