السودان … المجلس العسكري يغلق مكاتب “الجزيرة”.. وشيطنة الحراك تجري على قدم وساق

فرح مرقة ( الأردن ) الجمعة 31/5/2019 م …




تعلن قناة “الجزيرة” القطرية إغلاق مكاتبها في السودان ومصادرة أجهزة موظفيها وسحب ترخيصها بالتزامن مع ارتداء رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الفتاح البرهان بدلة رسمية مدنية مستبدلا بها البزّة العسكرية في حضوره لقمم مكة التي انعقدت الطارئتان منها وبقيت العادية. تصعيد موازٍ شهده الشارع السوداني الخميس يمكن ربطه بالمشهد إذ قُتل شاب وأصيب سبعة آخرون على يد “قوّات نظامية” وفق تجمع المهنيين السودانيين.

الرموز مهمة فالتصعيد ضد قطر وقناتها يأتي بالتزامن مع وجود البرهان في مكة، وبعد زيارتيه للقاهرة وأبو ظبي، في إشارة على كون الدول الثلاث نجحت في استقطاب المجلس العسكري وبصورة تامة بوقت يطالب فيه السودانيون باستقلالهم عن السياسات الخارجية من جهة وبمدنية حكمهم من جهة ثانية، ما سيهدد على الأغلب شرعية المجلس العسكري اكثر في الأيام القادمة وسيزيد تعنت الدول الثلاث الداعمة.

ورغم ان مايكروفون قناة الجزيرة كان طوال الفترة الماضية حاضراً حتى في تصريحات المجلس العسكري إلا ان الامر بدا هذه المرة أكثر حسماً مع القناة القطرية، في الوقت الذي لم يكن غريبا منذ بدأت الاعطيات والترحيبات تنهمر على المجلس العسكري ورئيسه من البحرين والسعودية والامارات ومصر ودعمه.

اغلاق المكتب عمليا يعني ان المجلس العسكري يدير اليوم الشق السياسي والحرياتي وهو ما لم يكن حتى اللحظة قد فعله عملياً، الامر الذي أظهرته بالضرورة البدلة المدنية التي اختار الجنرال البرهان ان يظهر بها في السعودية وهو يحظى باستقبال اهم بكثير مما حظي به رئيس وزراء قطر الذي بدا مُتجاهَلاً خلال القمتين الخليجية والعربية.

عملياً للدول الأربعة الداعمة للمجلس العسكري الكثير من المصالح في العاصمة السودانية، والتي تبدأ من كسر شوكتي قطر وتركيا في الخرطوم وتمر عبر زج المزيد من القوات السودانية في اليمن وليبيا ولا تنتهي عند احتمالات استغلال الدولة في مواقف جديدة يبنيها الحلف الرباعي الذي يغلب عليه التهور.

الاشكال الحقيقي في هذه المرحلة في السودان ليس عمليا التضييق على الجزيرة، ولكن الأهم والأخطر هو الدخول بمرحلة من شيطنة الحراك بدأها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو قبل يومين وهو يتحدث عن دول تدفع الكثير من النقود ليتحول السودان لسوريا او ليبيا، الامر الذي أوحى بأن السودان مقبل على مرحلة من عكس الاستقطاب على الداخل وهو الامر الذي يحوّل عملياً الخرطوم لسيناريو القاهرة وبوتيرة اسرع.

ورغم ان المجلس العسكري يقلل عمليا من نسب نجاح الاضراب العام الذي اعلنه تجمع المهنيين خلال اليومين الماضيين، الا ان مراقبين سودانيين يؤكدون انه كان ناجحاً مطالبين باستكمال إجراءات التصعيد والتي تتضمن اعلان عصيان مدني محتمل خلال الايامن القليلة القليلة القادمة، خصوصا ان لم يكن هناك توافق بين قوى اعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري على مشهد السودان المقبل.

بكل الأحوال، مراقبة المشهد الحالي في السودان تظهر عمق صراع المحاور في العالم العربي، والاهم انها تبرزه كصراع غير قابل للإصلاح في الفترة الحالية، وهو الامر الذي لا يزال المراقبون يتوقعون في سياقه المزيد من المفاجآت. على صعيد مختلف، يبدو المشهد الداخلي متجها لمشاهد اكثر صعوبة في الأيام المقبلة بين المحتجين الرافضين لبقاء المجلس العسكري والمطالبين بحكومة مدنية، وبين المجلس الذي بدأ شكليّاً يتمدّن ويرتدي ربطة عنق وبدلة رسمية.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.