قراءة نقدية,, فلسطين ما بين لينين, ستالين وبوتين / شاكر زلوم
شاكر زلوم* ( الأردن ) الخميس 2/5/2019 م …
** كاتب وباحث ومحلل سياسي …
شغلت المسألة اليهودية العديد من مفكري اليسار خلال القرنين الماضيين فتناولها ماركس وهو من أصول يهودية كما تناولها لينين وستالين, ماركس اعتبر تحرير اليهود يكون بتحرير المجتمع عموماً وأن التحرر الإجتماعي لليهود إنما يكون بتحرير المجتمع من اليهودية, لكونها تقدس المال وتعتمد على الربا في تكديس ثرواتها.
أما لينين فلقد انحاز انحيازاً كاملاً للفلسطينيين حسب ما ورد بوثائق (الكومنتيرن) لعام 1920, لقد حارب لينين بقوَّة فكرة قيام حزب اشتراكي ديمقراطي يهودي (البوند) في روسيا، وقدَّم في سبيل ذلك مختلف الحجج والأسانيد الماركسيَّة, في المؤتمر الثاني للأمميَّة الشيوعيَّة (الكومنتيرن) الذي عقد عام 1920 بقيادة لينين، اكتشف المشاركون محاولة تسلُّل صهيونيَّة إلى الكومنتيرن كان هدفها الحصول على تمثيل فيه لـ”حركة التحرُّر الوطني اليهوديَّة” فأحبطوها ورفضوا محاولات التسلُّل تلك بحسم واتخذ المؤتمر، من بين قراراته العديدة، القرار التالي بالإجماع: “إنَّ المنشأة الفلسطينيَّة للصهاينة والصهيونيَّة بوجه عام التي تضع السكَّان الكادحين في فلسطين، حيث يمثِّل فيها الكادحون اليهود أقليَّة لا تذكر، ضحيَّة فعليَّة للاستغلال الإنجليزي تحت زعم إنشاء دولة يهوديَّة في فلسطين، لمثال ساطع على خداع الجماهير الكادحة في الأمَّة المقهورة بواقع الجهود المشتركة لإمبرياليَّة الحلفاء وبورجوازيَّة الأمَّة المعنيَّة” وقد أدان المؤتمر الصهيونيَّة باعتبارها أداة للبرجوازيَّة اليهوديَّة الكبيرة الهادفة إلى تحقيق أهدافها الإمبرياليَّة المغرضة, واعتبر تأييد الصهيونيَّة على أيِّ نحو، مباشر أو غير مباشر، لا يعني سوى أن يصبح المرء عوناً للحاخامات والبرجوازيّين والعمل لصالح الإمبرياليَّة في نهاية المطاف، التي تستغلّ الصهيونيَّة كأداة لتحقيق أهدافها .
حين اشتد المرض على لينين أوصى بعدم اختيار ستالين لخطورة أفكاره لكنه تمكن من الوصول لرئاسة الحزب الشيوعي السوفييتي والدولة السوفييتية, ولأنني بصدد الحديث عن فلسطين فسأشير لمواقفه الغير مبدئية والأخلاقية من القضية الفلسطينية, فلقد انتهج نهجاً مناقضاً لما ورد بمؤتمر (الكومينترن) الثاني فاعتبر المغتصبات الصهيونية بؤر اشتراكية وتحالف عن علم مع الصهيونية العالمية بخلاف كلمات المكياج التي يستخدمها أتباعه في بلادنا العربية, أما ما سر موافقة ستالين على قرار تقسيم فلسطين رقم 181 لعام 1947 فيمكن تفسيرها بميولة الشخصية حيث أسر للرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في ” مؤتمر يالطا ـ 1945″ ، إذ قال ستالين لروزفيلت:” أنا صهيوني من ناحية المبدأ “، فرد عليه روزفلت : “وأنا كذلك”. هذا الحوار كشفت عنه وثائق وزارة الخارجية الأميركية في السابع عشر من مارس / آذار 1955حسب ما ورد بمحاضرة القاها رئيس وزراء لبنان السابق حسين العويني, لم أتحقق من الوثيقة الأمريكية كما لم تتحقق كل الأحزاب الشيوعية العربية منها بالرغم من خطورتها, أما الحديث عن الدعم المباشر وغير المباشر للعصابات الصهيونية فهو مثبت بالأرشيف السوفييتي.
لقد خاب رهان السوفييت على الكيان الصهيوني فالكيان أسس بموجب وثيقة بلفور ليكون قاعدة للإستعمار لنهب ثروات العرب وتفتيتهم وتأسيساً لمنظومة اللا إستقرار والفوضى والإقتتال في بلادهم لا لدعم عدو بريطانيا الأول أي الإتحاد السوفييتي الرهان أن يكون الكيان بؤرة للإشتراكية ما كان إلآ لتبرير خيانة ستالين للمبادئ الإشتراكية فكان رهان السوفييت بعد ذلك على الحركات القومية العربية ذات الطابع الاشتراكي كالحركة الناصرية والأحزاب القومية الأخرى.
انهار الاتحاد السوفييتي في العام 1992 وبانهيارة سطت العصابات اليهودية على معظم ثروات وموارد الإتحاد السوفييتي السابق بعمليات سرقات موصوفة لن أستطيع بمقام هذا المقال سردها لكن خلاصتها ان الطبقة اليهودية الأوليغارشية تمكنت من المال والإقتصاد والإعلام واضحت بشكل أو بآخر هي المقرر للسياسات الروسية فيما يتعلق يالقضية الفلسطينية في ظل مقاومة من قبل القوميين الروس والشيوعيين القدامى فروسيا اليوم تعيش حالة صراع ما بين الطبقة الأوليغارشية المتمكنة من معظم مفاصل الدولة الروسية.
جاء بوتن بعد يلتسين وفق رغبة الطبقة اليهودية المتمكنة في روسيا , حاول بوتن ايجاد معادلة موائمة ما بين مصالح الطبقة اليهودية المتمكنة وما بين الطموح بإعادة بناء روسيا كقوة عظمى وهو ما اتبعه في سياساته فهو لا يريد اغضاب اليهود بينما يطمح أن تكون روسيا قوة راسمالية عظمى لا مكان للمبادئ والأخلاق في قاموسها السياسي بل المصالح فحيث المصلحة مع سوريا أو فنزويلا يكون وحيث المصلحة مع السعودية وأمريكا في اليمن يكون بالرغم من كل المظلومية والمآسي التي يتعرض لها الشعب اليمني فحيث المصلحة والمال يميل.
لم يتدخل بوتن في سوريا الآ لكونها ممراً لخطوط الطاقة التي تنافس خطوط طاقته ولكونها توفر الميناءً على المياه الدافئة وهذا ما تتطلبه مصالح روسيا كقوة عظمى والحال لا يختلف مع فنزويلا فأمريكا اللاتينية تعتبر الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية وهو يعتبر أوكرانيا الحديقة الخلفية لروسيا فكان تدخله من باب الضغط على أمريكا التي تضغط عليه من خلال أوكرانيا وجورجيا, ناهيكم عن دفاعه عن الإستثمارات الروسية الكبيرة في فنزويلا وكما طموحه باستثمار الموارد الطبيعية الهائلة لفنزويلا مستقبلاً.
روسيا تعيش صراعاً بين قوى الإستقلال والتحرر والطبقة الأوليغارشية فيها فمن مصلحتنا دعم القوى الصديقة فيها .التحالف مع روسيا ضرورة وروسيا اليوم لا تعني روسيا الطبقة اليهودية فيها بل روسيا الغد فحلفاءنا فيها هم الإشتراكيون القدامى أو من تبقى منهم وهي روسيا الكنيسة الأورتودكسية وشعبها وكما حوالي 30 مليون مواطن روسي مسلم في جمهوريتها الأربعة ذات الغالبية المسلمة, ان التحالف والصداقة لا تعني التبعية بأي صورة كانت فمن يقبل العلاقة الدونية لن يُنتج للقضية الوطنية شيئاً, لقد انتقد فيديل كاسترو خروتشوف لسحبه الصواريخ النووية السوفييتية بعد أزمة 1961 وحصلت قطيعة بين البلدين لفترة من الزمن, لا أتمنى حصول قطيعة بيننا وبين روسيا بل أتمنى تمتين العلاقة وفق قاعدة المصالح المشتركة فكما نحن بحاجة لروسيا فروسيا هي بحاجة لنا وهذه هي قاعدة التعامل السوي بين الحلفاء.
ان نقد الحليف لحليفه أمر صحي مطلوب وان نقد المواقف الروسية المتمثلة بالمواقف الملتبسه مع العدو الصهيوني سواءً في سوريا أو فلسطين واجب على كل من يحمل راية تحرير بلادنا من التبعية للإستعمار وكما راية تحرير فلسطين فعلاً لا قولاً وتجملاً.
ان وجود الكيان السرطاني (إسرائيل) في الجسم العربي سيمنع كل تنمية في بلادنا العربية كافة فصراعنا مع الكيان الصهيوني هو صراع وجود لا صراع حدود ومن يتوهم بسلم مع الصهاينة واهم كوهم من سيصطاد السمك من البحر الميت.
التعليقات مغلقة.