محاكمة الوزراء والنواب في الأردن / د. ليث كمال نصراوين

د. ليث كمال نصراوين ( الأردن ) الأربعاء 8/5/2019 م …



صرّح الإدعاء العام لدى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أنه بصدد ملاحقة وزير صحة سابق بتهمة الواسطة والمحسوبية، ونائب حالي بتهم تزوير وتقليد دمغة طوابع الواردات. إن إجراءات محاكمة الوزراء تختلف اختلافا كبيرا عنها فيما يتعلق بمحاكمة أعضاء مجلس النواب، فالمادة (56) من الدستور تشترط لملاحقة الوزير عن الجرائم المتعلقة بوظيفته أن يصدر بحقه قرار إحالة إلى النيابة العامة وذلك بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، بحيث لا تملك النيابة العامة المباشرة بأي إجراء تحقيقي قبل صدور قرار الإحالة.

إن هذا القيد الدستوري على حرية النيابة العامة في تحريك دعوى الحق العام من شأنه أن يعيق أي إجراءات قضائية حالية في مواجهة وزير الصحة الأسبق، خاصة وأن مجلس النواب في حالة عدم انعقاد بعد انتهاء الدورة العادية الثالثة له، وأنه سيجتمع من جديد في دورة استثنائية تكون الصلاحيات التشريعية والرقابية فيها مقيدة بالمسائل والموضوعات التي سترد في الإرادة الملكية التي ستنعقد تلك الدورة بمقتضاها.

أما الإجراءات الدستورية الخاصة بمحاكمة النواب جنائيا، فلا بد من التمييز بين الفترة التي يكون فيها مجلس النواب مجتمعا وتلك التي يكون فيها المجلس في حالة عدم انعقاد أو منحل. فمن خلال استعراض المادة (68) من الدستور نجدها تشترط لملاحقة النائب أثناء فترة اجتماع المجلس أن يصدر قرارا من مجلس النواب بالإذن بمحاكمته أو توقيفه وذلك بالأكثرية المطلقة لأعضائه، بمعنى أنه لا يمكن ملاحقة النائب جزائيا أثناء اجتماع المجلس إلا بعد رفع الحصانة النيابية عنه.

وفي الفترة التي يكون فيها مجلس النواب غير منعقد أو منحل، فإن الحصانة النيابية تسقط حكما، ويكون بإمكان النيابة العامة تحريك دعوى الحق العام دون أي قيد إجرائي، وهو الحكم الذي ينطبق على النائب الحالي المتهم بجرم التزوير والتقليد، والذي يمكن البدء بملاحقته وعلى الفور دون أن يتمكن من الدفع بالحصانة النيابية، ذلك على اعتبار أن المجلس في حالة عدم انعقاد. إلا أن كافة الإجراءات الجنائية ستتوقف حكما عند اجتماع المجلس في دورة استثنائية قادمة، بحيث ستكون الجهات القضائية بحاجة إلى قرار برفع الحصانة عن النائب المعني لغايات الاستمرار في الإجراءات الجزائية في مواجهته.

إن الأثر الدستوري المترتب على ملاحقة النائب الحالي قبل عودة مجلس النواب إلى الاجتماع يتمثل بضرورة أن يقوم رئيس الوزراء بإبلاغ المجلس عند اجتماعه بالإجراءات ذات الصلة بتوقيف النائب المعني إذا حصل، مشفوعة بالإيضاح اللازم، وذلك سندا لأحكام المادة (68/2) من الدستور.

أما نطاق الحصانة النيابية التي يتمتع بها عضو مجلس النواب في الأردن، فقد توسعت في تحديدها المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (7) لسنة 2013، والذي جاء فيه بأن الحماية التي منحها المشرع الدستوري للنائب قد جاءت مطلقة تشمل كافة الجرائم سواء تلك التي يرتكبها النائب قبل اكتسابه العضوية في مجلس النواب أو بعد اكتسابه تلك الصفة، ذلك على اعتبار أن الحصانة النيابية هي حصانة إمهال وليس إهمالاً. وهذا يعني أنه لا يجوز الدفع بأن ما هو منسوب إلى النائب من جرائم جنائية لا تتعلق بعمله النيابي لغايات عدم التمسك بمبدأ الحصانة الدستورية وذلك عند عودة مجلس النواب إلى الاجتماع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.