خذوا سلاحاً، وتعالوا إلى البحرين / د. فايز ابو شمالة
الذي يعطيك سلاحاً يؤمنك على حياته، ويثق بك، ويصطفيك دون الآخرين، ولا يصنفك عدواً، وطالما كانت المحبة والمودة والصداقة والتواصل هي الأصل في العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لذلك سمحت المخابرات الإسرائيلية بتقديم السلاح إلى قيادة السلطة الفلسطينية حباً وطمعاً؛ فالحب للسلطة الفلسطينية التي تقوم بواجبها الأمني تجاه إسرائيل رغم الاعتداء المتواصل على المواطن الفلسطيني، ورغم تنكر إسرائيل لكل بنود اتفاقية أوسلو، أما الطمع الإسرائيلي فإنه يتمثل في تشجيع السلطة الفلسطينية للمشاركة في لقاء البحرين الاقتصادي، من منطلق الفعل ورد الفعل، فلكل يد ممدودة بالمعروف والسلاح، قدم تسير باتجاه البحرين.
وللإنصاف، وكي ننسب الفعل لأصحابه، فإن العلاقة الوثيقة بين رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية نداف أرغومان، وبين السيد محمود عباس، كانت الدافع القوي الذي سهل على نتانياهو اتخاذ قرار إدخال سلاح المدرعات للسلطة الفلسطينية، ذلك القرار الذي اعترض عليه نتانياهو نفسه منذ سنة 2007، وحتى يومنا هذا، ولكن توصية رئيس جهاز المخابرات كان لها بالغ الأثر في القرار الإسرائيلي.
القرار الإسرائيلي بإدخال سلاح المدرعات للسلطة الفلسطينية له علاقة وثيقة بالتنفيذ العملي لصفقة القرن، فبالإضافة إلى لقاء البحرين الاقتصادي، الذي سيقدم المال والازدهار للسلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل مقبلة على ضم منطقة س من الضفة الغربية، وهذا ما عبر عنه نتانياهو صراحة في ردة على 200 رجل أمن إسرائيلي توجهوا إليه بطلب إجراء استفتاء شعبي قبل اتخاذ أي قرار بضم منطقة س إلى إسرائيل، قال لهم نتانياهو: الضفة الغربية (يهودا والسامرا) ليست حدوداً أمنية تخضع للنقاش، الضفة الغربية هي أرض أجدادنا، ولا تنازل عن أرض الأجداد.
لما سبق، فإن المرحلة السياسية القادمة تتطلب تجهيز قوى الأمن الفلسطينية بالقدرة التسليحية والكفاءة التي تمكنها من السيطرة التامة على أي تحرك جماهيري رافض لصفقة القرن، وجاء تسليم السلطة عشر مدرعات مسلحة لينفي بشكل عملي كل ما يقال عن خلاف بين السلطة وإسرائيل حول أموال المقاصة، ويؤكد أن الحرد الفلسطيني على أموال المقاصة جزء من المؤامرة على القضية الفلسطينية، فالتجويع لموظفي الضفة جاء متمماً لتجويع موظفي غزة، والهدف الأكبر لهذه المعاناة الاقتصادية هو تقبل نتائج لقاء البحرين الاقتصادي، والذي سيشكل حلاً مالياً لضائقة السلطة، وفرحاً واسعاً بالمشاريع الاقتصادية، والبرامج التطويرية، والازدهار المعيشي.
لقاء البحرين الاقتصادي يتعامل مع الواقع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما هو، والازدهار الاقتصادي في هذه الحالة هو ترسيخ للواقع الذي حدد معالمة المستوطنون وجيش الاحتلال، ولا قدرة للسلطة الفلسطينية على مواجهة هذا الواقع بمفردها، ولاسيما أن معظم الدول العربية التي ستشارك في لقاء البحرين، لا تقوى على قول: لا لأمريكا، والجهة الوحيدة القادرة على أن تقول: لا لأمريكا، هي المقاومة الفلسطينية في غزة، وهذا هو مفرق الحديث، فإذا أرادت السلطة الفلسطينية أن تتصدى لصفقة القرن كما تقول، فما عليها إلا أن تمد يدها إلى غزة فوراً، لتشكل موقفاً فلسطينياً موحداً، موقف جماهيري يتحدى، ويسقط صفقة القرن، ودون ذلك، دون الوحدة الوطنية، فالكلام عن رفض صفقة القرن لن يخدش طاولة صغيرة في البحرين، تلتقي حولها الوفود تحت الرعاية الإسرائيلية والأمريكية.
التعليقات مغلقة.