يذكّروننا بهتلر! / أحمد الشاوش

 

احمد الشاوش ( اليمن ) الخميس 27/8/2015 م …

* قد يكون العنوان مثيراً وملفتاً للمواطن العربي ، وصادماً للأوروبي ، لكنه أقرب إلى الحقيقة من الخيال ، رغم المآسي والدمار التي تجرعتها الدول الأوروبية ، نتيجة لنزوة جامحة وهوس بلا حدود ونزعة بلا حدود للقائد الألماني ” ادلف هتلر” ، مقارنة بما تجرعته الشعوب العربية والإسلامية من مجازر ، ودماء ودمار وتشرد نتيجة الحروب العبثية ، والجرع الثقافية المستوردة والأفكار المارقة التي انتجتها المعامل السياسية التابعة للحكام العرب ، لإعادة تشكيل وعجن عقلية المواطن العربي وملؤها بمصطلحات ونظريات ورؤى وأفكار أكثر انحرافاً وتمجيداً وتعبداً للحكام الذين وصلوا الى كراسي السلطة دون أدنى معايير علمية أو أخلاقية بصورة مجافية للعقل والمنطق والواقع الذي يجب أن يكون .

ولذلك فإن الذاكرة تقودنا إلى أن حكام العصر ” الحديث ” في سبيل الاستحواذ على السلطة قفزوا على الكثير من الأخلاقيات والقيم الدينية ، وتجاوزوا الشروط الموضوعية وجعلوا من إتقان فن المؤامرات والفتن والانقلابات والإفراط في التبعية الإقليمية والدولية منهجاً للاستقواء على شعوبهم ، وقطاراً للوصول إلى كراسي الحكم بالقوة والغلبة والاستقواء ، وتعيين بطانة أضعف من خيوط العنكبوت تؤمن بالولاء الشخصي والعبث بمقدرات الأوطان وأساليب الترهيب والترغيب .

وبهذا الأسلوب الرخيص استثمر الكثير من الحكام مبادئ الديمقراطية والحرية رغم اللامبالاة الكبيرة ، وتبنوا الخطابات الرنانة والاستهلاكية لدغدغة عواطف الشعوب والاسهاب في مفاهيم العدالة والتنمية والفقر والبطالة واللعب على وتر المناطق والأقليات والمهمشين والطوائف وسيمفونية ووهم الدولة المدنية الحديثة تخديراً للشعوب العربية وتسويقاً للأحلام الوردية التي اكتشف المواطن البسيط أنها مجرد أضغاث أحلام ، وأدوات لتلميع بعض الأصنام المترهلين الذين ضلوا وأضلوا شعوبهم وور طوها في الكثير من الحروب العبثية والانهيار الاقتصادي وتصدع النسيج الاجتماعي ، والتسويق لثقافة الكراهية والإرهاب .

ولذلك عندما نقرأ التاريخ فإننا نجد أن حكام ” العصر القديم ” كانوا على درجة عالية من النبل والشجاعة والصراحة والثقة والكفاءة والقدرة والتوازن والاتزان في الإدارة ، حتى في حروبهم تمتعوا بأخلاق الفرسان ، رغم بعض مساوئهم وشطحاتهم.

وتقودنا الذاكرة إلى أن القائد الألماني الفذ ” هتلر” الذي ذاع صيته وجبروته في أرجاء المعمورة ” رفض ” مصافحة أحد الجواسيس والمرتزقة الذين تآمروا على بلدانهم وتاجروا بأوطانهم وشعوبهم وساعدوا المانيا في الانتصار على بلدانهم وصار محل احتقار لدى الألمان عندما قال هتلر لا يشرفني أن أضع يدي في يد من تآمر على وطنه كلمات عظيمة من رجل عظيم لاحقر شخص في المعمورة ، ولهذه التربية الوطنية الصادقة والأخلاق العظيمة لـ هتلر والدرس القويم وجب علينا أن نقول ” سلام الله على هتلر “.

فالتسلط والتعسف في استخدام السلطة وملاحقة الشرفاء والتآمر والارتزاق والخيانة والاستقواء بالمال والسلاح ومرتزقة الداخل والخارج هو نتيجة طبيعية لسلوك غير طبيعي وحالة تربوية شاذة ، تُبعد الإنسان عن التباينات والسقوط المريع لبعض قادة الاحالة الحب والتضحية والإيثار والحلول السياسية الناجعة واستلهام قيم التسامح والتعايش مهما كان الانتصار أو البقاء في السلطة ، فسرعان ما يدق نفير الثورات فجأة كالزلزال يجعل عاليها سافلها .

ورغم تلك والسقوط المريع للكثير من الحكام وقيادات الأحزاب اليمنية والقيادات العسكرية والأمنية وإعشار العلماء والمثقفين والإعلاميين الذين أدمنوا لغة الارتزاق والتآمر على أوطانهم ولهثوا وراء البند “السابع ” و “دولوا ” الأزمات وتاجروا بسيادة اليمن وشعبه حتى أصبح مصيره رهينة لدى الدول الإقليمية والدولية وملحقة إبادة بشرية وحصار وحشي ، إلا أن اليمن سيظل صامداً والآن الخونة والمرتزقة العيشين في فنادق خمسة نجوم محل احتقار من احتضنهم والعالم ..

وماتزال الذاكرة تختزل كلمات لبعض اليمنيين الذين عايشوا فترة الرخاء والاستقرار في جنوب اليمن أيام بريطانيا واياّم سالمين ، ومن بعدها الحزب الاشتراكي ورغم الاستعمار والأنظمة الشمولية التي تعاقبت وعملت على محورين “الأمن والعيش “، قال الناس سلام الله على العجوز ” بريطانيا ” و”سالمين ” ..

واستشعر الناس خيرا بالوحدة اليمنية ووصلت مسيرة البناء إلى كل مدينة وعندما تحول أبطال الوحدة ومحرري الجنوب إلى ناهبين للثروات والأراضي ومشاريع لتدمير المجتمع اليمني ونسيجه الاجتماعي ، قال الناس سلام الله على الحزب ، وعندما فشل حزب “الإصلاح ” في إدارة الحكم باليمن ومارس الإقصاء والتهميش وتورط الكثير من قياداته في العمالة للنظام السعودي والأمريكي وغيره ، قالوا سلام الله على ” عفاش “، وجاء “الحوثيون ” إلى السلطة بعد خلاف الإخوة الأعداء بسرعة الصوت وأصابهم الفشل في إدارة الأزمة نتيجة للعدوان السعودي الأمريكي وتآمر القوى العقائدية والتقدمية وتجربتهم الناشئة وانعدام الكوادر والكفاءات ، وهكذا تكشف لنا الأيام مواطن الضعف وتسلط الحكام وسقوط الأنظمة الفاشية والفاشلة مهما كان التضليل والأقنعة، وكل شيء يهون إلاّ ” خيانة الأوطان ” وبيع الأحلام وتزييف العقول.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.