الى روح سميح القاسم / عمر حلمي الغول

 

 

عمر حلمي الغول ( فلسطين ) الإثنين 24/8/2015 م …

مضى عام طويل على رحيل الشاعر الفلسطيني والعربي الكبير سميح القاسم. غادر ابو وطن الساحة لفرسان الشعر والابداع الشباب، تاركا لهم وللاجيال القادمة إرثا كبيرا وعظيما، لينهلوا منه، ويتتلمذوا في مدرستة الغنية في مناحي عديدة من الابداع، لا سيما وانه انتج إلى جانب عشرات الدواوين الروايات والمسرحيات والمقالات السياسية وغيرها من الوان المعرفة.

سميح الفلسطيني والعربي والانسان، عكس هويته الجامعة بحصاد وفير من الادب. وبعطائه الوطني البديع، وبتمسكه العميق بعروبته، وبانتمائه لبني الانسان، وانتصاره للعدالة والحرية في مواجهة الاحتلال والظلم والاستعباد وكل اساليب القهر، ورفضه لسياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي في فلسطين وحيثما كان في العالم.

من ميزات الشاعر الكبير إسوة بمن تجذروا في ارض الاباء والاجداد، انه، واصل التشبث بفلسطين، ولم يغادرها، إصرارا منه على حماية البيت والرواية الوطنية، ودرءا لاخطار الاسرلة والصهينة. ودفع الضريبة إعتقالا وإقامة جبرية أكثر من مرة، ومضى في درب الكفاح شامخا، لم يخش الزنزانة ولا سوط الجلاد ولا كاتم الصوت وكم الافواه.

ابى ابو وطن الانصياع لمنطق من هادن دولة إسرائيل الكولونيالية. وجابه كل من سقط في وحولها، وتحدى بقوة الوطني والقومي خيار من شاء تمزيق النسيج الوطني على اساس طائفي او مذهبي. وواصل حمل راية فلسطين، كل فلسطين العربية، وانحاز لفقرائها ومعدميها بانتمائه للحزب الشيوعي، حتى عندما افترق عن رفاق الدرب، لم يغادر الفكر والانتماء لمدرسته السياسية الاولى. 

ابن الرامة البطل الوطني الشجاع، التي إحتضنت رفاة جسده النحيل، كان، ومازال رمزا وطنيا وقوميا بامتياز، لانه كان من الكتيبة الاولى المقاتلة دفاعا عن اللغة والهوية والرواية الوطنية، ولاجل ذلك حمل دمه على كتفه. وامتشق سلاحه الامضى من بحور الشعر وقصائد الحرية والشمس، وإسقاط الاقنعة عن الوجوه الكريهة، وإخماد دخان البراكين والسراديب الموحشة، وإطلاق العنان لاغاني الدروب المضيئة.

كان سميح كبيرا بتواضعه وتسامحه مع رفاق وزملاء الدرب والمهنة. تعالى على الهنات الصغيرة، وفتح قلبه وعقله وبيته وقصائده ورسائله دائما لهم. وعمد لغة التكامل والتساند مع من جايلوه ومن جاؤوا بعدهم بالممارسة. كان محبا ودافئا لاقرانه، فرش لهم دروب التواصل، متساميا على المنغصات، طرق ابوابهم، نائيا بنفسه عن المناكفات والثرثرات. نافس بشرف في حقول الابداع والمعرفة.

سميح القاسم الزوج والاب والاخ والصديق، كان إنسان بكل معايير الكلمة. اعطى ما يملك من إنسانيته، لم يبخل على احد بما لديه، حمل هموم العائلة والقرية والوطن والامة والحزب والمجلة والكتيبة المقاتلة كل بمقدار، وكان متقدما الصفوف في كل حقل وميدان.

شاعر المقاومة والعروبة والانسانية، مضى إلى مثواه الاخير، لكنه باق بيننا. مازال يشهر اسلحته في وجوه الطغاة المحتلين الاسرائيليين والاميركيين ومن تساوق معهم في ارجاء الدنيا. يعلن في كل صباح، إنتصاره لفلسطينيته وعروبته من خلال اشعاره، التي ترددها الاجيال الصاعدة في المدارس ومختلف المنابر.

وداعا شاعرنا الكبير والجميل سميح القاسم. ونم قرير العين، رغم الكارثة، التي تحيق بالشعب والامة، هناك فرسان اقسموا، ان لا يهدأوا إلآ ببلوغ فجر الحرية والاستقلال ووحدة الامة ونشر العدالة في ارجاء الدنيا.

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.