التمكين الاقتصادي للمرأة / د. عادل عامر

نتيجة بحث الصور عن عامر عادل

د. عادل عامر ( مصر ) الخميس 30/5/2019 م …




أصبح مفهوم تمكين المرأة من المفاهيم الشائعة في معظم الدول، خاصة في مجال التنمية الاجتماعية، وفي كتابات المرأة؛ حيث حلَّ مفهوم التمكين جوهريًّا -سواء في مناقشة السياسات، أو البرامج -محلَّ مفاهيم النهوض والرفاهية، ومكافحة الفقر والمشاركة المجتمعية، وشكَّل أحد المفاهيم الرئيسة في المؤتمرات المحلية والدولية.

التمكين الاقتصادي للمرأة هو العملية التي تستطيع المرأة من خلالها الانتقال من موقع قوة اقتصادي أدنى في المجتمع إلى موقع قوة اقتصادي أعلى، وذلك من خلال ازدياد سيطرتها وتحكمها بالموارد الاقتصادية والمالية الأساسية، وهي الأجور ورأس المال والملكيات العينية، وهو ما يمنحها في الدرجة الأولى استقلالية مادية مباشرة.

 والتمكين الاقتصادي للمعيلات هو عملية إدماج النساء الفقيرات غير العاملات ممن فقدن عائل الاسرة في مشروعات متوسطة أو صغيرة أو متناهية الصغر بهدف ضمان وجود دخل شهري منتظم مع مراعاة الخلفيات الثقافية والقدرات المهنية للنساء بما يتوافق وظروف المجتمع المحلى.

 ترتبط حقوق المرأة بالاستقلال الاقتصادي والمشاركة السياسية للمرأة ومساواتها بالرجل. ودون شك فأن غياب هذه القيم في مجال الأسرة والمجتمع سيؤدي إلى عدم تحقيقها في مؤسسات الدولة وسياساتها،

 كما أن تقبل المجتمع للقيم الجديدة يرتبط بمدى تأكده أن جذورها نابعة من ثقافته الوطنية. تناولت مجموعة من الوثائق الدولية حقوق الإنسان، ولفظة إنسان تنصرف للذكور والإناث والشيوخ منهم والأطفال، والأسوياء وغيرهم. الخ. إن أهم هذه المعوقات تتمثل في الثقافة المجتمعية القائمة على تنميط أدوار المرأة والرجل، وعدم توفير الخدمات المساندة التي تراعي النوع الاجتماعي واحتياجات المرأة الخاصة باعتبارها “أم لأطفال”

وإن وجدت هذه الخدمات فهي غير كافية وغير ملائمة، فضلاً عن التمييز الموجود ضد النساء في سوق العمل وخصوصاً في فرص الترقي وفروق الأجور، وعدد ساعات العمل الطويلة في القطاع الخاص ما يدفع المرأة إلى العمل في القطاع العام، هذا بخلاف عدم توفير سياسات رادعة تحميها من التحرش في أماكن العمل والأماكن العامة.

وتعتبر المرأة الأكثر ارتباطاً بقضية الفقر نظراً للتغير العام الذي طرأ على بنية العائلة الذي أدى إلى استقلال الأبناء عن أسرهم الكبيرة ونشوء حالات جديدة ساهمت في تفكك الأسرة المعاصرة، وكان من نتائج هذا التفكك الأسري غياب التضامن الذي كان موجوداً داخل الأسرة الكبيرة. إضافة إلى ذلك كان من نتائج غياب الأسرة تخلي كثير من الإخوة عن القيام بواجباتهم تجاه أخواتهم المطلقات أو الأرامل اللواتي يجدن أنفسهن في سوق العمل من أجل إعالة اسرهن.

 اضافة الى التغير الذي طرأ على ظروف المرأة المعيشية نتيجة غياب الزوج، إما بسبب السفر أو بسبب اندلاع الحروب، أو هجرة الكثير من أرباب العائلات الذكور، إضافة إلى تزايد معدل الجريمة، أو هروب بعض الأزواج من زوجاتهم وأولادهم بسبب تفاقم عجزهم عن توفير الحد الأدنى للمعيشة وتركهم البيت لفترات غير محددة.

أما على صعيد ظاهرة الفقر بشكل عام في مصر فإنه لم يكن ينظر إلى ظاهرة الفقر في مصر فيما قبل منتصف الثمانينات من القرن الماضي على أنها من المشكلات الملحة التي تقع في أول سلم الأولويات،

 إذا أن الأوضاع الاقتصادية العامة كانت مستقرة نسبياً آنذاك وكان الاهتمام منصباً على زيادة العدالة في توزيع الدخل، ففي عقد السبعينات شهد الاقتصاد المصري انتعاشاً انعكس ارتفاعاً في المستوى المعيشي للسكان ما لبث ان تدهور الوضع الاقتصادي ليصل الى أدني مستوياته في يومنا هذا لنشهد ارتفاع معدلات الفقر في مصر وتهميش دور النساء وارتفاع نسبة البطالة وازدياد عمالة الاطفال مما دفع بالعديد من الاسر الى استجداء المعونة والتي اخذت مسميات حكومية متعددة عبر صندوق التنمية الخاص بدعم الاسر الفقيرة.

ويبقى جانب التمكين الاقتصادي محوراً أساسياً في مجال تمكين النساء والتي لا تكتمل نتائجه إلا إذا ترافق مع التمكين سياسياً واجتماعياً وثقافياً وبتضافر جميع الجهود الحكومية والغير حكومية وضمن استراتيجيات عمل ومنهجية علمية مدروسة ونابعة من صلب واقعنا واحتياجاتنا وملبية لطموح النساء والرجال في مجتمع متساوي الحقوق لبناء المستقبل الذي ننشد دون أي عنف أو تمييز أو انتقاص من حقوق الجميع وعلى قواعد وأسس العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.

 يعتبر تمكين المرأة اقتصادياً هو الطريق الصحيح لمشاركة فاعلة في المجتمع، والتمكين الاقتصادي للنساء يعني مكافحة الفقر وسط النساء. وهذا يؤدي بل يقتضي بناء قدرات النساء عن طريق مساعدتهن على امتلاك المهارات والقدرات اللازمة في التخطيط والإدارة والاتصال والتفكير الإبداعي وقيادة المجموعات وغيرها، ومن الناحية الاقتصادية يقصد بتمكين المرأة اقتصاديا (مساعدة المرأة حتى تحصل على استقلالها الاقتصادي عن الرجل، وحتى تصبح قراراتها المادية بيدها، وتتمكن من الوصول إلى رؤوس الأموال وتأسيس مشاريعها الاقتصادية الخاصة)، ويقتضي الحديث عن تمكين المرأة اقتصاديا، بيان مفهوم التمكين وكذلك بيان حقوقها في التشريع الدولي والمحلي ومقاربة ذلك مع البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية

دخول المرأة المجال الاقتصادي يعزز أنشطة القطاعات المختلفة ويمنحها فرصا أكبر للنمو والتطور، إذ أن المرأة الاقتصادية إضافة مهمة لكل العمليات الاستثمارية والتشغيلية، ولعلنا بدأنا نلحظ ظهور مزيد من الرائدات اللاتي يتقدمن في عدة مجالات كانت بعيدة نسبيا عن النساء أو بالأصح هن بعيدات عنها، كما فعلت إحدى السيدات مؤخرا في بريدة بافتتاحها مكتبا عقاريا، وذلك خطوة أولى في مشوار الألف ميل الذي يحتاج لمثل هذه المبادرات خاصة وأن كثيرا من السيدات لديهن رساميل مقدرة في المصارف وينبغي أن يستثمرنها بما يجعلها أكثر قيمة وفائدة.

على هذا الطريق كان لا بد من دور للغرف التجارية والصناعية في تدعيم فرص المرأة على نحو ما بدأه المجلس التنسيقي لعمل المرأة في مجلس الغرف، لتمكين المرأة من فرص العمل وتذليل التحديات التي تواجهها، وذلك من خلال إطلاق مبادرتين للتنسيق بين الجهات الحكومية وأصحاب المصانع، ضمن خمس مبادرات جديدة يجري العمل عليها، لتعزيز عمل المرأة.

 وكما ورد في الأثر فإن قيمة المرء فيما يحسنه، ولذلك من الممكن البدء بما يتناسب مع المرأة وقدراتها في مرحلة أولى، ولكن من الضروري استيعاب طموحات المرأة وعدم قصرها على المجالات التي تخصها فقط، فالدورة الاقتصادية تسعها وبما لدى كثير من السيدات والشابات من القدرات المالية والإدارية والعلمية

يمكنهن أن يبرعن في جميع مجالات الاستثمار كما فعلت تلك العقارية نثق بكل تأكيد في قدرات المرأة وإسهامها في التنمية الشاملة، وتلك بداية جيدة نتطلع إلى استثمارها بصورة متقدمة حتى تؤكد أنها تملك كل الأدوات والوسائل اللازمة لعمليات الإدارة وبناء المؤسسات الاقتصادية ذات القدرة على النمو والاستمرارية في سوق واسع،

 وهناك نماذج ناجحة كثيرة على المستوى الوطني والعربي تجعلنا ندعم كل مواطنة تنطلق بعقلها الاقتصادي دعما للناتج المحلي الإجمالي والتطور الاقتصادي.

“يعني التمكين الاقتصادي للمرأة التوزيع النسبي لكل من الرجل والمرأة في الوظائف الإدارية والتنظيمية والمهنية، والتوزيع النسبي للدخل المكتسب بواسطة السكان النشطين اقتصاديًّا من الجنسيين، والأجور النسبية للإناث مقارنة بالذكور، والداعون لهذا النوع من التمكين للمرأة يؤكدون أن هذا لا يتحقق إلا إذا كان للمرأة دخل خاص منتظم، واستخدموا في ذلك كافة وسائل الضغط المعنوي من صحافة وإعلام،

 وأعمال درامية ومناهج دراسية، ففي منهج الصف الأول الابتدائي في إحدى الدول العربية درس بعنوان: “أسرتي”، وهو الدرس الأول الذي يتلقاه الطفل الصغير، وفيه يقوم طفل بالتعريف بأسرته،

ويقول: أبي معلم، وأمي طبيبة، ويبحث كل طفل ماذا يقول عن أمه، وإلا فإنه يشعر أن أمه أقل من باقي الأمهات، وهو ما تشعر به الأم المتفرغة لشؤون بيتها، فهي مجرد ربَّة بيت؛ أي: بلا عمل، وهو ما يمثل ضغطًا نفسيًّا رهيبًا عليها،

وإن كان بشكل غير مباشر، وكأن كل الجهود الضخمة التي تحملها على عاتقها لا تعني شيئًا، واستخدام المناهج التعليمية لخدمة القضايا النسوية، أمرٌ مقرر في جميع الاتفاقيات الدولية، ومنصوص عليه في وثيقة إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.