هل استيقظت أنقرة من غفوتها؟ / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الثلاثاء 18/8/2015 م…
هذا السؤال يفرض نفسه علينا بقوة، نحن الذين نراقب التطورات والأحداث، فالأمور تسير من سيئ إلى أسوأ وتنذر بحرب داخلية وحروب مع دول وأطراف إقليمية، إذ يواجه النظام التركي كلاً من الأكراد وحزب العمال الكردستاني، وما زاد صعوبة الموقف هو رفع أمريكا يديها عن تركيا.
عبّرالأتراك وسط الإضطرابات الأمنية عن قلقهم من أن تتحول بلادهم الى بؤرة جديدة للإرهاب، مطالبين حكومة العدالة والتنمية بتغيير سياستها الخارجية تجاه الدولة السورية وعدم التدخل بشؤونها، كون هناك مؤشرات تقود إلى وجود رغبة لدى بعض الأطراف بهز الإستقرار التركي من خلال عمليات إرهابية تضرب العمق في أنفرة، وهذا ما قام به تنظيم داعش في الفترة الأخيرة من خلال التفجيرات الإرهابية التي حدثت على الحدود التركية – السورية، فعودة الإرهاب من جديد الى تركيا مؤشر واضح إلى أن السياسة الخارجية غير صحيحة، وإن علاقة تركيا مع سورية غير جيدة ويجب تغييرها لأنها جلبت الفوضى والإرهاب للداخل التركي، وهنا نتساءل عما إذا كانت الأحداث الأخيرة ستدفع تركيا إلى إعادة النظر في سياساتها الخارجية التي لطالما طالبتها المعارضة بتغييرها والكف عن دعم الجماعات المتطرفة؟.
في سياق متصل يفقد نظام الرئيس أردوغان يوماً بعد يوم حلفاءه الإقليميين والدوليين، بسبب مواقف أنقرة المتناقضة ضد العديد من الدول العربية والأخرى المؤيدة للتنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش، فبعد أيام قليلة من إنضمام تركيا لقوات التحالف الدولي لضرب داعش، وجهت أمريكا صفعة جديدة لأردوغان وحكومته، إذ قررت سحب صواريخ باتريوت في أكتوبر المقبل، وفي ذات السياق، تسحب ألمانيا بطاريتي صواريخ باتريوت وجنودها من جنوب تركيا بداية العام القادم، ذلك بعد إعادة تقييم التهديدات ضد تركيا نتيجة الحرب في سورية، وصدر هذا القرار بعد إنتقادات من مسؤولين ألمان لحملة الرئيس إردوغان العسكرية ضد مقاتلين أكراد وإعلانه أن عملية السلام التي بدأها مع حزب العمال الكردستاني في عام 2012 بلغت نهايتها فعلياً، بالإضافة الى أن هناك خلافات بين أنقرة وواشنطن حول الدعم المالي والعسكري التركي للمعارضة المسلحة المرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالعناصر المتطرفة، الأمر الذي يزعج تركيا لأنها تعتقد أنها خسرت الكثير ولم تحقق أي شيء حتى الآن، فمجمل هذه التطورات أدت إلى تفاقم الوضع الإقتصادي سوءاً وإنهيار جديد بسعر الليرة التركية ولاسيما بعد الحديث عن وجود إنتخابات مبكرة، ورهان أردوغان على ضرب الأكراد في المنطقة.
اليوم الرئيس أردوغان يعيش حالة من القلق والإرتباك في مواقفه لفشل مشروعه في سورية بعد أكثر من خمس سنوات من التدخل في الأزمة السورية، وإتساع دائرة المعارضة داخل تركيا لهذا التدخل، ولخسارته الأغلبية المطلقة في الإنتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، فضلاً عن بوادر تمرد المؤسسة العسكرية على حكمه، ورفضها التدخل جوياً وبرياً في سورية، بذريعة عدم ملائمة المناخ الدولي، والتحسب لردود الفعل السورية أو الروسية أوالإيرانية، تجاه هذه الخطوة، في إطار ذلك تجد تركيا نفسها أمام مأزق حقيقي، فالمنطقة العازلة أصبحت فِكرة غير قابلة للتحقق في ظل معارضة كل من روسيا وإيران وسورية والأكراد وعدم حماسة الغرب لهذه المنطقة، فضلاً عن التطورات الميدانية في مدينة كوباني والموقف التركي السّلبي من دعم الأكراد هناك، والذي أعاد من جديد التوتر بين الطرفين.
مجملاً…إن الوضع بالنسبة لأنقرة يتأزم فالوضع الداخلي معرض للإشتعال، حيث إن خسارة أردوغان للعديد من الأطراف السياسية بداخل بلاده انعكس على سلوكه، وأصبح عدواً لسورية وعدد من الدول العربية، بالإضافة الى أن واشنطن بدأت تتحرك عكس التيار الذى يريده الرئيس أردوغان إذ وجدت بديلاً عن تركيا بالمنطقة وهي طهران، التى بدأت تلعب دوراً إقليمياً بارزاً فى العديد من الدول، وأن كفة واشنطن فى العلاقات الثنائية مع طهران وأنقرة بدأت تميل لصالح إيران، وأن واشنطن بدأت فى التحرك بما يحقق مصالحها بعيداً عن الدول التى تسعى لإثارة الصراعات والمشكلات بالمنطقة، وأخيراً يمكنني القول: هل تستيقظ أنقرة من غفوتها؟، خاصة بعد أن أصبحت تركيا فى مرمى النيران الداعشية، ومحلاً لأطماعها ونفوذها، وأدرك الجميع بخطورة داعش القاتلة والتي باتت تحزم المنطقة وتزرع بذور الفتنة والطائفية بين دولها، لذلك فمن ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺗﻨﺴﻴﻖ تركيا ﻭﺗﻌﺎﻭﻧها ﻣﻊ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎب، وهذا التعاون يسهل على تركيا القضاء على هذا التنظيم، لأن سورية هي بوابة التصفية لمشروع داعش في المنطقة.
التعليقات مغلقة.