في ذكرى نكبة القرن العشرين هل يرِث الأحفاد الأجداد في التنازل عن فلسطين؟! / موسى عباس
موسى عبّاس ( لبنان ) الأربعاء 15/5/2019 م …
مع حلول ذكرى إعلان دولة الكيان الصهيوني في الخامس عشر من أيار 1948 ثمّة أسئلة عديدة طُرِحتْ ولا زالت تُطرَح على بساط التحقيق :
– هل أنّ بعض الزعماء العرب تنازلوا عن ما ليس مُلكَهُم وباعوا فلسطين بمقابل نقدي أو بمقابل ضمان حماية عروشهم أم الإثنين معاً؟
– هل أنّ بعضاً من أبنائهم وأحفادهم
يسيرون بعد أكثر من قرنٍ من الزمان على نفس النهج؟
تذكُر بعض المراجع التاريخية أنّ زعيمين عربييّن كان لهما دوراً مؤثّراً في تاريخ المشرق العربي وشبه الجزيرة العربية وهما الأمير فيصل ابن الشريف حسين شريف مكّة وأحد أهم قادة الثورة العربية ضد الأتراك والذي دخل على رأس المتطوعين العرب إلى دمشق في مطلع تشرين الأوّل 1918 وأصبح عام 1922 ملكاً على العراق.
والثاني” هو الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة السعودية وملكها (1926-1953). كلاهما وافق على إنشاء كيان صهيوني في فلسطين.
1-اتفاقية الأمير فيصل بصفته ممثلاً للمملكة العربية الحجازية مع حاييم وايزمان بصفته مُمثلاً للمنظمة الصهيونية :
تنص الاتفاقية على موافقة الأمير فيصل على تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين وتقديم أوفى الضمانات لتنفيذ وعد بلفور وتمّ التوقيع على الإتفاقية في لندن في الثالث من شهر كانون الثاني 1919.
نصّ الوثيقة باللغة الإنكليزية من : UNISPAL موقع الأمم المتّحدة الألكتروني
– إتفاقية عبدالعزيز إبن سعود مع البريطانيين :
في الوثائق التاريخية التي نفى صحّتها السعوديون ومنهم “الدكتور فهد بن عبدالله السماري” أمين عام دارة الملك عبد العزيز الذي يعتبر أنّ ما ورد في بعض الصحف حول لقاءات سرّية سعودية صهيونية جرت في لندن هي معطيات غير صحيحة.
تلك الوثائق تؤكّدالتآمر على فلسطين، ف “عبد العزيز “كان بحاجة للانجليز لمساندته ضد خصومه في نجد والحجاز آل الرشيد والهاشميين ،
ويظهر عدد من الباحثين في القضية الفلسطينية وثائق مصدرها “الأرشيف البريطاني والأرشيف العبري” ومن بين الوثائق البريطانية وثيقتان تعودان إلى العام 1943 تحملان الأرقام:
CO733/433/18 و CO/733/433/19
وموجز الوثيقتين أنه عُرِض على عبد العزيز في مفاوضات سرّية جرت بينه بحضور مستشاره”جون فيليبي”وبين الصهيوني حاييم وايزمان والكولونيل “هوسكنس” مبعوث الرئيس الأمريكي “روزفلت” الخاص إلى الشرق الأوسط عُرض عليه مبلغ 20مليون جنيه إسترليني بمقابل موافقته على التخلي عن فلسطين وضمان حماية مُلكه ولكن تسريب الخبر من قبل مستشاره جون فيليبي جعله ينسحب من المفاوضات وينفي علاقته بالأمر .
إلاّ أنّ لقاءات عديدة جرت بين ممثلين عن الملك عبد العزيز وقادة صهاينة في لندن يتحدّث عنها بالتفصيل”ميخائيل كهنوف”الضابط السابق في الإستخبارات الصهيونية والذي أصبح مسؤولاً كبيراً في الموساد و ذلك في أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة تل أبيب ،وأهمها لقاء بين “ديفيد بن غوريون”الذي أصبح فيما بعد رئيساً لوزراء الصهاينة والسفير السعودي في لندن حينها ولقاء آخر بين “بن غوريون وموشيه شيرتوك” من جهة مع “حافظ وهبة”أحد كبار مستشاري الملك عبد العزيز ،ويستند في ذلك إلى وثائق من الأرشيف البريطاني ومن مذكرات قادة الوكالة اليهوديّة ، ومما جاء فيها أن الملك عبد العزيز لم يُمانع بل تقبّل بوضوح وجود اليهود على أرض فلسطين مجاراةً ودعماً لبريطانيا وكذلك خشيةً من توسُّع نفوذ حاكم الأردن “الشريف عبدالله ابن الحسين” ليصل إلى فلسطين .
كذلك يتحدّث الكاتب “حمادة إمام”في كتابه”دور الأسرة السعودية في إقامة الدولة الإسرائيلية” الصادر عن مكتبة مدبولي طبعة1977 أنّ مصالح عبدالعزيز تلاقت مع مصالح بريطانيا ضدالشريف حسين بن علي الذي رفض شخصياً مخططات الإنجليز في فلسطين ، وكان عبد العزيز قد عقد إجتماعاً مع “ونستون تشرشل” وزير المستعمرات البريطانية في 20 آب 1920 في ميناء ” العقير”السعودي على الخليج العربي اتفقا فيه على أن تدعم بريطانيا عبد العزيز للإستيلاء على الحجاز وطرد الشريف حسين منه، وهذا ما حدث في العام 1925.
كما يورد “حمادة إمام” في كتابه في الصفحة 48 أنّه عندما إندلعت ثورة 1936 في فلسطين شارك الملك عبدالعزيز مع الملك عبدالله ملك الأردن والملك غازي ملك العراق في توجيه رسالةً مشتركة إلى اللجنة العربية المتابِعة للقضية تطلب فيها التهدئة بمقابل وعد بريطاني بإعادة النظر بالقضية لكن “تشرشل” نفى نفياً قاطعاً وجود أي تعهُد من الحكومة البريطانية بهذا الموضوع .ويعتمد حمادة إمام في مصادره على مذكرات أشخاص عملوا مع عبد العزيز كمستشارين منهم “سعيد الكردي” رئيس الإستخبارات الأسبق في السعودية ومستشار عبد العزيز السياسي”جون فيليبي ” .ومسؤول مخابرات المنطقة العربية في المخابرات البريطانية الأسبق المفوض السامي “بيرسي كوكس” وإلى آراء رئيس وزراء بريطانيا “تشرشل” ورئيس الولايات المتحدة الأسبق “روزفلت”.
-التنازل عن فلسطين من قبل الأبناء والأحفاد:
في العام 2002 عُقِدت القمة العربية في بيروت وصدر عنها أول مبادرة واضحة من المجتمعين تمّ الإعلان فيه عن الإستعداد للتطبيع مع الكيان الصهيوني شرط إنسحابه إلى حدود الرابع من حزيران 1967 وكان الرد الصهيوني الرفض الكامل .
وكشفت تقارير “ويكيليكس” في أيلول2017 عن وجود تنسيق امني وعسكري واقتصادي ودبلوماسي بين الكيان الصهيوني وكلاًّ من الإمارات العربية المتحدة والسعودية.
– دور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ما سُمِّيَ بصفقة القرن.
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”في عددها الصادر في 3 كانون الأوّل 2017 عن أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبعد اجتماعه قبل أيّام مع “جاريد كوشنير” مستشار وصهر الرئيس الأمريكي عرض على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس خطّة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” والتي تقضي بالإعتراف بدولة فلسطينية مقابل التخلي عن القدس بالكامل لصالح الصهاينة والقبول بضاحية”أبو ديس”عاصمة للدولة الفلسطينية المُقترحة،وعرض إبن سلمان على عبّاس مبلغ 10مليارات دولار للسلطة الفلسطينية لتحسين الوضع للفلسطينيين في الداخل إذا وافق ولكن الرئيس الفلسطيني رفض تلك الخطّة ،التي عُرفت باسم”صفقة القرن”.
في 6كانون الأوّل 2017 أعلن ترامب اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وفي أيار 2018 تمّ نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس في خطوة تمهيدية ومؤكِّدة لخطة كوشنير-بن سلمان.
وكشفت صحيفة “الواشنطن بوست” أن الخطّة لا تنص على إقامة دولة فلسطينية وإنّما مقترحات لتحسين أوضاع الفلسطينيين.
وكما في البداية المُقابل هو حماية العروش كذلك اليوم المقابل المُعلن ودون مواربة هو حماية العروش بدليل تأكيد الرئيس الأمريكي المستمر أنه قال للملك “سلمان” : إنّ حُكمكم سيزول إذا تخلّينا عن حمايتكم” .
السؤال المطروح اليوم هل سيُعلن “ترامب” عن تفاصيل الخطّة في شهر حزيران المُقبل كما أعلن مُستشاره “كوشنير” أم أنّ أحداثاً خطيرة ستقع وتمنع ذلك وتُنهي “الصفعة”.
التعليقات مغلقة.