عيد الجلاء … عيد اكتمال الروح / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي- جامعة الفرات ( سورية ) الأربعاء 17/4/2019 م …
تستمر الأعياد والمناسبات الوطنية و تطل علينا ذكرى عيد الجلاء في ظل ظروف مستمرة ومتصاعدة يمر بها وطننا الكبير ” سورية”, ورغم الحرب والدمار إلا إن قداسة هذه الأعياد تثير فينا الحنين لتلك اللحظات المفرحة والإنجازات المشرقة التي حققها أباؤنا وأجدادنا التي عززت الوعي الوطني والسلوك النضالي في رسم جغرافية سورية ولملمة شتاتها وجعلها دولة كاملة السيادة والانطلاق نحو بداية مرحلة جديدة من النضال والمواجهة المتجددة لوقف كل أشكال الاستعمار فوق الأراضي العربية.
يحق لي كفرد أنتمي للجمهورية العربية السورية أن أعتبر السابع عشر من نيسان عام 1946عيد اكتمال الروح حيث العودة الحقيقية إلى لحظة فارقة في تاريخ سورية التي فرضت استقلالها ونالت حريتها بقوة الإرادة وعزيمة الأبطال التي لا تلين في وجه المستعمر الغادر واستطاع شعبنا في هذا اليوم تحقيق خطوة حاسمة في طريق التحرر الكامل من السيطرة الاستعمارية المباشرة وإعادة العزة والكرامة للشعب العربي الذي لم يحن هامته ولم يسقط سيفه في وجه المستعمر بكامل أشكاله.
في سبيل الحرية والنضال، قدمت سورية أروع ملاحم البطولة والفداء وقدمت آلاف الشهداء للتخلص من الاستعمار الفرنسي، ولم يخشى الشعب السوري طائرات ومدافع قوات الاحتلال، بل إن بطش هذا المستعمر الغاصب زاد من رفض السوريون المناورات التي قام بها هذا المستعمر الغاشم والذي أعلن استسلامه لإرادة الشعب السوري والذي أصبح يكتنفه القهر والخنوع بعد أن ترك أرض سورية التي امتص خيراتها زمناً طويلاً .
ومن هنا فإن الدرس عظيم في ذكرى السابع عشر من نيسان حيث تزداد الأهمية والعبرة بين الأمس واليوم ، فسورية شعب أبي لا يرضخ أبداً لقيود الذل والهوان مهما كلفه ذلك من ثمن ، ولا يرضخ للإملاءات الغربية مهما تعاظمت واشتدت، وواقعنا اليوم يثبت صحة ما أقول ويبرهن جدوى ما أؤمن به من وعي أبناء شعبنا السوري وإصرار جيشه الباسل ورغبته في الحسم سريعاً على المليشيات المسلحة والفوى المتطرفة ليثبت أن مستقبل سورية يبدأ الآن بعد أن هزمت سورية كل المشاريع الغربية والمخططات التآمرية التي استهدفتها.
كما لا أنسى القول أنني على ثقة كاملة بما يمكن أن يبذله الجيش السوري الذي أصبح على مقربة من تحرير مدينة ادلب بالكامل،بعد أن أدركت أمريكا وحلفاؤها أنهم اليوم أقرب إلى إعلان الهزيمة في الملف السوري من أي وقت سبق، فالغطاء الجوي الروسي والخبرات العسكرية الإيرانية، صبت في صالح الجيش السوري الذي أثبت عبر سنوات طويلة بأنه عصي على الانهيار، وأنه بدون توقف يرفع راية النصر في كل الجبهات التي يحارب عليها، فلنا أن نتخيل حال سورية لو أن داعش وأخواتها تمكنت من تكريس شرعيتها ونجحت في تحويل سورية إلى قاعدة ومنصة صواريخ غربية -صهيونية تهدد المنطقة بأكملها ؟!
إن الصمود الذي حققه شعبنا في سورية خلال تلك الحرب ، والانجازات الكبيرة التي يُحققها الجيش العربي السوري اليوم في مواجهة العصابات الإرهابية التكفيرية وأدواتها، هو تعبير صادق عن الحفاظ على الإرث الحضاري والإنساني الذي استمده شعبنا من قادة الثورات السورية في وجه الاستعمار الفرنسي في كافة المناطق السورية دفاعاً عن حرية وكرامة الوطن والتمسك باستقلال قراره السيادي مهما كلفه ذلك من تضحيات جسام.
يوماً بعد يوم الجماعات المسلحة المتطرفة بأفعالها وجرائمها شدة كرهها لسورية وشعبها، وعمالتها لمصلحة أنظمة ودول تريد أن تدفع سورية للوراء وتمنعها عن طريق التنمية والتقدم، لكن الجيش السوري لهم بالمرصاد، فقد تصوروا أن سورية أرضا براحاً يستطيعون أن يحققوا فيها جرائمهم الشنيعة التي رسمت لهم، ولكن هيهات، فالجيش السوري الذي صمد وحرر المدن من الإرهاب، لن تستعصي عليه هذه المجموعات التي لا تعلم أنها ألقت بنفسها في أتون النار، نار المقاتل السوري التي لا تنطفئ إلا بأخذ ثأره واستعادة حق شهدائه من كل المجموعات التي أرادت سوءا بسورية.
لذلك نحن أمام مرحلة حاسمة من التصدي للمتطرفين وأعوانهم تستدعي من كل أبناء سورية بكافة أطيافهم بذل المزيد من الجهود وعلى كل المستويات للتصدي لهم وإفشال مخططاتهم ومآربهم الخبيثة، وإن العدوان التحالفي الأمريكي- الغربي- المباشر على سورية يدفع بآخر أوراقه التي ستفشل كسابقاتها اعتماداً على الجيش السوري و وعي أبناء الشعب، وستثبت الأيام أن العدوان العالمي على سورية لم يكن غير حماقة لن تجني منها إدارة ترامب أي مكسب كما لن يحقق منه التحالف التركي وأعوانه سوى الهزيمة والفشل.
أختم مقالي ببعث آيات التهاني والتبريكات إلى قيادتنا السياسية والعسكرية وإلى كل أبناء الشعب السوري الجسور في كل شبر من أرضنا الطاهرة وأخص بالذكر الجيش العربي السوري الصامد في مختلف مواقع الشرف والبطولة.. .
التعليقات مغلقة.