لمن تُشرب أنخاب الدم في غزّة؟ / د. نضال القطامين




د. نضال القطامين * ( الأردن ) الإثنين 6/5/2019 م …
*وزير سابق …

لا يلوح في أفق مسلسل الخطة الأمريكية “للسلام” سوى مشاهد درامية، ينتخب الساسة جمهورها المستهدف، ويشرعون بقضاء الأمسيات على أنخاب الدم في غزة وماحولها.

كلّما لاح له وقتٌ للكلام، وجد السيد كوشنر فرصة سانحة لممارسة طقس اللعب بالكلمات.

كانت صفقة، ثم كانت خطة سلام، وستكون مبادرة، لكن اسمها الواضح بلا شك، هو تَقْبِيحُ التاريخ، وجحود الحق وإنحياز للنازية الجديدة.

ولكأننا، معشر المؤمنين بالسلام الشامل، ننتظر مهندس الصفقات الجديد، أن يبيعنا كلاما جديداً، وسيجد لبضاعته الكاسدة زبائنا بالجملة، لكنه أبدا لن يصطدم سوى بالقابضين على آخر معاقل المبادىء.

بكل صلافة، يعيد العرّاب التأكيد على أن الخطة لن تناقش حل الدولتين، فضلاً عن تكريس القدس عاصمة لإسرائيل. ماذا بقي للتفاوض إذاً، وماذا سيكون في “خرج ” التاجر للمساومة؟
إنها مسرحية تراجيدية جديدة.

يرقص ممثلوها على جراحنا النازفة، ويمارسون بكل غدر، طقس اغتنام الفريسة. رغم كل ما تخفيه الأدراج والعيون، فإنه بالإمكان رؤية سياقٍ يتوسّم فيه المتآمرون نصرا .

افتعال معركة في غزة مغلّفة بصمت عالمي وعربي طويل، سيتبعه على وجه التأكيد تحرّشٌ بمقاتلي حزب الله في الشمال.

سيكون من ثمار هذا المشهد، لجوءٌ جديد من غزة الى جغرافيا الصفقة الجديدة. وبالطبع شهداء وجرحى ومشردون.

يدرك مهندسو الصفقة، أنها في كل صورها وجميع أشكالها، صفقة أو خطة سلام أو مبادرة، لن تمرّ، ولو لم يجد المقاومون إلّا الذر، لقاتلوا الصفقة والمهندسين والعرابين به. قال ذلك زعماء الإقليم الحقيقيون وقد تقدمهم الملك بلاءاته الثلاث.

لكن اليأس ليس من شيم المخططين. ستكون مفاوضات متقدمة، يمكنها بالقوة والجبر، أن تؤسس لخطة سلام أو صفقة أو غير ذلك. لكنها في كل الأحوال لن تتجاوز أحلام نتنياهو التي كتبها قبل ربع قرن في “مكان تحت الشمس”.

يجْتال المرابي في بضاعته، ويرتبك. ما الذي يخشاه في رمضان ليُرجئ تسويقها إلى ما بعد انقضائه؟ إنها مواقف المقاومة الخالدة. لقد قالها أردوغان كذلك” إنها تشكل مشروعا لزعزعة الشرق الأوسط، وهو مصطلح جديد للتقسيم والتجزئة والابتلاع، وتركيا كذلك لن تسمح بذلك على لسان اردوغان”. لن يمرّوا.

هنا في هذا العرين العربي، تُصنع رايات المجد وتنسج. هنا شعب يسند القيادة ويختار التاريخ الكبير إذا ما كانت المفاضلة بين حياة صعبة وبين وطن وعروبة.

إنهم يؤسسون لمواقف عربية صلبة ستكون عوناً للأجيال في نهوضهم بواجب الممانعة والمقاومة لمشروع الاستعمار الجديد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.