احداث السودان.. تغيير مرهون بين العسكر والمدنيين / نبراس المعموري

نبراس المعموري ( العراق ) الأحد 14/4/2019 م …

  أزمة الانظمة العربية السياسية الدكتاتورية بشكل عام و في السودان بشكل خاص ، ادى الى تصاعد الغضب الشعبي ضد الرئيس السوداني؛ احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية المصاحبة لارتفاع أسعار الخبز في السودان نهاية عام 2018 ، ، وشملت الاحتجاجات 14 ولاية من أصل 18، سقط خلالها عشرات القتلى والمصابين و لعل نجاة الرئيس السوداني من هبات شعبية سابقة حفزه على مواصلة خوض المعركة دون مبالاة لما سينجم عن تصاعد المد الثوري والغضب الشعبي، و رغم ما قام به البشير بتوليه منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لجعل سيناريو الانقلاب الداخلي مستبعدا، الا ان الوضع المأزوم، عمق الخلافات داخل النظام، وترتب عليه صراعات متعددة، مما ادى إلى فرز قوى موجودة وكامنة ترى في استمرار النظام بعجزه الراهن تهديدا لمصالحه،.يرافق كل هذا مؤشر علاقات السودان الخارجية وتحالفاته الدولية والاقليمية التي ظلت في تناقض مستمر، ومتقلبة، متجولا في مواقفه تارة مع الولايات المتحدة ، وتارة مع روسيا، مرورا بإيران والسعودية، وكذا الحال بالنسبة إلى دول الجوار الإفريقي، و موقف تلك القوى حسب مصالحها.




الاحتجاجات التي استمرت 4 أشهر ضد حكم البشير الذي دام لاكثر من ثلاثين عاما لدولة تعداد سكانها 40 مليون نسمة، ادى الى تجمهر آلاف المحتجين امام القصر الرئاسي في الخرطوم؛ ليعبروا عن استيائهم على الأوضاع و مطالبتهم بتنحي الرئيس عبر و تحالف المعارضة (قوى الإجماع، ونداء السودان)، للمشاركة في موكب تجمع المهنيين السودانيين، و تسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تؤكد على المطلب الرئيسي للمحتجين و هو تنحي الرئيس عن السلطة، رغم تعهد الاخير بإجراء إصلاحات اقتصادية، الا انه في النهاية عجز عن إيجاد مخرج للأزمة، لا سيما بعد ان دخل الجيش السوداني على خط الاحتجاجات مساندا بالنهاية المحتجين والمتظاهرين.
عزل عمر البشير واعلان المجلس العسكري الانتقالي

اعتصام المتظاهرين لاربع ليالي متتالية امام مقر الجيش السوداني عجل من دخول الاخير على الخط و بشكل رسمي لتعلن اللجنة الأمنية العليا التي شكلت عند بدء الاحتجاجات والاعتصامات برئاسة و زير الدفاع وبتكليف من الرئيس السوداني، والتي كانت مهمتها ايجاد حلول ترضي طموحات المعتصمين ، الا انها في النهاية اصطدمت بأن نظام البشير لا يملك سوى “رؤية أمنية” ادت الى طريق مسدود؛ تطلب منهم اتخاذ قرار عزل الرئيس عمر البشير، واعلان وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف يوم 11 نيسان 2019 و تاديته القسم “رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي” الذي ضم الجيش وجهاز الأمن والمخابرات وجهاز الشرطة، وقوات الدعم السريع التي تراجعت عن المشاركة، في محاولة لتهدئة الشارع السوداني الذي يرى جزء منه أن مشاركة هذه القوات في إدارة المرحلة، يعزز الهواجس من أن ما يحصل ليس سوى “إعادة إنتاج نظام الإنقاذ”، لا سيما ان قوات الدعم السريع شكلها البشير قبل سنوات من عناصر تنتمي إلى قبائل عربية لمواجهة الحركات المسلحة التي انتفضت عليه في إقليم دارفور، ومتهمة من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في الإقليم، ولتخفيف الضغوط الدولية عمد البشير في السنوات الأخيرة إلى إلحاقها بالقوات المسلحة.
ويرى مراقبون أن خطوة رئيس قوات الدعم السريع مدان دقلو المعروف ب (حميدتي) بالانسحاب من المجلس محاولة لتبديد هواجس الشارع وأن ما حصل ليس “انقلابا” بل هو استجابة لمطالب الشارع المنتفض على حكم البشير، في المقابل يرى آخرون أن هذا الاعتذار قد يكون نتيجة انقسام داخل المجلس.! وقال دقلو في بيان له عبر مواقع التواصل “إن قوات الدعم السريع ترفض أي حلول لا ترضي الشعب السوداني”، وطلب من قادة الانتفاضة (قيادة تجمع المهنيين، رؤساء الأحزاب، الشباب) فتح باب الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول ترضي الشعب السوداني وتجنيب البلاد من الانزلاق و الفوضي.
بيان المجلس العسكري الانتقالي : اصدر المجلس العسكري الانتقالي فور تسنمه القيادة بيان من 22 نقطة متضمنا ثلاثة محاور
الاول داخلي وشمل:
1- تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان.
2- تعطيل العمل بدستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005.
3- إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحظر التجوال لمدة شهر من الساعة العاشرة مساءً إلى الرابعة صباحاً.
4- إغلاق الأجواء لمدة 24 ساعة والمداخل والمعابر في كل أنحاء السودان لحين إشعار آخر.
5- حل مؤسسة الرئاسة، من نواب ومساعدين، وحل مجلس الوزراء القومي على أن يُكلف وكلاء الوزارات بتسيير العمل.
6- حل المجلس الوطني ومجلس الولايات.
7- حل حكومات الولايات ومجالسها التشريعية وتكليف الولاة ولجان الأمن بأداء مهامهم.
8- استمرار العمل طبيعياً بالسلطة القضائية ومكوناتها، وكذلك المحكمة الدستورية والنيابة العامة.
9- دعوة حاملي السلاح والحركات المسلحة “للانضمام إلى حضن الوطن والمساهمة في بنائه”.
10- المحافظة على الحياة العامة للمواطنين دون إقصاء أو اعتداء أو انتقام، أو اعتداء على الممتلكات الرسمية والشخصية وصيانة العرض والشرف.
11- الفرض الصارم للنظام العام ومنع التفلت ومحاربة الجريمة بكل أنواعها.
12- إعلان وقف إطلاق النار الشامل في كل أرجاء السودان.
13- إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فوراً.
14- تهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة وبناء الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات حرة نزيهة بنهاية الفترة الانتقالية ووضع دستور دائم للبلاد.
اما المحور الثاني فاهتم بالعلاقات الخارجية واشار الى
1- الالتزام بكل المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات بكل مسمياتها المحلية والإقليمية والدولية.
2- استمرار عمل السفارات والبعثات والهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.
3- صون وكرامة حقوق الإنسان.
4- الالتزام بعلاقات حسن الجوار.
5- الحرص على علاقات دولية متوازنة، تراعي مصالح السودان العليا وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
المحور الاخير والثالث هو الإجراءات و تضمن:
1- تأمين الوحدات والمناطق الحيوية والجسور وأماكن العبادة.
2- تأمين واستمرار العمل في المرافق والاتصالات والموانئ والحركة الجوية.
3- تأمين الخدمات بكل أنواعها.
المعارضة ترفض حكم العسكر

عبّرت المعارضة السودانية عن رفضها للحكم العسكري، وطالبت بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية، مهددة في الوقت نفسه بمواصلة التظاهرات إلى حين تحقق مطالب الحراك الشعبي، وأعلن المتحدث الرسمي باسم قوى الإجماع الوطني ساطع الحاج، انهم يرفضون أي عملية استبدال للسلطة العسكرية بسلطة عسكرية أخرى، و أن مطلب الثورة كان إطاحة نظام عمر البشير مع استبدال السلطة نهائياً بحكومة مدنية.
و رغم اعلان حظر التجوال الليلي الذي فرضه الجيش الا ان آلاف المتظاهرين واصلوا اعتصامهم مساء 11 نيسان لليلة السّادسة أمام مقرّ القيادة العامّة للجيش في الخرطوم، و هذا تطلب من قوات الدعم السريع، اصدار بيان عبر مواقع التواصل موجه لقادة الانتفاضة “قيادة تجمع المهنيين ورؤساء الأحزاب وقادة الشباب”؛ لفتح باب الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول ترضي الشعب السوداني وتجنيب البلاد الفوضى، الا ان استمرار الاعتصامات والاحتجاجات ادى الى تقديم رئيس المجلس العسكري الانتقالي استقالته بعد يوم واحد فقط من تسنمه المنصب، موضحا في خطاب بثه التلفزيون الرسمي إن استقالته جاءت “حرصا على تماسك المنظومة الأمنية والقوات المسلحة، من الشروخ والفتن”.
وفي أول قرار له ، أمر رئيس المجلس الانتقالي الجديد بإطلاق سراح جميع الضباط الذين حموا المتظاهرين، داعيا قوى المعارضة للاجتماع، واﻋﻠﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺃﻭﻝ ﻋﻤﺮ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ، ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﻢ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ، مشترطا ﺗﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮﺯﺍﺭﺗﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ، ﻣﺆﻛﺪﺍً ﻋﺪﻡ ﺍﻗﺼﺎﺋﻬﻢ ﻷﻱ ﺣﺰﺏ ﺃﻭ ﺟﻬﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ، وبدأ حوار مع المحتجين المعتصمين بمقر القيادة العامة للجيش السوداني وسط العاصمة الخرطوم، مؤكدين لهم وقوف الجيش مع مطالبهم في انتقال السلطة إلى حكومة مدنية.
مواقف دولية وعربية
المواقف الدولية والاقليمية والاممية للتغييرات التي حصلت في السودان تراوحت بين مؤيد و رافض لا سيما بعد مناشدة رئيس حركة تحرير السودان الهادي إدريس يحيى المجتمع الدولي والإقليمي بعدم الاعتراف بسلطة الانقلابيين الجدد وإجبارهم على إرجاع الشرعية إلى الشعب السوداني.
فقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس كافة الأطراف في السودان إلى الهدوء والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، مبديا استعداد الهياة الاممية لتقديم الدعم للشعب السوداني في مسيرته المستقبلية، اما وزارة الخارجية الأميركية أصدرت بياناً اكدت من خلاله أن الاحتجاجات عكست بوضوح إرادة الشعب السوداني لإنهاء حكم البشير، وضرورة تسليم السلطة لحكومة مدنية في أسرع وقت ممكن.
منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني اشارت الى رغبة الشعب السوداني في التغيير، و أن العملية السياسية الموثوقٌ بها هي من تتمكن أن تلبّي تطلّعات الشعب السوداني وتؤدي إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحتاج إليها البلاد.

اما المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف عبر إن ما يجري في السودان “شأن داخلي”، معربا عن أمل موسكو في عودة الأوضاع إلى الأطر الدستورية في السودان، وقال بيسكوف في تصريحات صحفية “نراقب الوضع عن كثب في السودان، ونأمل ألا يكون هناك تصعيد في الوضع يمكن أن يؤدي إلى خسائر بشرية، و عودة الوضع في السودان في القريب العاجل إلى الإطار الدستوري”.
من جانبه، سارع النظام المصري إلى إعلان دعم انقلاب الجيش السوداني، وشددت وزارة الخارجية المصرية عبر بيان رسمي على دعم مصر الكامل لخيارات الشعب السوداني الشقيق، وإرادته الحرة في صياغة مستقبل بلاده. ودعت مصر المجتمع الدولي إلى دعم خيارات الشعب السوداني، وما سيتم التوافق عليه في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، مناشدة الدول “الشقيقة” و”الصديقة” مساندة السودان، ومساعدته على تحقيق الانتقال السلمي نحو مستقبل أفضل.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد عبر عبر مؤتمر صحفي إن بلاده لديها علاقات متجذرة مع السودان، وتريد مواصلتها مؤكدا على ضرورة خروج السودان من هذا الوضع بأجواء أخوية، وتفعيل المرحلة الديمقراطية بأسرع ما يمكن.
هذا وطالبت المحكمة الجنائية الدولية السلطات السودانية، بتسليم البشير تنفيذاً لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، و هو لا يزال ساريَ المفعول. كما ان أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا يوم 12 نيسان عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي .
الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، آنييس فان دور مول، قالت في بيان رسمي: “فرنسا تتابع عن كثب تطور الوضع متنمية أن يتم الاستماع لصوت الشعب وأن تحدث التطورات الجارية من دون عنف”.
من جانبه قال وزير الخارجية البريطانية جيريمي هانت” إن وجود مجلس عسكري في السودان لعامين ليس حلا، وضرورة التحرك نحو قيادة مدنية ممثلة للشعب سريعا”.
كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أن التطورات الأخيرة في السودان شأن داخلي ، معربًا عن أمله في تلتزم جميع الأطراف السودانية بضبط النفس.
اما رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه محمد، إن المفوضية تتابع تطورات الوضع ، معربًا عن قلق الاتحاد الإفريقي، واقتناعه بأن إطاحة الجيش بالبشير، ليس الرد الأمثل على التحديات التي تواجه السودان، وأدان الاتحاد الإفريقي في بيان على موقعه الإلكتروني، أي تغيير غير دستوري للحكومة وألزم الدول الأعضاء باحترام سيادة القانون والمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ختاما..
تعيش المنطقة العربية باسرها على قنبلة موقوتة، تتسم بضعف المنظومة الامنية والسياسية والاقتصادية؛ فالدول العربية تعاني من عجز تجاري وعجز في المدفوعات والبعض يعاني من ندرة السلع الغذائية والبضائع لذا يبدو الاستقرار السياسي في الدول العربية هشا للغاية.
لقد أبلت الأنظمة العسكرية بلاء حسنا في استعادة الأمن والنظام لا سيما في مصر، إلا ان امكانية خفض معدل التضخم السكاني في هذه الدول، ، سيكون معجزة بالنسبة لنظام عسكري، لم يستوعب النظام العسكري في السودان خلال المرحلة الماضية لا حالة الطوارئ، ولا منع التجول، ولا اتهامات الخيانة، لا شيء حال دون استمرار المحتجين بالمطالبة بحكم مدني و من ثم عزل البشير لتكون النتيجة مجلس عسكري و عامين اضافيين للحكم ، لذا لغاية الان لا يمكن الجزم بان 11 أبريل/ نيسان ، سيمثل بداية الانتقال الى الديمقراطية في السودان أم الانتقال من دكتاتورية إلى أخرى لا سيما ان المتظاهرين تحدوا حظر التجوال بعد عزل البشير والاخطر أن يحدث صدام مسلح بين قوات الأمن وبعض المجاميع المسلحة .
السؤال المطروح: هل تعيش السودان انقلابا رابعا يضاف إلى رصيدها من الانقلابات العسكرية التي شهدتها منذ 1956 ام العكس؟
هناك بعض الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل في السودان لما يتمتع به من مجتمع مدني نشط ومعارضة سياسية مؤثرة، ولم تكن التظاهرات الاخيرة بقيادة أحزاب سياسية أو جماعات مسلحة، بل بقيادة جماعات المجتمع المدني و تعاون لافت للانتباه من الشباب والنساء والفقراء في المدن و عليه لابد من استبدال العسكر الذين تولوا زمام القيادة فور اسقاط البشير برداء جديد؛ بالمدنيين المستقلين والمتخصصين في الشأن السياسي، و يحضون بقبول جماهيري و دولي و عربي سيسهم في تغيير ايجابي، ويكون الحل الامثل لعقدة الحكم العسكري، و تقويض التحديات الكبيرة التي تواجهها السودان المتمثلة بالتنمية والفقر والفساد بالارتكاز على الديمقراطية و التحول الديمقراطي لبناء دولة مدنية سلمية مع الاخذ بنظر الاعتبار التجارب السابقة التي حصلت في البلدان العربية التي شهدت تحولات ديمقراطية باءت بالفشل.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.