المتاهة السياسية الفلسطينية .. إلى متى؟! / د. أسعد عبد الرحمن
يفتقد المشروع الوطني الفلسطيني للاتجاه الصحيح الأمر الذي انعكس سلبا على قدرته على الاستفادة من الإمكانات الكبيرة للشعب الفلسطيني بل وللأمتين العربية والإسلامية. فاليوم، وبعد أن انتهت إسرائيل من تأبين «التسوية السلمية» التي تبنتها منظمة التحرير الفلسطينية، نلحظ تعطل مسار المقاومة المسلحة، ومعه تتعثر المصالحة إلى درجة تنذر بتكريس الإنقسام، في ظل ما تعانيه منظمة التحرير من ضعف مؤسساتها وتراجع دورها، وكذلك معاناة السلطة الفلسطينية من انقسامها إلى سلطتين في الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة، ومن الاحتلال في الضفة والحصار في غزة من جهة ثانية، وغير ذلك كثير عربيا وإسلاميا ودوليا.
منذ عام 2007، لم تنجح كل الجهود المبذولة والاتفاقيات الموقعة لرأب الصدع الذي فرق الفلسطينيين جغرافيا وسياسيا، فيما تمكن الاحتلال من تحويل حياة المواطن الفلسطيني في الضفة والقطاع إلى ساحة نزاع سياسي ومعيشي دائم، حتى شكك البعض بعدالة القضية الفلسطينية وجدوى مقاومة الاحتلال. وعليه، تمكنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بوسائل متعددة من اختراق الوعي الجمعي السياسي للشعب الفلسطيني، الذي رسخه الانقسام الفلسطيني/ الفلسطيني، حتى بدا وكأن المصالح الفئوية أضحت سابقة على المصالح الوطنية ما أضعف إمكانية بلورة أي برنامج حقيقي لنمو وعي سياسي متقدم يتجاوز «الولاءات» مبتغيا المواطنة.
وعلى أهمية الدور المركزي الذي لعبته وتلعبه الفصائل والقوى السياسية في «المنظمة» فإن معظمها لعبت في أحيان أخرى دورا معاكسا، تفتيتيا، بحكم العقلية الإقصائية أو التهميشية، والتوجهات والممارسات «الفصائلية الضيقة»، ناهيك طبعا عن اعتبارات السيطرة السياسية!
المتاهة السياسية المحيرة التي تعيشها السلطة الفلسطينية و«التنظيمات» كلها أثرت سلبا على القضية الفلسطينية. وغني عن الذكر أن هذا الواقع البائس من كل طرح فلسطيني إيجابي (من نوع الدعوة إلى حوار وطني، تشكيل حكومة وطنية موحدة، إعادة بناء منظمة التحرير.. الخ) أمر يتداوله الشعب الفلسطيني بنوع من السخرية والاستهزاء و.. الاتهام بالعمالة. ولم يعد للشعب الفلسطيني – في ظل الإنقسام – «بيت» فاعل يعبر عن إرادته الحقيقية يجمعه ليحدد من خلاله أولوياته ويضع فيه برنامجه الوطني.
سبعون عاما من الاحتلال كان يجب أن تكون كافية للقيادات الفلسطينية من أجل استيعابها قسوة الإنقسام الفلسطيني/ الفلسطيني الحالي، وآثاره التدميرية على حقوق الشعب الفلسطيني. عجيب أمر هذه القيادات!!! ألا يعلموا بأن العقل الصهيوني لا يتوقف عن التخطيط وأن كل لحظة تمر في ظل الانقسام تؤدي لمزيد من الخسائر للقضية الفلسطينية؟!! ألا يعلموا أنهم يتناحرون على «كعكة» لا لون ولا طعم لها ولو أن لها «رائحة كريهة»، فيما يعطون الاحتلال فرصة تلو الفرصة لتحقيق أهدافه التوسعية/ الاستعمارية/ «الاستيطانية”/ الإحلالية؟!!! فإلى متى؟ إلى متى، والشعب المرابط المنزرع في أرضه لا يزال يعطي الأمثلة الساطعة على الفداء غير المحدود؟
التعليقات مغلقة.