مهما فعلوا… لن تركع سورية / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي – جامعة الفرات ( سورية ) الأربعاء 24/4/2019 م …
تاريخ سورية طويل بعراقته وحضارته، ملخصه إن بلدنا هي أكثر موقع استراتيجي في العالم، و بسبب هذا الموقع وعوامل أخرى كثر الطامعون والحالمون بتفتيت سورية وتقسيمها، و لكن لسنا كغيرنا من البلدان الكثيرة التي رضخت لقوى الاستعمار، فلم نتبنى ثقافة غير ثقافتنا بل علي العكس، توارثت الأجيال الحرص الشديد علي الهوية السورية، والانتماء لسورية، لذلك لم تستسلم سورية للاستعمار وأدواته، فبعد أكثر من ثمان سنوات من التآمر عليها، عجزت أمريكا وحلفاؤها العلنيون والسريون عن حسم حرب سورية، بعد أن أخرسهم الجيش السوري وسجل إنتصاراً باهراً وملموساً على الإرهابيين ودك حصونهم ودحر فلولهم وسيطر على المدن والقرى التي كانت تحت سيطرتهم.
كلنا نعلم إن العالم العربي يعيش هذه الأيام أوضاعاً متردية ما بين الربيع العربي والحروب الداخلية والانقلابات، كل ذلك جاء من اجل تطبيق صفقة القرن وفرضها علينا بالقوة، وكذلك إعلان القدس عاصمة لإسرائيل والجولان أرضاً غير محتلة، وأزمات كثيرة افتعلها الغرب، من أجل إضعاف الوطن العربي وتفتيته من خلال ما يسمى بالربيع العربي.
في خضم هذه الأزمات الطارئة ظهرت سورية لتثبت وجودها على الساحة الدولية للوقوف بوجه المخطط الصهيوني الذي يريد إضعاف العالم العربي وتمثل هذا بتعاظم قوة محور المقاومة إضافة لجملة الانتصارات و اتساع مروحة المنجزات في الميدان السوري لصالح الدولة السورية و حلفاؤها ، فقد قُلبت الموازين بالكامل ، حيث أن انتصار محور المقاومة في سورية أجهض مشروع تقسيم المنطقة ومنع تركيبها على أساس طائفي ومذهبي، كما مرغ أنف الأعداء والقوى الحليفة التي أظهرت إفلاس سياسة أمريكا وأدواتها في المنطقة وجعلتها تتخبط وتعيد حساباتها بالنسبة للأزمة السورية.
في هذا السياق كان تحرير الجيش السوري وحلفاؤه المناطق القابعة تحت قبضة الجماعات المسلحة أغضبت بالفعل صناع القرار في لبيت الأبيض خاصة وإن التقدم العسكري الكبير للجيش السوري يأتي بدعم من محور المقاومة وروسيا ، فالغضب الأمريكي يبرز بأشكال متعددة تصب كلها في إطار دعم الجماعات المسلحة المتطرفة لتغيير مجريات الحرب لصالحها، التقارير الواردة لغرفة العمليات السورية تتحدث عن إن هذا العدوان يؤكد ضلوع أمريكا المباشر في دعم الإرهاب في سورية إلى جانب الدول الغربية والإقليمية، لرفع معنويات التنظيمات الإرهابية وخاصة بعد الضربات المتلاحقة التي تلقتها من الجيش السوري.
لو دققنا بالنظر جيداً لوصلنا إلى حقيقة لا تقبل الشك ألا وهي أن تصريحات الرئيس الأسد، تؤكد أن سورية تسير بـ”خطوات ثابتة نحو الانتصار”، رغم أنها نتعرض لحرب إرهابية عسكرية واقتصادية ، كما أنها تحمل من رسائل إلى الداخل و الخارج ، أهمها : إن التقسيم في سورية مستحيلاً وغير واقعي ووهم كبير ولن يحدث، وأن المشروع الغربي”الشرق أوسط الجديد” يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأن سورية ستظل دوماً رأس حربة في وجه الدول الإستعمارية، لأنه لا خيار للسوريين ولمحور المقاومة إلا التصدّي والصمود .
مجملاً…. على الرغم من أن أمريكا وبعض حلفاؤها يضعون الإستراتيجيات والمخططات، للوصول إلى أهدافهم، ولكن ما أكثر هذه المخططات التي اصطدمت بإرادة الشعب السوري وتكسرت على صخرة مقاومته،وأثبت الجيش السوري أن سورية تعبر المستحيل ومهما اشتدت المصائب عليها لا تتأثر بل تخرج منها أقوى وأكثر إصراراً وعزيمة في مواجهة الإرهاب، وبإختصار شديد إن واشنطن تلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في سورية، والمأمول آن تدرك القيادة الأمريكية حجم مغامرتها اليائسة في سورية، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري.
وأختم بالقول إننا على يقين ثابت ومستقر بأن واشنطن تواجه صعوبات هائلة لتحقيق أهدافها التي لم تكن تتخيلها في سورية، بجيشها القوي وشعبها المصمم على الوقوف خلفه بكل قوة. كما أنه لا يمكن إركاع وخنوع سورية من خلال تحالفات بين دول ورؤساء لا يربط بينهم سوى الحقد على سورية ومواقفها وإنجازاتها لإنهاء دورها في المنطقة.
التعليقات مغلقة.