احتمالات العدوان على ايران / د. موسى الحسيني




نتيجة بحث الصور عن احتمالات العدوان على ايران

د. موسى الحسيني – أربعاء 15/5/2019 م    

[email protected]

14 /5 /2019
في السياسة تقرأ الاحداث او تحسب وفقا لسلوكيات الدول السابقة وتوجهاتها ،ومصالحها . الولايات المتحدة الاميركية دولة ديمقراطية عريقة محكومة بالمؤسسات لا بشخص الرئيس وحده ، لااحد ينكر هذا ابداً ، لكن الرؤوساء الذين يصلوا الى مناصبهم بالانتخاب لايمثلون حالات مستثناة فوق البشر من نكران الذات ، بل هم بشر كغيرهم ، كل من فيهم يطمح بالفوز بفترة رئاسية ثانية . يحاول جهده تلافي اي خطأ يحرمه من هذه الفترة الرئاسية الثانية . لذلك في اغلب حروبهم التي شنوها في مرحلة ما بعد الحرب الكونية الثانية ، ومن ثم التجربة الفيتنامية ، يحاذرون الاصطدام او شن الحروب على دول متماسكة قوية . اميركا لاتتحمل ارقام عالية من الضحايا قد تكون على العكس سببا في حرمان الرئيس من تحقيق طموحه بالبقاء بالحكم .هذا الهاجس هو ما يتحكم بسلوك ترامب أيضاً ، ما سيجعله يفكر الف مرة قبل البدء باعلان الحرب على ايران .
نفس المعايير التي تحكمت بالرئيس بوش الابن في عدوانه على العراق ، الذي شخص ما اسماه بدول الشر ( ايران ، كوريا الشمالية والعراق ) ، الدول التي تسعى لحيازة القوة النووية . في حين كان متاكد من خلو العراق الخاضع لاشراف دوري من لجان التفتيش الدولية ، من اي برنامج .مع ان كل من كوريا وايران ماضيتان في جهودهما لحيازة هذه القوة . ترك ايران وكوريا الشمالية وتوجه للعراق ، مستغلا هيئات التفتيش الدولية لنزع اسلحة العراق حتى المتوسطة منها ، فاخر طلب كان الزام العراق بتدمير صواريخه حتى مديات 70 كم . عدا ما رافق ذلك من انهاك قواه العسكرية والاقتصادية بالحصار الذي لم يترك للعراق سوى بعض الدبابات والمدفعية القديمة والمتخلفة بمواجهة احدث انواعها الاميركية .اي ان العراق ماكان يمتلك القدرة على المواجهة حتى دبابة بدبابة .ليغدو الغزو بمثابة نزهة ، مضمون قلة خسائرها الى ادنى حد ممكن .مع ذلك جند الجيش الاميركي اكبر عدد ممكن من طلاب الجنسية الاميركية ، ممن لاخلفية عائلية لهم في اميركا ليضمن خفض الاستياء الشعبي في بلده .
امتلك بوش ايضا العذر بعد الهجمات الارهابية على برجي التجارة الدولية في ايلول / سبتمبر 2001 ، بمحاولته الربط بين العراق وافغانستان بالحادث ، ليبدو في موقع المدافع عن امن الولايات المتحدة ضد تهديدات مباشرة .
ان استقراء هاتين الحربين وسلوك ادارة بوش مقارنة مع حالة ترامب في توجهاته واستحضاره العدوان على ايران .مع ما تمتلكه ايران من قدرات عسكرية متطورة بشكل كبير على ما كان يمتلكه العراق عام 2003 .ما يعني احتمال ان تتكبد القوات الاميركية خسائر كبيرة بما لايتقبلها الراي العام الاميركي . خاصة وان ايران لاتشكل خطر حقيقي مباشر على اميركا بل على حلفاء اميركا في المنطقة .الامر الذي يهدد طموحات ترامب بالفوز بفترة رئاسية ثانية .
من يقرأ شروط وزير الخارجية بومبيو العشرة لقبول التفاوض مع ايران لرفع الحصار الاميركي عليها يدرك جيداً ان اميركا تتطلع لنزع السلاح الايراني اولاً كمرحلة اولى ، لضربة تالية تهدف لتغير نظام الحكم فيها . بانتظار تحقيق المرحلة الاولى ( انهاك ايران وتدمير قوتها العسكرية ) ستظل الحرب مستبعدة ، وستتركز خطوات الولايات المتحدة على تركيز الحصار وزعزعة النظام من الداخل بانتظار خوض ترامب معركته الانتخابية للفترة الثانية التي لم يتبقى لها غير عام واحد .
هناك احتمال واحد لنشوب الحرب ( بالخطأ ) ، نتيجة الشد والتوتر الذي تعيشه جيوش البلدين ، بما يمكن ان ياذن ببدء القتال مع اول اطلاقة تنطلق من هذا الطرف او ذاك باتجاه الاخر . ستظل مع ذلك حرب صواريخ ربما تشارك بها قاذفات 52 ، ما لم تتعرض اولها او احداها للنيران الايرانية فتتوقف بعدها . ستمتنع اميركا من انزال اي قوات على الارض ، فايران من السعة ما تحتاج معه اميركا لاستخدام قوات بثلاث اضعاف ما استخدمته في العراق ، لسعة حجم الارض الايرانية ، ووجود سلاسل جبلية وعرة بين شرق ايران وعاصمتها طهران . حرب صواريخ ستركز فيها اميركا على ضرب المنشأت العسكرية الايرانية ومصانع انتاج الاسلحة ، المعروف عنها انها شيُدت تحت الارض ، ما سيختصر خسائر ايران ويقلل منها . يضاف لكل هذه الاعتبارات توقع مبادرة ايران لاغلاق مضيق هرمز ، ما يتسبب بوقف تدفق النفط العربي من الخليج ، وما سيؤدي له من ازمة عالمية في وفرة الطاقة ، ستترك نتائجها ايضاً على انخفاض سعر الدولار لادنى مستوياته حتى لو تحملت دول الخليج سداد كلفة الحرب .
يمكن ان يحاول اللاعبين الاقليميين الثانويين دوراً ما لتحريك القتال وبدأ المعارك ، كما حصل في تفجيرات الفجيرة الاخيرة ، وما تتناقله الانباء اليوم عن ضرب ناقلتي نفط سعوديتين ، لايستبعد الانسان ان تكون بفعل سعودي مباشر لدفع ترامب للحرب . الا انه سيظل ، رغم ما عرف عنه من اندفاعات وتسرع ، اذكى من ان يجره هذا الطرف او ذاك لتضييع فرصة نجاحه في الانتخابات المقبلة .
يظل الكيان الصهيوني اكثر هذه الاطراف انضباطا ، وصبرا بانتظار للانتخابات الاميركية خاصة وان نتياهو حقق ما يتطلع له من نجاحه في انتخابات الكيان فهو غير مستعجل في امره .اما القيادات الشابة في السعودية والامارات ، يمتلك ترامب القدرة على السيطرة عليها من خلال تهديداته العلنية المستمرة برفع حمايته لهم . تظل هذه التهديدات ايضاً ضابطاً قوياً للتحكم بسلوك البلدين
 

Dr. Mousa Alhussaini

@mzalhussaini

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.