قرقاش والصهاينة… و”الخليج الجديد”! / عبد اللطيف مهنا
عبد اللطيف مهنا ( فلسطين ) الأحد 28/4/2019 م …
“الخليج الجديد” مصطلح لا يلهج به إلا الصهاينة هذه الأيام. نحتوه على وقع “التطبيع الرياضي”، و”التعاون الاستخباراتي”، ونفض اليد من قضية فلسطين، والتآمر عليها وعلى كل ماله علاقة بتوق الأمة وكرامتها ومقاوماتها.. نحتوه وخلعوه على خليج الراهن المهرول في مستجدات تصهينه.
الجدة هي فحسب، في معلن الاندلاق التطبيعي لمحميات ممالك وسلطنات ومشيخات آبار النفط والغاز مع كيانهم، الذي ما عاد عند نواطيرها عدواً بل حليفاً، بل كاد لولا أنه يترفع تأففاً أن يعد عندهم شقيقاً، أما الاستعداد للاندلاق فقديم قدم الصراع مع المشاريع الغربية المعادية في بلادنا..
قديماً كان، لكنهم كانوا لا يجرؤون على اشهاره قبل أن تُضرب ركائز عروبة ونهوض الأمة التاريخية الثلاث، مصرها الناصرية، وعراق عنفوانها، وقلبها السوري الحي والنابض أبداً.. كانوا يستعيضون عن راهن اندلاقهم الفاجر بغابر تآمرهم الخفاشي المسموم..
امس المحميات لم يختلف عن يومها، ظل خليجها هو خليجها، جديده هو نبت قديمه، وجدَّته ليست إلا ما سمح بالمجاهرة بعاره حال الأمة الجريحة في غياب روافعها التي ضربت، فذا القديم الجديد هذا هو من تآمر وسعى وموَّل وسهَّل عمليات ضرب ركائز الأمة.. ليسرح البغاث ويمرح في غياب الجوارح المحلّقة.
لا ينفكّ الصهاينة يفضحون جديد خليج نواطير محميات النفط والغاز، ويمنَّونهم سلفاً بالحماية من شعوبهم أولاً، ومن عدوهم الافتراضي البديل، أو الإيراني ثانياً، هذا الذي كان من الأولى أن يعدّونه حليفاً، وحيث يفترض التاريخ والمشترك والجغرافيا أنه نصيرهم واحتياطهم الاستراتيجي لا عدوهم..
ويذكّرونهم صباح مساء بأن اندلاقهم التطبيعي معهم عائد لاستجدائهم قبول السيد الغربي بتبعيتهم له، وهو الأمر الذي لن يحظوا ببركته، إلا عبر مرورهم بممر اجباري واحد يخبرهم المستشرق الصهيوني د. ايدي كوهين بأنه “الانتقال للعالم الغربي عبر بوابة إسرائيل فقط”!
في خليجهم الجديد، الصهاينة معجبون إيما اعجاب بداعية الحوار “العربي” الصهيوني قرقاش، وزير دولة محمد بن زايد للشؤون الخارجية، وصاحب فلسفة “خطوط الاتصالات المفتوحة” مع عدو الأمة، بل والمبشّر ب”التحوّل الاستراتيجي في العلاقة” معه، والذي يعتبر التأخر في التواصل مع الكيان الصهيوني “قراراً خاطئاً للغاية” وتنقصه الحكمة.
دولة ابن زايد الكونية متعهدة غسل الأموال وفنون السمسرة والثورات المضادة، والتي إن عزَّ نشر قواعدها وجيوشها فدولاراتها وعملائها أينما تسنى لها، ولاَّدة. فيلسوف التواصل هذا، أي قرقاش، يعد إضافة نوعية لفيلسوفها الأمني الفريق ذو الشطحات الهمايونية الشهيرة ضاحي الخلفان.. فيهما يحق القول الفلاسفة على دين ملوكهم!
الصهاينة لا حديث يطيب لهم هذه الأيام أكثر من حديث التطبيع الرياضي، وإطراء التعاون الاستخباراتي، والارتقاء بالتمادي في ثلم وجدان الأمة إلى حيث اللقاءات جهاراً نهاراً، والتي ما عادت خفَّاشية كما هو حالها في سالف الأزمان، بل باتت في حمى المحميات وبالصوت والصورة.. كله ولم نصل بعد لسلطنة قابوس وفصيحها أبن علوي، ولا امبراطورية آل خليفة وتصريحات وزير خارجيتها الأكبر حجماً منها.. لا زال نتنياهو يشدوا حادياً: مسقط مربط خيلنا، اما المنامة فنيابةً عن نتنياهو يحدّث وزير خارجيتها ولا حرج..
قد يوجد من يسأل، وماذا عن ابن سلمان؟! والجواب، إنه الأصل والأصل لا يقل عن التفريعات. هو لا يقل عنهم اندلاقاً، واندلاقه وجيبه وحدهما سر الرضى الترامبوي عنه.. لا يستطيع وهو كبيرهم مباراة صغارهم في اشهار هوجتهم الاندلاقية..
مشكلته في عواقب القفز ما فوق الكعبة في مضمار التواصل القرقاشي فيستعيض عنه بالتسلل من تحتها، أو على طريقة حفر الأنفاق التي يعتمدها المتواصل معهم بحثاً عن الهيكل المزعوم تحت ثالث الحرمين.. ومشكلته الثانية في أن الصهاينة يسارعون لإضائة مصابيح التسريبات لكشف اندلاقه الخفَّاشية فيحيلها إلى قرقاشية.. بقاء الحال من المحال، وعد الأمة آت وإرهاصاته تلوح، وإن غداً لناظره قريب.
التعليقات مغلقة.