مؤامرة لشطب الأونروا.. وإنهاء حق العودة!

 

د.فليز رشيد ( الأردن ) الخميس 20/8/2015 م …

أما الجانب الثاني فهو المحاولات السياسية لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين من القاموس السياسي العالمي, إضافة إلى مشاريع التوطين الصهيونية والأميركية والأوروبية، وبعض العربية ومشاريع للأمم المتحدة وعددها 74 مشروعا حتى اللحظة! تصوروا… كلها تهدف إلى شطب حق العودة. تماما مثل منع فلسطينيي الشتات من اللاجئين من العمل في العديد من المهن, والتعقيدات المختلفة التي توضع أمام حركة سفر الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية, وتسهيل السفارات الأجنبية لهجرتهم..

مؤامرة متعددة الأطراف لشطب الأونروا كعنوان للجوء الفلسطيني, بعد إقامة دولة الكيان قسرا في عام 1948 ولجوئها إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم! بداية حري التوضيح: أن الأمم المتحدة لم تجعل اللاجئين الفلسطينيين من ضمن رعاية ومسؤولية هيأتها الدولية للاجئين وإنما أنشأت لهم وكالة/هيئة مسؤولة عن تقديم المساعدات الحياتية لهم! الفرق كبير بين الحالتين بين الهيئة والأونروا… فالأولى تعني: مسؤولية الأمم المتحدة عن إعادة اللاجئين إلى أوطانهم الأصلية, تقديم مساعات في كل النواحي, كما وصرف مستحقات مادية لهم حتى إعادتهم. بينما في الثانية/الأونروا فإن المساعدات الحياتية للاجئين الفلسطينيين مرهونة بتبرع الدول! ولذلك في ميزانية الأونروا للعام الحالي والبالغة ما يقارب الـ700 مليون دولار ميزانية خاصة بالوكالة ولا تدخل في ميزانية الأمم المتحدة. الهيئة مسؤولة بالمعنيين المادي والمعنوي والسياسي والأخلاقي عن إعادة لاجئيها, بينما الوكالة غير مسؤولة عن ذلك! هذه كانت بداية المؤامرة!

منذ إنشاء وكالة الغوث/الأونروا وهي تعاني من نقص متطور في ميزانيتها! رغم أن ملياردير من مليارديريي العالم (بمن فيهم العرب) قادر على تغطية ميزانية الأونروا وحده! فتكاليف رحلة أحدهم للاصطياف على أحد الشواطئ الأوروبية مع مرافقه تتجاوز ميزانية الأونروا السنوية! ولو أن الأموال التي تُنفق على طاولات القمار في لندن وغيرها من المواخير الأوروبية, تُجمع, لغطت ذات الميزانية! كذلك مقابض الحنفيات المطلية بالذهب في طائرات بساط الريح الذهبية, التي يسافر عليها بعض الأغنياء… كما حفلات زفاف الأبناء والبنات التي يُنفق عليها عشرات الملايين من الدولارات سنويا.. لقادرة على سد عجز ميزانية الأونروا!

ما سبق هو أحد جانبي الصورة, أما الجانب الثاني فهو المحاولات السياسية لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين من القاموس السياسي العالمي, إضافة إلى مشاريع التوطين الصهيونية والأميركية والأوروبية، وبعض العربية ومشاريع للأمم المتحدة وعددها 74 مشروعا حتى اللحظة! تصوروا… كلها تهدف إلى شطب حق العودة. تماما مثل منع فلسطينيي الشتات من اللاجئين من العمل في العديد من المهن, والتعقيدات المختلفة التي توضع أمام حركة سفر الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية, وتسهيل السفارات الأجنبية لهجرتهم, والطرح الصهيوني الجديد لما يسمى بـ”حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل”… كل ذلك يصب في مجرى المؤامرة المُستهدفة أولا وأخيرا لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة! من فترة قريبة.. توجه 30 سيناتورا من مجلس الشيوخ الأميركي, بمشروع قرار يطلب من وزارة الخارجية الأميركية, الإجابة عن “كم من الخمسة ملايين لاجئ فلسطيني, ممن يتلقون مساعدات حاليا من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”, هم حقا أشخاص نزحوا من من بلادهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو من “إسرائيل”؟ وكم منهم هم فقط من نسل هؤلاء النازحين أو أحفادهم؟

الذي يتبنى هذا الطرح السيناتور الجمهوري مارك كيرك, المعروف بدعمه الكبير لإسرائيل, كان طرحه خلال جلسة للجنة المخصصات في الكونجرس, بهدف تقليص مساعدة الولايات المتحدة, للأونروا والبالغة 250 مليون دولار سنويا. باختصار فإن مشروع القرار يهدف إلى تقليص عدد اللاجئين من خلال التساؤل: “إذا ما كان هناك 5 ملايين لاجئ فلسطيني, أم أنهم 30 ألفا فقط”؟ من جانب آخر قررت اللجنة” توجيه وزير الخارجية الأميركي إلى تقديم تقرير له خلال مدة زمنية لا تزيد عن عام واحد, بعد تشريع هذا القرار, على أن يتضمن الأمور الآتية:

1- الرقم التقريبي لمن تلقى خدمات في العام الماضي من “الأونروا”, ممن كان مكان إقامتهم فلسطين بين حزيران (يونيو) 1946 وأيار (مايو) 1948, ثم نزحوا كنتيجة للصراع العربي ـ الإسرائيلي.

2- رقم تقريبي لنسل أو أحفاد هؤلاء المذكورين في البند الأول.

3- إلى أي مدى يؤدي توفير هذه الخدمات لهؤلاء الأشخاص إلى زيادة في “المصالح الأمنية للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في الشرق الأوسط”.

4- المنهجية والتحديات التي رافقت إعداد التقرير, بحسب نسخة من الطلب نشرتها صحف أميركية.

الواضح مما سبق: أن مشروع القرار الأميركي يهدف إلى اعتبار عدد اللاجئين الفلسطينيين30 ألفا فقط, وبذلك لا بد من تقليص المساعدات للأونروا التي بدورها ستقلص المساعدات التي ستقدمها للاجئين الفلسطينيين. إن مشروع القرار الأميركي يهدف إلى ضرب قرار الأمم المتحدة رقم 194, الذي ينص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم. المشروع الأميركي يأتي بالتناغم مع الرفض الإسرائيلي لتنفيذ هذا القرار, ومن أجل الضغط على الفلسطينيين بالتخلي: عن حق العودة, والرضوخ للحل الإسرائيلي.

أيضا قبل بضعة أشهر, ومثلما تبين بضغوط أميركية, أرادت “الأونروا” تغيير اسمها إلى اسم آخر, تلغي فيه كلمة لاجئين من الاسم. بالطبع ليس مصادفةً أن يأتي ذلك في ظل شكوى الأونروا من تقليص في ميزانيتها نتيجة لعدم دفع الدول المانحة لما يترتب عليها من مستحقات مالية سنوية للوكالة، الأمر الذي أدّى إلى تردٍّ واضح في خدماتها التعليمية والصحية والخدمات الإنسانية الحياتية الأخرى للاجئين المشرّدين عن وطنهم لما ينوف عن الستة عقود، يذوقون فيها المعاناة الطويلة والقاسية جرّاء التهجير الصهيوني لهم. لاجئو شعبنا تنبهوا إلى هذه المؤامرة واحتجوا عليها بشدة في كل مواقعهم, الأمر الذي أدى إلى تراجع الأونروا عن تغيير الاسم.

من جانب آخر: وبرغم مناشدة الدول العربية في عامي 1949،1948 للجمعية العامة للأمم المتحدة, من أجل إنشاء وكالة دولية لحماية اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات الحياتية لهم وتشغيلهم حتى إتمام عودتهم إلى وطنهم، قررت الأمم المتحدة وبتدخل أميركي ـ أوروبي حينها أن يقتصر الاسم على “إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” فقط! دون حمايتهم (والحماية تعني فيما تعنيه تحمل مسؤولية إعادة اللاجئين إلى وطنهم فهكذا تتعامل الأمم المتحدة من خلال: الوكالة الدولية للاجئين مع لاجئي الدول الأخرى في العالم أجمع مثلما قلنا في بداية المقالة، ولم تُعطِ هذا الحق للفلسطينيين) واليوم تأتي الحلقة الثانية من المؤامرة بتصفية الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين ووصولا إلى تصفية حق العودة لهم. ووصولا إلى إلغاء كلمة لاجئ فلسطيني. من واجب السلطة الفلسطينية وعموم الفلسطينيين في كل مناطق تواجدهم: الاحتجاج على هذه المؤامرة, التي تستهدف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلدهم. من واجب الدول العربية وبخاصة تلك التي تستضيف هؤلاء اللاجئين, الاحتجاج أيضا على مشروع القرار الأميركي, ومن واجب الهيئات والمنظمات الحقوقية العربية العمل, لإفشال اتخاذ هذا القرار, وتمريره, والاستعانة بالمنظمات الحقوقية الدولية لمنع التآمر على الأونروا وعلى حق عودة اللاجئين.

مهما حاولت إسرائيل والولايات المتحدة وأعوانهما تمرير المؤامرات لشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم ومدنهم وقراهم, فلن يستطيعوا وسيفشلوا، فشعبنا حيثما يتواجد في الوطن وفي الشتات, متمسك بهذا الحق، شاءت هذه الأطراف أم أبت، والأجيال الفلسطينية الجديدة تصر على عودتها بإصرار أكبر من سابقاتها من الأجيال، وما زالت تحتفظ بكواشين أراضيها ومفاتيح بيوتها حتى هذه اللحظة، وأعداد الجيل الحالي من اللاجئين يفوق أضعافًا أولئك النفر من مهجري شعبنا الذين شُردوا كلاجئين في مختلف أصقاع العالم. وحق العودة لا يسقط بالتقادم.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.