صفقة القرن أم صفقة وحيد القرن؟ / نبيه البرجي
نبيه البرجي ( لبنان ) الجمعة 26/4/2019 م …
أجل… صفقة القرن أم صفقة وحيد القرن؟
حتى بين الباحثين الأميركيين من يلاحظ «لكأنها صنعت بأصابع الشيطان» الذين كتبوا عنها في أوروبا إذ استغربوا الغموض المبرمج، رأوا في ضوء التفاصيل التي يتم تسريبها بين الفينة والأخرى أن هذه هي المرة الأولى منذ بداية الخليقة، التي يجري فيها استفزاز التاريخ والجغرافيا، على ذلك النحو المروع.
لا مكان في الصفقة لذلك الشيء الذي يدعى «الإنسان الفلسطيني». لا مكان أيضاً لذلك الشيء الذي يدعى «الإنسان العربي». كائنات عدمية، لا وجود لها في الخريطة الجينية (الجينوم) للكرة الأرضية.
هكذا ينظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العرب. من أيام جون فوستر دالاس، وأكياس الطحين، الطحين الأسود، بل منذ أيام جورج كينان (إستراتيجية الاحتواء)، وصديقه دين أتشيسون الذي أحاطنا بالأسلاك الشائكة بمفهومه للحرب الباردة.
حتى الصفقة، بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، لها شروطها ومواصفاتها ومعاييرها. نحن أمام ظاهرة غرائبية. إعادة تركيب الشرق الأوسط بقبعة المهرج، وبعصا المهرج. لا رؤية فلسفية للتقاطع السحري أو الديناميكي بين الجغرافيا والتاريخ.
دونالد ترامب لا يرى في الشرق الأوسط سوى المقبرة، أين المشكلة في تغيير شكل المقبرة؟ الذين يقفون وراءه، أو بين قدميه من العرب هم الحراس الأغبياء للمقبرة. كثيرون في واشنطن تحدثوا عن «الخلل الجيولوجي» في دماغ الرئيس الأميركي. هذا رجل بعيد كلياً عن منطق الأشياء، وعن جدلية الأشياء، إذا كنتم تعلمون لماذا يكره أنغيلا ميركل؟
قالت إن السيناريو الذي وضعه جاريد كوشنر يعني أن الشرق الأوسط يغدو نسخة عن الجحيم. لا بد من التداعيات الدراماتيكية على القارة العجوز. أي كلام منطقي يزعج الرجل الذي اعتاد أصوات الببغاءات والغربان الذين حوله.
ستيف بانون، مستشاره السابق لاحظ كيف أن ايفانكا إذ تتجول، بالكعب العالي في رأس والدها، تختال، بالكعب نفسه في أرجاء البيت الأبيض كما لو أنها الملكة فيكتوريا أو الإمبراطورة كاترين على صهوة حصانها.
من الكعب العالي يدخل جاريد كوشنر إلى رأس دونالد ترامب، اللوبي اليهودي عرف كيف يزرع حصان طروادة، بالأحرى حصان أورشليم، داخل ثياب العائلة.
كوشنر الذي اختار جون بولتون ليكون مستشار الأمن القومي، أقنع الرئيس بأن بقاءه لولاية ثانية رهن بمواقف «الإيباك». الثعبان الذي يراقص نجوم الدولة العميقة. ثمة صديقة لهيلاري كلينتون، تدعى اليزابت روبين، تنقل عنها قول إليوت أبرامز إن «يهوه اختار دونالد ترامب لتنفيذ ما تبقى من الوعد الإلهي».
الجنرال بيني غانتس الذي طالما تباهى بعدد الذين قتلهم في غزة، رأى أن أياً من رؤساء الوزراء في إسرائيل لم يضع رأسه بين يدي أي رئيس أميركي. الآن، بنيامين نتنياهو يضع رأسه بين يدي دونالد ترامب. الفلسطينية العضو في الكونغرس إلهان عمر قالت إن رأس دونالد ترامب بين يدي بنيامين نتنياهو.
سواء في القارة العجوز أم في الخليج، صفقة القرن هي صفقة الدم، دماء كثيرة ستراق، بما في ذلك الدم الإسرائيلي، هذا ثمن السيناريو المجنون.
الفرنسي أوليفييه روا قال «ربما يحدث السيناريو بعد أن يأتي الماشيح». أضاف «لن يجد في آخر الطريق سوى جمجمة تسأله… لماذا أنت هنا؟».
التعليقات مغلقة.