ما أمكانية نشوب حرب وفق المعطيات المعلنة؟ … لعبة الحرب والسلام / احمد هاتف

احمد هاتف ( الأحد ) 19/5/2019 م …




*المقال من جزئين وسيتبعهما أجزاء أخرى …

أولا …

الحرب هي اعلان الفشل السياسي .. وربما تكون اعلان موت السياسي .. ولهذا يكون التعويل دائما على الجهد الدبلوماسي واستنفاد كل الحيل قبل اعلان الحرب
والسؤال هل استنفدت الولايات المتحدة كل الوسائل لتصل مرحلة اعلان الحرب… وفق حسابات الخبراء تبدو الجهود راكدة حتى الان واعلان ترامب استعداده للتفاوض لايدعمه جهد الجيش الامريكي على الارض .. لذا فخيار الحرب يبدو حاضرا وغائبا في الوقت ذاته

والسؤال ما أمكانية نشوب حرب وفق المعطيات المعلنه. .. الادارة الامريكية تقول انها ستهاجم ايران في حال تعرضت مصالحها للخطر .. لكنها لم تحدد ماهي مصالحها بالضبط .. هل هي معنية بأمن اسرائيل لتقاتل نيابة عنها الدولة التي تمثل حجر العثرة لصفقة القرن والتي تبدو الٱن وبعد الأشتباك مع غزة مجرد وهم مستقبلي
هل وجود نظام خليجي ٱمن هو ماتقصده الولايات المتحدة .. هل تأمين حركة الملاحة وتدفق الثروات ضمن المصالح الامريكية ؟
ام أن استمرار الأذعان المطلق من قبل المنطقة للولايات المتحدة هو مايقصده التصريح…
حتى الٱن يبدو ان امريكا وايران يسيران بخطين متوازيين لتأمين مصالحهما دون ان يشتبكا وهو امر تديم زخمه التفاهمات غير العلنية للفريقين .. لذا لايبدو ان متغيرا قد طرأ على سيناريو التفاهمات الضمنية .. الا اذا استثنينا خروج الولايات المتحدة عن النهج الدولي للوضع الفلسطيني واعتبارها القدس عاصمة لدولة اسرائيل ومحاولتها الضغط على سوريا من خلال قضية الجولان ..
وثمة مؤشر اخر يتمثل بأقتراب الجيش السوري والحلفاء من غلق معظم ملفات الأزمة السورية وهذا يعني تفعيل ايران وسوريا لخطوط التفاهمات المستقبلية والتي ستكون الجولان وبحيرة طبريا جزءا منها .. كذلك الحرج الأمريكي في اليمن التي ماتزال صامده رغم المشاركة الفعلية للجيش الامريكي والاسلحة الامريكية فيها .. وربما كشفت هذه الحرب بعضا من وهم الفاعلية المزمعه للسلاح الامريكي سيما سلاح الباتريوت الذي اثبت قلة الفاعلية لدرجة دفعت حلفاء الولايات المتحدة الامريكية الى طلب ال SS الروسي ..
كما يبدو ان قصة الأتفاق النووي تبدو واهية جدا مقارنة بانضمام ايران الى مجموعة شنغهاي والتفاهمات الصينية الأيرانية والروسية الايرانية والتركية الايرانية وحتى الباكستانية الأيرانية .. مما يجعل ايران عصية عن الخنق والترويض .. امر ٱخر شديد الاهمية وهو البحث الدولي في بدائل للدولار للتعاطي مع ايران قد ينجح وبالتالي سبكون ضربة تساوي اكثر من مفاعيل الحرب بالنسبة للولايات المتحدة
فهل كل هذه المعطيات تجعل من السلم امرا من الماضي .. ام ان طرح وسائل التفاوض هي الممر الخلفي للخروج من الحرج ومن الحرب.

ثانيا… ..


كي يتسنى لنا فهم عناصر التأزيم علينا محاولة قراءة خارطة التصعيد غير المعلنة التي شهدتها المنطقة مؤخرا واهم تلك النقاط عراقيا تمثلت في تحليق الطائرات الاسرائيلية على منطقة البوكمال العراقية لاستطلاع المنطقة بحثا عن قاعدة صواريخ ايرانية مزعومة وكان رد الفصائل العراقية ” اننا سنعتبر اي عدوان اسرائيلي عدوانا امريكيا ” مما يعني ضرب المصالح ونقاط التجمعات الامريكية في البلاد .. ثاني تلك النقاط تمثل في هجوم صاروخي مجهول على قاعدة عين الاسد .. والامر الثالث تجسد في تحذير وزير الخارجية الامريكي من تدخل فصائل المقاومة العراقية فيما يجري وامكانية استهدافها للتجمعات الامريكية في العراق والذي جاء بعد عشرة ايام من استهداف قاعدة التاجي من قبل عناصر مجهولة
فلسطينيا فوجئت الادارة الامريكية خلال الأشتباك الأسرائيلي الأخير بقدرات صاروخية متقدمة لفصائل المقاومة الفلسطينية ومنها استخدام الطائرات المسيرة لضرب المركبات والصواريخ المضادة للدروع والصواريخ المتوسطة .. رغم ان بعض الخبراء يعتقدون ان ما أستخدم يمثل بعض قدرات المقاومة الفلسطينية وليس كل القدرات .. الامر الذي استدعى بحث نتنياهو عن وقف سريع لأطلاق النار

يمنيا بدا الامر اكثر خطورة فرغم الحصار الجوي والبحري والبري طور انصار الله منظومات متقدمة للطائرات بدون طيار هاجمت مطار دبي وخط البترو لاين في الداودية والمتجه الى ميناء ينبع  .. حيث قطعت الطائرات مسافة 1200 كلم ..مما يعني قدرتها على الوصول الى جميع الأهداف وضرب العمق السعودي والأماراتي وربما تشكيل خطورة غير مسبوقة على باب المندب وعلى حركة التعبئة الامريكية في الخليج
واخيرا جاءت رسالة الفجيرة لتعلن ان اعداء الولايات المتحدة الأمريكية ليس هؤلاء وحدهم بل ربما هناك المزيد من الأعداء غير المنظورين والذين قد يشكلون اخطارا اضافية غير محسوبة .
والسؤال الٱن هل قررت الولايات المتحدة الأمريكية مهاجمة ايران وفقا لهذه التطورات ؟ ام ان الأسباب ابعد من ذلك بكثير…
يضع الامريكان المنطقة وايران تحت ضغط كبير منذ الأزمة السورية وأحياء سوريا وايران لتحالفهما الاستراتيجي ومن ثم دخول موسكو على الخط السوري لصنع مثلث الدفاع المشترك عن سوريا .. قد بدأ قلق الولايات المتحدة الامريكية تحديدا من ”  معركة القصير ” التي خاضها حزب الله ضد المليشيات المتحالفة المصنعة خليجيا وامريكيا والتي كانت تسعى لجعل سوريا منطقة نفوذ امريكية صرفة بهدف خلق مطب قاتل للتواصل الايراني اللبناني وبالتالي قتل منطقة امداد حزب الله وتامين الجبهة الأسرائيلية .. وجاء هذا الخيار بعد عجز الامريكان عن ترويض العراق الذي استعصى على ان يكون منطقة نفوذ امريكي .. وحاجز صد بأتجاه التمدد بأتجاه دمشق / الضاحية الجنوبية .. وقد جاء الاتفاق النووي ليمنح ايران قدرات جديدة للحركة والنمو والتمدد وكان من نتائج ذلك نموا على الجبهة السورية تمثل باخراج حلب والغوطة من قائمة المغانم الامريكية .. وكان الرد الامريكي بمهاجمة بعض الفصائل التي تدين بالولاء العقائدي لايران على الجبهة السورية واخراج العراق من لائحة الدول الداعمه من خلال ازاحة المالكي من السلطة واستبداله بصديق امريكي هو السيد العبادي .. لكن النفوذ الايراني لم يتوقف بل تنامى عراقيا وسوريا وفلسطينيا .. الأمر الذي دفع بترامب الى السلطة كبديل لأوباما المتعقل .. ليعود الصقور الى البيت الابيض وتعود طروحات شيطنة ايران ” اولا من اجل جني ثروات السعودية والامارات ” وثانيا ” من اجل اعادة اسرائيل الى سكة التفوق العسكري الذي اضرت به المعادلات الأقليمية المتنامية في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفي ايران بالدرجة الاساس ”

بولتون في البيت الابيض

بعد رفض الجنرال ماكماستر خروج امريكا من الاتفاق النووي واصراره على بقاء الولايات المتحدة الامريكية ضمن اطار الاتفاق النووي ، لم يجد ترامب بداً من اقالته واستبداله ببولتون داعية مايصطلح عليه ” الضغوط القصوى ” وبعد شهر من تعيين بولتون عام 2015 خرجت امريكا من الاتفاق النووي ، وفي الثامن من ٱذار 2018 اعيدت العقوبات الامريكية على ايران وقد لجأت الاخيرة الى محكمة العدل الدولية لتحصل على استثاء السلع الانسانية والطبية والمعدات الزراعية وقطع غيار الطائرات المدنية…  بعد ذلك بدا بولتون بالتخطيط ل ” تصفير الصادرات النفطية الايرانية ” والتي تمثل اقل من 30% من الصادرات الايرانية اضافة الى قرار بالحاق صادرات الصلب التي تمثل 10% من صادرات ايران الى الخارج
ولعل ابرز التاثيرات الاقتصادية تجلت في ابعاد ايران عن جمعية الاتصالات المالية بين البنوك ( سويفت ) والتي اضرت بحركة المال من ايران واليها ودفعت بالعديد من الشركات لمغادرة ايران ..
ومع انتهاء المْهل الممنوحة لأيران بدأت الاحتكاكات التي تجلت في تلويح جنرالات الحرس الثوري الايراني باغلاق مضيق هرمز ومنع تصدير نفط المنطقة في حال منعت ايران من تصدير نفطها الامر الذي يشكل ضغطا كبيرا على صادرات الكويت والعراق والسعودية والأمارات ، ممايعني حدوث اسوأ ازمة طاقة يمكن ان تحدث .. وزاد في مفعول التهديد الامريكي اعلان السعودية والامارات عن استعدادهما لتعويض النفط الايراني ، الامر الذي اعتبرته ايران بمثابة اعلان حرب وهددت بالرد عليه

حرب الرسائل الخفية

تستخدم السعودية ميناء ينبع على البحر الاحمر كبديل لحركة نفطها بعيدا عن مضيق هرمز عبر خط انشا خلال حرب الخليج الاولى .. فيما تستخدم الامارات ميناء الفجيرة المرتبط بخليج عمان للتعويض عن المضيق ذاته .. ومن هنا جاءت رسائل استهداف ينبع من قبل انصار الله واستهداف ناقلات النفط في ميناء الفجيرة من قبل مجهولين ..جاءت هذه الاحداث كرسائل واضحة تقول بأن على الجميع توخي الحذر فأن كل الطرق لن تكون سالكة في حال استهداف ايران .. الامر الذي دعا رئيس مجلس الامة الكويتي للقول ان ” احتمالات الحرب عالية وكبيرة جدا ” وتؤكدها حركة الفرقاطات الامريكية وحاملات الطائرات المتجهة الى الخليج اضافة لتحربك طائرات بي 52 .. ومنح السعودية والبحرين والأمارات الاذن للامريكان لاستخدام مياههم الاقليمية في الخليج ..اضافة الى تسريب خبر حركة 120 الف جندي امريكي باتجاه المنطقة مما دعا كولين كاهل ” مسوؤل ملف ايران السابق في البنتاغون الى القول ( ان نشر هذا العدد من الجنود لايمكن ان يتم الا في حالة التخطيط لغزو ) ورغم نفي الادارة الامريكية لهذا الامر لكن المعطيات تشير الى ان عسكرة الخليج قادمة وامكانية تواجد العدد المذكور من الجنود قد يتم خلال الايام القادمة رغم تراجع حدة المواجهة عبر التصريحات
وتنامي امكانية الحوار الذي بدأت مساراته تفتح تدريجيا…

ماهي مسارات الحوار .. وهل تكفي لنزع فتيل المواجهة .. هل ماسنناقشه في الجزء القادم

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.