فليتعلم الإخوان المسلمون من الشيوعيين / حسني عايش

 

حسني عايش ( الأردن ) الإثنين 17/8/2015 م …

طيلة الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفيتي، والذي استمر أكثر من سبعين عاماً، كان حزبه خلالها يتكون من شيوعيين ملتزمين. رغم ذلك، لم يلجأ الحزب الشيوعي إلى استخدام القوة ضد الانقلاب الذي وقع ضد النظام وأسقطه، لاستعادته، مع أن الفوضى كانت عارمة، والسلاح بكل أشكاله وأنواعه، بما في ذلك السلاح الذري، كان “على قفا من يشيل”. وقد احتار الناس والمراقبون في الخارج بهذا الموقف، وتعجبوا من الحزب الشيوعي وهو يتفرج على الانقلاب والانهيار ولا يعمل شيئاً.

وعندما سأل أحد الأجانب الذي كان موجودا بالصدفة في موسكو آنذاك، بعض أعضاء الحزب الذين التقى بهم بالصدفة أيضاً: لماذا لم تتحركوا وتوقفوا الانقلاب وتمنعوا الانهيار؟ أجابوا: إن أي تحرك عنيف قد يؤدي إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس، وإن ضرر أي حدث دونها أو كلفته أقل بكثير من ضرر الحرب الأهلية وكلفتها. وأضافوا: لقد دفعت بلادنا طيلة التاريخ الحديث ثمناً باهظاً للحروب؛ بدءاً من هجوم نابليون عليها، مروراً بالحرب العالمية الأولى، ثم الحرب العالمية الثانية، وأخيراً الحرب في أفغانستان.

عندما نقارن هذه العقلية التي تحلى بها الحزب الشيوعي في الأزمتين، وتفضيله عدم القيام بأي عملٍ عنيف لاسترجاع السلطة تجنباً لحربٍ أهلية، بعقلية الإخوان المسلمين وحزبهم في مصر، نندهش من الفرق الواسع والبون الشاسع بين تفكير “الملحدين والكافرين” في نظرهم، وتفكير المسلمين أو الإسلامويين.

لقد لجأ الإخوان المسلمون في مصر بعد خسارتهم للسلطة إلى الإرهاب الأعمى، بمعنى قتل الجنود والضباط والمدنيين المصادفين، وضرب منشآت الدولة، مثل محولات الكهرباء ومخافر الشرطة والكنائس والجامعات.

ينظر الإخوان المسلمون في مصر وغيرها إلى الشيوعيين كملحدين أو كافرين، لا يقدرون مصلحة بلدهم، وإلا لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضد من سلبهم السلطة. أما هم، فمؤمنون يعقلون ويفهمون أن انتزاع السلطة منهم يبرر إشعال نار الحرب الأهلية، وحتى قتل النفس بغير حق، ما دام القتل يتم باسم الله على يد وكلائه الوحيدين المعتمدين على الأرض المؤيدين بملائكة العذاب، وأن بقية الحركات والجماعات الإرهابية من “طالبان” إلى “داعش” و”جبهة النصرة” و”أنصار بيت المقدس” و”بوكوحرام”… مجرد موزعين لبضاعتهم.

إن المرء ليرتعب من وجود تنظيم سري للإخوان كشف عنه قادتها المنشقون عنها في مصر. ومن اعتقاد قيادة الجماعة، في مصر وغيرها، حسب ما يقول المنشقون أيضاً، أنها أكبر من القانون والدولة.

يبدو أن الجماعة شاخت بعد أكثر من سبعين عاماً من العمر، ولم يعد لها من طريقة لتجديد لشبابها سوى تعاطي دواء الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ قلباً وقالباً، قيادة وأتباعاً، علناً وسراً، وعلى غرار ما حدث مع الجماعات والأحزاب المسيحية في أوروبا التي يحكم بعضها اليوم أعظم الدول الأوروبية وأكبرها، وهي ألمانيا

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.