الذكرى السبعون لإعلان تأسيس حلف شمال الأطلسي – حالة الحرب الدّائمة / الطاهر المع




نتيجة بحث الصور عن حلف شمال الأطلنطي

الطاهر المعز ( تونس ) الخميس 9/5/2019 م …

نبذة تاريخية:

تُرَوِّجُ الدّعاية الإمبريالية روايات كاذبة، تتعمّد تَحْرِيف الوقائع التاريخية، ومن ضمنها إن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشأ ردًّا على التّوَسُّع السوفييتي، وردًّا على تأسيس حلف “وارسو” (عاصمة بولندا)، وهو افتراء، صدّقَهُ ملايين البُسطاء، وغير المُطّلِعِين، وتُكرّرَ وسائل الإعلام هذه الكذْبَة عن عَمْدٍ…

ظَهَرَت الدراسات والبرامج والمخططات الأمريكية بشأن الهيمنة على العالم، منذ سنة 1943، وانعقد لقاء “بريتن وودز” (قريبًا من واشنطن) سنة 1944 (تأسيس صندوق النقد والبنك العالمي وبوادر تأسيس الأمم المتحدة…)، أي قبل نهاية الحرب بسنة، وبدأ التفكير في إنشاء حلف شمال الأطلسي، في مكاتب وزارة الحرب الأمريكية، قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما بدأ الإتحاد السّوفييتي يتحرر من الإحتلال الألْماني، ومن حِصار “ستالينغراد” الذي دام سَنَتَيْن، ولم تُساعدْ أي دولة أوروبية أو من “الحُلفاء” الإتحاد السوفييتي على التّحرّر من الإحتلال، بل كانت الولايات المتحدة منذ سنة 1943 تدرس في مكاتب “البنتاغون” مخططات غزو الإتحاد السوفييتي، وفق الوثائق الرسمية التي كانت سِرِّية، قبل الإفراج عنها سنة 2015، وسُمِّيَتْ إحدى الوثائق ( target list )، وهي دراسة من 800 صفحة أُنْجِزَتْ سنة 1959، تَضَمّنَتْ تحديد آلاف الأهداف ذات الصبغة العسكرية والإقتصادية، من مصانع وبُنية تحتية ومولّدات كهرباء وغيرها، في الإتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية، لتدميرها بواسطة القنابل النّوَوِية، التي نشَرتها الولايات المتحدة، خارج أراضيها، مُهدّدَةً بذلك حياة ملايين البشر، وبلغ عددها، آنذاك، نحو سبعة آلاف سلاح نووي في أوروبا الغربية، وأكثر من أَلْفَيْ سلاح نووي في قواعدها العسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، وحوالي ثلاثة آلاف سلاح نووي على مَتْنِ البوارج الحربية الأمريكية التي كانت تَجُوب بحار العالم، بنهاية العقد السادس من القرن العشرين…

تَعْكِسُ المواقف والممارسات الأمريكية، خلال الحرب العالمية الثانية وبَعْدَها، التّناقض الجَوْهَري بين الرأسمالية والإشتراكية، ولكن الممارسات العدوانية تواصلت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي (الذي لم يعد اشتراكيا، قبل انهياره بعقود)، وبدل حَل حلف شمال الأطلسي، زاد انتشاره جغرافيا، وتعزَّزَ بانضمام دول جديدة…

شكلت الإمبريالية الأمريكية والبريطانية -وهما من نفس الجُذُور – رأس حِرْبَة العُدوان على الشعوب، واحتلّتا مركز الرّيادة في تأسيس حلف شمال الأطلسي، وأعلن رئيس الوزراء البريطاني “ونستون تشرشل”، في خطاب له يوم الخامس من آذار/مارس 1946، بداية ما سُمِّيَ “الحرب الباردة”، ونادى بضرورة إقامة “سِتار حديدي”، يفصل أوروبا الإشتراكية عن أوروبا الرأسمالية، وبَارَكَ زُعماء أوروبا الغربية ارتفاع عدد القنابل النووية الأمريكية (170، سنة 1949) وتكثيف الولايات المتحدة وتيرة التجارب النّوَوِيّة في المحيط الهادئ، بداية من تموز/يوليو 1946، وتعْرِيض آلاف السكان المحليين في جزيرة “مارشال” وغيرها لخَطَر الإشعاعات النووية، قبل تأسيس حلف شمال الأطلسي (ناتو) يوم الرابع من نيسان/ابريل 1949، بمعية 16 دولة، تحت قيادة الولايات المتحدة ( ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وكندا ودنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وإيسلندا واليونان ولكسمبورغ وهولندا والبرتغال وتركيا والنرويج، مما مَكّن الولايات المتحدة من تكثيف حضورها العسكري في أوروبا، والهيمنة عليها، عبر القواعد العسكرية الأمريكية الضخمة، خصوصًا في جنوب أوروبا وألمانيا…

تأسس الحلف بذريعة القلق من “نشر الاتحاد السوفييتي للأفكار الشيوعية حول العالم”، أي مجابهة الأفكار بالسلاح، وادعى الحلف في معاهدتِهِ إنه “دِفاعِي” (ضد الأفكار الشيوعية)، وإنه يرمي إلى اعتبار “أي اعتداء مسلح ضد دولة أو أكثر في أوروبا أو أميركا الشمالية سيعتبر اعتداء ضد الدول جميعا، ويستوجب الرد الضروري، بما في ذلك العمل العسكري، وانضمت دول عديدة إلى الحلف بعد تأسيسه، ليصبح العدد الحالي للأعضاء تسعة وعشرين، ومقره “بروكسل”، عاصمة بلجيكا…

لم يتأسس حلف “وارسو” سوى بعد ست سنوات، في الرابع عشر من أيار/مايو 1955، بعد تعدد الإستفزازات الأمريكية، واستعراض القُوة في جنوب آسيا (فيتنام) وبعد حرب كوريا وتقسيمها (1953)، وضم حلف وارسو ثماني دول، هي الإتحاد السوفييتي وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، وبولندا وألمانيا الشرقية ورومانيا وألبانيا…

كانت ترسانة الولايات المتحدة تحتوي على أكثر من 25 ألف رأس نَوَوِي، وكانت حليفتها بريطانيا تمتلك 210، سنة 1961، عندما فشلت الولايات المتحدة في غزو كوبا، فيما كان للإتحاد السوفييتي، الذي دعم كوبا آنذاك، حوالي 3350 رأس نووي…  

 

حلف شمال الأطلسي بعد انهيار الإتحاد السوفييتي:

خَطّطت الولايات المتحدة منذ بداية ثمانينات القرن العشرين للهيمنة على العالم بالقُوّة، ولخلق بُؤَر التّوتّر داخل أوروبا الشرقية والإتحاد السوفييتي، أو ما كان يُسمّى “الكتلة الإشتراكية”، وجر الإتحاد السوفييتي لزيادة التسلح (بدأت العملية قبل ذلك بسنوات عديدة) ولحروب جانبية عديدة، في المستعمرات البرتغالية في إفريقيا، وفي آسيا وفي أمريكا الجنوبية، وزادت أمريكا وتوابعها من الدّعم الإعلامي والمالي والمادي (إذاعات سرِّية ووسائل اتصال، وطباعة كُتُب وتمويل…) لأكثر “المُنْشَقِّين” رجعيّةً وصهيونية (سولجنتسين أو تشارتشنسكي)، بدعم من السّلطة الدينية (الكنيسة )، لعبت السعودية ومَشْيَخات الخليج دَوْرًا هامًّا، من خلال إغراق الأسواق بالنفط (المورد الأول للعملات الأجنبية في الإتحاد السوفييتي)، ومن خلال الدّعاية، ونشر “الكُتُب الصّفْراء” (التي تُرَوِّجُ الخرافات والكذب ) وإحياء تيار الإخوان المسلمين في كافة الدول العربية وفي دول آسيا “الإسلامية”، ثم من خلال إرسال الإرهابيين والسلاح والمال إلى أفغانستان، التي غَزَتْها القوات السوفييتية، بدعوة من حكومتها آنذاك… كانت مجمل هذه العوامل، بالإضافة إلى العوامل الدّاخلية، من أسباب انهيار “جدار برلين” في بداية تشرين الثاني/نوفمبر 1989، وتفكيك حلف وارسو في تموز/يوليو 1991، وانهيار الإتحاد السوفييتي رسميا في كانون الأول/ديسمبر 1991، وتقسيمه إلى 15 دولة، وأدّى انهيار الإتحاد السوفييتي إلى أزمة اقتصادية عميقة في روسيا (الإتحاد الرّوسي) خلال حُكْم “بوريس يلتسين”، عميل الولايات المتحدة و”الغرب”…

في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1991، اجتمع في روما، رؤساء دول وحكومات دول الحلف الأطلسي (الستة عشر)، لإقرار ما سُمِّيَ “المفهوم الإستراتيجي الجديد للحلف”، لِيسْقُط ادّعاء مواجهة الإتحاد السوفييتي، ولتَظْهَر نوايا الهيمنة المُطلقة، لدى الولايات المتحدة، من خلال العدوان على العراق في بداية سنة 1991، والعدوان (الأول سنة 1992 ثم الثاني سنة 1999) على يوغسلافيا، واحتلال الصومال، واعتبرت وزارة الحرب الأمريكية العدوان على العراق “الحدث المُؤسِّس لهيمنة الولايات المتحدة على العالم… عبر حملة القصف الأضْخَم والأكْثَرَ كثافَةً في التاريخ “، واستخدمت الولايات المتحدة، لقَصْف العراق طيلة 43 يوما، من 17 كانون الثاني/يناير إلى 28 شباط/فبراير سنة 1991، قواعدها وقواعد حلف شمال الأطلسي في إيطاليا واليونان وألمانيا وتركيا، بمشاركة نصف مليون جندي، و 2800 طائرة، ألْقَت 250 ألف صاروخ وقنبلة، من بينها القنابل الإنشطارية (عشرة ملايين قنبلة صغيرة داخلها) وقنابل اليورنيوم المُنَضّب، وأطلقت المُدرعات مليون قديفة تحتوي الفوسفور الأبيض، وشاركت في قصف العراق (إلى جانب الجيش الأمريكي) الجيوش الجوية والبحرية لكندا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا والدنمارك والنرويج وإيطاليا واليونان وإسبانيا والبرتغال، بالإضافة إلى توابع أمريكا من مصر والسعودية وغيرها…

دَرَسَ الباحثون والخُبراء والمُسْتشارون الحكوميون الأمريكيون نتائج العدوان على العراق، من كافة جوانبه، وأصدر البيت الأبيض في آب/أغسطس 1991، وثيقة بعنوان: “استراتيجية الأمْن القومي الأمريكي”، واستنتج مُعِدُّو الوثيقة: “إن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بقوة ذات نطاق عالمي، وبتأثير هام على نطاق عالمي، في المجالات العسكرية والسياسية والإقتصادية، ولا يمكن لأي قُوة أن تدعي إنها بديلة، أو حتى مُنافِسَة، لقيادة العالم…إنها بداية عَصْرٍ جديدٍ، عصر القيادة الأمريكية المُطلقة للعالم…”، ووَرَد في وثيقة لاحِقَة صادِرَة عن وزارة الحرب الأمريكية، في شباط/فبراير 1992: ” يتمثّل هدفنا الأساسي في منع ظهور أي منافس جديد، في منطقة نفوذ الاتحاد السوفييتي السابق أو في أي مكان آخر من العالم، لأن كل مناطق العالم تُعْتَبَرُ حَسَّاسَةً لِأَمْنِ الولايات المتحدة، سواء كانت أوروبا أو شرق آسيا أو الشرق الأوسط، أو جنوب غرب آسيا وأراضي الاتحاد السوفيتي السابق… كما لدينا رهانات خاصة للهيمنة على منطقة أمريكا الجنوبية وأوقيانوسيا وأفريقيا جنوب الصحراء “، أي إن كل مناطق العالم “حسّاسة للأمن القومي الأمريكي”، وبذلك، وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي، دعمت الولايات المتحدة نفوذها داخل المجموعة الأوروبية، التي أصبحت تُسمّى “الإتحاد الأوروبي”، من خلال الهيمنة على عشر دول من أوروبا الشرقية، دخلت حلف شمال الأطلسي، بين 1999 و 2004، قبل أن تفرض الولايات المتحدة انتماء سبعة من عشر دول إلى الإتحاد الأوروبي، بين 2004 و 2007، رغم عدم توفر الشروط، بهدف عزل الدّول المُؤسسة، وبالأخص فرنسا وألمانيا وإيطاليا، لتُهَيْمِن الولايات المتحدة على كافة قرارات الإتحاد الأوروبي، وعرقلة بروزه كقوة مُستقلة (إن توفّرت الإرادة لدى ألمانيا وفرنسا وغيرها)، قبل أن تُنْشِئ الولايات المتحدة قواعد عسكرية في دُويلات بحر البلطيق التي كانت تابعة للإتحاد السوفييتي السابق، مما يجعل القوات الأمريكية تُهَدّد روسيا، على حدودها…

 

من مقومات الهيمنة الأمريكية:

إن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي لها وجود عسكري على نطاق عالمي، في كافة قارّات ومناطق العالم، عبر نحو 800 قاعدة عسكرية هامّة، وعبر أكثر من 4800 قاعدة صغيرة ومنشآت عسكرية أخرى، ويمتلك الجيش الأمريكي نحو 560 ألف مبنى ومنشآت وبُنَى تحتية (سكك حديدية ومطارات وموانئ بحرية وخطوط أنابيب النفط…)، وتعترف وثائق وزارة الحرب (بنتاغون) بوجود حوالي 800 قاعدة في أكثر من 70 دولة، وخاصة في المناطق القريبة من روسيا والصين، بالإضافة إلى العديد من المنشآت الأخرى، غَيْر المُعْلَنَة، لأنها سِرِّيّة تُستخدم لتنفيذ الإنقلابات وإثارة الإضطرابات في الدول التي تستهدفها الولايات المتحدة، كروسيا والصين وكوريا الجنوبية وإيران وسوريا وكويا وفنزويلا وغيرها، وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي، أصبح حلف شمال الأطلسي أداة أمريكية لإدامة نفوذها العالمي، بالإضافة إلى مؤسسات التجسس العديدة، وجُيُوش الهيمنة الناعمة، والمتمثلة في المنظمات المَوْصُوفَة ب”الإنسانية” أو “الخَيْرِيّة” أو “غير الحكومية”، بذريعة مُساعدة مِلْيارَيْ جائع في العالم (جراء الهيمنة الإمبريالية، وشُرُوط صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي)…

 

عودة إلىسباق التّسلّح“:

ترفُضُ الولايات المتحدة “عالمًا مُتعدّد الأقطاب”، مثلما تطرحه الصين وروسيا، لأن ذلك من شأنه تقويض الهيمنة التي بَنَتْها أمريكا، عبر الحُرُوب التي ذهب ضَحِيّتَها، بين سنَتَيْ 1945 و 2017، قرابة ثلاثين مليون إنسان، بشكل مُباشر، بالإضافة إلى “التأثيرات الجانبية” التي ذهب ضحيتها (بشكل غير مباشر) عشرات (وربما مئات) الملايين من البشر، وعَبّرت الحُكومات الأمريكية المُتعاقِبَة عن استعدادها لِقَتْل عشرات الملايين من الفُقَراء للمحافظة على موقعها المُهَيْمِن على العالم، واستئثارها بثروات العالم، وبالمواقع الإستراتيجية وهيمنتها على الأمم المتحدة ومؤسسات “بريتن وودز”، وعلى النظام المصرفي العالمي، والتحويلات المالية العالمية، وعلى المبادلات التجارية العالمية التي تُقَوَّمُ بالدّولار (وكذلك المواد الأولية والمَعادِن)، وعندما يَظْهَر مُنافِسٌ مثل الصِّين، تلجأ الولايات المتحدة إلى سياسة العُقوبات والحصار والحَظْر، بالإضافة إلى التهديد العسكري، عبر تحريك قواتها المتواجدة في مئات القواعد العسكرية، مما اضطر الصين وروسيا إلى زيادة الإنفاق العسكري، وضغطت الولايات المتحدة، من جهة أخرى، على أعضاء الحلف الأطلسي وعلى الأُسَر الحاكنة في الخليج، لزيادة الإنفاق العسكري، وشراء المزيد من الأسلحة الأمريكية، وأدّت هذه العوامل إلى ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي بنسبة 76%، خلال عشرين سنة، إلى 1,8 تريليون دولار، سنة 2018، بما يعادل 3,5 ملايين دولارا من الإنفاق العسكري، كل دقيقة، في العالم، وفق تقرير معهد ستوكهولم الدّولي لأبحاث السلام (سيبري) يوم 29/04/2019، وتحتل الولايات المتحدة صدارة ترتيب الإنفاق على السلاح (ميزانية الحرب) بحوالي 650 مليار دولارا مُعْلَنَة، سنة 2018، بالإضافة إلى الميزانيات السّرّيّة للقوات الخاصة، والمخابرات، وعمليات التّخريب في فنزويلا وكوبا وإيران وكوريا الشمالية وروسيا وإيران وسوريا والعراق وأفغانستان وغيرها، ويُقدّر الحجم الحقيقي لميزانية الحرب الأمريكية لسنة 2018 بنحو تريليون دولار (مقابل 175 مليار دولارا في الصين و 61 مليار دولارا في روسيا، سنة 2018)، أو ما يُعادل ثلاثة آلاف دولار لكل أمريكي، مما يجعل الإنفاق العسكري سببًا رئيسيا في تعميق العجز المُزْمِن في ميزانية الولايات المتحدة، التي بلغت 22 تريليون دولارا سنة 2018…

عملت الولايات المتحدة على نشر قوات الحلف الأطلسي على حدود روسيا والصين، أما في المنطقة المُسمّاة “غرب آسيا”، فإن الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، تعمل على مُحاصرة إيران، ولها قواعد عسكرية وجنود وفِرَق مُرْتزقة، بالإضافة إلى المجموعات الإرهابية، في العراق وسوريا واليمن، ولها قواعد في دُويلات الخليج، ولها “خُبَراء” ومُستشارين عسكريين في اليمن وفي ليبيا، حيث دعم الإتحاد الإفريقي “التعاون” العسكري مع امريكا، عبر القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا (أفريكوم)… في أمريكا الجنوبية التي تعتبرها الولايات المتحدة “باحَتَها الخَلْفِيّة”، دعمت أمريكا القوى الأكثر رجعية في البرازيل والأرجنتين وكولومبيا وبيرو وتشيلي وإكوادور وغيرها، ولعبت القواعد الأمريكية في كولومبيا دورًا تخريبيّا هاما ضد نظام الحُكْم الحالي في فنزويلا، عبر “الإتفاقية الأمنية” (مع نظام كولومبيا)، ويشارك حلف شمال الأطلسي في زعزعة نظام الحُكْم في فنزويلا…

 

ابتزاز على طريقةالمافيا“:

تتعامل حكومة الولايات المتحدة مع “حُلَفائها” كما عصابات الإجرام المُنَظّم (المافيا) التي تَفْرِض “حماية مقابل فِدْيَة”، وسبق أن طَبّقت الولايات المتحدة هذه “القاعدة” مع دُوَيْلات الخليج، واستخدم الرئيس “دونالد ترامب” لهجة التّهديد، ليأمر “الدول الغنية التي نَحْمِيها بتسديد ثمن الحماية”، ونشرت بعض المواقع الأمريكية اعتزام الإدارة الأمريكية إجبار الدول الحليفة التي تستضيف القوات الأمريكية على أراضيها تغطية التكلفة الكاملة للجيش الأمريكي، بالإضافة إلى نحو 50% تُسَدّد للولايات المتحدةن لقاء الحماية”، وتنص الخطة الأمريكية على تسديد الدول المستضيفة للقواعد العسكرية الأمريكية رواتب الجيش الأمريكي وتكاليف إدارة وصيانة السلاح والعتاد، والطائرات والسفن الحربية، وتحتضن ألمانيا وإيطاليا قواعد ضخمة، لذا يتعين على إيطاليا مثلاً، تسديد رواتب حوالي 12 ألف عسكري وضابط أمريكي، مُقيمين بشكل دائم، مع تكاليف إدارة وصيانة الطائرات المُقاتلة، في قواعد “أفيانو” و”سيغونيلا”، ورواتب وتكاليف إقامة عساكر وعتاد الأسطول السادس، ومقره في “غيتا”، وتكاليف إدارة معسكر “داربي”، الذي يضم أكبر ترسانة أمريكية خارج الولايات المتحدة، وصيانة القنابل النووية الأمريكية المخزنة في “أفيانو” و”غيدي”، وقدّرت الصحف الأوروبية تكاليف القواعد الأمريكية بنحو 2,5 مليار دولارا، لكن هذه البيانات تعود إلى سنة 2002، لأن النفقات العسكرية تعتبر أسرارًا، لا تُنْشَر، وكانت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي تُسَدّد نسبة 34% (في المُتوسّط) من تكاليف “استضافة” القوات والقواعد الأمريكية على أراضيها، ويتوقع أن ترتفع نفقات الحكومات الأوروبية على القواعد الأمريكية، بنحو 600%، وقد تصل النفقات العسكرية لإيطاليا إلى مائة مليون يورو، كل يوم، من المال العام، لتغطية نفقات القوات والقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة على أراضيها… 

 

 


قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.