الحروب ألأربع … الحرب العالمية الثانية … الحرب الباردة … الحرب على الإرهاب… حرب الإنابة ” حرب الخلايا النائمة ” / د. حسين عمر توقه
د. حسين عمر توقه* ( الأردن ) السبت 11/5/2019 م …
باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمن القومي … *
الجزء الأول :-
المقدمة :
إن أخطر أنواع هذه الحروب هي الحرب الرابعة أو ما تعارف على تسميته بحرب الإنابة أو حرب الخلايا النائمة وهي الحرب الطاحنة التي لم تبق ولم تذر والتي إجتاحت العالم العربي والإسلامي منذ اللحظة الأولى التي قام فيها طارق الطيب محمد البوعزيزي في تونس بإضرام النار في نفسه يوم الجمعة الموافق 17/12/2010 أمام مقر ولايته سيدي بو زيد إحتجاجا على قيام شرطية بمصادرة عربته التي كان يبيع عليها الفواكه والخضار بعد صفعها له . وكان السبب في إنتشار ثورات الشعوب كالنار في الهشيم في معظم الدول العربية منها من تم تدميره ومنها من ينتظر دوره ولا أحد يدري من عدوه أو من صديقه . ولا أحد يدري تكلفة الدمار للبنى التحتية للمدن العربية ولا عدد القتلى ولا عدد المهجرين الذين تم إقتلاعهم من قراهم ومن مدنهم . وما هو مصير الجيل الجديد الذي ترعرع على صوت المدافع والقصف والموت وتجرع المأساة وفقد كل شيء في بداية الحياة .
سوف نحاول من خلال هذا البحث التوصل إلى أجيال الحروب ألأربعة المختلفة حيث قام أصحاب السياسة والفكر الإستراتيجي بتصنيف الجيل الأول من هذه الحروب انها الحرب التي ابتدأت بقيام قوات الإمبراطورية اليابانية بالهجوم على ميناء بيرل هاربر . وانتهت باستسلام دول المحور وهي ما تعارف على تسميته بالحرب العالمية الأولى .
أما الجيل الثاني من الحروب فقد تمت تسميته بالحرب الباردة التي شهدت انقسام العالم إلى معسكرين رئيسيين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي أي المعسكر الشيوعي والمعسكر الرأسمالي وإنتهاء هذه الحرب بإنهيار الإتحاد السوفياتي .
أما الجيل الثالث من الحروب فقد تمت تسميته بالحرب على الإرهاب والتي انطلقت شرارتها بتاريخ 11/9/ 2000 بحادثة تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وما صاحبه من هجوم على كل من أفغانستان والعراق في إطار قرارات الأمم المتحدة وقيام الولايات المتحدة بخوض غمار هذه الحرب من تألف لقوى وجيوش العديد من دول العالم
أما الحرب الرابعة فلقد بدأت حين قررت الولايات المتحدة بعد خسائرها الفادحة في الأرواح والمال والعتاد أن تقوم بزرع ميليشيات دينية وتنظيمات إرهابية بإعتبارها خلايا نائمة تقوم بتغذيتها فكريا وعقائديا وماديا ثم تبدأ بإيقاظها حسب مخططات عقائدية دينية سياسية من أجل إشعال حرب أهلية بين الأنظمة العربية السائدة وبين هذه المجموعات والميليشيات كما هو حادث حاليا في معظم أنحاء العالم العربي .
1: الجيل الأول .
لقد ابتدأ الجيل الأول لهذه الحروب منذ الساعات الأولى لهجوم القوات اليابانية على بيرل هاربر بتاريخ 7/12/1941 وفي اليوم التالي طالب الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت الكونغرس الأمريكي بالموافقة على دخول الولايات المتحدة الحرب بجانب الحلفاء . ولقد بلغ تعداد قائمة الدول التي شاركت في الحرب 117 دولة . 59 دولة شاركت بشكل مباشر من خلال جيوشها النظامية في القتال الفعلي . منها 50 دولة في جانب الحلفاء 17 دولة خاضت المعارك الحربية . ومنها 9 دول في جانب المحور 7 دول منها خاضت المعارك الحربية . أما بقية الدول فلقد شاركت بشكل غير مباشر إما من خلال إرسال جنود للقتال في صفوف أحد الطرفين دون إعلان الحرب على الطرف الآخر أو السماح بإستغلال أراضيها لصالح أحد الأطراف . ولقد شهدت الحرب العالمية نهايتها في أوروبا بتاريخ 7/5/1945 حين تم التوقيع على وثيقة الإستسلام الألماني ولقد بلغت الحرب ذروتها مع اليابانيين بتاريخ 6/8/1945 بإطلاق السلاح النووي من القاذفات الأمريكية على مدينة هيروشيما ثم تلاها إطلاق قنبلة نووية ثانية على ناغازاكي بتاريخ 9/8/1945 وبعد ستة أيام من تفجير القنبلة النووية على مدينة ناغازاكي أي بتاريخ 15/8/19435 أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء وتم توقيع وثيقة الإستسلام بتاريخ 2/9/1945 ولقد تسببت القنبلة النووية على هيروشيا بمقتل 140 ألف شخص ومقتل 80 ألف شخص في مدينة ناغازاكي ولقد توفي في نهاية عام 1945 ما يزيد على 110 ألف شخص متأثرين بالجروح والحروق الإشعاعية . ويقدر الخبراء ضحايا الحرب العالمية الثانية بأنها أكثر من 50 مليون قتيل بينما تشير بعض الدراسات لبعض الباحثين إلى وقوع 62 مليون قتيل مما يجعل الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات العسكرية دموية على مر التاريخ .
2: الجيل الثاني .
من الصعب جدا تحديد الفترة الزمنية الفاصلة بين أجيال الحروب ولا يوجد حد فاصل بينها فقد تتداخل الأحداث مع بعضها البعض وتمتد لفترة زمنية غير واضحة المعالم وهو ما حدث فعلا بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وما تبعها من بروز خلافات بين الحلفاء وظهور سياسات مختلفة وانقسامات من أجل الحصول على أكبر قدر من المكتسبات وهو ما تعارف على تسميته بالحرب الباردة حيث ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي في ظل غياب حرب معلنة أو مباشرة بينهما . رغم أن هذه الفترة قد شهدت حروبا مدمرة في أجزاء مختلفة من العالم مثل الحرب الأهلية الكورية التي استمرت منذ عام 1950 حتى عام 1953 والحرب الفيتنامية التي بدأت منذ عام 1965 بإرسال قوات عسكرية وشن غارات جوية على فيتنام الشمالية من قبل الولايات المتحدة وانتهت عام 1975 بإتحاد فيتنام الشمالية والجنوبية وإنتهاء الغزو الأمريكي . وقمع الثورة المجرية عام 1956 من قبل الإتحاد السوفياتي وفي عام 1968 قامت قوات حلف وارسو بإقتحام تشيكوسلوفاكيا لقمع ثورة ربيع براغ . وقيام الإتحاد السوفياتي بالتدخل العسكري في أفغانستان عام 1979 حتى عام 1989 . إلا أن الكثيرين من المخططين الإستراتيجيين في الولايات المتحدة قد اتفقوا على تحديد فترة الحرب الباردة اعتبارا من نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وإنتهاء بإنهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991 .
لقد شهد الجيل الثاني من الحروب تقسيم العالم إلى معسكرين شرقي وغربي واستطاع الإتحاد السوفياتي ضم جمهوريات ومناطق جديدة تحت كنفه حيث أصبح الإتحاد السوفياتي يضم ست عشرة دولة اتحادية عام 1956 .
كما شهد العالم خلال هذه الحقبة ظهور الأحلاف العسكرية والتجمعات السياسية المختلفة ومن أبرز هذه الأحلاف وأقدمها معاهدة المساعدة المتبادلة
بين الدول الأمريكية والمعروفة بإسم ( الريو ) وتم توقيع هذه المعاهدة عام 1947 في ريو دي جانيرو في البرازيل ومن ثم معاهدة جنوب شرق آسيا ( حلف السيتو ) وتم التوقيع عليها عام 1954 من قبل الولايات المتحدة ونيوزيلندا وبريطانيا وفرنسا والباكستان وتايلاند والفلبين وهدف هذا الحلف هو الوقوف في وجه المد الشيوعي في جنوب شرق آسيا وجنوب غرب المحيط الهادى وفي عام 1955 تم توقيع حلف بغداد من قبل كل من العراق وتركيا وبريطانيا والباكستان وإيران ودخلت الولايات المتحدة الحلف كمراقب ولقد انسحب العراق من الحلف إبان إعلان الثورة بتاريخ 14 /7/ 1958 ومع إندلاع الثورة الإسلامية في إيران تم حل الحلف عام 1979 .
إن ما يهمنا هنا هو استعراض ثلاثة من أهم التحالفات التي برزت وطفت على سطح الأحداث العسكرية والسياسية عبر الجيل الثاني للحروب
1: حلف شمال الأطلسي .
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية قامت الولايات المتحدة بتقديم الكثير من المساعدات للدول الأوروبية من أجل مساعدتها في مواجهة الآثار الإقتصادية التي ترتبت على هذه الدول نتيجة الحرب العالمية الثانية لا سيما من النواحي الإقتصادية ولكن هذه المساعدت لم تكن كافية في مواجهة المد الشيوعي المتعاظم لا سيما من النواحي العسكرية وعليه فلقد تم توقيع معاهدة شمال الأطلسي بتاريخ 4/4/1949 في واشنطن وتم اختيار مدينة بروكسل عاصمة بلجيكا لتكون مقرا للحلف . ولقد تم إنشاء هذا الحلف من أجل مجابهة التوسع العسكري في قدرات القوات السوفياتية وتوحدها مع دول شرق أوروبا ويتمثل الهدف الرئيس لحلف شمال الأطلسي في حماية حرية وأمن الدول الأعضاء ومجابهة أي تهديدات أمنية لهم من خلال الوسائل السياسية والعسكرية بالإضافة إلى حماية دول العالم بشكل عام وحفظ الأمن والإستقرار ويدعم الحلف الأطلسي القيم الديمقراطية ويشجع الوسائل السياسية والطرق السلمية في حل القضايا التي تواجه الحلف وفي حال فشل الحلف بحل النزاعات بالطرق السلمية والجهود الدبلوماسية فإنه يلجأ إلى الوسائل العسكرية بموجب تفويض من الأمم المتحدة أو في إطار منفرد أو بالتعاون مع دول أو منظمات دولية أخرى . وقد تم التوقيع على هذه المعاهدة من قبل 12 دولة وازداد العد إلى 16 دولة عام 1952 واستمر الإزدياد حت بلغ العدد إلى 28 دولة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي .
2: حلف وارسو .
معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المشتركين ( حلف وارسو ) هو منظمة عسكرية سابقة لدول أوروبا الوسطى والشرقية الشيوعية والإتحاد السوفياتي بإستثناء الدولة الشيوعية الوحيدة التي لم تنضم لهذا الحلف وهي يوغوسلافيا . أسست هذه المنظمة عام 1955 لمواجهة التهديدات الناجمة عن أعضاء حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وكرد فعل مباشر لإنضمام ألمانيا الغربية إلى حلف الأطلسي . وتنص المعاهدة على أهمية التعاون المشترك بين دول الحلف دون التدخل في أي من الشؤون الداخلية لدولة من دول الحلف واحترام سيادتها واستقلالها رغم أنه تم خرق هذا النص أكثر من مرة في الثورة المجرية وربيع براغ ولقد انسحبت ألبانيا من الحلف بعد وقوع الخلاف بين الصين والإتحاد السوفياتي وانضمت رسميا عام 1968 إلى النظام الشيوعي الصيني وتم حل الحلف رسميا في شهر يوليو 1991 بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي .
3: حركة عدم الإنحياز
تعتبر حركة عدم الإنحياز واحدة من نتائج الحرب العالمية الثانية ونتيجة مباشرة للحرب الباردة التي تصاعدت بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي . ولقد تأسست حركة عدم الإنحياز من 29 دولة وهي التي حضرت مؤتمر باندونغ عام 1955 وهي نتاج عملي لنظريات ومبادىء ثلاثة من زعماء العالم في تلك الحقبة هم رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو والرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس اليوغوسلافي جوزيف بروز تيتو وفي عام 1961 في العاصمة اليوغوسلافية تم إلإتفاق على إنشاء حركة عدم الإنحياز على شكل منظمة تجتمع سنويا ولقد شهدت تلك الحقبة إنهيار النظام الإستعماري ونضال شعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من أجل الإستقلال والحفاظ على السلم والأمن الدولي ومن الجدير بالذكر أن عدد أعضاء حركة عدم الإنحياز عام 2012 قد وصل إلى 118 دولة .
أبرز ملامح الجيل الثاني من الحروب :
لقد بلغت ذروة هذه الحرب الباردة إبان أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا وبلغت مراحلها النهائية في السباق المحموم في حرب النجوم والذي خصص من أجله الرئيس الأمريكي رونالد ريغان مبلغ 26 مليار دولار . في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البشرية التي شهدت سباقا مجنونا في مجال التسلح النووي والحصول على أكبر قدر ممكن من الرؤوس النووية ففي عام 1987 على سبيل المثال بلغ تعداد الصواريخ السوفياتية العابرة للقارات 1398 صاروخ وبلغ عدد الصواريخ البعيدة المدى 520 صاروخ وعدد الصواريخ التي تطلق من الغواصات السوفياتية 982 صاروخ وبالمقابل فلقد بلغ عدد الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات 1045 صاروخا تحمل 2145 رأسا نوويا بالإضافة 641 صاروخ تطلق من القواعد البحرية وتحمل 6656 رأسا نوويا بإلإضافة إلى 260 صاروخ يتم إطلاقها من الطائرات القاذفة وتحمل 4080 رأس نووي . لقد كان السيناريو القائم أنه يمكن مهاجمة الولايات المتحدة من الإتحاد السوفياتي ودول حلف وارسو ومن الطائرات والغواصات والقواعد المختلفة في العالم بواسطة الصواريخ الإستراتيجية الحاملة للرؤوس النووية . وسوف تقوم الولايات المتحدة خلال دقائق بمحاولة التصدي ومنع الصواريخ السوفياتية من وصول الأراضي الأمريكية والمدن الأمريكية بواسطة شبكات الدفاع الجوي الإستراتيجي والعمل على تدمير باقي الصواريخ في قواعدها قبل الإنطلاق .
من هنا انطلق مفهوم الضربة الأولى أي أن تكون إحدى الدول هي البادئة بالهجوم النووي وأن رد الدولة الثانية هو ما يعرف بالضربة الإنتقامية . فلو افترضنا أن الإتحاد السوفياتي قد تمكن فعلا من إطلاق صواريخه وتمكن بعض من هذه الصواريخ من الوصول إلى كل من نيويورك ولوس أنجيلوس وهيوستون فإن عدد الضحايا لهذه الضربة الأولى سوف يصل إلى 15 مليون نسمة قد يرتفع إلى 20 مليون في اللحظات الأولى . ولكن الضربة الإنتقامية التي تكون القيادة العليا في الولايات المتحدة قد أطلقتها تكون قد دمرت أربع مدن سوفياتية وقتلت ما يزيد على 25 مليون نسمة وقد يرتفع العدد إلى 30مليون نسمة خلال اللحظات الأولى .
من هنا برز لدى القادة في المعسكرين الشرقي والغربي المفهوم الإستراتيجي الدمار الكلي المؤكد والمتبادل
(MAD) MUTUAL ASSURED DESTRUCTION
وتم استخدام السلاح النووي في مجال الردع ولم يتم استخدامه فعلا في أي من المواجهات العسكرية وبقيت السابقة الأمريكية في قصف هيروشيما وناغازاكي السابقة الوحيدة في تاريخ العالم في إستخدام الأسلحة النووية .
ولعل أخطر الأحداث التي شهدتها هذه الفترة هي أزمة حصار برلين وأزمة السويس وحرب 1967 بين الدول العربية وإسرائيل ولكن أخطر هذه الأحداث ما عرف بأزمة الصواريخ الكوبية والتي كادت أن توقع مواجهة حربية مباشرة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي نتيجة التقارب والتحالف بين كل من كوبا وبين الإتحاد السوفياتي فلقد شرعت الحكومتان ببناء قواعد سرية لعدد من الصواريخ النووية متوسطة المدى (IRBMs / MRBMs) في كوبا والتي تعطي الإتحاد السوفياتي الإمكانية في تهديد وضرب معظم أراضي الولايات المتحدة . وقد جاء هذا العمل نتيجة قيام الولايات المتحدة بنشر صواريخ ثور (IRBM) في بريطانيا عام 1958 ونشر صواريخ جو بيتر ( IRBM ) في إيطاليا وتركيا عام 1961 مما يعطيها القدرة الإستراتيجية على ضرب موسكو بأكثر من 100 صاروخ تحمل رؤوس نووية . بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة بعدة عمليات فاشلة من أجل إسقاط النظام الكوبي مثل عملية خليج الخنازير وعملية النمس . ولقد بدأت أزمة الصواريخ تتفاقم وبلغت ذروتها بتاريخ 14/10/1962 عندما أظهرت صور الإستطلاع الملتقطة من طائرة التجسس الأمريكية لوكهيد يو -2 عن وجود قواعد صواريخ سوفياية تحت الإنشاء في كوبا . ولقد فكرت الولايات المتحدة في مهاجمة كوبا عن طريق الجو والبحر . ثم استقر الرأي بعمل حظر عسكري عليها وأعلنت الولايات المتحدة بأنها لن تسمح بتسليم أسلحة هجومية إلى كوبا وطالبت الإتحاد السوفياتي بتفكيك أي قواعد صواريخ مبنية أو تحت الإنشاء في كوبا .
ولقد انتهت الأزمة بتاريخ 28/10/1962 عندما توصل الرئيس الأمريكي جون كنيدي وأمين عام الأمم المتحدة يو ثانت إلى إتفاق مع رئيس المجلس الأعلى للإتحاد السوفياتي نيكيتا خروتشوف لإزالة قواعد الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص بشكل سري من الصواريخ الباليستيكية من نوع جوبيتر ( PGM-19 Jupiter ) وصواريخ من نوع ثور ( PGM-17 Thor )
وانتهت هذه المرحلة عام 1991 بإنهيار الإتحاد السوفياتي وتفتيته وتقسيمه إلى جمهوريات .
3: الجيل الثالث .
وهو ما تعارف على تسميته بالحرب على الإرهاب حيث شهدت هذه المرحلة استراتيجية عسكرية جديدة تستند على قرارات مجلس الأمن وموافقة الأمم المتحدة على تشكيل إئتلاف من جيوش الدول المختلفة وشن هجمات عسكرية بدءا بشن الهجوم على الجيش العراقي بهدف تحرير الكويت وتبعه بالغزو الأمريكي لأفغانستان بهدف القضاء على نظام طالبان والقاعدة وأتبعه بإحتلال العراق وإنهاء نظام الرئيس صدام حسين.
وكما ذكرنا في السابق فإنه لا يمكن تحديد البدايات لكل جيل من الحروب لا سيما وأن الجيل الثالث قد شهد في صبيحة 4/8/1990 قيام القوات العراقية بإجتياح الكويت وإحتلالها عسكريا وبتاريخ 9/8/1990 أعلنت الحكومة العراقية عن ضم الكويت بإعتبارها المحافظة 19 من محافظات العراق . وبعد إحتلال لمدة سبعة أشهر قامت الولايات المتحدة عن طريق الأمم المتحدة وبالذات عن طريق مجلس الأمن الدولي بإصدار سلسلة من القرارات رقم 660 يطالب العراق بالإنسحاب من الكويت وقرار رقم 661 بفرض عقوبات اقتصادية شاملة على العراق وقرار رقم 678 الذي يتيح استخدام القوة ضد العراق إذا لم تنسحب القوات العراقية خلال 15 يوما من الكويت .بتاريخ 17/1/1991 بدأت قوات التحالف المكونة من 35 دولة بقيادة الولايات المتحدة منها 9 دول عربية تحت غطاء الأمم المتحدة حيث تركز الهجوم البري والجوي على الكويت والعراق وأجزاء من المناطق الحدودية مع السعودية . وقامت القوات العراقية بالرد عن طريق إطلاق عدد من الصواريخ على إسرائيل والعاصمة السعودية الرياض وبتاريخ 26/2/1991 بدأ الجيش العراقي بالإنسحاب بعد أن أشعل النار في حقول النفط الكويتية وتشكل خط طويل من الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود على طول المعبر الرئيسي بين العراق والكويت وقامت قوات التحالف بقصف القطاعات العسكرية العراقية المنسحبة مما أدى إلى تدمير ما يزيد على 1500 عربة عسكرية . وبتاريخ 27/2/1991 أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عن تحرير الكويت وهزيمة الجيش العراقي وبتاريخ 28/2/1991 تم الإعلان عن وقف الحرب وهي التي عرفت تحت اسم حرب الخليج الثانية .
إستيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان:
لقد بدأت الحرب الأهلية الأفغانية عام 1989 بعد انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان بعد إحتلال دام عشرة أعوام من عام 1979 حتى عام 1989 وخلال هذه الفترة التي شهدت إنتهاء حكم نجيب الله وبداية رئاسة برهان الدين رباني عام 1992 شهدت أفغانستان بدء المعارك المسلحة بين شاه مسعود والجنرال دوستم . وفي عام 1994 ظهرت الخلية الأولى لحركة طالبان وقام طلاب المدارس الدينية بمبايعة الملا محمد عمر أميرا لهم وبتاريخ 5/11/1994 شهدت أفغانستان أقسى المعارك الأهلية بين مختلف التشكيلات والتنظيمات حتى تمكنت في نهاية المطاف طالبان من الإستيلاء على الحكم بتاريخ 25/5/1997 وكانت الباكستان أولى الدول التي تعترف بحكومة طالبان .
لقد عاش أسامة بن لادن في أفغانستان مع أعضاء آخرين من تنظيم القاعدة وأقاموا معسكرات تدريب لأعضاء القاعدة بالتحالف مع طالبان .
بتاريخ 26/2/1993 تم تفجير سيارة مفخخة في كراج بناية مركز التجارة العالمي في نيويورك وأسفر هذا الإنفجار عن مقتل 6 أشخاص وإصابة المئات من الأشخاص وحسب تصريحات وكالة المخابرات الأمريكية فإن الذي قام بتنفيذ هذه العملية هو المواطن الكويتي رمزي يوسف من أصول باكستانية والذي دخل الولايات المتحدة بجواز سفر عراقي وهو ابن أخ خالد
شيخ محمد أحد قيادييي منظمة القاعدة والذي تم القبض عليه في الباكستان عام 2003 . وحسب نفس المصدر فإن رمزي يوسف قد تعاون مع الأمريكي من أصول عراقية عبد الرحمن ياسين لوضع السيارة المفخخة في كراج مركز التجارة العالمي في نيويورك وكانت تحمل ما زنته 600 كغم من مادة تي إن تي حيث انفجرت في تمام الساعة 12:17 ظهرا بتوقيت نيو يورك وتمكن يوسف رمزي من الهرب إلى الباكستان بعد ساعات من العملية وتم إلقاء القبض عليه بتاريخ 7/2/1995 وحكم عليه بالسجن المؤبد من قبل محكمة امريكية وهو حاليا في أحد سجون ولاية كولورادو أما بالنسبة إلى عبد الرحمن ياسين فهو من مواليد الولايات المتحدة لأبوين عراقيين ويعتقد أنه موجود حاليا في العراق وهو على لائحة المطلوبين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي .
بتاريخ 7/8/1998 تم تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كل من دار السلام عاصمة تنزانيا وفي مدينة نيروبي عاصمة كينيا وتم إتهام منظمة القاعدة بتنفيذ هاتين الهجمتين اللتين أسفرتا عن 225 قتيل وجرح أكثر من 4000 شخص وكانت هذه الهجمة هي التي أدت إلى إنتشار إسم أسامة بن لادن على النطاق العالمي وقام الرئيس الأمريكي بيل كلنتون بإصدار أوامره بتاريخ 20/8/1998 بقصف أهداف في السودان وأفغانستان بصواريخ توما هوك وكان من بينها مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم .
بتاريخ 12/10/2000 تم تنفيذ عملية انتحارية على إحدى السفن العسكرية الأمريكية ( يو إس إس كول ) وهي راسية في ميناء عدن في اليمن في تمام الساعة 11:18 قبل الظهر بتوقيت عدن بواسطة قارب اصطدم بالسفينة محدثا انفجارا بطول 12 مترا على جانب السفينة حيث أوقع الإنفجار 17 قتيلا من الملاحين وإصابة 39 بجروح وتم فيما بعد التعرف على منفذي العملية وهما إبراهيم الثور وعبد الله المساواة أعضاء من منظمة القاعدة .
وفي عام 1999 أصدر مجلس الأمن قرار رقم 1267 وأتبعه بإصدار قرار رقم 1333 عام 2000 الداعي إلى تطبيق عقوبات إقتصادية وحظر تصدير معدات عسكرية على طالبان لحثها على تسليم بن لادن وإغلاق معسكرات تدريب أفراد القاعدة ومعسكرات تدريب الأطفال .
الحادث الذي تسبب في إشعال الحرب على الإرهاب . تحطم برجي مركز التجارة العالمي بتاريخ 11/9/2001
في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 11/9/2001 استفاق المواطنون الأمريكيون على شاشات التلفزيون لمختلف المحطات وبالذات قناة ( سي إن إن ) حيث كانت تستهل نشرة الأخبار الصباحية في تمام الساعة التاسعة صباحا بتوقيت نيويورك بأخبار طائرة الخطوط الجوية الأمريكية رقم 11 والتي أقلعت من مطار بوسطن قد غيرت مسارها وتحطمت في البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في تمام الساعة 8:46 صباحا وتم إيصال الخبر إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش وهو في طريقه لزيارة إحدى المدارس الإبتدائية في ولاية فلوريدا . وبعد دقائق قليلة أي في تمام الساعة التاسعة وثلاث دقائق شاهد الشعب الأمريكي من فوق شاشة التلفاز طائرة ثانية تابعة للخطوط المتحدة رحلة رقم 175 القادمة من بوسطن تتجه نحو البرج الجنوبي لمبنى مركز التجارة العالمي وتخترقه لتعلو النيران في البرجين وترتفع أصوات الإنفجارات وتم إبلاغ الرئيس الأمريكي بخبر الضربة الثانية ولكنه فضل الإستمرار في قراءة قصة ( عنزاتي الأليفة) مع تلاميذ المدرسة الإبتدائية . ولقد شاهد الشعب الأمريكي البرج الجنوبي وهو يتهاوى مخلفا سحب الغبار الأسود وصرخات الناس تتعالى وبعدها بدقائق تم الإعلان عن تحطم طائرة الخطوط الجوية الأمريكية رقم 77 إثر إرتطامها بمبنى وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) في تمام الساعة التاسعة وثلاثة وأربعين دقيقة وبعدها بدقائق تم الإعلان عن سقوط وتحطم طائرة الخطوط المتحدة رقم 93 في بنسلفانيا بعد خطفها . لقد عاش الشعب الأمريكي حالة من الهلع والخوف حيث اعتقدوا أن حربا قد وقعت وأن الهجوم قد بدأ على الولايات المتحدة .
ولقد تتابعت الأخبار من قيام الحرس السري الأمريكي بإخلاء البيت الأبيض ومن ثم الإعلان عن إخلاء مبنى الأمم المتحدة وكافة المباني التابعة له . وتم الإعلان عن تحويل مسار الطائرات المختلفة المتوجهة إلى الولايات المتحدة إلى كندا
وبعد الإعلان عن تحويل مسار الطائرات تم تسليط كاميرات كثير من محطات التلفزة الأمريكية والعالمية في بث مباشر لنقل وقائع سقوط البرج الشمالي وسط صيحات المواطنين ورجال الإطفاء .
وبدأت البيانات المختلفة تتوالى وتم إخلاء المباني الحكومية في واشنطن من موظفيها وتم إغلاق كافة الأنفاق والجسور التي تربط مدينة نيويورك بولاية نيو جيرسي .
وفي تمام الساعة الواحدة وأربع دقائق بتوقيت نيويورك قام رئيس الولايات المتحدة جوج بوش بالإعلان من قاعدة باركس ديل الجوية في ولاية لويزيانا أنه قد تم إتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة وتم وضع القوات الأمريكية في كافة أرجاء العالم في أقصى حالات التأهب والإستعداد لمجابهة أي طارىء وتم الإعلان عن فرض حالة الطوارىء في العاصمة الأمريكية . كما أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية مجموعة من الأوامر العسكرية لتحريك خمس مدمرات وإثنتين من حاملات الطائرات بالتوجه من ميناء نورفولك لحماية الشواطىء الشرقية للولايات المتحدة حيث توجهت حاملة الطائرات جورج واشنطن وحاملة الطائرات جون ف كنيدي إلى شواطىء مدينة نيويورك . وتم الإعلان عن مغادرة طائرة الرئاسة الأمريكية لقاعدة باركس ديل إلى قاعدة جوية في ولاية نبراسكا وتم منع كافة الطائرات من التحليق فوق المجال الجوي حتى ظهر يوم الأربعاء الموافق 12 أيلول .
وترددت بعض الشائعات عن السماح لطائرة تحمل 142 سعوديا بينهم 24 شخصا من عائلة بن لادن بالطيران ومغادرة الأجواء الأمريكية .
كما قام وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بالإعلان أن نائب الرئيس بخير وأمان وفي المقر المخصص له وأنه قد تم عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن القومي أداره الرئيس الأمريكي بواسطة الهاتف .
وفي تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر تم الإعلان عن مغادرة طائرة الرئيس القاعدة الجوية في نبراسكا في طريقها إلى واشنطن دي سي العاصمة الأمريكية . وفي تمام الساعة السادسة وأربع وخمسين دقيقة تم الإعلان عن وصول طائرة الرئيس إلى قاعدة أندروز الجوية في ولاية ماريلاند ترافقها طائرات مقاتلة ثلاث . كما تم الإعلان أن الرئيس الأمريكي جورج بوش سوف يوجه خطابا إلى الأمة في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء .
لقد بلغ عدد ضحايا هذا الهجمات 2973 ضحية بالإضافة إلى 24 مفقودا .
بعد ساعات قلائل تم توجيه الإتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن وبعد أقل من 24 ساعة على الأحداث أعلن حلف شمال الأطلسي أن الهجوم على أي دولة عضوة في الحلف هو بمثابة هجوم على كافة الدول أعضاء الحلف وتبعا لتقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي فقد تم الإعلان عن أسماء وصور 19 شخصا يقال إنهم قد نفذوا العمليات الأربع وأن المدعو محمد عطا هو الشخص المسؤول عن إرتطام الطائرة الأولى ببناية مركز برج التجارة العالمي كما اعتبر محمد عطا المخطط الرئيس والعقل المدبر للعمليات الأخرى ويساعده في ذلك كل من الطيارين التالية أسماؤهم هاني حنجور وزياد الجراح ونواف الحزمي وخالد مهيار ونحن في هذا البحث لن نتناول مدى مصداقية الإدعاء الأمريكي حول صحة الإتهامات الموجهة إلى
هؤلاء الأشخاص لا سيما وأن الطائرات التي تمت قيادتها هي من أكثر الطائرات تطورا من النواحي التكنولوجية ولا يعقل لأشخاص تدربوا على الطيران لمدة أشهر أن يتمكنوا من قيادتها لا سيما وأن مسار الطائرات من بوسطن إلى نيويورك يكتظ بآلاف الطائرات وإن الدقة في توجيه الطائرتين اللتين أصابتا البرجين هي دقة متناهية وبحاجة إلى طيارين من ذوي الخبرة الطويلة حيث بلغت سرعة الطائرة الأولى لدى الإرتطام 705 كم في الساعة وبلغت سرعة الطائرة الثانية 865 كم في الساعة كما أننا لن نتطرق إلى الطريقة التي تم فيها سقوط البرجين إلى الداخل بطريقة ناجمة عن عصف داخلي أم هو إنفجار من الخارج وليس عن طريق ذوبان الحديد كما أن هناك الكثير من النظريات التي صاحبت هذه العملية بأكملها وأن هذه الطائرات قد كانت موجهة ومبرمجة في خط سيرها مسبقا كما أن هناك معلومات متناقضة حول شخصيات كثيرة من بينها قيام رجل أعمال يهودي اسمه لاري سيلفر شتاين بإستئجار برجي التجارة بتاريخ 24/7/2001 من مدينة نيويورك لمدة 99 عاما بعقد قيمته 3.2 مليار دولار وتضمن عقد الإيجار بوليصة تأمين بقيمة 3.5 مليا دولار تدفع له في حال حصول أي هجمة إرهابية على البرجين . وقد تقدم بطلب المبلغ مضاعفا بإعتبار أن هجوم كل طائرة هو هجمة إرهابية منفصلة وبتاريخ 6/9/2001 تم سحب كلاب إقتفاء أثر المتفجرات وتم توقيف عمليات الحراسة المشددة للبرجين وبتاريخ 6/9/2001 تضاعف حجم بيع أسهم شركات الطيران الأمريكية إلى أربعة أضعاف حجم البيع وبتاريخ 7/9/2001 تضاعف حجم بيع أسهم شركة بوينج إلى خمسة أضعاف حجم البيع وفي 8/9/2001 تضاعف حجم بيع أسهم شركة أميركان إير لاينز 11 ضعف حجم البيع . كما أن العديد من المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية بتاريخ 10/9/2001 قاموا بإلغاء رحلات طيرانهم ليوم 11/9/2001 .
وهناك الكثير من المعلومات العسكرية التي تسربت قبل وقوع حادث البرجين فعلى سبيل المثال كانت بريطانيا قد حشدت 23 ألف جندي في سلطنة عُمان وكان هناك ما يزيد على 23 ألف جندي عسكري أمريكي في تركيا و17 ألف جندي من قوات حلف الأطلسي وكانت هذه القوات جاهزة قبل ستة أشهر من وقوع الإعتداء على برج التجارة العلمي . وحسب أقوال جورج تينيت مدير المخابرات المركزية الأمريكية في كتابه ( في قلب العاصفة) في حالة غزو أفغانستان كانت الوكالة هي إلى حد كبير التي جاءت بخطة الغزو وقامت بتغذية الإستراتيجية وصقلها على امتداد شهور طويلة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر على أمل الحصول على إذن بالإنطلاق وراء القاعدة في معقلها .
وفي كتاب تيري ميسان ( الخديعة المرعبة ) أورد معلومات موثقة عن استعداد الولايات المتحدة لغزو أفغانستان قبل أحداث سبتمبر بعدة أشهر وأن القوات البريطانية بدأت ترتب تحت غطاء مناورات تجري في بحر عمان بنشر أسطولها وحشدت قوات بشكل غير عادي في بحر العرب وقام حلف الأطلسي بنقل أربعين ألف جندي إلى مصر .
وقل يومين من أحداث سبتمبر وبتاريخ 9/9/2001 تم وضع خطة تفصيلية أمام الرئيس الأمريكي جورج بوش حول الهجوم العسكري الأمريكي على أفغانستان وكان من المفروض أن يقوم بتوقيعها يوم 9/9/2001 ولكنه لم يفعل .
بسرعة فائقة وافق الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع على منح الرئيس الأمريكي جورج بوش 40 مليار دولار لحملة الحرب على الإرهاب بالإضافة إلى 20 مليار إضافية لمساعدة خطوط الطيران الأمريكية.
وتم إلقاء القبض على آلاف الأشخاص منهم الكثير من المواطنين الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية
الحرب على الإرهاب .
إحتلال أفغانستان
بعد 27 يوما من تلك الهجمات أطلقت الولايات المتحدة غاراتها الجوية على أفغانستان وأعلنت بدء عملياتها العسكرية ضد الإرهاب . في ظل ظروف سياسية مواتية تمثلت في تأييد المنظمات الدولية للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب إضافة إلى تأييد الدول المجاورة لأفغانستان كما ساهمت بعض الدول في الحملة العسكرية سواء بعدد من سفن القتال أو بالطائرات وهي بريطانيا وأوستراليا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان وتركيا .
وفي تمام الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش بتاريخ 7/10/2001 بدأت الحرب على الإرهاب تحت إسم ( عملية التحرير الدائمة ) وكان الهدف المعلن هو إعتقال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقادة التنظيم وجلبهم للمحاكمة بالإضافة إلى تدمير تنظيم القاعدة كليا والقضاء على نظام طالبان . وبدأت الحملة الجوية على وسائل الدفاع الجوي ومواقع صواريخ سام 3 وصواريخ سكود قصيرة المدى ومخازن الذخيرة والمدفعية والعربات المدرعة ومعسكرات التدريب ووحدات السيطرة وركزت أيضا على تدمير الأعداد المحدودة من الطائرات والمروحيات .
ولقد تم استخدام القاذفات الثقيلة بعيدة المدى بالإضافة إلى الطائرات المقاتلة الموجودة على حاملات الطائرات كما تم استخدام صواريخ كروز من السفن والغواصات ومن قاذفات القنابل الثقيلة .
وبتاريخ 21/10/2001 بدأ تصعيد الهجمات الجوية على إمتداد الجبهة الفاصلة شمال كابول بين قوات تحالف الشمال وطالبان واستخدمت القوات الأمريكية طائرات إف 18 والطائرات القاذفة من نوع بي إش 52 في ضرب
طابان في وادي شومالي شمال كابول بالذخيرة الموجهة الذكية كما قامت بقصف المواقع حول مدينة قندوز ومدينة مزار الشريف.
بتاريخ 6/11/2001 بدأت الحرب تأخذ شكلا جديدا بعد شهر كامل من القصف الجوي الأمريكي المستمر وفي اليوم التالي بدأ تقدم قوات تحالف الشمال مصحوبة بدعم جوي كثيف تجاه جنوب مدينة مزار الشريف . وبتاريخ 9/11/2001 تم الإستيلاء على مدينة مزار الشريف بقيادة الجنرال عبد الرشيد دستم بعد ذلك اندفعت قوات تحالف الشمال بإتجاه العاصمة كابول على ثلاثة محاور الأول والثاني بقيادة محمد فهيم خان والمحور الثالث بقيادة عبد الرشيد دستم وبعد قتال عنيف انسحبت قوات طالبان من العاصمة كابول بإتجاه قندهار وخلال شهر نوفمبر ركزت القوات الأمريكية هجماتها على باقي معاقل طالبان في الشمال مثل مدينة قندوز كما واصلت قوات التحالف الشمالي التقدم في اتجاه مدينة قندهار معقل حركة طالبان . وجاء الإنهيار السريع لحركة طالبان مثيرا للدهشة .
وفي الأيام الأولى من دسمبر بدأت القوات الأمريكية في نشر قوات من مشاة البحرية الأمريكية وتم اختيار منطقة قريبة من قندهار لتكون مركز للقيادة الأمريكية .
بتاريخ 20/12/2001 تم اتخاذ الإجراءات الرسمية من أجل تشكيل ( قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان ) المعروفة إختصارا بقوات إيساف بموجب القار رقم 1386 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 5/12/2001 من أجل مساعدة الشرطة والجيش الأفغاني على توفير الأمن في العاصمة كابل وضواحيها من أجل إنشاء إدارة إنتقالية أفغانية برئاسة حامد كرزاي وفي شهر أكتوبر عام 2003 سمح مجلس الأمن بتوسيع مهام هذه القوات لتشمل كل مناطق أفعانستان .
إحتلال العراق
وتعرف بإسم حرب الخليج الثالثة أو بإسم الغزو الأمريكي للعراق أو حرب تحرير العراق . حيث بدأت عملية غزو العراق بتاريخ 20/3/2003 من قبل قوات الإئتلاف بقيادة الولايات المتحدة وكان هذا الإئتلاف (إئتلاف الراغبين ) يختلف إختلافا كليا عن الإئتلاف الذي خاض حرب الخليج الثانية لأنه كان إئتلافا صعب التشكيل واعتمد على وجود جبهات داخلية في العراق بين الشيعة في الجنوب وبين الأكراد في الشمال كما رفضت الكثير من الدول الغربية المشاركة في هذه الحرب حيث كانت 98% من القوات العسكرية هي قوات أمريكية وبريطانية ووصل العدد الإجمالي لجنود الإئتلاف 300884 موزعين على الشكل التالي 250 ألف من الولايات المتحدة و45 ألف من بريطانيا و3500 من كوريا الجنوبية و2000 من أوستراليا و200 من النمارك و184 من بولندا كما ساهمت عشر دول أخرى بأعداد صغيرة من قوى غير قتالية . كما أعلنت السعودية بأنها لن تسمح بإستخدام قواعدها للهجوم على العراق ورفض البرلمان التركي نفس الشيء وأعربت جامعة الدول العربية ودولالإتحاد الإفريقي معارضتها لغزو العراق . ولقد تسببت هذه الحرب في وقوع أكبر خسائر بشرية بين المدنيين في تاريخ العراق .
ولقد استخدمت الولايات المتحدة الكثير من المبررات لتبرير إحتلال العراق من بينها إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل بالرغم من تصريح كبير مفتشي الأسلحة في العراق هانز بليكس ان فريقه لم يعثر على أسلحة نووية وأن الشيء الوحيد الذي عثر عليه هو مجموعة من الصواريخ تفوق في مداها المدى المقرر حسب قرار الأمم المتحدة رقم 687 الذي تم اتخاذه عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية وكان العراق قد أطلق على هذه الصواريخ اسم صواريخ الصمود ولقد وافق صدام حسين في محاولة منه لتفادي الصراع بتدميرها من قبل فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة برئاسة هانز بليكس . كما جرت عدة محاولات فاشلة من أجل ربط اسم الرئيس العراقي صدام حسين بإبن لادن والقاعدة .والواقع أن الهدف الرئيس من إحتلال العراق بالدرجة الأولى من أجل تحطيم الجيش العراقي الذي كان يشكل عمقا استراتيجيا هاما في الصراع العربي الإسرائيلي بالإضافة إلى السيطرة على ثاني أكبر مخزون للنفط في العالم لا سيما بعد اكتشاف آبار ضخمة تمتد من غرب بغداد إلى الغرب حتى الحدود السعودية وهذه الآبار لم يتم استخراجها حتى الآن وهي تقع كما أسلفنا في المنطقة الوسطى في العراق . كما أن الولايات المتحدة قد أعادت التعامل بالدولار الأمريكي في دفع أثمان النفط ووقف الدعم المادي الذي كان يقدمه صدام حسين إلى عائلات الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة . بالإضافة الى تعزيز الدور الإستراتيجي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وبالذات في منطقة الخليج العربي عن طريق فرض الهيمنة وفرض وجود عسكري أمريكي قوي . وبالتالي إلى استنزاف دول الخليج ومطالبتها بتغطية نفقات الحروب العربية العربية والمسلمة المسلمة والتي تجاوزت تكاليفها مئلت المليارات من الدولارات بالإضافة إلى التمهيد للمرحلة المقبلة في حرب الولايات المتحدة على الإرهاب بعد حادث 9/11/2001 ولقد انتهت الحرب على العراق رسميا بإنزال العلم الأمريكي في بغداد بتاريخ 15/12/2011 .
(34)
الحرب الرابعة :
هل حققت الحروب الأمريكية على الإرهاب أهدافها وهل حقق كل من غزو أفغانستان وغزو العراق الأهداف المرجوة . وما هي الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة المادية والمعنوية والسياسية وهل أصبحت أوضاع كل من أفغانستان والعراق أفضل مما كانت عليه قبل الإحتلال .
لقد بلغت كلفة الحرب في أفغانستان مبلغ 455 مليار دولار ومبلغ 802 مليار دولار كلفة الحرب في العراق حسب الأرقام الرسمية ولكنها وصلت مبلغ 2.5 تريليون دولار في تقديرات مكاتب المحاسبة الخاصة وبلغ عدد القتلى الأمريكيين في أفغانستان 1996 قتيل حتى عام 2012 بينما بلغ عدد المصابين 17644 جريح . بالإضافة إلى 1092 قتيل من قوات تحالف الشمال الموالية للأمريكيين و433 جنديا بريطانيا و70 جنديا فرنسيا و53 جنديا ألمانيا و48 جنديا إيطاليا و35 جنديا إسبانيا و25 جنديا هولنديا و24 جنديا بولنديا بينما قتل جندي بلجيكي واحد منذ غزو أفغانستان .
ولقد بلغ عدد الجنود الأمريكيين القتلى في العراق 4409 قتيل حتى تاريخ 8 /11/2010 بينما بلغ عدد المصابين 31935 جريح .
ولا بد هنا من الإشارة إلى عدد القتلى من المدنيين الأمريكيين من مقاولين ومهندسين عاملين في العراق خلال الفترة من 2001 لغاية 2010 في العراق وأفغانستان حيث تشير تقارير وزارة العمل الأمريكية حسب المعلومات التي استقتها من سجلات وزارة الدفاع الأمريكية بأن عدد القتلى المدنيين الأمريكان في أفغانستان قد بلغت 521 قتيلا و1487 قتيلا في العراق.
أما الجانب الآخر الذي أغفلته معظم التقارير الحربية فيتمثل في مدى الخسائر
(35)
المادية في المعدات العسكرية حيث تشير التقارير الأولية إلى أن الولايات المتحدة قد خسرت ما يزيد على 300 ألف قطعة من المعدات ما بين دبابات أبرامز وبرادلي وإم2 وعربات قتال ومدرعات وهمفي ومروحيات وقطع المدفعية
الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان والعراق :
لقد تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما العمل على سحب القوات الأمريكية من كل من أفغانستان والعراق وبالفعل فلقد عمد إلى تخفيض القوات الأمريكية من 100 ألف جندي في عام 2010 في أفغانستان إلى 45 ألف جندي وهو يحاول جاهدا تخفيض عدد القوات الأمريكية قبل نهاية عام 2014 إلى أقل من 10 آلاف جندي ولم يخطر بباله أن الرئيس الأفغاني كارازاي وهو ربيب الولايات المتحدة سوف يقف في وجه توقيع إتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة من أجل وضع الشروط والضمانات والحصانات اللازمة لحماية العدد البسيط من الجنود الأمريكيين الذي سيستمر وجودهم بعد كانون الأول عام 2014 والتي تحدد بالدقة اللازمة العلاقات السياسية والعسكرية والإقتصادية بين الدولتين . وبالرغم من ظهور نتائج الإنتخابات الأفغانية والإتفاق بين المرشحين اللذين كانا يتنازعان الفوز في الإنتخابات الرئاسية بأن يتولى أشرف غني منصب الرئيس وأن يتم تعيين عبد الله عبد الله في منصب ( مسؤول السلطة التنفيذية ) من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية . وما زال الشعور بأن النظام الأفغاني لا زال يشعر بالضعف وبأنه مهدد بتمرد من قبل حركة طالبان .وحتى هذه اللحظة لم يتم توقيع الإتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والحكومة الجديدة.
في نهاية عام 2008 تم توقيع إتفاقية أمنية بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية تنص على جدولة إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ودخلت الإتفاقية ألأمنية حيز التنفيذ عام 2009 بإنسحاب القوات القتالية الأمريكية من المدن والقصبات وبتاريخ 15/12/201 تم الإحتفال الذي أقيم في مقر
(37)
السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء بحضور وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا بإنزال العلم الأمريكي ورفع العلم العراقي ومن ثم إنزال علم القوات الأمريكية في إشارة إلى إنتهاء الإنسحاب الأمريكي من العرااق بصورة نهائية , ولقد تم إنسحاب القوات الأمريكية قبل إكمال مهمة تدريب الجيش العراقي كما أن القوات الجوية العراقية لم تكن جاهزة للدفاع عن الأجواء العراقية
الحرب بالإنابة :
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة ما هي الإستراتيجية الجديدة التي اتبعتها الولايات المتحدة ؟؟؟ بعد أن قررت سحب قواتها العسكرية من أفغانستان والعراق وبعد أن خلفت وراءها دولتين هما الأكثر فسادا في العالم حسب بيانات منظمة الشفافية الدولية في برلين وهما أخطر بلدين في العالم من حيث انعدام الأمن حسب تقرير مؤشر السلام العالمي ( جلوبال بيس إندكس ) لعام 2010 كما تعتبر العراق وأفغانستان من أكثر حكومات العالم فشلا في أداء الواجبات والمهام الموكولة إليها حسب المقياس السنوي لتقرير السياسة الخارجية (Foreign Policy )
فهل بدأت الولايات المتحدة أسلوبا جديدا من الحروب تحت ما يسمى الحرب بالوكالة أو الحرب بالإنابة وإيقاظ الخلايا النائمة وتحقيق الإنقسام الطائفي والديني في العالم العربي من أجل الإمعان في استنزاف جيوشه وقدراته وتفتيت مقوماته السياسية والإجتماعية وخلق شرخ بين مختلف الطوائف الدينية الإسلامية تحت ستار مسميات الشرق الأوسط الجديد والربيع العربي . ولماذا لم تتمكن طوال هذه السنوات من القضاء على تنظيم القاعدة بعد القضاء على الأب الروحي للتنظيم أسامة بن لادن .
لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط حروبا جديدة فبعد أن كانت حروب
(38)
العصابات تمتلك سلاح الكلاشينكوف وقاذف الإنيرجا أصبحت الأكثر تقدما والأكثر تأثيرا من حيث التنظيم والسرية والتسلح والتأييد الشعبي واستخدام التكنولوجيا الجديدة لا سيما في الإتصالات والإعلام . لا سيما في مجابهتها للجيوش المنظمة فلو حاولنا دراسة التأثير والنتائج التي ترتبت نتيجة الحرب اللبنانية حرب تموز عام 2006 بين تنظيم حزب الله وبين إسرائيل والتي استمرت 34 يوما من القتال والتي أعلنت إسرائيل بعدها أن قتلاها قد بلغ 104 قتيل . وهل أدخلت هذه الحرب مفاهيم ومعطيات سياسية وأساليب قتالية جديدة في حرب العصابات بين التنظيمات الإسلامية ومجابهتها للقوة العسكرية الإسرائيلية بكل جرأة ونجاعة وهل أضرت هذه الحرب أم عززت الحضور العسكري والسياسي لحزب الله فوق الساحة اللبنانية
وما هو تأثير ونتائج الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتي بدأت عام 2008 بحملة الرصاص المصبوب والتي استمرت 23 يوما وحملة عامود السحاب عام 2012 والتي استمرت 7 أيام وعملية الجرف الصامد عام 2014 والتي استمرت 52 يوما ما هي الخسائر المادية والإخلاقية والمعنوية والعسكرية التي تكبدتها إسرائيل بعد أن تمكنت حماس والجهاد الإسلامي من تحطيم وإختراق كل معطيات القبة الحديدية وبطاريات صواريخ الباتريوت الأمريكية ومنظومات دفاع صواريخ حيتس الإسرائيلية وما هي المكاسب السياسية والمعنوية التي حققتها حماس والجهاد الإسلامي على المستوى ألإقليمي والدولي رغم فداحة الخسائر في الأرواح وفي البنية التحتية والتي حققت ورسخت مفردة جديدة في مفاهيم النضال هي المقاومة الشعبية حقا وحقيقة
الدولة الإسلامية ( داعش )
نحن لا نريد أن نتطرق هنا إلى الجانب الديني وتاريخ الفكر السلفي الذي برزت بذوره عند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني الذهلي أحد الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الحنبلي وطورها شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الذي ساهم في تطوير ونمو حركة الإسلام السياسي وأتى من بعده الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان آل مشرف التميمي الذي كان يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد ولذلك سمى أتباعه هذه الدعوة بالدعوة السلفية نسبة إلى السلف الصالح . ونحن هنا وفي هذه العجالة لا نستطيع استعراض تطور الفكر عبر العلماء الثلاثة في مقالة فأفكارهم بحاجة إلى مجلدات وإن ما يهمنا هنا أنه تم بطريقة أو بأخرى تم ربط فكر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش ) بالفكر السلفي
يرجع تأسيس جماعة التوحيد والجهاد إلى أبو مصعب الزرقاوي وهو أحمد فاضل نزال الخلايلة أردني الجنسية . توجه إلى أفغانستان عام 1989 عن طريق بيشاور واستقر به المقام لفترة في مدينة جلال أباد والتي تعتبر القاعدة الخلفية للمجاهدين العرب والأفغان وفي ربيع 1989 توجه مع عدد من المقاتلين إلى منطقة خوست شرق أفغانستان إلا أنه لم يشارك في القتال ضد السوفييت لأن الحرب كانت قد انتهت قبل وصوله وقرر المشاركة في الموجة الثانية من معارك الحرب الأهلية والتحق بمعسكرات قلب الدين حكمتيار وشارك في المعارك التي دارت بين الأحزاب الإسلامية ضد الأحزاب الموالية للشيوعية حتى عام 1993 حيث قرر العودة إلى الأردن بعد بدء الحرب الأهلية بين فصائل المجاهدين وانتهاء حرب الخليج الثانية والبدء في ملاحقة الأفغان العرب في بيشاور .
وكانت تلك الفترة قد شهدت عودة الكثيرين من المقاتلين الأردنيين من أفغانستان والذين انخرطوا في عدد من التنظيمات كجيش محمد والأفغان الأردنيون وباشر أبو مصعب الزرقاوي الإتصال بعصام البرقاوي ( أبي محمد المقدسي ) صديقه في أفغانستان . ولقد تضافرت جهود كل من الزرقاوي صاحب الخبرة القتالية العملية وأبو محمد المقدسي صاحب الخبرة النظرية من أجل نشر السلفية الجهادية وتمكنا من جمع عدد من الأتباع والأنصار وأطلقوا على أنفسهم اسم جماعة التوحيد . وتم الإتفاق أن يكون أبو محمد المقدسي أميرا لجناح الدعوة وأبو مصعب الزرقاوي أميرا للجماعة وأن يكون خالد مصطفى العاروري ( أبو القسام ) من أهل الشورى والحل والعقد . وبدأت الجماعة العمل في ظل ظروف وأحداث متسارعة فلقد كان الأردن على وشك توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل وبصدد إجراء الإنتخابات النيابية كما شهدت تلك الفترة وقوع حادثة المسجد الإبراهيمي 1993 وقرر بعض أعضاء الجماعة القيام بعملية استشهادية ضد إسرائيل ولم تجد دعوة المقدسي إلى السلفية الجهادية أي صعوبة في إكتساب أنصار ومتعاطفين لا سيما بين المجموعات الصغيرة المنتشرة في العديد من المدن والمحافظات الأردنية لا سيما في السلط ومعان والمفرق والزرقاء والتي كانت تتبنى مواقف سيد قطب في الحاكمية وتكفير الحكومات والدساتير . ولقد قامت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على كافة أعضاء تنظيم جماعة التوحيد وتم تقديمهم الى محكمة أمن الدولة عام 1996 حيث تم الحكم عليهم بالسجن لمدة خمسة عشرة عاما وعقب تولي الملك عبد الله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم أعلن التلفزيون الأردني بتاريخ 23 آذار عام 1999 العفو العام عن المساجين . وقام الزرقاوي بمعية مجموعة من تنظيم الجماعة بالمغادرة إلى الباكستان ومنها إلى أفغانستان حيث أسس هناك معسكر هيرات . في هذه الأثناء وقعت حادثة برجي التجارة العالمي بتاريخ 11/9/2001 مما أدى إلى وقوع مجابهة شرسة بين القاعدة وجماعاتها المختلفة وبين الولايات المتحدة وحلفائها من القوى العظمى وحكومات العديد من الدول العربية وكانت فاتحة الصراع الدامي للحرب الأفغانية التي أدت إلى سقوط نظام طالبان واختباء قادة القاعدة عن الأنظار . وانتقل أبو مصعب الزرقاوي مع عدد من أنصاره من معسكر هيرات إلى إيران ثم إلى المناطق الكردية في شمال العراق . وفي كردستان قام عدد من أنصار الزرقاوي بتأسيس تنظيم تحت اسم ( جند الشام ) ثم أقاموا تحالفا مع فصيل كردي متشدد انشق عن الجماعة الإسلامية ونشأ تنظيم جديد تحت اسم ( أنصار الإسلام ) .
وبقي الزرقاوي في كردستان وأخذ يتنقل سرا بينها وبين سوريا . وبتاريخ 9/4/ 2003 تمكنت القوات الأمريكية من إحتلال بغداد وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين . في ظل هذه الظروف والمعطيات الجديدة انتقل أبو مصعب الزرقاوي إلى بغداد ووجد في المجتمع السني حاضنة اجتماعية وباشر في إعادة بناء شبكة جديدة في العراق وبدأ إجراء إتصالات واسعة ونجح في تأسيس جماعة من المتطوعين العرب بالإضافة إلى النواة الأساسية من الأردنيين وقامت هذه المجموعة بسلسلة من العمليات الإنتحارية كانت أولاها بتاريخ 19/8/2003 حيث تم تنفيذ عملية تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد أسفرت عن مقتل 22 شخصا من بينهم ممثل الأمم المتحدة في العراق سيرجيو فيرا دي ميلو وقام بعدها بإغتيال رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق محمد باقر حكيم وقتل معه 83 شخصا وبتاريخ 12/12/2003 قام بتنفيذ هجوم على قاعدة عسكرية إيطالية في الناصرية قتل من جرائها 19بينهم 7 من جنود التحالف طوال هذه الفترة كان يشار إلى المجموعة بإسم مجموعة الزرقاوي حيث فرضت نفسها بقوة وبدأت تحظى بتأييد ودعم من تيار السلفية الجهادية داخل العراق وخارجه من خلال تبنيه لآيديولوجية سلفية جهادية صارمة واستراتيجية قتالية تعتمد على التوسع في
العمليات الإنتحارية. وفي عام 2003 انضم الى مجموعة الزرقاوي عمر يوسف جمعة ( أبو أنس الشامي ) الذي استطاع أن يقنع الزرقاوي بالإعلان عن تأسيس جماعة واضحة الراية والعنوان أطلق عليها اسم ( جماعة التوحيد والجهاد ) في أواخر شهر أيلول عام 2003 .
بتاريخ 2/3/2004 قامت جماعة التوحيد والجهاد بمجموعة من الإعتداءات المتزامنة على الشيعة في كربلاء تسببت في مقتل 170 شخصا وجرح 550 شخصا . وكانت هذه الإعتداءات نقطة تحول خطيرة في الصراع داخل العراق إذ أطلقت العنان بصورة مرعبة للصراع السني / الشيعي وتعزيز المجابهة العسكرية بين السنة والشيعة وتوفير بيئة من الفوضى الأمنية والإحتقان الطائفي .
وبدأ الإتصال مع تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وذلك لجلب مزيد من الأعضاء وفق سياسات عولمة الجهاد . حيث بدأ المئات من المتطوعين من العالم العربي والإسلامي وأوروبا يتدفقون للإلتحاق بالزرقاوي وتم تغيير اسم الجماعة من التوحيد والجهاد إلى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين . واستمر الزرقاوي في عملياته ونشاطاته وعمل على الإمتداد إلى خارج العراق في الدول المحيطة في الأردن وسوريا ولبنان والسعودية وكان تفكيره وبعض من تصريحاته تشير إلى أنه يخطط إلى إقامة ( إمارة إسلامية سنية ) في وسط وغرب العراق تمثل رأس حربة إقليمي لتنظيم القاعدة في المنطقة وفي عام 2006 ظهر أبو مصعب الزرقاوي في شريط مصور معلنا عن تشكيل ( مجلس شورى المجاهدين ) بزعامة عبد الله رشيد البغدادي .
ولقد برز اسم أبو مصعب الزرقاوي على المستوى الدولي حين قام وزير الخارجية الأمريكية كولن باول بإلقاء كلمته أمام مجلس الأمن الدولي بتاريخ 5/2/ 2003 وبالتحديد قبل ستة أسابيع من الإجتياح الأمريكي للعراق حيث أعلن أن هناك علاقة تربط نظام صدام بتنظيم القاعدة حيث استخدم كولن باول إسم أبو مصعب الزرقاوي وأشار إلى تنظيم القاعدة بأنها ” شبكة الإرهاب الإسلامي “.
وبتاريخ 8/2/2003 تم إكتشاف مادة ( الإنتراكس ) في رسالة موجهة إلى بيل فريست زعيم أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ وتم توجيه أصابع الإتهام إلى مصعب الزرقاوي بإعتباره الشخص المختص في توضيب السموم والمتفجرات . وبتاريخ 13/2/2003 بثت قناة ( إي بي سي ) خبرا مفاده أن ألإرهابي أبو مصعب الزرقاوي يحضر لإعتداءات على الولايات المتحدة وبلغ قمة الذروة حين ذكر الرئيس جورج بوش اسم الزرقاوي واصفا إياه الرجل الأخطر في العالم بعد أسامة بن لادن .
وفي صباح 7/6/2006 أعلن رئيس الحكومة العراقية عن مقتل أبو مصعب الزرقاوي في غارة جوية أمريكية على بعقوبة . وبعد مقتل الزرقاوي وفي نفس الشهر جرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيما للتنظيم وبتاريخ 15/10/2006 تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبو عمر البغدادي إثر إجتماع عام لمجموعة من الفصائل المسلحة وتم إختيار أبو عمر البغدادي زعيما للتنظيم .
وفي يوم الإثنين الموافق 19/4/2010 شنت القوات الأمريكية والقوات العراقية عملية عسكرية في منطقة الثرثار استهدفت منزلا كان يتواجد فيه كل من أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وبعد اشتباكات عنيفة تم قصف المنزل بواسطة الطائرات ليقتلا معا وتم عرض جثتيهما على وسائل الإعلام . وتم اختيار ( أبو بكر البغدادي ) ليصبح أميرا لدولة الإسلام في العراق لقد ولد إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي “وهو الإسم الحقيقي لأبو بكر البغدادي” عام 1971 في مدينة سامراء واختار في بداية التسعينات أن يدرس العلوم الشرعية فاتجه إلى الجامعة الإسلامية في بغداد وتابع دراسته
حتى حصل على شهادة الدكتوراه . ولقد حصل التحول في حياته العملية بعد
الإحتلال الأمريكي للعراق بفترة قليلة إذ تبنى تحريض العشائر العربية على القتال وساهم في تأسيس مجموعات مسلحة في نطاق ديالى وسامراء وبغداد ولقد تعرض للإعتقال على يد قوات الإحتلال الأمريكي في العام 2005 حتى العام 2009 “وحسب أحد تقارير عميل المخابرات الأمريكية السابق إدوارد سنودن ” أنه في هذه الفترة تم تجنيد أبو بكر البغدادي وتم تدريبه عسكريا واستخباريا على يد خبراء من الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية وأكد أن دولة العراق الإسلامية هي نتاج تعاون استخباري أمريكي بريطاني إسرائيلي وأنه تم وضع خطة تحت رمز ( عش الدبابير ) من أجل تجميع أكبر عدد ممكن من الميليشيات الإسلامية وتقويتها من أجل زعزعة أنظمة الحكم في الدول العربية وجر الدول المسلمة إلى صراع طويل الأمد بين السنة الشيعة وتنفيذ مخطط تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات دويلة شيعية في الجنوب ودويلة سنية في الوسط ودويلة الأكراد في الشمال .
بعد إندلاع الأزمة السورية وأصبحت ثورة مسلحة بدأ تكوين الفصائل والجماعات لقتال النظام السوري . وفي أواخر عام 2011 تم تكوين جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني حيث أصبح الأمين العام لها . واستمرت الجبهة بقتال النظام حتى وردت تقارير استخبارية عن علاقتها الفكرية والتنظيمية بفرع دولة العراق الإسلامية وأدرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية . وبتاريخ 9/4/ 2011 ظهر تسجيل صوتي منسوب إلى أبو بكر البغدادي يعلن فيه أن جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الإسلامية وأعلن فيها إلغاء اسمي جبهة النصرة ودولة العراق لتعرف بإسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) . ولكن أبو محمد الجولاني رفض فكرة الإندماج وأعلن مبايعة تنظيم القاعدة في أفعانستان .
واستمر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في القيام بعملياته في كل
من سوريا والعراق وازداد نفوذه بعد عملية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت . وفي عام 2013 تم فرار أكثر من 500 سجين من أتباع تنظيم القاعدة من سجن التاجي وسجن أبو غريب وقام بالإستيلاء على مطار منغ العسكري وتدمير المبنى الرئيس للمطار وبتاريخ 29/9/2013 قاموا بإستهداف مقر الأمن العام في مدينة أربيل بسيارات مفخخة وانتحاريين يرتدون أحزمة مفخخة . وسيطر التنظيم على منطقة واسعة من مدينة الفلوجة العراقية .
وما أن تم الإعلان بتاريخ 19/5/2014 عن فوز إئتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي ب 95 مقعدا في الإنتخابات النيابية وإعلانه القيام بترشيح نفسه لتولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة تسارعت الأحداث وقام تنظيم داعش في بداية شهر حزيران بالسيطرة على محافظة نينوى وقام أكثر من 500 ألف مواطن بالهرب من الموصل وامتد تسونامي داعش لفرض سيطرته على المحافظات السنية الست أو ما يعرف بالمثلث السني وهي مراكز تواجد الدولة الإسلامية في العراق وبتاريخ 29/6/2014 أعلن أبو محمد العدناني الناطق الرسمي عن الخلافة الإسلامية ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين وأنه سيتم استخدام اسم ( الدولة الإسلامية ) فقط .
وصاحب هذا التوسع في العراق توسع آخر في سوريا وامتدادا إلى لبنان . كما تم الإعلان عن السيطرة على المواقع الحدودية ولعل أهمها بالنسبة إلينا هو موقع طريبيل على الحدود الأردنية العراقية .
وتم إحتلال قاعدة سبايكر في تكريت وتم الإستيلاء على كافة المعدات العسكرية للفرق العسكرية للجيش العراقي ومخازنها وعتادها وذخيرتها وقامت قوات داعش بإحتلال البنوك المركزية للمحافظات الست والحصول على مئات الملايين من الدولارات الأمريكية بالإضافة إلى السيطرة على مصافي النفط وبيع إنتاجها بمدخول يقدر بمليوني دولار يوميا وبلغت المساحة التي سيطرت عليها قوات داعش حتى لحظة كتابة هذا البحث ما يقارب من 45% من مساحة العراق وامتدت لتشمل المناطق الشرقية المتاخمة للحدود الشرقية للجمهورية ألإيرانية الإسلامية والمناطق الشمالية المتاخمة لإقليم كردستان والحدود الأردنية والسورية غربا وتم الإستيلاء على سد الموصل وإجتياح جبل سنغار الذي شهد عملية تهجير وتقتيل للأزيديين ووصلت قوات داعش إلى مسافة 35 كيلو متر عن مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان وفي مساء يوم الخميس الموافق 7/8/2014 أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن إصدار أوامره إلى الطائرات الأمريكية بالبدء بشن غاراتها الجوية على مواقع داعش والمباشرة بإلقاء المساعدات الغذائية لإنقاذ الأزيديين المحاصرين في جبل سنجار . وبتاريخ 8/8/2014 بدأت الطائرات الأمريكية بشن غاراتها الجوية على قوات داعش وتمكنت قوات البشمركة بالتعاون مع الجيش العراقي من استعادة السيطرة على سد الموصل الإستراتيجي وقيام معارك في معظم المدن والقرى السنية وتفيد التقارير الأولية إلى استعادة قوات الجيش العراقي وقوات البشمركة بمساعدة الطائرات الأمريكية سيطرتها على بعض المدن والقرى وانسحاب قوات داعش منها
والسؤال الذي يطرحه الكثيرون من المفكرين الإستراتيجيين ما هو تعداد قوات تنظيم داعش هل هو 10 آلاف مقاتل أو 15 ألف مقاتل أو 30 ألف مقاتل وهل يعقل أن تقوم هذه الأعداد ببسط سيطرتها على هذه المسافات الشاسعة والتي تضم الملايين من المواطنين والتي تعج بتنظيمات عسكرية وميليشيات سنية كبيرة وما هو تعداد الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة وسيارات الدفع الرباعي ولا شك بأن هذه القوات لديها شبكة إتصالات متطورة ومعقدة قادرة على إيصال أوامرها إلى قادة الفصائل المختلفة ولديها قادة قمة في التخطيط الإستراتيجي العسكري ولا أظن أن عمليات القتل الجماعي ونشر أفلام هذه المذابح على المواقع تتم بدون أوامر من جهات عليا في التنظيم . لا سيما شريط الفيديو الأخير والذي تم بثه من خلال الفيديو بتاريخ 19/8/2014 تحت عنوان ” رسالة إلى أمريكا ويظهر فيه شخص مقنع يتحدث باللغة ألإنجليزية بلهجة بريطانية يقوم بذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي كان قد اختطف قبل نحو عامين في سوريا .
وما هو مصير قوات داعش بعد أن قررت الولايات المتحدة التدخل في الحرب الدائرة حتى لو كان التدخل من خلال مشاركة الطائرات الأمريكية وزيادة عدد الخبراء والمستشارين العسكريين .
وهل يعقل أن يقوم تنظيم داعش بالإستمرار في مقاتلة كل من الجيش العراقي وقوات البشمركة والشرطة العراقية وقوات الصحوة العراقية وميليشيات شيعية متنوعة مثل عصائب أهل الحق وجيش المهدي وحزب الله العراقي والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية وحزب العمال الكردي والجيش الحر .
(39)
المراحل التي تمر بها الخلايا النائمة قبل أن تنمو لتصبح حربا شعبية :
لو تمعنا التاريخ الحديث وحاولنا استعراض ما يمر به عالمنا العربي اليوم وقمنا بالمقارنة بين الثورات التي كانت تقوم بالأمس القريب ضد المستعمر الأجنبي وبين ما يحدث على أرض الواقع اليوم لهالنا أن نجد أن هناك الكثير من المراحل المتشابهة بين الثورات “مع اختلاف في الأهداف” التي كانت تمثل ثورات الشعوب العربية بالأمس على المستعمر الأجنبي والمطالبة بالحرية والإستقلال والوحدة الوطنية وبين ثورات اليوم التي تمثل ثورات الشباب على أنظمة الحكم والحكومات التي ورثت الثورات الوطنية السابقة والتي أصبح أبطالها رموزا للفساد والدكتاتورية . بالأمس كانت الشهادة ضد قوات العدو المستعمر الأجنبي هي قمة النضال واليوم أصبحت الشهادة ضد القادة العرب والحكومات الفاسدة هي المطلب للنضال بل لم يتوان رموز الثورة الحديثة في طلب المساعدة من أعداء الأمس وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من أجل التخلص من القادة العرب والحكومات العربية الذين كانوا يمثلون قبل أيام السلطة الشرعية .
ويجدر بنا هنا أن نميز بين مفهوم الثورة وبين مفهوم الإنقلاب . فالثورة تهدف إلى إحداث تغييرات جوهرية في النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأمني . والتغييرات هذه لا تتبع الوسائل المتبعة والمعتمدة في النظام الدستوري للدولة بل تكون عملية التغيير جذرية وشاملة وسريعة وتؤدي إلى إنهيار النظام القائم وصعود النظام الجديد وقد تقوم ثورة جديدة لتعصف بثورة سابقة إذا لم ترق إلى تطلعات وآمال الشعوب لا سيما إذا أخفقت الثورة السابقة في تحقيق الشعارات والأهداف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي مكنتها من الوصول إلى سدة الحكم .
أما الإنقلاب فهو يهدف إلى إعادة توزيع السلطة السياسية بين هيئات الحكم
(40)
المختلفة أو بين الأشخاص القائمين بهذا الإنقلاب . ولا بد أن نشير هنا بأن معظم الثورات لا بد وأن ترتبط من قريب أو بعيد بدول عظمى تمدها بالمال والسلاح وتعطيها الشرعية من خلال الإعتراف بها ضمن منظمات عالمية من بينها على وجه الخصوص الأمم المتحدة .
هناك مراحل تمر بها الكثير من الخلايا النائمة الموجهة عقائديا وفكريا قبل أن تنهض لتصبح ثورة إجتماعية دينية عسكرية سياسية عارمة . ونحن نحاول أن نلخص هذه المراحل تبعا لما راقبناه ورصدناه وتجدر الإشارة هنا أنه ليس بالضرورة أن تمر الخلايا النائمة بهذه المراحل حتى تصبح ثورات عارمة حسب التسلسل المرفق وإنما تختلف هذه المراحل من ثورة إلى ثورة ومن بلد إلى آخر . وهذه المراحل هي :
1: التجنيد والبحث عن العملاء
2: البدء بعملية التثقيف العقائدي الثوري والفكري والسياسي والإجتماعي والنفسي
3: التدريب الإستخباري والتقيف الإعلامي
4: تشكيل الحلقات والخلايا السرية
5: استخدام مراكز سرية مختلفة في المدن والقرى لنشر التثقيف العقائدي والسياسي ومن ثم الإنتقال إلى دور العبادة من مساجد وكنائس والجامعات والأندية الرياضية والإتحادات والنقابات والتنظيمات الطلابية والعمالية والعمل على توسيع رقعة الدعوة وتجنيد أكبر عدد ممكن من رواد المساجد والكنائس وطلاب الجامعات واعضاء النقابات العمالية والتنظيمات الطلابية والأندية الرياضية
6: البدء بتنظيم المسيرات والمظاهرات وتوسيع حلقات الإتصال وتوزيع
(41)
المنشورات الملأى بالشعارات الوطنية في التحرير وتحقيق العدالة الإجتماعية والقضاء على البطالة ومعالجة الفقر وتوفير الرعاية الصحية والتعليم الجامعي والقضاء على مظاهر الفساد الحكومي عن طريق استخدام الإنترنت والفيس بوك والتويتر والتوسع في استخدام الكومبيوتر والإنترنت وإرسال الرسائل عبرالهواتف المحمولة
7: زيادة مصادر الدخل والتمويل من الداخل والخارج والبحث عن الدول الغنية من أجل الحصول على دعمها استراتيجيا وماديا وفتح الحسابات السرية في الداخل والخارج
8: البدء بعملية شراء الأسلحة الخفيفة والتدريب العملي على استخدامها بالإضافة إلى عقد دورات متخصصة في صنع المتفجرات وطرق استخدامها
9: الإنتقال إلى مرحلة وضع الشعارات الإستراتيجية البراقة واجتذاب وسائل الإعلام والصحافة اليومية والدورية المحلية والإقليمية والدولية لا سيما وكالات الأنباء العالمية ومحطات التلفزة العالمية والتواصل معها
10 : زيادة عدد المسيرات والمظاهرات المنظمة واستخدام وسائل الإستفزاز مثل تخريب ونهب المحال التجارية وإحراق الإطارات والسيارات وتعطيل حركة المرور
11: البدء بالتعرض مباشرة لرجال الأمن عن طريق إلقاء الحجارة أو قنابل المولوتوف ورفع الشعارات المعادية للنظام والتنديد برموز الحكم
12 : التخطيط لسقوط الضحايا من المتظاهرين على أيدي رجال الأمن وافتعال الأحداث ورفع وتيرة المجابهة وإطلاق نار عشوائي من قبل رجال التنظيم لإرغام رجال الأمن على الرد والدفاع عن النفس
(42)
13 : تحقيق اجتذاب وسائل الإعلام وممثلي الصحافة المحلية والعالمية
لتغطية المظاهرات وإصدار البيانات والمنشورات وإلقاء الخطب لا سيما إبان المآتم والجنازات لا سيما في حال وقوع ضحايا وقتلى إبان المظاهرات .
14 : مطالبة السلطات بإطلاق سراح المعتقلين ورفع لا فتات ودعوة لجان حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المعنية بالحريات العامة للتدخل والمطالبة بزيارة المعتقلين في السجون والإطمئنان على أوضاعهم الصحية
15: البدء بتصعيد أجواء المجابهة بين نظام الحكم وبين الجماهير ومطالبة الحكومة بتحقيق المطالب التي تتستر تحت غطاء تحقيق الديمقراطية والمطالبة بتعديل المواد الدستورية ومنح الشعب حقوق أوسع في التمثيل النيابي والمطالبة بمحاربة الفساد
16: التعرض إلى المرافق العامة والمنشآت الحكومية وتخريب وسائل الإتصال والمواصلات ومصادر الطاقة وخزانات المياه والأماكن العامة مثل المطاعم والفنادق ودور السينما والأسواق العامة . ومحاولة نسف وتفجير بعض المواقع الإستراتيجية الحساسة مثل الجسور والمرافىء والمطارات والأنفاق ومحطات توليد الكهرباء و والمصافي البترولية . ومن ثم تكليف بعض أعضاء التنظيم للقيام بالإعتداء على المراكز الأمنية وقتل رجال الأمن من أجل خلق حالة من التوتر والقلق العام وترويع أكبر نسبة من المواطنين
17 : البدء باستخدام الطلبة في الكليات والجامعات والأندية الرياضية على نطاق أوسع واستغلال المناسبات الدينية والرياضية بشكل أعنف وتدنيس حرمة الجامعات وزيادة وتيرة العنف بين الطلبة الجامعيين وإيقاع الفتنة العشائرية والطائفية والإعتداء على المباني العامة وتحطيم سيارات المواطنين
وإعادة ذات المظاهر في المباريات الرياضية والبدء بإثارة الفتنة والنعرات
(43)
العشائرية ومن ثم التعرض إلى رجالات الأمن العام من أجل إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر بين الجماهير وبين قوات الأمن وأتباع سياسة التصعيد في أعمال العنف من أجل جر القوات المسلحة إلى مجابهة المتظاهرين المدنيين وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح المدنيين والبدء بإتباع متطلبات العصيان المدني والتدرج في المجابهة من أجل إعلان الإضراب العام لشل كل الحياة وتعطيل الحكومة عن القيام بمهامها وواجباتها .
18 : محاولة جر الحكومة لتعطيل الحياة البرلمانية النيابية والمطالبة بحل مجلس النواب وإعلان الأحكام العرفية وفي نفس الوقت محاولة جر مجلس النواب بالمقابل إلى المطالبة بعدم منح الثقة للحكومة والمطالبة بتقديم إستقالتها .
19: البدء بالإعلان عن المطالب الرئيسة مثل إسقاط الحكومة وتغيير رموز الحكم والمطالبة بمحاكمتهم والمطالبة بتعديلات دستورية وسحب السلطات من النظام الحاكم وتقليص صلاحياته وحل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية جديدة بحيث يقوم البرلمان الجديد بإنتخاب حكومة جديدة تمثل الشعب وليس النظام .
20 : البدء بحركة إغتيالات لرجال الأمن والمخابرات العامة ومن ثم الإعتداء على رموز ورجالات الحكم ومحاولة إغتيال بعض أعضاء السلك الدبلوماسي من موظفي سفارات الدول العظمى أو رعاياها .
21 : توسيع رقعة التنظيمات السرية ومحاولة استمالة الطبقات الفقيرة والإتحادت العمالية والنقابات ولكن بشكل علني لإظهار المزيد من الدعم والزخم في إتساع جماعات المؤيدين للتنظيم والمعادين لنظام الحكم .
22 : البدء بتوزيع المساعدات المالية والعينية لعائلات المعتقلين والقتلى
(44)
وتخصيص منح مالية لتدريس أبنائهم ورعاية إحتياجاتهم وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم
23 : محاولة تجنيد رجال الدين من المذاهب المختلفة ورجال الإقتصاد والتجارة ورجال الفكر والقلم من المثقفين المحسوبين على النظام ورفع شعارات الإصلاح السياسي من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الإجتماعية تحت شعارات وضع حد للفساد والمحسوبية وتحقيق الأهداف الوطنية في تحرير الأرض العربية المحتلة وتحرير الأقصى
24 : شن حملة إعلامية كبيرة على الفساد الإداري وسوء استخدام السلطة وسوء استغلال المال العام ومحاولة التشهير ببعض رموز الحكم وتضخيم ممتلكاتهم وحساباتهم والتأكد من صحة ما يقدمونه من معلومات حول فسادهم من أجل إحراج النظام أمام الشعب .
25 : البدء بعملية تسليح القياديين ومجموعات خاصة من الإنتحاريين للقيام بعمليات إرهابية بعد عملية تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى الداخل عن طريق البر والبحر والجو إن أمكن بحيث تستهدف هذه العمليات الأجهزة الأمنية أو بعض رموز النظام وأعضاء الحكومة
26 : محاولة الضغط على رجال الأمن والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة من أجل إيقاع شرخ بين القيادة السياسية ونظام الحكم وبين أجهزة الدولة المختلفة بما فيها الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة واستمالة بعض القيادات من المتقاعدين العسكريين وتجنيدهم ضد النظام لا سيما إذا كانت رواتبهم التقاعدية لا تكفيهم متطلبات العيش الكريم .
27 : تنفيذ مخططات إغتيال رجال الدولة ولرموزها بما فيهم أفراد من العائلة الحاكمة والتأكد من تنفيذ هذه المخططات والتركيز على إنجاح بعضها
(45)
28: زيادة التنسيق مع الدولة الأعظم من خلال التعاون الإستخباري لرفد الإعلان عن الثورة وتحقيق الدعم الدولي قبل إعلان ساعة الصفر
29 : محاولة كسب وتأييد الدول المجاورة على المستوى الإقليمي
30 : الإعلان عن العصيان العام وتعطيل كافة المدارس والجامعات والدوائر الحكومية
31 : البدء بالسيطرة على الدوائر والمنشآت الحكومية واحتلال محطات الإذاعة والتلفزيون الحكومية وتعطيل الحياة اليومية
32 : الإعلان عن قيام الثورة والسيطرة على الحكم وإلقاء القبض على أعضاء النظام السابق
(46)
نظرية المؤامرة :
كثيرون من المفكرين ناقشوا نظرية المؤامرة التي تعرض لها الوطن العربي منذ مطلع القرن العشرين وما زال يتعرض . وكثيرون أيضا من المفكرين رفضوا نظرية المؤامرة وأكدوا أن ما يتعرض له الوطن العربي إنما هو صنيع ونتاج العرب أنفسهم أنظمة وشعوب بعد أن حصلت هذه الأنظمة العربية على حريتها واستقلالها من الإستعمار . وهناك تيار ثالث من المفكرين اتجه إلى الأخذ بحل وسط يرتكز على تضافر جهود الدول العظمى مع القادة العرب للوصول بالشعوب العربية إلى ما وصلت إليه بإعتبار أن هذه الأنظمة هي نتاج الإحتلال والإستعمار الذي قسم العالم العربي إلى دويلات وممالك وجمهوريات واخترعوا لها التسميات من إمارات وملكيات وجمهوريات بعضها ثوري وبعضها رجعي وبعضها ليس لون أو رائحة .
ولكي لا نجانب الحق ونستمر في جلد ما تبقى من الذات فلا بد لنا أن نتطرق هنا إلى بعض الوثائق السرية التي وضعتها الدول الغربية والإتفاقات التي توصلت إليها في مطلع القرن العشرين ونتدرج في استعراض بعض مراحل التاريخ العربي الحديث حتى نصل إلى المرحلة الراهنة التي صنفها سياسيو الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة بأنها مرحلة الربيع العربي والفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد . ولقد وسمها أقطاب الإستراتيجية العظمى شرقا وغربا وعلى رأسهم الولايات المتحدة بأنها مرحلة حروب الجيل الرابع والتي ابتدأت فعليا في تونس والسودان وليبيا واليمن ولكن الدول التي انصب عليها الإهتمام وتم التركيز عليها من أجل تحطيم جيوشها وأجهزتها الأمنية وتدمير أنظمة الحكم فيها في وثيقة الطوق النظيف التي تم التوصل إليها بين الولايات المتحدة وإسرائيل وكان عرابها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك شيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فهي
(47)
مصر وسوريا والعراق وهي الجيوش العربية التي شاركت في كل الحروب العربية الإسرائيلية بدءا من حرب 1948 ولا يعلم أحد حتى هذه اللحظة ما يخبىء القدر للجيش العربي الأردني وهو رابع الجيوش العربية الذي شارك في كل الحروب مع إسرائيل .
ولا شك بأن هناك وثائق واتفاقات سرية غاية في الأهمية أثرت في مسيرة العالم العربي طوال القرن الماضي وساهمت في نحت صفحاته عبر أحداث وحروب استنفذت الثروات العربية والإنسان العربي .
وإن من حق وواجب كل إنسان عربي ان يطلع على هذه الوثائق كما أن من واجب كل الإستراتيجيين والمفكرين والمؤرخين العرب العمل على البحث عن هذه الوثائق والعمل على كشفها ووضعها بين يدي الإنسان العربي وأصحاب القرار حتى تتضح صورة الماضي ونتوصل إلى ربطها بالحاضر المر الذي تمر به الشعوب العربية قاطبة .
وبعد أن يتم سبر أغوار وأهداف هذه الوثائق لا بد وأن يصار إلى البحث عن مفهوم ومضمون حروب الجيل الرابع التي فرضتها علينا الإستراتيجية العظمى للولايات المتحدة وصناعها . وإنني أرفق في نهاية هذا البحث معلومات مفصلة حول أخطر هذه المخططات واهم هذه الوثائق وهي وثيقة بنرمان ووثيقة برنارد لويس راجيا العمل على قراءة هاتين الوثيقتين لأنهما من أخطر الوثائق التي تؤكد بما لايقبل الشك تآمر الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على الدول العربية .
1: المخطط الأول وثيقة كامبل
لقد تم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام
(48)
1897 بمشاركة كافة ممثلي الجاليات اليهودية في العالم من أجل إنشاء وطن قومي لليهود بزعامة ثيودور هيرتزل وتم اتخاذ القرارات التالية
*إن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين بالوسائل التالية . تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين . تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية واتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني وإعطائه شرعية دولية. ( ولقد حاول ثيودور هيرتزل في بداية الأمر إقناع السلطان عبد الحميد من أجل السماح بتوطين اليهود في فلسطين التي كانت خاضعة لإستعمار الإمبراطورية العثمانية ولكن المفاوضات باءت بالفشل ) .
*تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة ثيودور هيرتزل
*تشكيل الجهاز التنفيذي ” الوكالة اليهودية ” لتنفيذ قرارات المؤتمر ومهمتها جمع الأموال في صندوق قومي لشراء الأراضي وإرسال المهاجرين لإقامة المستعمرات لليهود في فلسطين
وفي عام 1905 دعا حزب المحافظين البريطاني كلا من فرنسا وهولندا وبلجيكا واسبانيا وإيطاليا عام 1905 إلى عقد مؤتمر سري بحضور ديفد ولفسون رئيس المنظمة الصهيونية العالمية بعد وفاة ثيودور هيرتزل استمرت مناقشاته لمدة عامين وتم التوصل في نهاية
(49)
المؤتمر إلى وثيقة سرية عرفت بوثيقة كامبل نسبة الى رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت هنري كامبل بنرمان.
ولقد توصل المجتمعون الى نتيجة مفادها ” إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للإستعمار لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والإفريقية وملتقى طرق العالم وأيضا هو مهد الأديان والحضارات . والإشكالية في هذا الشريان أنه يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان ”
وإن أبرز ما جاء في توصيات هذا المؤتمر ما يلي
1: الإبقاء على شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة ومتأخرة
وعلى هذا الأساس فلقد المشاركون في المؤتمر بتقسيم دول العالم إلى ثلاث فئات
الفئة الأولى : دول الحضارة الغربية المسيحية ( دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأوستراليا ) والواجب تجاه هذه الدول هو دعمها ماديا وتقنيا لتصل إلى أعلى مستوى من التقدم والإزدهار
الفئة الثانية : دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها ( كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها ) والواجب تجاه هذه الدول هو إحتواؤها وإمكانية تقديم اليها بالقدر الذي لا يشكل تهديدا علينا وعلى تفوقنا .
(50)
الفئة الثالثة : دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقنا لا( وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام ) والواجب تجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي إتجاه من هذه الدول لإمتلاك العلوم التقنية .
2: محاربة أي توجه وحدوي فيها
ولتحقيق هذا الهدف دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن الجزء الأسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب ألا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة.
لقد تم عرض الكثير من البحوث والدراسات ولكن الكثير منها لم يتم الكشف عنه . ولعل عامل اكتشاف النفط وظهور منافس قوي فوق الساحة الدولية ألا وهو الولايات المتحدة قد سرع في تنفيذ مقررات هذا المؤتمر من أجل السيطرة على هذه الثروة واحتلال العالم العربي وتقسيمه فنجم عن هذا المخطط ( مخطط كامبل ) اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ووعد بلفور عام 1917 ومؤتمر فرساي عام 1919 ومؤتمر سان ريمو عام 1920 ومؤتمر سيفر عام 1920 ومؤتمر سان ريمو عام 1923 وتم تتويجه بقرار الأمم المتحدة الظالم رقم 181 بتاريخ 29/11/1947 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية
(51)
ويهودية وإلغاء السيادة العربية على القدس وتبعه بتاريخ 15/5/1948 وثيقة إعلان دولة إسرائيل وبتاريخ 11/5/1949 تبوأت إسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو 59 في المنظمة الدولية.
3: المخطط الثاني ” وثيقة برنار لويس “
إن تغطية حياة لويس وسيرته الذاتية و ومؤلفاته وأفكاره وتأثيره على صناع القرار وبالذات في الولايات المتحدة تستلزم حيزا أكبر بكثير من مجرد مقال بل تستلزم أكثر من بحث وأكثر من مؤلف ونظراً لأن اهتمامنا ببرنارد لويس ينطلق من رغبتنا في تعريف القارىء العربي بفكره المتعلق بتفتيت العالم الإسلامي والعالم العربي فإننا سنستعرض في عجالة بعض المراحل والعلامات المفصلية في حياته حتى نصل الى موضوع مقالتنا
لقد ولد برنارد لويس في لندن عام 1916 من أسرة يهودية من الطبقة الوسطى وفي عام 1936 تخرج من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن بعد أن استهوته اللغة العبرية والآرامية والعربية اهتم بدراسة اللغات اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية ولكنه تخرج من قسم التاريخ متخصصا في الشرق الأدنى والأوسط وفي عام 1939 حصل على شهادة الدكتوراه متخصصا في تاريخ الإسلام.
وأثناء الحرب العالمية الثانية خدم لويس في الجيش البريطاني في سلاح الدروع وفي الاستخبارات البريطانية وتمت إعارته الى وزارة الخارجية البريطانية وفي عام 1949
عاد الى مهنة التدريس في جامعة لندن وعين استاذا في قسم التاريخ وفي بداية السبعينات تمت دعوته كأستاذ زائر لجامعة كولومبيا ولقد اشترط قبل سفره أن يتم تعيين الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري “رحمه الله” رئيسا لقسم التاريخ في جامعة لندن كما أود أن أشير هنا الى أن هناك عدداً من الأساتذة في الأردن الذين تتلمذوا على يديه .وفي عام 1974 انتقل الى الولايات المتحدة وعمل في جامعة برنستون وفي عام 1982 حصل على الجنسية الأمريكية وفي عام 1986 انتقل للعمل في جامعة كورنيل حتى عام 1990 ومن ثم عاد الى جامعة برنستون استاذاً غير متفرغ ولقد تمكن خلال السنوات الماضية من تأليف أعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات وقدم المئات من البحوث والدراسات وإن استعراضنا لهذه الكتب يعطي القارىء العربي أهمية الفكر السياسي والعقائدي لهذا المفكر وكتبه هي :-
الشرق الأوسط والغرب . العرق واللون في الإسلام . مقدمة لعلم اللاهوت الإسلامي والقانوني . سامية ومناهضة للسامية . العرق والرق في الشرق . الإسلام والغرب . اللغة السياسية للإسلام . مستقبل الشرق الأوسط . الثقافات في الصراع . تاريخ نتذكره نستعيده نخترعه . عالم الإسلام . تشكيل الدولة الحديثة . الإسلام في التاريخ . فسيسفاء في الشرق الأوسط . ظهور تركيا الحديثة . العرب في التاريخ . المسلمون في أوروبا . الحوار الديني في العصور الوسطى . الشرق الأوسط . الهويات المتعددة في الشرق الأوسط . اكتشاف اليهودية للإسلام . أرض السحرة . القتلة . الحوار الديني من النبي محمد الى الإستيلاء على القسطنطينية . ولي العهد ملوكي . الإسلام في التاريخ. الأفكار والرجال والأحداث في الشرق الأوسط . ما هو الخطأ : الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط . أزمة الإسلام: الحرب المقدسة وغير المقدسة . اكتشاف مسلم في أوروبا . من بابل الى دراغومانز . اليهود من الإسلام . الكلمات والأفكار السياسية في الإسلام . الإسلام الدين والناس . الإيمان والسلطة . موسيقى طبل بعيدة
ولعل أبرز مراحل حياته هي مرحلة ارتباطه بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الذين نشأت حركتهم في منتصف الثمانينات والتي ضمت مجموعة من المثقفين ذات الحضور الأكاديمي والسياسي المميز من بين أعضاء الحزب الديمقراطي ولكنهم انسلخوا عن حزبهم احتجاجا على تقاعس الحزب في مجال السياسات الدفاعية والخارجية ويبدو أن تيار المحافظين الجدد في عهد الرئيس جورج بوش قد ضم أشخاصا متنفذين داخل الإدارة الأمريكية أمثال ديك شيني ولويس ليبي وبول ولفويتز وكوندوليزا رايس وريتشارد بيرلي ودوغلاس فيث بالإضافة الى الآلاف من المتنفذين في مجالات الإعلام ومن الكتاب ورؤساء التحرير للصحف والمجلات ومحطات التلفزيون ورؤساء مجالس البنوك
فلو أخذنا على سبيل المثال في تلك المرحلة الزمنية شركات التلفزيون الرئيسية في الولايات المتحدة وهي (اي .بي .سي A.B.C ) وشركة (سي. بي. أس C.B.S) وشركة (ان. بي. سي N.B.C) لوجدنا أن كل رؤساء مجالس إدارة هذه المحطات كانوا من اليهود المتعصبين لإسرائيل أمثال ليونارد جولدينسن ووليام بيلي وبعده توماس ويمان وجيمس روزنفيلد وديفد سارنوف كما أن شبكات الإذاعة خاضعة للنفوذ الصهيوني بدءاً بشبكة ( إم.بي .سي M.B.C ) وشبكة إذاعة ( بي.بي.إس B.B.S ) وشبكة إذاعة (إن. بي. آر N.B.R) جميع رؤساء هذه الشبكات كانوا من اليهود المتعصبين مارتن روبنشتاين ولورنس كروسمان وفرانك مانكيوز وما ينطبق على محطات الإذاعة والتلفزيون ينطبق على الصحف والمجلات اليومية والشهرية والدورية والأفلام وبرامج التلفزيونز كما يتوجب علينا أن نشير هنا الى أن معظم الأطباء وكليات الطب وأشهر المحامين وأشهر كليات القانون يسيطر عليها اليهود .
ولقد تمكن تيار المحافظين الجدد من اختطاف السياسة الخارجية في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا تحت ستار مكافحة الإرهاب ظاهريا لا سيما بعد وقوع تفجيرات أيلول في نيويورك ووضعوا مخطط إعادة تشكيل إقليم الشرق الأوسط بشكل يكون دائرا في فلك السياسة الأمريكية ومتقبلا ومطبعا لوجود إسرائيل
ولا شك بأن تعاون بيرنارد لويس مع المحافظين الجدد قد أظهره بمظهر العراب للمصالح الصهيونية وتهجمه على كل محاولة من محاولات السلام بل وتهجمه على القيادة الإسرائيلية لإتخاذها قرار الإنسحاب من لبنان وهو أحد الذين صاغوا استراتيجية المحافظين الجدد في عدائهم الشديد للإسلام والمسلمين وقد اتضحت هذه السياسة في تصريحه المشهور عام 2005 حيث قال” إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم………….. ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية ……. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية……..
ولقد ظل بيرنارد لويس طوال سنوات رجل الشؤون العامة ومستشاراً لإدارتي كل من جوج بوش الأب والإبن
وبتاريخ 1/5/2006 ألقى ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت خطابا يكرم فيه بيرنارد لويس ويذكر “أن بيرنارد لويس قد جاء الى واشنطن ليكون مستشاراَ لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط” وهو اليوم وقد تجاوز التسعين من عمره استاذ متقاعد في جامعة برنستون ولقد توفي في عام 2018.
وإن ما يهمنا الآن هو استعراض موجز الى مشروع برنارد لويس الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية.
في عام 1980 إبان الحرب العراقية الإيرانية صرح مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي بقوله ” إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود اتفاقية سايكس بيكو
وعقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية بدأ بيرنارد لويس بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعا وكلاً على حدة ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان والباكستان والسعودية ودول الخليج ودول المغرب العربي وتفتيت كل منها الى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح بريجنسكي الخاص بتسعير حرب خليجية ثانية حيث وافق الكونغرس الأمريكي في جلسة على مشروع الدكتور ” بيرنارد لويس ” وبذلك تم تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة
وإنني كباحث في الدراسات الاستراتيجية ومتخصص في إدارة الأمن القومي لا أظن أن دولة في عظمة الولايات تستند في سياستها وتعتمد على دراسة شخص ما لا سيما وأن هذه السياسة تتعلق بمنطقة هامة جدا مثل الشرق الأوسط وأن لديها جيش من الخبراء والسياسيين والعلماء والإستراتيجيين ولكن هذا لا يمنع أن تستعين بالمحافظين الجدد وباعضاء الإيباك ” اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة” برئاسة لي روزنبرغ لا سيما وأنهم يتمتعون بنفوذ كبير وهم من أصحاب القرار في توجيه السياسة الأمريكية وبالذات فيما يخص إسرائيل وأترك للقارىء الكريم أن يحكم بنفسه وأن يقرر وأن يقارن بين ما تم تخطيطه قبل ثلاثين عاماً وبين مايحدث اليوم من ثورات وندرس مراحل هذه الثورات كما هي على أرض الواقع ولا شك أن ما يدور اليوم في العالم العربي يرجع الى أكثر من سبب والى أكثر من جهة
وفيما يلي تفاصيل المشروع الصهيو أمريكي لتفتيت العالم الإسلامي والعربي لبيرنارد لويس
مصر:
يتم تقسيمها الى أربع دويلات
1: سيناء وتظل تحت النفوذ اليهودي ( ليتحقق حلم اليهود)
2: دولة قبطية تمتد من جنوب بني سويف حتى جنوب المنيا
3: دولة النوبة تتكامل مع الأراضي الشمالية السودانية وعاصمتها أسوان
4: مصر الإسلامية عاصمتها القاهرة وتشمل الجزء المتبقي من مصر
السودان:
تقسم الى أربع ولايات
1: دويلة النوبة المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية والتي عاصمتها أسوان
2: دويلة الشمال السوداني الإسلامي وعاصمتها الخرطوم
3: دويلة الجنوب السوداني المسيحي والتي تم إعلان استقلالها نتيجة الإستفتاء
4: دارفور والمؤامرات لا زالت مستمرة لفصلها عن السودان بعد الجنوب لأنها غنية باليورانيوم والذهب والنفط
المغرب العربي:
تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب وتونس بهدف إقامة
1: دولة الأمازيغ على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان
2: دويلة البوليساريو
3: الباقي تقسيم دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا الى أقسام متناحرة بعضها شمالي جنوبي وبعضها شرقي وغربي كما يحدث في ليبيا الآن
شبه الجزيرة العربية:
إلغاء السعودية والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة العربية ثلاث دول فقط
1: دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين والجزء الشرقي للمملكة السعودية
2: دولة نجد السنية
3: دولة الحجاز السنية
سوريا:-
يتم تقسيمها الى أقاليم متمايزة عرقيا أو دينياً أو مذهبياً الى أربع دويلات
1: دولة علوية شيعية ( على امتداد الساحل)
2: دولة سنية حول حلب
3: دولة سنية حول دمشق
4: دولة الدروز في الجولان ولبنان ( الأراضي الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضي اللبنانية)
العراق: –
يتم تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم متمايزة عرقيا أودينيا أو مذهبيا
1: دولة شيعية في الجنوب
2: دولة سنية في الوسط
3: دولة كردية في الشمال
لبنان:-
تتضمن أفكاره تقسيم لبنان الى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية
1: دويلة سنية في الشمال وعاصمتها طرابلس
2: دويلة مارونية شمالا وعاصمتها جونيه
3: دويلة سهل البقاع العلوية عاصمتها بعلبك خاضعة للنفوذ السوري ( شرق لبنان)
4: بيروت الدولية (المدولة)
5: كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني
6: كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة
7: دويلة درزية ( في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة)
8: كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي
الأردن:-
تصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين
فلسطين:-
ابتلاعها بالكامل وهدم مقوماتها وتشريد شعبها
اليمن:-
إزالة الكيان الدستوري الحالي للدولة اليمنية بشطريها واعتبار مجمل أراضيها جزءاً من دولة الحجاز
إيران وباكستان وأفغانستان:-
يتم تقسيمها الى عشرة كانتونات عرقية ضعيفة
1: كردستان
2: أذربيجان
3: تركستان
4: عربستان
5: إيرانستان ( ما بقي من إيران بعد التقسيم)
6: بوخونستان
7: بلوشستان
8: أفغانستان ( ما بقي منها بعد التقسيم)
9: باكستان ( ما بقي منها بعد التقسيم)
10: كشمير
تركيا:-
انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق
هذا ملخص لمشروع بيرنارد لويس الذي تم عرضه على القيادة الأمريكية ولا نستطيع أن نجزم أو ننفي أنه قيد التنفيذ او على الأقل قد تم التأثر بما جاء فيه فاستشراف المسقبل صعب للغاية في ظل الظروف الراهنة ولكن الذي يهمنا بصفة خاصة وهامة أن هذا المشروع يهدف الى القضاء على النظام في الأردن وتحويله الى وطن بديل للفلسطينيين
الربيع العربي كيف بدأ وانتشر في عدد من الدول العربية :
السودان :
قبل البدء في استعراض الأحداث التي اجتاحت العالم العربي منذ ثلاثة أعوام ونيف لا بد لنا من أن نستعرض بعض جذور الصراع التي غرستها الدول العظمى وبالذات بريطانيا في قلب العالم العربي ولقد اخترنا السودان لطرحه كمثل عربي على وضاعة وخبث الإستعمار الغربي وتخطيطه في إيقاع الفتنة العرقية والطائفية والدينية المستمرة ضمن الدولة الواحدة وإبقاء جذوة الحرب الأهلية مستعرة ولقد تعاملت حكومة الإحتلال البريطاني مع جنوب السودان بشكل منفصل عن الشمال وتركته بين خيارين إما إنشاء إدارة فيدرالية للجنوب وضمه للشمال أو ضم الجنوب للشمال كإقليم عادي كغيره من أجزاء الشمال الأخرى واتبعت أساليب قمة في الدهاء الشرير من حيث استثناء الجنوب من المجلس التشريعي ومنع المجلس من مناقشة أي أمر يتعلق بالجنوب واستعمال اللغة الإنجليزية واللغات المحلية في التعليم ومنع تدريس اللغة العربية وتغييب الدعوة الإسلامية عن الجنوب وتشجيع التبشير المسيحي واستصدار قانون المناطق المقفولة الذي ينص على منع التجار الشماليين من الإستيطان في الجنوب حتى اتضح أخيرا ما تعارف على تسميته بمنطقة الحكم الذاتي الذي يعرف بجنوب السودان . ولقد تعرض السودان إلى حربه الأهلية الأولى عام 1955 نتيجة عصيان كتيبة جنوبية للأوامر الصادرة إليها بالإنتقال إلى شمال السودان وانفلتت زمام الأمور الأمنية في الجنوب وتعرض كثير من الشماليين في الجنوب للقتل والأذى على أسس عرقية ودينية واستمر الصراع لمدة 19 عاما وانتهى الصراع بتوقيع اتفاق أديس أبابا عام 1972 الذي لم يعالج بذور الصراع وشهد السودان الحرب الأهلية الثانية التي بدأت عام 1983 والتي استمرت طوال 22 عاما وهي إحدى أطول وأعنف الحروب الأهلية وراح ضحيتها ما يقارب 1.9 مليون قتيل ونزح خلالها أكثر من 4 ملايين وانتهى النزاع رسميا مع توقيع اتفاق للسلام في كانون الثاني عام 2005 بين حكومة رئيس السودان عمر البشير وبين قائد قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرانق على أن يتبعه استفتاء رسمي على تقرير المصير والذي تم إجراؤه في كانون الثاني عام 2011 وبناء على نتائج هذا الإستفتاء انفصل جنوب السودان رسميا عن السودان الأم وتم الإعلان بتاريخ 9/7/2011 رسميا عن ميلاد جمهورية جديدة مستقلة في جنوب السودان بإسم ( جمهورية جنوب السودان ) وبالرغم من أن إتفاق السلام قد أنهى الحرب بين الشمال والجنوب لكنه لم ينه الخلاف على ملفات من بينها ترسيم الحدود ومصير الديون المشتركة وتقاسم واردات النفط والذي تقع آباره في الجنوب ولكن أنابيب النفط تمر عبر الشمال من أجل تصديره .
هذه لمحة بسيطة عن تاريخ دولة عربية تعرضت منذ استقلالها إلى حرب مفروضة عليها أورثتها إياها بريطانيا العظمى . وسوف نستطلع خلال استعراضنا للدول العربية التي عصف بها ربيع الثورات بعض مواضع الصراع والميراث الذي زرعته فينا دول الغرب وفي بعض الأحيان دول الشرق في إشارة إلى الإتحاد السوفياتي سابقا وروسيا حاليا وجمهورية إيران الإسلامية .
تونس :
بتاريخ 17/12/2010 أقدم المواطن التونسي طارق الطيب محمد البوعزيزي بإضرام النار في جسده أمام مقر ولاية سيدي بو زيد احتجاجاعلى مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد لعربته التي كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها بحق الشرطية فادية حمدي التي صفعته على وجهه أمام الملأ وقالت له باللغة الفرنسية (DEGAGE) أي ( إرحل ) والتي تحولت هذه الكلمة فيما بعد إلى شعار الثورة للإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي مما أدى إلى الإنتفاضة الشعبية والثورة التي أطاحت بالنظام التونسي خلال شهر حيث غادر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وعائلته البلاد في طائرة خاصة متوجها إلى جدة بتاريخ 14/1/2011 . ولقد توفي طارق الطيب محمد البوعزيزي بعد 18 يوما متأثرا بحروقه ليكون أول شهيد عربي في الربيع العربي .
مصر :
بتاريخ 25/1/2011 المتزامن مع عيد الشرطة انتشرت الدعوات من خلال مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر إلى التظاهر من قبل العديد من القوى السياسية غير الحزبية كلنا خالد سعيد وحركة شباب 6 أبريل وحركة شباب من أجل العدالة والحرية والحركة المصرية من أجل التغيير والجمعية الوطنية للتغيير والحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير ( حشد) وقد لبى الدعوة أعداد غفيرة من مختلف طبقات المجتمع المدني كما أعلنت جماعة الأخوان المسلمين مشاركتهم في مظاهرات 25 يناير .
ولقد حددت الدعوة ثلاثة ضوابط للمشاركين في المظاهرات أكدت احترامها للشرطة كهيئة وطنية وحذرت من أعمال التخريب أو أعمال الشغب ونفت الجماعة دعوتها للحشد في موقع معين بحيث تعم المظاهرات كامل النطاق الجغرافي في مصر فاندلعت المظاهرات في القاهرة في ميدان التحرير والإسكندرية والسويس والمحلة الكبرى والإسماعيلية وغيرها من محافظات مصر وأضحت في مساء اليوم تظاهرات شعبية عارمة ترفع شعارات ضد الفقر ضد الجهل ضد البطالة ضد الغلاء ضد الفساد وأخذوا يطالبون برحيل الحكومة وتزايدت أعداد الحشود بعد انتشار نبأ سقوط أول شهيد للثورة المصرية غريب عبد العزيز في مدينة السويس . وكانت تظاهرات 25/1/2011 بمثابة الشرارة الأولى التي أشعلت لهيب الثورة المصرية رافعة شعار ” الشعب يريد إسقاط النظام ” . وبعد 18 يوما من استمرار المظاهرات ووقوع المصادمات أعلن السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية بتاريخ 11/2/2011 نبأ تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن السلطة وتولي المشير محمد حسين الطنطاوي رئاسة الفترة الإنتقالية بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة . وخرج الملايين في جميع المحافظات إلى الشوارع والميادين ابتهاجا بتحقيق أول مطالب الثورة المتمثل في إسقاط النظام . وبتاريخ 17/4/2011 قررت جماعة الأخوان المسلمين وجناحها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة الدفع بمحمد مرسي مرشحا للرئاسة . ولقد تصدر كل من محمد مرسي وأحمد شفيق الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية لكن دون حصول أي منهما على أكثر من 50% المطلوبة للفوز . مما اقتضى إجراء جولة ثانية من الإنتخابات وبتاريخ 24/6/2012 أعلنت لجنة الإنتخابات الرئاسية في مصر عن فوز محمد مرسي في الجولة الثانية من الإنتخابات بنسبة 51.7% بينما حصل أحمد شفيق على نسبة 48.3% .
بتاريخ 30/6/2012 تولى محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب منذ حصول مصر على استقلالها حتى تاريخ 3/7/2013 حيث قامت ثورة جماهيرية عارمة جديدة مدعومة من قبل القوات المسلحة المصرية بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي وإلقاء القبض عليه . ومن ثم نصب عدلي محمود رئيسا مؤقتا لمصر بإعتباره رئيس المحكمة الدستورية واستمر في منصبه من 4/7/2013 لغاية 8/7/2014 حيث تولى المشير عبد الفتاح السيسي السيسي رئاسة الجمهورية بعد فوزه الساحق في انتخابات رئاسة الجمهورية المصرية بعد حصوله على أكثر من 23 مليون صوت بنسبة فاقت 96% من أصوات الناخبين .
ليبيا :
بتاريخ 15/2/2011 وإثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم فتحي تربل خرج أهالي الضحايا في مدينة بتغازي ومناصريهم لتخليصه من الإعتقال لعدم وجود أسباب مقنعة لإعتقاله . وارتفعت الأصوات مطالبة بإسقاط النظام وإسقاط العقيد معمر القذافي شخصيا مما دعا الشرطة إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين واستمرت المظاهرات حتى صباح اليوم الثالي وامتدت الإنتفاضة لتشمل الرجبان والزنتان وشهدت البيضاء سقوط أول شهداء الثورة بتاريخ 16/2/2011 وقام المتظاهرون بحرق مقر اللجان الثورية ومركز الشرطة المحلي ومبنى المصرف العقاري في الزنتان وتزايد عدد الشهداء وما أن اطل صباح 17/2/2011 حتى امتدت الإنتفاضة إلى معظم مدن المنطقة الشرقية بعد سقوط أكثر من 400 قتيل وجريح برصاص الأمن العام .
بتاريخ 19/2/2011 إتسعت رقعة المظاهرات إلى عدة مدن ليبية ووصولها إلى طرابلس وسقوط مدينة بنغازي من قبضة نظام القذافي وبتاريخ 21/2/2011 تم استخدام الطائرات لتفريق المتظاهرين في طرابلس وفي اليوم التالي أعلن وزير الداخلية الليبي اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي استقالته وانضمامه لثورة 17 فبراير تبعه انشقاق مسؤولين ليبيين كبار و دبلوماسيين إلى الثورة الجديدة وأعلن القذافي أن تنظيم القاعدة هو وراء الأحداث .
وبتاريخ 25/2/2011 دعا الرئيس الفرنسي نيكولاي سيركوزي الرئيس القذافي إلى الرحيل وأعلنت الولايات المتحدة فرضها عقوبات على النظام الليبي وبتاريخ 27/2/2011 قرر مجلس الأمن فرض عقوبات على نظام القذافي وشمل حظرا على سفر القذافي وأفراد عائلته وبعض المقربين إليه وتجميد أرصدتهم وإحالة القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية . تبعه في اليوم التالي إقرار الإتحاد الأوروبي حزمة عقوبات على القذافي وحكومته وعائلته من بينها حظر على بيع الأسلحة والسفر إلى دول الإتحاد الأوروبي.
بتاريخ 1/3/2011 تم الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني الإنتقالي في بنغازي ليتولى شؤون المناطق المحررة بما في ذلك الإتصال بالدول الأجنبية وإدارة المعارك العسكرية وتم عقد الإجتماع الأول بتاريخ 5/3/2011
بتاريخ 7/3/2011 طالب مجلس التعاون الخليجي بفرض حظر جوي على ليبيا ولوح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالخيار العسكري ضد ليبيا . وفي اليوم التالي صدر نداء أممي لإغاثة مليون لاجىء من ليبيا حيث تركزت المعارك في الزاوية قرب طرابلس ورأس لانوف في الشرق
بتاريخ 10/3/2011 أعلنت فرنسا اعترافها بالمجلس الوطني الإنتقالي وطالبت بشن غارات جوية محدودة على قوات القذافي وبتاريخ 12/3/2013 طالب وزراء الخارجية العرب المجتمعون في القاهرة مجلس الأمن الدولي بفرض حظر جوي على ليبيا لمنع القذافي من قصف المدن والثوار بالطائرات في حين كانت قوات القذافي تشن هجومها في محاولة لإستعادة السيطرة على مدينة مصراته .
بتاريخ 17/3/2011 أصدر مجلس الأمن قرار رقم 1973 بفرض حظر جوي على ليبيا وإباحة استخدام القوة لحماية المدنيين من هجمات القوات التابعة للقذافي وامتنعت خمس دول عن التصويت على القرار هي روسيا الصين وألمانيا والهند والبرازيل .
بتاريخ 19/3/2011 أعطى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أوامره للقوات الأمريكية ببدء عملية عسكرية محدودة ضد ليبيا حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون أن سفنا حربية وغواصات أمريكية وبريطانية أطلقت 110 صاروخ من نوع توماهوك ضمن المرحلة الأولى من عملية فجر الأوديسا لإرغام القذافي على التقيد بحظر الطيران كما أعلنت فرنسا أن طائراتها شنت غارات جوية على عدد من الدبابات والمركبات على الكتائب الموالية للقذافي. وبتاريخ 21/3/2011 أعلنت الولايات المتحدة أنها ستسلم قيادة العمليات العسكرية في ليبيا إلى حلف الناتو
بتاريخ 28/3/2011 أعلنت قطر اعترافها بالمجلس الوطني الإنتقالي ممثلا للشعب الليبي
بتاريخ 6/4/22011 الرئيس معمر القذافي يناشد الرئيس الأمريكي وقف العمليات العسكرية لحلف الناتو في ليبيا.
بتاريخ 10/4/2011 الرئيس معمر القذافي يستقبل وفد الرؤساء الأفارقة الذين يتوسطون لإيقاف المعارك وإيجاد حل للأزمة الليبية ولكن المجلس الإنتقالي في اليوم التالي أكد رفضه للخطة الإفريقية وتمسكه برحيل القذافي .
بتاريخ 30/4/2011 قام حلف الناتو بشن هجوم بالصواريخ على منزل في طرابلس أسفر عن مقتل الإبن الأصغر للقذافي سيف العرب وثلاثة من أحفاده
بتاريخ 22/5/2011 الإتحاد الأوروبي يفتتح ممثلية في بنغازي وبتاريخ 27/6/2011 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق معمر القذافي وسيف الإسلام وعبد الله السنوسي لإرتكابهم جرائم ضد الإنسانية
بتاريخ 20/8/2011 الثوار ينجحون في السيطرة على العاصمة طرابلس
وبتاريخ 20/10/2011 شاهدتُ كغيري من المشاهدين صور اعتقال معمر القذافي واستمعت إلى أولى كلماته وهو لازال مختبئا تحت العبارة ومن ثم تعرضه للضرب ونقله إلى السيارة التي نقلته من سرت إلى مصراتة كان حيا حين تم إلقاؤه في السيارة ولكنه كان ميتا حين وصل إلى مصراته وهناك أثر لطلقة في الجبهة فوق العين اليسرى اخترقت جمجمته وتسببت في وفاته.
ولقد اختلفت المعلومات حول تعداد قتلى المعارك الليبية ولكنها كانت الأعلى من ضمن الثورات العربية في ذلك الوقت حيث وصل عدد القتلى 50 ألف وعدد الجرحى 70 ألف وأكثر من 20 ألف مفقود .
اليمن :
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تولى السلطة عام 1978 حتى عام 2012 حيث قام الرئيس بتسليم السلطة بعد سنة كاملة من الإحتجاجات وعلى رأسها ما عرف بإسم ثورة الشباب اليمنية أو ثورة التغيير السلمية ويطلق عليها اسم ثورة 11 فبراير علما بأن أولى المظاهرات الفعلية قد بدأت بتاريخ 15/2/2011 واستمرت ثورة الشباب فعليا حتى انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا للبلاد عام 2012 ولكن ظلت الإعتصامات والمظاهرات تقام من فترة لأخرى حتى قيام الرئيس هادي بتفكيك شبكة أقارب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح من المناصب العليا ومن الجيش ضمن خطوات إعادة هيكلة الجيش اليمني وبتاريخ 18/4/2013 رفعت آخر خيام التغيير بصنعاء وأعلنت قيادة ثورة الشباب اليمنية تعليق الإعتصامات والمظاهرات .
وقبل التطرق إلى مجريات الثورة ومراحلها يجدر بنا الإشارة إلى نقطة هامة ترجع في تاريخها الى بداية عام 2004 في شهر يناير وذلك أثناء قيام الرئيس علي عبد الله صالح بزيارة إلى محافظة صعدة لأداء صلاة الجمعة وأراد علي عبد الله صالح أن يخطب في جموع المصلين ففوجىء بإطلاق صرخات تردد شعارات ( الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام ) وكانت هذه الشعارات قد بدأ عدد كبير من الشباب الذين التفوا حول حسين بدر الدين الحوثي بترديدها في المساجد اليمنية بعد قيام القوات الأمريكية بإحتلال العراق عام 2003 . ولقد تم اعتقال 800 شخص من أنصار الحوثيين . ولقد طلب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من حسين الحوثي الإلتقاء به في صنعاء إلا أن حسين الحوثي رفض ذلك وفي شهر حزيران 2004 حاولت فرقة عسكرية من الجيش اليمني توقيف حسين الحوثي الذي كان يعيش في مديرية مران وأدت هذه المحاولة إلى إندلاع مواجهات بين الحوثيين والقوات الحكومية أدت فيما بعد إلى بداية الحرب بشكل رسمي بتاريخ 18/6/2004 وتم الإعلان عن مقتل حسين بدر الدين الحوثي بتاريخ 10/9/ 2004 واستمرت الحروب المتتالية بين الجيش اليمني والحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي الشقيق الأصغر لحسين الحزثي حتى تجاوزت الست حروب تخللتها إتفاقية للهدنة تحت رعاية قطرية .وفي عام 2011 اشتبك الحوثيون مع قوات سعودية في تلك الأثناء كان الرئيس اليمني قد صب جل اهتمامه بعد احتلال أفغانستان بمحاربة تنظيم قاعدة الجهاد الجنوبي التابع لتنظيم القاعدة .
يحاول الكثيرون من المفكرين والباحثين ربط الحوثيين بتيار الشباب المؤمن الذي تم تأسيسه عم 1992 بزعامة كل من محمد سالم عران وعبد الكريم جدبان اللذين يقال إنهما كانا على إتصال وثيق بقادة شيعيين في كل من إيران ولبنان
بتاريخ 11/2/2011 خرج الآلاف من الشباب إلى الميادين العامة في صنعاء ومدن الجنوب ابتهاجا بإنتصار الثورة الشعبية المصرية وطالبوا بتحسين أحوالهم الإجتماعية
بتاريخ 15/2/2011 المعارضة اليمنية تطالب بتنحية جميع أقارب الرئيس من المناصب القيادية في المؤسسات العسكرية والأمنية والحكومية والرئيس اليمني يقرر فتح مكتبه للإستماع للمواطنين ومناقشة قضاياهم
بتاريخ 20/2/2011 الرئيس علي عبد الله صالح يجدد دعوته للمعارضة من أجل الحوار ولكنه يؤكد أنه لن يرحل إلا عبر صناديق الإقتراع
آلاف الحوثيين يتظاهرون شمال صعدة بالتزامن مع آلاف المتظاهرين في ساحة التغيير في صنعاء يطالبون برحيل على عبد الله صالح
بتاريخ 1/3/2011 إتساع رقعة الإحتجاجات والرئيس اليمني يعلن أنه مستعد للرحيل شريطة ضمان انتقال سلس للسلطة ويقرر إقالة حكام خمس محافظات سادتها المظاهرات
بتاريخ 10/3/2011 الرئيس اليمني يدعو إلى الإنتقال من نظام الحكم الرئاسي إلى نظام برلماني والإستفتاء على دستور جديد للبلاد وفي اليوم التالي شهدت البلاد مظاهرات حاشدة في مناطق مختلفة في اليمن رفضا لمبادرة الرئيس وارتفاع نسبة النواب المستقيلين من المؤتمر الشعبي الحاكم إلى 18
بتاريخ 3/6/2011 تم استهداف الرئيس علي عبد الله صالح عقب صلاة الجمعة بمسجد في دار الرئاسة تم نقله بعدها إلى السعودية لتلقي العلاج وقتل في العملية 11 شخصا من حراس الرئيس وأصيب ما يقارب ال 124 شخصا بينهم عدد كبير من المسؤولين
23/9/2011 عودة الرئيس علي عبد الله صالح إلى اليمن بعد رحلة علاج في السعودية وإندلاع مواجهات بين قواته وقوات مساندة للمطالبين برحيله أوقعت 13 قتيل
23/11/2011 الرئيس اليمني يوقع في الرياض على إتفاق نقل السلطة في ضوء المبادرة الخليجية حيث اتفقت الأطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 14 يوما وإجراء إنتخابات رئاسية خلال 90 يوما
21/1/2012 صوت مجلس النواب اليمني بالإجماع على منح الرئيس اليمني حصانة ضد أي ملاحقة قضائية كما أجمع المجلس على تزكية عبد ربه منصورهادي مرشحا توافقيا للإنتخابات الرئيسية المبكرة . ولقد شارك 65% من أصوات الناخبين المسجلين في انتخاب الرئيس اليمني الجديد حيث قام بتاريخ 25/2/2012 بأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان وأصبح رئيسا لليمن بعد تنازل علي عبد الله صالح عن السلطة رسميا بتاريخ 27/2/2012
سوريا :
بتاريخ 6/3/2011 قامت الأجهزة الأمنية في مدينة درعا بإعتقال عدد من تلاميذ المدارس بعد أن قاموا برسم جمل وكتابات مناهضة للنظام الحاكم على جدران المدارس في محافظة درعا تأثرا بموجة الثورات العربية في تونس وليبيا ومصر. وبدأ اهل الطلبة بالتحرك من أجل إطلاق سراح أبنائهم حيث توجه بعض الشيوخ وزعماء قبائل المنطقة إلى محافظ درعا وقدموا له عمائمهم وهو تقليد متبع كإشارة على مطلبهم بإطلاق سراح أبنائهم . ولكن المحافظ قام بطردهم ولم يبال بتنفيذ مطالبهم مما أدى إلى قيام الآلاف بالخروج في مظاهرات تندد بالحكومة .
بتاريخ 18/3/2011 انطلقت مظاهرات كبيرة في مدينة درعا ضمن فعاليات جمعة الغضب وقد قابل رجال الأمن هذه المظاهرة بإطلاق نار على المتظاهرين مما أدى إلى سقوط أربعة قتلى وعدد من الجرحى وفي اليوم التالي خرج الآلاف لتشييع قتلى الجمعة واستمرت المظاهرات يوما بعد يوم وتزايد عدد المتظاهرين على عشرة آلاف متظاهر وامتدت المظاهرات إلى القرى المجاورة جاسم ونوى والشيخ مسكين
بتاريخ 22/3/2011 استمرت المظاهرات واعتصم بعضهم في المسجد العمري وقامت قوات الأمن بإقتحام المسجد فجر اليوم التالي في الساعة الواحدة والنصف صباحا وإطلاق النار على المعتصمين مما أدى إلى مقتل ستة مدنيين. كما شهد اليوم ذاته هجوما مسلحا من قبل مجهولين على سيارة إسعاف أدى إلى سقوط أربعة قتلى من بينهم شرطي . وتفاقمت المظاهرات حتى زادت على ثلاثين ألف متظاهر .
إن ما جرى في درعا إنما هو صورة لما جرى في كل المحافظات والمدن والقرى والمدارس والمساجد الفرق الوحيد أنها تختلف في التسمية وفي أعداد القتلى مثل جمعة الكرامة وجمعة الشهداء وجمعة الصمود وجمعة الإصرار وجمعة الغضب
النفط والغاز :
الحرب الرابعة حرب الخلايا النائمة وحرب الإنابة :
بعد الخسائر المادية والبشرية والمعنوية الهائلة التي تكبدتها الولايات المتحدة في حروبها ضد الإرهاب لا سيما بعد احتلالها لكل من أفغانستان والعراق وبعد العودة إلى مخططات سابقة لتفتيت العالم العربي والإسلامي وفي مقدمتها وثيقة بنرمان ووثيقة برنارد لويس ومنتجات الطوق النظيف لتحطيم الجيوش العربية التي تحيط بإسرائيل وسبق لها أن حاربت إسرائيل وبعد تعهد الرئيس الجديد باراك أوباما بسحب قواته من أفغانستان والعراق . فلقد تم استبدال الإستراتيجية العظمى للولايات المتحدة إلى إيقاظ مخطط الشرق الأوسط الجديد وإذكاء مبادىء الفوضى الخلاقة واستغلال بعض المنظمات مثل مجموعة إدارة الأزمات الدولية ومراكز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في إيقاظ وترويج الأخوان المسلمين لتولي المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط مع محاولة إعادة إعتبار للحركات السياسية والحزبية تحت غطاء وطني ديني إسلامي قومي عربي وإعادة الإتصال مع عملائهم على كل المستويات في الدول العربية .
ولقد برزت حرب جديدة تعرف بحرب الأضداد في العالم العربي ففي بعض الأحيان يكون هناك ضد قوي واحد ضد النظام مثل الأخوان المسلمين في مصر ومثل المسيحيين في جنوب السودان ضد المسلمين في الشمال وقد يكون هناك أكثر من ضد بارز واحد مثل الحوثيين وتنظيم القاعدة ورجال القبائل في اليمن وقد تطفو على سطح الأحداث مجموعات وتنظيمات حديثة وتيارات متعددة لا تعلم من يقاتل من نتيجة سقوط النظام كما هوحاصل في ليبيا وهناك بعض التنظيمات والميليشيات التي لا يمكن جمعها تحت هدف واحد بالرغم من أنها تنقسم بين تنظيمات موالية للنظام وتنظيمات مناهضة للنظام فلو حاولنا على سبيل المثال تعداد المنظمات والميليشيات في سوريا لوجدنا أن هناك قسمين رئيسيين الأول موالي للنظام وعلى رأسه الجيش السوري والأجهزة الأمنية والشبيحة ولواء أبو الفضل عباس وحزب الله . أما التنظيمات المناوئة للنظام فهي الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والجيش السوري الحر وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية والجبهة الإسلامية السورية ولواء صقور الشام وتنظيم خراسان ووحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش).
أما في العراق فتنقسم التنظيمات والميليشيات والأحزاب إلى ثلاثة تصنيفات رئيسة الأول الأحزاب والميليشيات الشيعية وتتوزع في محافظات الجنوب وفي بغداد ويضم هذا التصنيف التيار الصدري وجيش المهدي والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وعصائب أهل الحق وحزب الدعوة الإسلامية ومجموعة الفضلاء ومنظمة العمل الإسلامي بالإضافة إلى العديد من التنظيمات السياسية الإسلامية والتي يطلق عليها قوى الإنتفاضة الشعبانية
أما التصنيف الثاني فهو الأحزاب والميليشيات السنية وتتوزع في محافظات وسط العراق السنية وينضوي تحت لوائها كل من قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ودولة العراق الإسلامية ورجال الطريقة النقشبندية وجيش أنصار السنة وجماعة أنصار الإسلام وجيش المجاهدين والجيش الإسلامي في العراق وجيش محمد وسعد بن أبي وقاص وفصائل المقاومة الجهادية والجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية وكتائب ثورة العشرين وتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) وثوار العشائر والمجالس العسكرية واتحاد القوات الحكومية .
وهي عبارة عن تراكمات أورثها الأمريكي بول بريمان من خلال العملية السياسية المتعلقة بكتابة الدستور على أساس طائفي تحاصصي ووصول قيادات سياسية وحكومات غالبيتها متورطة بالفساد ونهب الأموال
أما في الشمال فلا يوجد غير ميليشيا كردية عسكرية واحدة هي البشمركة الكردية والواقع أنه ليس من قبيل الحق تسمية البشمركة ووصفها بالميليشيا لأن البشمركة هي جيش عسكري يعتبر من أقوى الجيوش المتواجدة في العراق الآن وفي ظل الظروف الراهنة ويتراوح تعداد قواته ما بين 275 ألف إلى 300 مقاتل حاربوا بجانب القوات الأمريكية ضد الجيش العراقي تحت إمرة صدام ولقد قامت الولايات المتحدة بمكافأتهم بمئات الدبابات والمدرعات وقطعات المدفعية التي تم الإستيلاء عليها من الجيش العراقي وهناك عدد كبير من المستشارين العسكريين من الأمريكان .
لو حاولنا اعتصار الفكر وأشغلنا العقل وحاولنا أن نجد مبررا لما حققه كل من الحوثيين وداعش خلال الأشهر الماضية فهل نصدق أن الحوثيين قد استولوا على العاصمة اليمنية واحتلوا معظم المدن اليمنية بدءا بالحديدة والصليف وميدى في طريقهم للسيطرة على مضيق باب المندب وعلى حقول النفط . وهنا تكمن الخطورة فإيران تسيطر على مضيق هرمز من خلال احتلالها لكل من جزيرة أبو موسى وجزيرة طنب الصغر وطنب الكبرى والآن يسيطر الحوثيون المدعومين من الجمهورية الإيرانية الإسلامية على مضيق باب المندب . وإننا شئنا أم أبينا فإن الكماشة الإيرانية قد أطبقت على شرايين التجارة لدول الخليج العربي والعراق .
وعودة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح في فترة زمنية لا تزيد على الأشهر قوة ضاربة تحتل ما مساحته من 45% من العراق والتي تشمل ست محافظات عراقية سنية تفصل الجنوب الشيعي عن الشمال الكردي وتحتل ما مساحته 20% من سوريا . بعد أن تخلت الفرق العسكرية للجيش العراقي في أقاليم الوسط عن مواقعها ودباباتها ومدافعها ومخازن ذخيرتها وعتادها وتم تسليمها إلى قوات تنظيم الدولة الإسلامية والتي وصلت قواتها إلى مسافة 35 كيلومترا من أربيل عاصمة الأكراد بعد سقوط الموصل .
وتستنفر كل الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة بالإضافة إلى تحالف عربي مؤلف من عشر دول عربية وتركيا وتنعقد من أجله إجتماعات عسكرية على مستوى رؤساء أركان 21 دولة وتتحرك حاملات الطائرات وتنهمر عليهم بقايا صواريخ التوماهوك الأمريكية وطائرات خمس دول عربية بالإضافة إلى كل من فرنسا وبريطانيا . رغم إقرار الولايات المتحدة بحقيقتين أن الغارات الجوية لن تستطيع لوحدها كسب المعركة ضد داعش وأن الجيش العراقي غير مجهز وبحاجة إلى فترة عام على أقل تقدير لتدريبه وتجهيزه ليخوض حربا برية ضد داعش .
ولو عدنا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في عجالة لتعريف القارىء بأبعاد هذا التنظيم الذي سبق وأن تطرقنا له بالتفصيل في الجزء الأول لوجدنا أن نشأة هذا التنظيم في العراق ترجع إلى ( أبو مصعب الزرقاوي ) الذي انتقل من معسكر هيرات إلى إيران بعد قيام الولايات المتحدة بإحتلال أفغانستان وسقوط نظام طالبان ومن ثم انتقل هو ومجموعة من رفاقه إلى المناطق الكردية في شمال العراق وفي كردستان حيث قام عدد من أنصار الزرقاوي بتأسيس تنظيم ( جند الشام ) ثم أقاموا تحالفا مع فصيل كردي متشدد وأنشأوا تنظيما جديدا تحت اسم ( أنصار الإسلام ) . وبقي الزرقاوي في كردستان وأخذ يتنقل سرا بين كردستان وسوريا وبتاريخ 9/4/2003 تمكنت القوات الأمريكية من إحتلال بغداد وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين . في ظل هذه الظروف والمعطيات الجديدة انتقل أبو مصعب الزرقاوي إلى بغداد ووجد في المجتمع السني حاضنة إجتماعية وبدأ إجراء إتصالات واسعة ونجح في تأسيس جماعة من المتطوعين العرب بالإضافة إلى النواة الأساسية من الأردنيين وقامت هذه المجموعة بسلسلة من العمليات الإنتحارية من بينها تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد بتاريخ 19/8/2003 وإغتيال رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق محمد باقر الحكيم بتاريخ 29/8/2003 والهجوم على قاعدة عسكرية إيطالية في الناصرية بتاريخ 12/11/2003 وكانت الجماعة تعرف بإسم مجموعة الزرقاوي ولكنها وبعد إنضمام عمر يوسف جمعة ( أبو أنس الشامي ) تم الإعلان عن تأسيس جماعة التوحيد والجهاد في شهر أيلول 2003 . وبتاريخ 2/3/2004 قامت جماعة التوحيد والجهاد بمجموعة من الإعتداءات المتزامنة على الشيعة في كربلاء تسببت في مقتل 170 شخصا وجرح 550 شخصا . وكانت هذه الإعتداءات نقطة تحول خطيرة في الصراع داخل العراق إذ أطلقت العنان بصورة مرعبة للصراع السني / الشيعي وتعزيز المجابهة العسكرية بين السنة والشيعة وتوفير بيئة من الفوضى الأمنية والإحتقان الطائفي . وبدأ الإتصال مع تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وتم تغيير إسم الجماعة من التوحيد والجهاد إلى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وتدفق المئات من المتطوعين من العالم العربي والإسلامي وأوروبا للإلتحاق بتنظيم قاعدة الجهاد وتوسع نشاط هذا التنظيم خارج العراق ليشمل الأردن وسوريا ولبنان والسعودية واتسع نطاق عملياته ليشمل الولايات المتحدة حيث تم اتهامه بإرسال رسالة تحتوي على مادة ( الإنتراكس ) إلى زعيم أغلبية الجمهوريين بيل فريست . وكان أبو مصعب الزرقاوي يخطط إلى إقامة إمارة إسلامية سنية في وسط وغرب العراق تمثل رأس حربة إقليمي لتنظيم القاعدة في المنطقة . وفي صباح 7/6/2006 أعلن رئيس الحكومة العراقية عن مقتل أبو مصعب الزرقاوي في غارة جوية أمريكية على بعقوبة . وبعد مقتل الزرقاوي بأيام تم انتخاب أبي حمزة المهاجر زعيما للتنظيم وبتاريخ 15/10/ تم الإعلان عن تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبو عمر البغدادي . وفي يوم الإثنين الموافق 19/4/2010 شنت القوات الأمريكية والقوات العراقية عملية عسكرية في منطقة الثرثار استهدفت منزلا كان يتواجد فيه كل من أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وتم قصف المنزل بواسطة الطائرات ليقتلا معا وتم عرض جثتيهما معا على وسائل الإعلام . وتم الإعلان عن إختيار أبو بكر البغدادي ليصبح أميرا لدولة الإسلام في العراق وإسمه الحقيقي هو إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي من مواليد مدينة السامراء عام 1971 تخرج من الجامعة الإسلامية في بغداد وحصل على شهادة الدكتوراه ساهم في تأسيس مجموعات مسلحة في نطاق ديالى وسامراء وبغداد لمقاتلة قوات الإحتلال الأمريكية ولقد تعرض إلى الإعتقال على يد القوات الأمريكية عام 2005 واستمر قيد الإعتقال حتى عام 2009 وحسب أحد تقارير عميل المخابرات الأمريكية الهارب إدوارد سنودن صاحب وثائق ويكي ليكس أنه في هذه الفترة تم تجنيد أبو بكر البغدادي وتم تدريبه عسكريا واستخباريا وأكد أن دولة العراق الإسلامية هي نتاج تعاون استخباري أمريكي بريطاني إسرائيلي وأنه تم وضع خطة تحت رمز ( عش الدبابير) من أجل تجمع أكبر عدد ممكن من الميليشيات الإسلامية وتقويتها من أجل زعزعة أنظمة الحكم في الدول العربية وجر الدول المسلمة إلى صراع طويل الأمد بين السنة والشيعة من أجل إستكمال وتنفيذ مخطط بيرنارد لويس في تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات دويلة شيعية في الجنوب ودويلة سنية في الوسط ودويلة الأكراد في الشمال .
بعد اندلاع الأزمة السورية وأصبحت ثورة مسلحة بدأ تكوين الفصائل والجماعات لقتال النظام السوري . وفي أواخر عام 2011 تم تشكيل جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني واستمرت الجبهة بقتال النظام حتى وردت تقارير استخبارية عن علاقتها الفكرية والتنظيمية بفرع دولة العراق الإسلامية . وأدرجتها الولايات المتحدة على لا ئحة المنظمات الإرهابية . بتاريخ 9/4/ 2013 انتشر تسجيل صوتي منسوب لأبو بكر البغدادي يعلن فيه ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) إلا أن أبو محمد الجولاني رفض هذا الدمج وأعلن أنه ممثل لتنظيم القاعدة في الشام ومرتبط بأيمن الظواهري والذي طلب بدوره من أبو بكر البغدادي إلى تركيز نشاطه على العراق وترك سوريا إلى جبهة النصرة واندلعت الإشتباكات بين الطرفين في شهر كانون الثاني 2014 وقرر البغدادي في تحد سافر إلى أيمن الظاهري نقل نشاط تنظيمه إلى سوريا حيث سيطرت قواته على منطقة الرقة ودير الزور . وسرعان ما بدأ التنظيم في خوض معارك على أكثر من جبهة في سوريا بعضها ضد جبهة النصرة وبعضها ضد الجيش السوري الحر وبعضها ضد الأكراد السوريين ولقد تمكن تنظيم داعش من إغتيال ممثل الظواهري في سوريا المدعو أبو خالد السوري بتفجير مقره في مدينة حلب .
ولقد ازداد نفوذ داعش في العراق بعد عملية تحرير أكثر من 500 سجين من أتباع تنظيم القاعدة من سجن التاجي وسجن أبو غريب والقيام بالإستيلاء على مطار منغ العسكري وبتاريخ 29/9/2013 قاموا بإستهداف مقر الأمن العام في مدينة أربيل بسيارات مفخخة ولقد شهد كانون الثاني 2014 تسلل قوات من داعش إلى مدينتي الفلوجة والرمادي واحتلتهما بعد أشهر من تصاعد العنف في محافظة الأنبار مع أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على الرمادي بعد بضعة أيام .
وما أن تم الإعلان بتاريخ 19/5/2014 عن فوز ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي ب 95 مقعدا في الإنتخابات النيابية تسارعت الأحداث وقام تنظيم داعش بالسيطرة على محافظة نينوى والإستيلاء على مدينة الموصل بعد انسحاب القوات الحكومية العراقية تاركة مئات الدبابات وناقلات الجنود وقطعات المدفعية ومخازن الذخيرة والعتاد مما أدى إلى هروب 500 ألف مواطن غالبيتهم من المسيحيين وامتد تسونامي داعش لفرض سيطرته على سد الموصل والإنتشار لفرض سيطرته على المحافظات السنية الست أو ما يعرف بالمثلث السني لا سيما محافظة صلاح الدين التي تربط وسط العراق بشماله وتضم مدينة بيجي حيث أكبر مصافي النفط العراقية ولقد توجهت قوات داعش بإتجاه محافظة كركوك الغنية بالنفط بعد انسحاب الجيش العراقي إلا أن قوات البشمركة احتلت كل المناطق التي انسحب الجيش العراقي منها .
بتاريخ 14/6/2014 صدرت الأوامر إلى حاملة الطائرات الأمريكية النووية جورج بوش والتي يبلغ عدد طاقمها 3200 ضابط وبحار ومسلحة بصواريخ ( Rim-116 + MK 29 ) الموجهة وتحمل 90 طائرة من نوع إف 18 بالإنتقال من بحر العرب إلى الخليج العربي يصاحبها مدمرة وحاملة للصواريخ الموجهة
في قمة هذا التوسع لقوات داعش وبتاريخ 29/6/2014 أعلن أبو محمد العدناني الناطق الرسمي لتنظيم داعش عن ميلاد الخلافة الإسلامية ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين وأنه سيتم استخدام اسم ( الدولة الإسلامية ) وصاحب هذا التوسع في العراق توسع آخر في سوريا وامتداد إلى لبنان
وبلغت المساحة التي سيطرعليها تنظيم داعش حتى لحظة كتابة هذا البحث ما يقارب من 45% من مساحة العراق حيت امتدت لتشمل المناطق الشرقية المتاخمة للحدود الإيرانية والمناطق الشمالية المتاخمة لإقليم كردستان والحدود الأردنية والحدود السورية وتم إجتياح جبل سنغار الذي شهد عملية تهجير وتقتيل للأزيديين وما أن وصلت قوات داعش إلى مسافة 35 كيلو متر من مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان وبدأت بقصف أطراف المدينة . قام نوري المالكي بالإعلان عن استعداده للتخلي عن مطلبه في التمسك بتولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة .
بتاريخ 6/8/2014 تم عقد اجتماع بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع مجلس الأمن القومي وكبار القادة العسكريين وفي مقدمتهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي وكان هناك إتصال الكتروني من خلال شاشة متلفزة مع وزير الدفاع الأمريكي شاك هيغل للتباحث في موضوع وصول قوات داعش على متن دبابات أبرامز الأمريكية وأرتال من المدفعية الثقيلة الأمريكية الصنع ورشاشات إم 60 والتي حصل عليها ثوار داعش من الجيش العراقي في محافظات وسط العراق .
وبادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتاريخ 7/8/2014 بالإعلان عن إصدار أوامره إلى الطائرات الأمريكية الرابضة فوق حاملة الطائرات جورج بوش البدء بشن غاراتها الجوية على مواقع داعش .
بتاريخ 8/8/2014 قامت الطائرات الأمريكية إف 18 بأولى غاراتها الجوية على تنظيم داعش وتم إطلاق القنابل الموجهة بالليزر والتي تزن 500 رطل على معاقل داعش ومراكز تجمع المدفعية والدبابات على مشارف أربيل . وقد تم تحديد أهداف العملية العسكرية الجوية من أجل حماية طواقم الخبراء العسكريين المتواجدين في أربيل وطواقم موظفي القنصلية الأمريكية في أربيل وتقديم المساعدة العسكرية إلى قوات البشمركة ومنع داعش من الوصول إلى أربيل بالإضافة إلى تقديم المساعدات الممكنة من أجل حماية مئات الآلاف من المسيحيين الذين هاجروا إلى كل من أربيل ودهوك وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لا سيما المواد الغذائية إلى المشردين الأزيديين المحاصرين في جبل سنجار .
وبعد بدء عمليات القصف الجوي الأمريكي تمكنت قوات البشمركة بالتعاون مع الجيش العراقي من استعادة السيطرة على سد الموصل الإستراتيجي وقامت عدة معارك في عدد من المدن والقرى السنية أدت إلى استعادة قوات الجيش العراقي وقوات البشمركة سيطرتها عليها مثل قضاء سنجار وتلكيف والحمدانية والشيخان وإنسحاب قوات داعش منها .
بتاريخ 11/8/2014 تم تكليف الدكتور حيدر العبادي لتولي منصب رئاسة مجلس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والتحالف الوطني وبتاريخ 8/9/2014 منح البرلمان العراقي الثقة لحكومة العبادي .
بتاريخ 10/9/2014 ولمدة يومين تم عقد إجتماع في جدة ضم دول مجلس التعاون الخليجي وكلا من تركيا ومصر والأردن والعراق ولبنان وبمشاركة وزير الخارجية الأمريكي لبحث موضوع الإرهاب في المنطقة والتنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه وسبل مكافحته . وصدر في نهاية الإجتماع بيان ختامي أعلن موافقة 10 دول عربية على الإنضمام لحملة عسكرية منسقة ضد تنظيم الدولة الإسلامية “إذا اقتضت الحاجة” .
بتاريخ 16/9/2014 قامت قوات داعش بهجوم واسع النطاق على مدينة “عين العرب ” أو كوباني وتم شن هجمات متفرقة من غرب وجنوب المدينة وبتاريخ 7/10/2014 أعلن الرئيس التركي أن المدينة ستسقط في أيدي داعش وطالب بزيادة الغارات الجوية وتعزيز الدفاعات الأرضية ورفض كل الضغوط على تركيا للمشاركة في محاربة داعش والدفاع عن عين العرب ومساعدة الغالبية العظمى من الأكراد من سكان المدينة .
( مدينة عين العرب هي مدينة تابعة لمحافظة حلب وهي تتألف من قرى صغيرة وعدد من النواحي الإدارية يبلغ تعداد سكانها 44 ألف نسمة تقريبا ولقد ازدهرت خلال عامي 1911 وعام 1912 مع مشروع خط سكة حديد بغداد وتمت تسميتها بأسم عين العرب لكثرة عيون الماء والينابيع فيها ولقد سكنها مجموعات من الأرمن الذين هربوا من مذابح الأرمن في تركيا كما استقر فيها الأكراد بعد ترسيم الحدود مع تركيا عام1921 على امتداد خط السكة الحديد حيث أضحى جزء من المدينة على الجانب التركي والجزء الآخر على الجانب السوري )
.
بتاريخ 18/9/2014 أصدر الرئيس الأمريكي أوامره بشن هجمات صاروخية وجويه على تنظيم داعش في سوريا وقام الجنرال وليام مايفيل مدير العمليات لهيئة الأركان المشتركة بالإعلان أنه تم إطلاق 40 صاروخ من نوع توماهوك تجاه مواقع تنظيم خراسان غرب حلب بالإضافة إلى شن 8 غارات جوية أدت إلى مقتل قائد تنظيم خراسان الكويتي محسن الفضلي وعائلته في القصف على ريف إدلب .
بتاريخ 19/9/2014 شنت الطائرات الفرنسية من نوع رافال وطائرات بريجيت أتلانتيك من قواعدها في الإمارات العربية غارات جوية على تنظيم داعش قرب الفلوجة كما أرسلت مجموعة من القوات الخاصة الفرنسية من أجل القيام على تدريب قوات البشمركة على استخدام السلاح الفرنسي الذي أرسلته فرنسا كدعم للقوات الموجودة على الأرض وأكد الرئيس الفرنسي أنه لن يرسل أي قوات فرنسية للمشاركة في أي حرب برية .
وتوالت الدول المختلفة في الإعلان عن مشاركتها في التحالف الدولي ضد داعش منها استراليا وبلجيكا وكندا وهولندا وبريطانيا .
وبتاريخ 23/9/2014 أعلنت خمس دول عربية عن مشاركة طائراتها الحربية بالمشاركة في قصف مواقع داعش في سوريا وهي الأردن وقطر والبحرين والإمارات والسعودية
وبتاريخ 26/9/2014 وافق البرلمان البريطاني بتوجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق
بتاريخ 14/10/2014 عقد رؤساء أركان جيوش 21 دولة إجتماعا في قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن حيث قدم الجنرال لويد أوستن قائد القيادة الأمريكية الوسطى تقريرا حول الضربات الجوية بصفته المشرف على الحملة الجوية . وبالرغم من سرية توصيات هذا الإجتماع إلا أن ردود الفعل وتصريحات الإدارة الأمريكية أن الحرب على داعش ستستغرق وقتا طويلا وأنها لن تدفع بقواتها على الأرض كما صدرت تصريحات عن جون كيري أن أكثر من 60 شريكا تعهدوا بالإنضمام إلى الجهود الأمريكية للقضاء على تنظيم داعش .
بتاريخ 20/10/2014 تم الإعلان عن زيارة الدكتور حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية إلى جمهورية إيران الإسلامية وبتاريخ 21/10/2014 أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله خامنئي أثناء لقائه الدكتور حيدر العبادي بأن حكومة بغداد قادرة على هزيمة تنظيم داعش بدون تدخل أجنبي وأوضح قائلا ” نقف إلى جانبكم وسندافع عن حكومتكم بجد كما دافعنا عن الحكومة السابقة وإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر أمن العراق البلد الشقيق والجار من امنها وإننا وكما قلنا فيما سبق نعتقد بأن العراق حكومة وشعبا ليس بحاجة إلى الأجانب والدول الأخرى للتغلب على مشاكله الأمنية . وإن سياسة السنوات الأخيرة القاضية بعدم السماح باستخدام الأراضي العراقية ضد سوريا بأنها سياسة صائبة وحكيمة .
بتاريخ 22/10/2014 سمحت تركيا إلى مقاتلي البشمركة من إقليم كردستان العراق بعبور الحدود لمساعدة الأكراد في عين العرب من أجل محاربة قوات داعش .
هناك أسئلة كثيرة تتناول الأرقام الحقيقية لعدد قوات داعش وجنسياتهم وقياداتهم والتي بدأت بأربعة آلاف مقاتل واتسعت لتتجاوز العشرة آلاف والآن تقدر بعض المراكز الإستراتيجية والتقارير الإستخبارية تعداد قوات داعش في العراق مابين 25 ألف إلى 30 ألف يعادلها في سوريا ما بين 30 ألف إلى 35 ألف مقاتل ويعتقد كثير من المحللين العسكريين أن نسبة كبيرة من مقاتلي داعش هم من جنود الجيش العراقي المنحل الذين خدموا تحت قيادة صدام وأن بول بريمر والقيادة العراقية الجديدة بعد سقوط النظام عام 2003 قد أخطأوا في قرارهم بحل الجيش العراقي وتسريحه ولم يقوموا بمنح أفراده مستحقات تقاعدهم المالية فأصبحوا عالة على المجتمع لا سيما وأن الكثيرين من القيادات العراقية العسكرية والأمنية قد تمت تصفيتهم على أيدي عملاء من إيران وبعض التنظيمات والميليشيات الشيعية وكان من الأفضل الإبقاء على تشكيلات الجيش العراقي وإحالة الضباط على التقاعد من رتبة عقيد فما فوق كما أن الإجابة عن جنسيات مقاتلي داعش وأعدادهم هي أشبه بالمستحيل .
أما بالنسبة إلى السؤال الهام الذي يتعلق بتمويل تنظيم الدولة الإسلامية لا سيما بعد توقف الدعم المالي القادم من تنظيم القاعدة إثر إعلان أبو بكر البغدادي انشقاقه عن طاعة أيمن الظاهري .
تشير بعض التقارير الصحفية ومن بينها وكالة سي إن إن بتاريخ 23/6/2014 بأن داعش قد حصلت على تمويل من خلال جهات ثرية من الكويت وقطر وتم التطرق إلى 130 شخصية من جنسيات مختلفة بينهم رجال دين ومثقفين ورجال أعمال تورطوا بتقديم الأموال لداعش. ولا بد لنا أن نعترف هنا أنه من أجل تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين لا بد وأن يكون تنظيم داعش قد حصل على أموال كبيرة لدعم المجهود الحربي واستمرار تجنيد أعضائه فهناك تقارير تفيد بأن التنظيم قد استولى على موجودات البنوك في العديد من المدن العراقية حيث تم الإستلاء على 425 مليون دولار أمريكي من بنوك محافظة نينوى حسب ما أعلن محافظ نينوى أثيل النجافي بالإضافة إلى كميات كبيرة من السبائك الذهبية وحوالي 35 مليار دينار عراقي من مصرف العابد في الفلوجة وهو أحد فروع مصرف الرافدين ومن خلال السيطرة على العديد من آبار ومصافي النفط وبيعها بالسوق السوداء وإلى المواطنين حيث بلغ دخل التنظيم من خلال الإتجار بالنفط ما يقارب مليوني دولار يوميا بالإضافة إلى الإتجار بالآثار المسروقة والتي تباع في السوق السوداء . وبالرغم من صدور تقارير صحفية من بينها تقرير صحيفة الجارديان البريطانية بتاريخ 21/6/2014 على لسان مسؤول عراقي أن ثروة داعش تقدر بنحو 875 مليون دولار قبل الإستيلاء على مدينة الموصل ثم ارتفعت إلى أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي خصوصا بعد سيطرتها على مصفاة بيجي في كركوك والتي تعتبر أكبر مصفاة في العراق حيث تقارب موجوداتها من النفط ما يعادل ملياري دولار يضاف إلي ذلك الأتاوات من المواطنين من زكاة وبدل حراسة وجباية الأموال من مواطني المناطق التي تسيطر عليها لقاء حمايتهم بالإضافة إلى أموال الفديات جراء عمليات الخطف كما قام تنظيم داعش بإعداد فواتير للمياه والكهرباء وتوزيع هذه الفواتير على المحال التجارية والمساكن بالإضافة إلى فرض أتاوات تحت ستار زكاة الحبوب . بالرغم من عدم وجود أي وثائق مؤكدة لقيمة الأموال في حوزة داعش إلا أن زخم أعداد المقاتلين والمقدرة بعشرات الآلاف بحاجة إلى إدارة مالية محترفة في اجتذاب المقاتلين لا سيما من الخارج وفي تأمين رواتبهم أو مخصصاتهم كل في موقعه وهذا يتطلب وجود كادر مالي إداري مختص محترف ومتقدم . ولقد أصدرت الإدارة الأمريكية بتاريخ 23/10/2014 تحذيرا بفرض عقوبات على كل من يشتري النفط من تنظيم الدولة الإسلامية . ولقد أشار ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن النفط يشكل مصدر تمويل مهم حيث يعمل التنظيم من خلال السوق السوداء للنفط في سوريا والعراق بتكرير النفط وبيعه إلى مهربين يقومون ببيعه إلى تركيا وربما إلى النظام السوري . وأكد أن الحكومة الأمريكية جاهدة في التوصل لإستهداف مصاد تمويل داعش ومنع وصول داعش من الوصول إلى النظام المالي الرسمي .
أما السؤال الأصعب فهو يتعلق بكمية ونوعية الأسلحة المتوفرة لدى تنظيم داعش من دبابات وناقلات جنود وقطعات مدفعية وصواريخ ورشاشات وأسلحة خفيفة وتوفر الذخيرة فخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قامت قوات داعش بالتوسع في مناطق شاسعة وقامت بشن مئات الهجمات واشتبكت في عشرات المعارك فهي تغطي ما يزيد على الف كيلومتر من الحدود مع الأكراد وآلاف الكيلومترات الممتدة من الحدود الشرقية مع إيران ومع الخط الفاصل بين محافظات الوسط ومحافظات الجنوب في العراق بالإضافة إلى الحدود الغربية وامتدادا إلى سوريا هذه المسافات الشاسعة بحاجة إلى آليات ودبابات ومجنزرات ومدافع ورشاشات هذه الآليات بحاجة إلى كميات هائلة من الذخائر المختلفة وإلى خبراء عسكريين يجيدون استخدام هذه الآليات بحرفية ولا بد من وجود مراكز للعمليات والسيطرة للتخطيط لسير العمليات وإدارتها واختيار الأهداف ومهاجمتها والسيطرة عليها ومن ثم استيعاب الغارات الجوية والتقليل من أضرارها ونحن نتساءل ما هو مصدر هذه الأسلحة وما هو مصدر الذخائر الثقيلة والخفيفة وما هو أسلوب التموين والتعزيز وتوفير الوقود اللازم لهذه الآليات وصيانتها وتوفير الغذاء والماء للمقاتلين وما هي وسائل الإتصال بين مختلف القيادات . هناك سؤال طفا على سطح الأحداث ما هي الإمكانيات الطبية وكيف وأين تتم معالجة الجرحى من مقاتلي داعش .
هذا الحشد الهائل من الجيوش الغربية والعربية والإسلامية وهذه الإجتماعات على مستوى رؤساء أركان الجيوش . وهذه القيادات السياسية للدول العظمى وللدول العربية بكل إمكاناتها الإستخبارية العسكرية ومخابراتها المدنية لا أحد يريد الإجابة على ثلاثة أسئلة محددة
من الذي أوجد تنظيم داعش ؟
ما هو الدافع الحقيقي لإيجاد تنظيم داعش ؟
متى سينتهي دور داعش ؟؟
تخطر ببالي هنا قصة المارد الذي تم إخراجه من القمقم ولكن المارد تجبر وتمرد ورفض العودة إلى القمقم .
التعليقات مغلقة.