منظّمة السّلام والصّداقة تشهر “أَدْرَكَهَا النّسيان” للدكتورة سناء الشّعلان
الأردن العربي – الإثنين 20/5/2019 م …
برعاية منظّمة السّلام والصّداقة العالمية PEACE ANDFRIENDSHIP INTERNATIONAL ORGANIZATION تمّ إشهار رواية ” أدركها النسّيان” للأديبة د.سناء الشّعلان في العاصمة الأردنيّة عمان، ومنظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة هي أكبر تجمّع دولي إنسانيّ،ومقرّها الرّئيسيّ في مملكة الدنمارك،وتضمّ الفئات العمرية كلّها من أنحاء العالم كافّة،إذ تهتم بمختلف مجالات الحياة المتنوعة، وذلك عن طريق تشجيع ودعم دول العالم جميعها لما فيه خير وازدهار وسلام الأرض وسلام شعوبها كلّها، وتكوين حلقة التواصل بين الأفراد والمنظمات والشعوب،وكذلك بين الدّول المحبّة للسّلام كلّها، كما تعمل على توحيد الصّفوف و الطّاقات ولإبداعات لتصبّ جميعها في خدمه البشريّة في مختلف مجالات الحياة من أجل الوصول إلى حياه كريمة ومستقبل مشرق لشعوب العالم.
ورواية “أدركها النّسيان” التي تقع في 360 صفحة من القطع المتوسط قد صدرت عن دار أمواج للنشر والتوزيع/ الأردن، وهي الرّواية الرّابعة للأديبة الشعلان بعد رواياتها الثلاث السّابقة: “أعشقني”، و”السّقوط في الشّمس”، و”أصدقاء ديمة”.
ويقول د.أورنك زيب الأعظمي عن “أدركها النسيان”: “هذه الرّواية هي متاهة سرديّة محترفة بين عوالم التّذكّر والنّسيان،وهي تقدّم ذاتها على اعتبار أنّها تداخل لأزمان امتدّت لنحو سبعة عقود في تخوم مكانيّة ملبسة وغير محدّدة جغرافيّاً وفق ما هو معروف خرائطيّاً،وإنّما المكان والزّمان في هذه الرّواية هما وحدتان مُستدعيتان ضمن توليفة الحدث الذي يلعب دور البطولة في الرّواية.
وهذه اللّعبة السّرديّة تراوغ القارئ في سبيل تقديم الحقائق ضمن جدليّة التّذّكر والنّسيان وامتدادهما في القصّ بين التّطواح المدوّخ بين عوالمهما المتداخلة المربكة،ويتمّ ذلك عبر ما تقدّمه لنا من معلومات من خلال بوح أبطال الرّواية،ورصد حيواتهم،والتّجسّس المباح على ذواكرهم،وعلى ما كتبوه في مذكراتهم،أو ما باحوا لنا به،أو سمحوا لنا بشكل أو بآخر بأن نعرفه،لنكتشف مقدار اللّبس الذي يتملّك شخوص الرّواية إلى حدّ أنّنا نكتشف مقدار الازدواجيّة والكذب القسريّ والاختياريّ الذي عاشوه،وقدّموه لنا،ثم تراجعوا عن الإصرار عليه في لحظات شعوريّة حسّاسة،إلى أن قرّروا أن يبحوا لنا بالحقائق كاملة التي كانت تنزوي في دواخلهم بقرارات شخصيّة لأجل الهروب من فكرة الألم والمعاناة الملحّة عليهم جميعاً بشكل أو بآخر.
وأخيراً تنتهي الرّواية بخيار خطير،وهو خيار النّسيان الكامل للماضي،وإنكاره،والبدء من جديد في حياة أخرى مشبعة للرّغبات المكبوتة،ومتجاهلة لكلّ ما حدث في الماضي من أوجاع،وبذلك يبدأ البطلان وهما في سنّ السّبعين حياة أخرى فرحة مناقضة لحياة الماضي التي عاشاها بما فيها من حزن وإخفاقات، بعد أن أخذا هذا القرار ضمن توليفة صراع مرير مع الماضي والحاضر،وصولاً إلى صيغة مصالحه مع الحاضر تتلخّص عندهما في شيء واحد،وهو نسيان الماضي الذي لا يمكن الانفكاك عنه إلاّ بتجاوزه،كما لا يمكن تغير حقائقه إلاّ بإنكارها عبر لعبة النّسيان التي بدأتها بطلة الرّواية ” بهاء” عبر مرضها ثم غيبوبتها،ومن ثمّ انساق إليها بطل الرّواية ” الضّحّاك” الذي قرّر أن يجاري حبيبته في لعبتها المرض/ النّسيان،وأن ينسى الماضي والحاضر،ما دام لا يستطيع أن يأخذها إلى المستقبل الذي يقدّمه لها في حياته الرّاقية الجميلة الهادئة،وأن يلعب معها لعبتها التي اختارتها ،وهي لعبة النّسيان،من أجل أن يحظيا بحياة أخرى،أو فرصة جديدة عادلة على خلاف الحياة الظّالمة التي تورطا فيها في الماضي”.
من أجواء الرواية: “تخيّل الضّحّاك أيّ شيء سوى أن يلتقي ببهاء في ذلك المنتجع العلاجيّ الطّبيعيّ في ذلك الحصن التّاريخيّ القديم في هذه الغابة الاسكندنافيّة النّائيّة حيث قصص الجنّيات والحوريّات والأميرات الهاربات والسّاحرات المتحوّلات تحاصر المكان، وحيث يستقبله تمثال جرانيتيّ عملاق لامرأة فاتنة عارية الجسد إلاّ من قطعة قماش شفاف تواري بها زهرتي ثدييها ومنبع أنوثتها الدّفاقة.
تأمّل طويلاً تلك المرأة التّمثال البهيّة الجرانيتيّة النّاعمة الملمس؛ فقد كانت فاتنة مثل بهاء، وكانت تملك نظرة عميقة مثل نظراتها، وتتلوّى مثلها بخجل لتخفي قلبها خلف قبضتي يديها عندما يعتريها ألم أو قلق أو خوف أو حزن، وتنتصب بمهابة فخورة بجسدها الجميل البهيّ.
وتساءل عندها هل هذه المرأة التّمثال حمراء الشّعر والبشرة مثل حبيبته الفاتنة بهاء؟ وهل تملك صوتاً مبحوحاً برنين أنثويّ ساحر يشبه صوت حبيبته الحمراء؟ وهل لها رائحة مثيرة مدوّخة؟
في ساعة وصوله إلى المنتجع العلاجيّ الطّبيعيّ، أعطى حقيبة سفره لفتى الحقائب الذي جاء راكضاً تحت المطر ليستقبل الزّبائن الجدد الذين أقلّتهم سيارة أجرة إلى هذا المكان المتخفّي في غابة ثلجيّة عملاقة، وتوانى في سيره عامداً كي يدلف أصدقاؤه المرافقون له إلى البهو، في حين اقترب من المرأة التّمثال التي انجذب إليه فور وقوع بصره عليها، وشرع يشدّ جذعه نحو الأعلى ليصل إلى رقبتها ورأسها، وهي من تفوقه طولاً وجمال وقفة وهي منتصبة بشموخ دائم فوق قاعدة رخاميّة تعلوها طحالب الغابة الخضراء، فوصل إلى أذنها اليمنى بفضل وقوفه القلق على أطراف أصابع قدميه المندسّة في حذاء جلديّ أنيق، وهمس في أذنها قائلاً: هل تعرفين أين هي حبيبتي بهاء؟
كرّر السّؤال عليها أكثر من مرّة، وسكبه في أذنها اليمنى بتضرّع مهزوم، وعندما لم يسمع منها بنت شفه، تحوّل بناظريه إلى عينيها، وهو يحدّق فيهما، وسألها من جديد: هل تعرفين أين هي حبيبتي بهاء؟ ولكنّها لم تجبه عن سؤاله، وظلّت غارقة في صمتها الصّخريّ الأبديّ، إلاّ أنّه رأى ابتسامة ترتسم في عينيها، وكاد يراها تغمز له بعد أن أومأتْ له بحركة من رأسها تجاه مقعد خشبيّ قبالتها إلى يمين السّاحة حيث تنتصب أشجار بريّة وارفة الأوراق عظيمة تشابك الغصون”.
التعليقات مغلقة.