لماذا الصراع مع إيران اليوم ؟ / د. عماد فوزي شعيبي
د. عماد الشعيبي ( سورية ) السبت 18/5/2019 م …
المسكوت عنه في الصراع الأمريكي-الإيراني هو البرنامج الصاروخي الإيراني وليس البرنامج النووي الموضوع كواجهة والهدف الكلاسيكي تطويع التمدد الإيراني حتى لايطال المصالح الأمريكية ولا يطلّ على الواجهة البحرية لآسيا مع أوروبا.
ولكن هذا ليس سبباً كافياً لهذه الأزمة الأخيرة التي تصل إلى حافة الهاوية بالمنطقة وبعصب العالم (الطاقة). السبب المسكوت عنه تهيئة المنطقة كلها للإعلان القريب عن صفقة القرن، وليس المطلوب في أضعف الأحوال من هذه الأزمة إلا تحييد إيران الفعلي عنها، ولايطمحون في واشنطن بكسبها للصفقة.
الصفقة في المنظور الترامبي-الاستراتيجي أكثر من هامة؛ إنها لا تنهي صراعاً استدام زيادة عن اللزوم فحسب، لكنها تُهيئ لعصر النفط والغاز في شرق المتوسط والذي تمّ تأجيله من القرن العشرين إلى الواحد والعشرين؛ فلا استثمار للطاقة في منطقة مشتعلة، ولهذا تمت زيادة اشتعالها خلال العشر سنوات الأخيرة لإيصالها إلى استبدال المعاندة برجاء الخلاص. وليس إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي إلاّ منتهاها، وبداية قرن جديد بلغة في شرق المتوسط مختلفة ومتناسبة مع استثمار للطاقة متوازن مع روسيا وراكنٍ بهدوء تقاسم الأرباح والنفوذ وبلا تناحرات قصووية في منطقة هي مستقبل العالم لقرن. ولهذا هي صفقة القرن؛ قرن الغاز والنفط الشرق أوسطيين.
في هذا الوقت الضائع وحتى تحقيق المسكوت عنه مع إيران أعني تحييد طهران عن مقاتلة الصفقة وربما أقصى المطلوب منها الاكتفاء بصراخها أو معاندة لا توقفها، تطرح واشنطن عبر ساترفيلد على لبنان حلولاً مرحلية للحدود البحرية مع إسرائيل لضمان استثمارين بكليهما للغاز والنفط بلا تهديدات، في وقت يبقى ملف الطاقة الكامنة السورية (وهو الأهم) في وضعية Standby فهو متروك لزمن أبعد لأنه الأغنى والاكثر أهمية بارتباطه بوضع سورية الجيوبوليتيكي الذي لا يضاهيه أحد، لا لبنان ولا إسرائيل، ولهذا قد تطول الأزمة السورية لحين التوافق الدولي على الكميات المسموح باستخراجها ومداها الزمني والأهم (الأسعار). وهو توافق ليس مُتاحاً حاليّاً يرافقة أن اللاعب الأبرز والمسكوت عنه في الأسعار (أعني الصين) في حالة تنحٍ عن الدخول في هذا الشأن مكتفياً بصفقة ال 400 مليار دولار من لطاقة مع روسيا. ويبدو أن تسعير طاقة شرق المتوسط مرهونة بأمريكا و حسابات روسيا (التي ليس من مصلحتها أيضا المنافسات المفتوحة) مع كميات كبيرة ترخصّ الأسعار وتقلل من النفوذ والشراكة مع أوروبا.
هل يحتاج تليين المفاصل سابق الذكر إلى حروب؟ لا ونعم.
(لا) مع إيران لأنها قوية ولخطورة الحرب في منطقة النفاذ للطاقة الخليجية
(لا) مع سورية لأنه يكفيها ما حدث فيها وهي في حالة انشغال. وبسبب الوجود الروسي.
(نعم احتمالية) مع لبنان إذا لم تحدث الصفقة مع إيران مبكراً وإذا لم توافق الأطراف النافذة في لبنان على تحييد وتحديد الحدود الطاقيّة اللبنانية مع إسرائيل خصوصاً أن العرض الأمريكي الأخير ليّن وهو استثمار 60% من المتنازع عليه مع إسرائيل وترك الباقي حتى زمن آخر لا لشيئ إنما لأنه غير مستعجل عليه في زمن الأسعار الأعلى وترك احتياطات للمرحلة المقبلة أي مرحلة ما بعد صفقة القرن حيث ستكون قد تلينت المفاصل، وحلّ (الإئتلاف) مع الصفقة محل لغة الصراع (خلال عقدين من مابعد إقرارها على الأقل).
يبقى قول أخير وهو لماذا وقعّ ترامب على سيادة إسرائيل على الجولان:
السبب الطاقة إيضا لاستخدامه لأحد احتمالين:
إما لاستخراج أمريكي (لترامب وصهره حصص في الشركة المنقبة كما يتداولون) في الجولان بلا التزامات دولية في منطقة مُحتلة،
أو لاستخدام ذلك للتفاوض بخصوص صفقة القرن ونقل تلزيم التنقيب لاحقاً من ضفة لأخرى أو لطرح معادلة المشاركة بين الضفتين !
المعادلة اليوم معقدّة للغاية
التعليقات مغلقة.