قمتا مكة لمواجهة إيران .. ماذا عن صفقة القرن؟ / فهد الخيطان
تستحق الأحداث المتصاعدة في الخليج العربي قمة عربية طارئة، دعا إليها بالفعل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز.
دول الخليج العربي ومعها سائر أقطار الشرق الأوسط تقف على حافة المواجهة العسكرية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. والاعتداءات الأخيرة التي طالت بواخر تنقل النفط الإماراتي، ومضخات نفط سعودية، وضعت دول الخليج في قلب المواجهة المحتملة.
السعودية تسعى من وراء القمتين العربية والخليجية المقررتين نهاية الشهر الحالي، حشد الدعم العربي والخليجي في مواجهة إيران، في سياق جهد سياسي ودبلوماسي لإدانة السلوك الإيراني في المنطقة.
ليس من الصعب على القيادة السعودية كسب هذا الدعم، رغم التباينات الطفيفة في مواقف دول عربية حيال التهديد الإيراني. لكن الأزمة الخليجية مع قطر ربما تحول دون تحقيق الإجماع الخليجي والعربي على موقف موحد. لهذا يفترض بالقمتين أن تضعا حدا لهذا الخلاف أولا، خاصة وأن السعودية لا تستطيع أن تتجاهل دعوة أمير قطر لحضور المناسبتين.
لا مؤشرات قوية على توجه كهذا، لكن زيارة أمير قطر للكويت مؤخرا تصب في خدمة المساعي الكويتية لتسوية الخلاف، وقد تكون الزيارة مقدمة لإنجاز المصالحة في مكة.
في كل الحالات تقع على عاتق القيادات العربية مسؤولية التعامل مع الأزمة المتصاعدة مع إيران بحكمة، تجنب المنطقة حربا كارثية، وتحفظ في نفس الوقت أمن دول الخليج العربي من الاعتداءات المتكررة.
لا نريد تكرار تجارب الماضي القريب، عندما شَرعت قمة عربية في القاهرة التدخل العسكري في أزمة احتلال العراق للكويت، وفتحت جرحا عميقا في الجسد العربي الضعيف لم يشف منه ليومنا هذا.
دول الخليج العربي ومعها دول المنطقة برمتها لاتحتمل مغامرة أميركية إسرائيلية جديدة. العالم كله لا يريد حربا مع إيران، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تعطي قمة مكة الضوء الأخضر لتصعيد الموقف حد المواجهة العسكرية.
واشنطن وتل أبيب تريدان تسوية حساباتهما مع إيران من جيوب العرب ودول الخليج، مع أن تداعيات الحرب إن وقعت ستتخطى الخسائر المادية الثقيلة، لتسجل أبشع كارثة إنسانية في القرن الجديد.
البديل للمواجهة العسكرية ولحرب استنزاف الموارد في اليمن ولبنان وسورية ومياه الخليج العربي، التفكير بمؤتمر إقليمي واسع تشارك فيه دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل لوضع إطار شامل للأمن والسلام وشروط التعايش بين الجيران، تضع حدا للتوتر، وترسم خططا للازدهار والتنمية والرفاه لشعوب المنطقة التي أنهكتها الحروب.
وما دامت القمة العربية قد انعقدت لأمر طارئ واستثنائي، فلا ينبغي أن يفوتها أيضا مناقشة حدث طارىء واستثنائي يقترب من المنطقة بالتزامن مع القمة ألا وهو صفقة القرن التي تنوي الإدارة الأميركية الكشف عنها بعد عيد الفطر. القمة فرصة لتأكيد التمسك بالثوابت العربية للحل العادل للقضية الفلسطينية ورفض التطبيع المجاني مع الكيان المحتل قبل الامتثال لقرارات الشرعية الدولية والاعتراف بالحق العربي والفلسطيني.
لتكن رسائل القمة العربية في الاتجاهين، وإلا سينظر الشارع العربي لها كمقدمة لتمرير صفقة القرن تحت غطاء المواجهة مع إيران.
التعليقات مغلقة.