ما بين الإلحاد والايمان ..نقطة مشتركة / محمد جواد الميالي
محمد جواد الميالي ( الجمعة ) 26/4/2019 م …
أغرب ما دب على هذه الأرض منذ بدأ الخليقة، هي عقلية الإنسان الفلسفية، حيث نجد أن العديد من البشر لا يشكلون أي فائدة في الوجود، لدرجة أن البعض يشكل خطرا على المجتمع الإنساني (الإرهاب مثال).
كل علوم هذه الحياة أسسها الانسان من أجل غرض محدد، لكن ما نحن متأكدين منه أن غرض هذه العلوم هي أثبات شيء في النفس البشرية، و أهم ما تحاول إثباته الفلسفة، هي سبب وجود الخلق بقوانين فيزيائية، بعيدا عن نظرية الإيمان بالخالق من حيث الوجوب والإمكان.
إذن الفلسفة تنقسم إلى قسمين:
فلسفة الجانب الإسلامي، و الذي يكون محورها الأهم إثبات أن البشر ممكنات والباري واجب الوجود، وتدخل ضمنها نظرية العلة والمعلول، و فكر التصور والتصديق، الذي يثبت أن كل شيء موجود مسبقا ضمن نظرية الفطرة التي يولد عليها الإنسان، وأن الأفكار لم تنشأ من العدم، وإن العدم الذي يشمل كل الممكنات هو من تدبير واجب الوجود، الذي لا يمكن أن يشمله الفناء، لأن خالق الزمان والمكان لا يمكن ان يصيبه العدم، هذه هي مرتكزات الفلسفة الإسلامية، لكن فروعها تتجذر وتتشعب، ولها أهداف واضحة المعالم في كل المجالات، حتى في مناظراتها مع الفلسفة في الجانب الآخر.
القسم الثاني هو فلسفة الجانب الفيزيائي، الذي يتكئ عليه غالبية علماء الإلحاد، حيث يحاولون أن يجدوا تفسير علمي لكل الموجودات، بعيدا عن الاعتراف بمصطلح المعجزة، الذي يفسر حقيقة الدين، وكل شيء يدخل ضمن نطاق ممكن الوجود، و ينعدم مصطلح الواجب في قاموسهم، أما من ناحية العلة والمعلول، فيفسرونها من ناحية تصور الأشياء في رحلة الأفكار، التي تثبت لدى بعض الفلاسفة مثل أفلاطون، أن البشر هم عبارة عن فكرة في عوالم سابقة، ودائما ما يحاولون أن يجدوا تفسيرا علميا للوجود البشري خاصة والكوني عامة، وكذلك فناء هذا الكون (العدم) وكيف يشمل كل شيء حتى يصل العدم الى نقطة ظلماء.
حاول ستيف هوكينك في آخر أنفاس حياته أن يجد تفسيرا للوجود، لكن قد أصابه الفناء قبل أن يجد الحل، وآخر ما كتبه أن هناك عامل فيزيائي يفسر هذا الوجود؟!
أتباعه ساروا على خطاه بحثا عن العدم الذي لاح معلمهم، وآخر ما توصلوا اليه صورة ضبابية المعالم تفسر نقطة نهاية الكون، أو ما يسمى بالثقب الأسود، الذي يلتهم كل شيء ويحوله الى عدم .
إن كل هذه الأموال والجهد البشري لإثبات العدم علميا، قد ذكره فلاسفة الإسلام استنادا الى كتابهم المقدس (القرآن) حيث فسر أن الباري خلق كل شيء في هذا الكون ضمن قوانين ثابته، تسير الفناء والوجود دون خلل.
أن صورة الثقب الاسود، لا تعني شيء لسكان الارض، فهي مجرد تحدي بين فلاسفة الإلحاد والإيمان، خاض غمارها الباحثون لإثبات صحة نظرياتهم وكلامهم، وإن مليارات الدولارات صرفت من أجل نقطة جدلية، لا فائدة منها سوى أنها ستكون سبب هلاك الأرض بواقع حتمي بعد ملايين السنين، وهذه هي النقطة المشركة الوحيدة بين الإلحاد والإيمان.
التعليقات مغلقة.