أربعة4 ملايين مسلم قتلوا جراء الحروب الغربية.. فهل تعد هذه إبادة جماعية؟
الأردن العربي ( الأربعاء ) 26/8/2015 م …
التقرير بقلم : كـــــــــــت أو كــــــونل …
ترجمة : منــــــــــــــــال الكــــــــــــــندي …
قد يكون من غير الممكن أبدًا أن نعرف العدد الحقيقي للقتلى جراء الحروب الغربية الحديثة على الشرق الأوسط، ولكن هذا العدد هو 4 ملايين ضحية أو أكثر. وحيث إن الغالبية العظمى من هؤلاء القتلى كانوا من أصل عربي، ومعظمهم كانوا من المسلمين، فهل سيكون من العدل اتهام الولايات المتحدة وحلفائها بارتكاب إبادة جماعية؟
في تقرير صادر في شهر مارس بواسطة منظمة أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية، يذكر أن عدد القتلى في حرب العراق يصل إلى حوالي 1.3 مليون نسمة وربما يصل إلى 2 مليون. ومع ذلك، يمكن أن يكون عدد أولئك الذين تم قتلهم في حروب الشرق الأوسط أعلى من ذلك بكثير. وفي شهر أبريل، قال المحقق الصحفي نفيز أحمد إن عدد القتلى الفعلي قد يصل إلى أكثر من 4 ملايين شخص إذا لم يشتمل العدد على أولئك الذين قتلوا في حروب العراق وأفغانستان فقط، ولكن أيضًا إذا تضمن ضحايا العقوبات المفروضة على العراق والتي خلفت وراءها حوالي 1.7 مليون قتيل نصفهم من الأطفال، وفقًا للإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة.
رافائيل ليمكين وتعريف الإبادة الجماعية
لم يكن مصطلح “الإبادة الجماعية” موجودًا قبل العام 1943، عندما تم صياغته بواسطة محام بولندي يهودي يدعى رافائيل ليمكين. وقد صاغ ليمكين مصطلح الإبادة الجماعية genocide عن طريق الجمع بين الكلمة اليونانية “geno”، والتي تعني سلالة أو قبيلة، مع كلمة “-cide”، وهي كلمة مشتقة من اللاتينية وتعني القتل.
وقد بدأت محاكمات نورمبرج، التي حوكم فيها كبار المسؤولين النازيين بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في العام 1945، واستندت إلى فكرة ليمكين الخاصة بالإبادة الجماعية. وبحلول العام التالي، تم إدراج المصطلح في القانون الدولي، بحسب منظمة ‘متحدون من أجل إنهاء الإبادة الجماعية‘ كما يلي:
“في عام 1946، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا أكد على أن الإبادة الجماعية تعد جريمة بمقتضى القانون الدولي، ولكنه لم يضع تعريفًا قانونيًا للجريمة“.
وبدعم من ممثلي الولايات المتحدة، تمكّن ليمكين من تقديم المسودة الأولى لقرار منع ومعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية إلى الأمم المتحدة. وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار في العام 1948، على الرغم من كون الأمر كان سيستغرق ثلاث سنوات أخرى من أجل وجود عدد كاف من الدول لتوقيع القرار، والسماح بإقراره.
ووفقًا لهذا القرار، تعرف الإبادة الجماعية كما يلي:
“تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال التالية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة ما على أسس قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية، مثل:
= قتل أعضاء الجماعة.
= إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة.
= إخضاع الجماعة بشكل متعمد لظروف معيشية بهدف إهلاك الجماعة جزئيًا أو كليًا.
= فرض تدابير تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة.
= نقل الأطفال عنوة من جماعة إلى جماعة أخرى.
ووفقًا لهذا القرار، لا يتم تناول تعريف الإبادة الجماعية بشكل مبسط على أنها القيام بالقتل العمد، ولكنها يمكن أن تتضمن مجموعة أوسع من الأنشطة الضارة الأخرى:
“فرض ظروف معيشية معينة بشكل متعمد تهدف إلى إهلاك جماعة ما يتضمن الحرمان المقصود من الموارد اللازمة من أجل البقاء المادي للجماعة، مثل المياه الصالحة للشرب، والغذاء، والملبس، والمأوى، والخدمات الطبية. ويمكن فرض أساليب الحرمان من البقاء على قيد الحياة من خلال مصادرة المحاصيل، ومنع المواد الغذائية، والاحتجاز في المخيمات، وإعادة التوطين بشكل قسري، أو الترحيل إلى الصحراء“.
كما يمكن أن تشتمل أيضًا على إحداث حالات العقم الجبري، والإجهاض القسري، ومنع التزاوج، أو نقل الأطفال من أسرهم. وفي العام 2008، قامت الأمم المتحدة بتوسيع المصطلح للاعتراف بأن “الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي يمكن أن تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو عمل يتعلق بالإبادة الجماعية“.
الإبادة الجماعية بالشرق الأوسط
هناك عبارة رئيسة في قرار الأمم المتحدة تنص على خصوصية “الأعمال التي يتم ارتكابها بقصد الإبادة“. وفي حين أن الحقائق تدعم وجود عدد كبير من القتلى العرب والمسلمين؛ إلا أنه قد يكون من الصعب إثبات أن الأعمال التي تم ارتكابها كانت تهدف بشكل متعمد إلى إهلاك “جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية“.
ومع ذلك، كان واضع القرار مدركًا أن عددًا قليلًا من أولئك الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية جريئون لدرجة كتابة سياساتهم على هذا النحو كما فعل النازيون على نحو غريب. ومع ذلك، فقد ذكرت منظمة مراقبة الإبادة الجماعية في العام 2002 أن “النية يمكن إثباتها مباشرة من البيانات أو الأوامر. ولكن في كثير من الأحيان، لابد من الاستدلال عليها بواسطة نمط ممنهج من الأفعال المنسقة”.
وفي أعقاب هجمات 11/ 9، استخدم الرئيس جورج بوش كلمات غريبة ومثيرة للجدل في واحدة من خطاباته الأولى، حيث حذر من العودة إلى الصراعات التاريخية والدينية كما كتب بيتر والدمان وهيو بوب في صحيفة وول ستريت جورنال “تعهد الرئيس أوباما بتخليص العالم من الأشرار، ثم حذر من كون هذه الحملة الصليبية أو الحرب على الإرهاب سوف تستمر لبعض الوقت“.
الحملة الصليبية؟ يشير الاستخدام الدقيق لهذه الكلمة إلى الحملات العسكرية المسيحية التي وقعت قبل ألف عام للاستيلاء على الأرض المقدسة من المسلمين. ولكن في كثير من العالم الإسلامي، حيث يغمر التاريخ والدين الحياة اليومية بطرق متعذرة الفهم على معظم الأمريكيين، تعد هذه الكلمة اختزالًا لشيء آخر وهو: الغزو الغربي الثقافي والاقتصادي والذي يخشى المسلمون من إمكانية الخضوع له وتدنيس الإسلام.
وفي الحروب التي أعقبت حرب العراق وأفغانستان، لم تقتل الولايات المتحدة الملايين فقط، ولكنها دمرت البنية التحتية اللازمة لحياة صحية مزدهرة بطريقة منهجية في تلك البلاد، ثم استخدمت جهود إعادة البناء كفرص للربح وليس لصالح الشعوب المحتلة. ولإضافة المزيد لنمط الإبادة الجماعية، فهناك أدلة كثيرة على التعذيب والشائعات المتكررة حول الاعتداءات الجنسية في أعقاب سقوط العراق. ويبدو على نحو واضح أن الولايات المتحدة قد ساهمت في مزيد من زعزعة الاستقرار والموت في المنطقة من خلال دعم صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا عن طريق تسليح الجماعات المتمردة في الأطراف المختلفة للصراع.
وبعد أحداث 11/ 9، أعلنت الولايات المتحدة حربًا عالمية على الإرهاب، ما أدى إلى ضمان وجود دائرة لا نهاية لها من زعزعة الاستقرار والحروب في الشرق الأوسط في خلال تلك الحرب. والغالبية العظمى من ضحايا هذه الحروب، وضحايا الدولة الإسلامية، هم من المسلمين. ويتبنى بعض الأمريكيين، كإرهابيين متطرفين تم صنعهم بواسطة الاضطرابات المتزايدة والهجمات على الغرب، لغة بوش المثيرة للجدل عن الحرب الدينية، داعين إلى وضع المسلمين في مخيمات، أو داعين بشكل مباشر إلى الإبادة الجماعية.
التعليقات مغلقة.