الورد في مدارس الرصاص .. والخبز يركع للبارود/ نارام سرجون
نارام سرجون ( سورية ) الجمعة 21/8/2015 م …
هانحن نتسابق لذكرك وذكر مناقبك .. وكلنا نبحث عن كلام مصدوم مذهول .. ونفتش عما كتب الشعراء في المراثي والبكائيات ..
وقواميسنا تبحث معنا .. والكل حائر .. فكل الكتب قالت لنا بأنها وجدت صفحاتها بيضاء وقد اصيبت بفقدان الذاكرة وضاعت كل الكلمات ولم تبق الا الكلمات المشلولة ..
ولكن كل الكتب قالت لنا نفس الكلام الغاضب: لاتضيعوا وقتكم في انتظار أن تفيق اللغة من غيبوبتها .. بل اذهبوا وابحثوا عن رصاص بدل الكلام .. بيعوا كل مافي مكتباتكم من قواميس وكتب ومعلقات ودواوين وكل مافي مساجدكم وكنائسكم من ثريات وسجاجيد وأيقونات واعمدة واشتروا بثمنها بنادق .. وعلقوا العمل بدستور بلاغات اللغة لأن اللغة لاتنصف الشهداء بل لاينصفهم الا فم الرصاص .. وعلقوا البنادق على أكتافكم فهذا خير لكم من كل معلقات الكلام ..
وهانحن أيها الشهيد نتسابق اليوم لوضع اكاليل الورد حول اسمك وجثمانك ونسجي أحزاننا بجانب اسمك ونبدي أسفنا على رحيلك .. ولكنك تعرف أن كل ورود العالم لو اجتمعت الآن في تدمر لاتساوي أن يضع أحدنا رصاصة في بندقيته .. وأن يقايض طحينه مقابل البارود .. انه زمن لايساوي فيه شيء قيمة الرصاصة وحفنة البارود .. لاخبز ولاماء ولاورد .. فقد سقط الخبز أمام قداسة القذيفة .. وسقط الورد راكعا على أقدام البنادق يغسلها بماء الورد ويقبّلها ويتوسل اليها أن يسمح له أن يتعلم الأبجدية في مدارس الرصاص ليستحيل ورق الورد الى رصاص متفجر ونفحة ذرية ..
نعتذر منك أيها الاستاذ أننا لم نكن ندرك أن هيبة الله تهتز عندما يسقط المفكرون والعلماء في أمة ويسود الجهل والجهلاء الا عندما قال لنا دمك ذلك .. فعندما يسقط المفكرون والعلماء في أمة فان هذا يعني أن معنى الله في خطر .. لأن لاأحد يخشى الله كما يخشاه العلماء والمفكرون .. ولاأحد يعرفه كما يعرفه العلماء .. وعندما يسقط في المجتمع العلماء والبحاثة فان هيبة الله والخشية من الله تصبح من هيبة السكين وليس من هيبة العقل ..
اعذرنا أننا لانملك بعد اليوم كلاما .. وأن كل الورد لايساوي رصاصة في قلب الجهل .. وفي عين الجهل .. وفي روح الجهل ..
التعليقات مغلقة.