البغدادي، أسطورة أمريكا وإسرائيل الأولى في العالم / فوزي بن يونس بن حديد
فوزي بن يونس بن حديد ( الجمعة ) 3/5/2019 م …
بدا متينا وفي صحة جيدة، يتحدث مع مرافقيه، كما لو أنه أمير المؤمنين، متواضعا، جالسا على الأرض تحيط به بعض الوسائد المزخرفة، وبجانبه رشاشه الخاص، تغير في الصورة قليلا عما كان عليه قبل خمس سنوات، وكأنه كان في رحلة نقاهة، لم تبد عليه أي علامات إرهاق أو توتر، بل كانت نظراته متزنة، وحركاته هادئة، وفي يده ساعة فخمة، ولباسه وثير، بدا كأنه يقود جيشا بأكمله، ولدى مساعده ملفات لأسماء دول مقترحة ان يغزوها، بعد دراسة مستفيضة، ذلك هو البغدادي أسطورة الولايات المتحدة الأمريكية الأولى في العالم.
فالعمليات التي جرت في عدة دول خارج إطار الدولة الإسلامية التي زعم إنشاءها يوما، وانهارت بعد حرب دامية ومفزعة ومقلقة للعالم، كانت سببا في دمار دول بأكملها، أبرزها على الإطلاق سوريا والعراق، هذه العمليات تبين مما لا شك فيه أن التمويل الإرهابي مازال قائما وبقوة لأنه مازال يضرب في العمق كما حدث في سريلانكا أخيرا وفي عدة بقاع من العالم، وما يمكن أن يحدث خلال قادم الأيام، لذلك فإن ظهوره الآن وبهذه الكيفية ينبئ بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل يتلقى عناية ورعاية واهتماما من كبرى التنظيمات في العالم، وقد تكون دولا بأكملها وراء هذه الأسطورة التي ظلت عالقة في أذهان كل الناس.
ظهوره اليوم ينفي أي شك احتمال إصابته أو اغتياله، كما تحدثت تقارير سابقة، وكما روجت بعض القنوات، بل كان ظهوره ضربة قاصمة للدولة العراقية في المقام الأول لأنها فشلت في القضاء عليه وعلى زبانيته، رغم أنه يحوم حولها ويعيش في أراضيها حسب الاستخبارات العراقية، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية راقت لها لعبة تنظيم الدولة بعد تنظيم القاعدة، لترسخ سياساتها في المنطقة، وبدت أنها ليست جادة في القضاء عليه، بل تستخدمه وسيلة ضغط على الدول التي تأبى طاعتها، وهي الآن تدبر الأمر من حيث لا يعلم الجميع، وقد تكون متورطة في ظهور هذا الدجال الذي روّع الآمنين وقتل الأبرياء واغتصب النساء، ودمّر العمران، وخرّب البلدان، واعتدى على الولدان.
أسطورة البغدادي منذ أن ظهرت في الموصل، حام حولها الشك فيمن يمولها، فمن غير المعقول أن تنزل عليه البركات من السماء، رجالا ونفوذا ومالا، ومن غير المعقول أن يكون على تقوى بهيئته التي أفسدت علينا نكهة الإسلام الحقيقي، فصار كل ملتح مستهدفا من المخابرات الدولية، فضلا عن تعرضه للمضايقات الداخلية، وما يروج للدولة الإسلامية المزعومة سوى فيلم حُبكت عناصره جيدا، ولا أدل على ذلك المقطع المصور للبغدادي بإتقان وصفاء غير عاديين، مما جعل المراقبين يشكون أن المسألة لا تعدو سوى محاولة من الجهات الراعية للبغدادي لإثارة الرعب في ما تبقى من دول لم يمسها الإرهاب بشكل مباشر.
فمن يدير غرفة عمليات البغدادي ليس شخصا عاديا ولا مجموعة عابرة ليس لها من الدنيا إلا التقوى والإيمان، وإنما يديرها عقل مدبر وشبكة متحولة تقنيا لها خبرتها في توجيه الراي العام العالمي إلى هذه المشكلة التي تؤرق مضاجع الدول التي يمكن أن تتأثر به، ومن غريب العجائب أن يهتم البغدادي حسب الشريط المصور بتونس وتركيا وهما دولتان إسلاميتان، وينسى الملف الأبرز عند جميع المسلمين في العالم، وهو ملف القدس الشريف، فلماذا لا يضع جدولا للسيطرة على القدس الشريف المكان المحتل من اليهود الغاصبين، ويحرر هذا الصرح الإسلامي العالمي من قبضتهم، وبالتالي هو يسدي خدمة جليلة للمسلمين جميعا، بدل أن يرهبهم في ديارهم بالسكين والساطور والرشاش، ويخفي أجندته الحقيقية وراء هذه العمليات الإرهابية.
البغدادي أسطورة أمريكا الحالية، على هذه الشخصية استفهامات متعددة، من يمولها؟ ومن يهتم بها؟ ومن يرعاها؟ وماذا تريد تحقيقه؟ لا شك أن الأمر معلوم جدا من قبل الجميع، ولا شك أنه يتلقى هو وأصحابه الرعاية والاهتمام البالغين، ولا شك أن التمويل يأتيه أولا بأول من المال والسلاح والعتاد، ولا شك أن الهدف الأساسي تدمير الدول الإسلامية دولة دولة، ولا شك أن هذا المخطط صهيوني أمريكي بالدرجة الأولى، ولكن من يبحث في ذلك ويظهر الحقيقة كاملة، ومن يسعى إلى كشف الحقيقة التي مازالت غامضة ومعقدة إلى حد كبير، لأن صناعة البغدادي صناعة متقدمة جدا يصعب فك رموزها، فهي مافيا من الطراز الرفيع، تديرها شبكة عالمية قوية هدفها تدمير البلدان، والاستمتاع بالمال والنساء، والاتجار بالبشر والسلاح، لا حدود لها ولا جغرافيا، ولا ضوابط ولا وازع، تشكل الدين بالسياسة، وتمزج الإرهاب بالإسلام، لتحصل على خلطة عجيبة من محاربة كل ما يتعلق بالإسلام.
التعليقات مغلقة.