إرحمونا من هذا الحُب القاتل !  … الخارجية البحرينية وإستضافة مؤتمر” السلام الأمريكي / مهند إبراهيم أبو لطيفة

مهند ابراهيم ابو لطيفة ( فلسطين ) الثلاثاء 4/6/2019 م …




بعد موقف الإجماع الفلسطيني الواضح والصارم، الرافض للمشاركة في مؤتمر المنامة ، أو الورشة الٌإقتصادية التي ستُعقد خلال أسابيع في البحرين، خرج علينا وزير الخارجية البحريني، خالد بن آل خليفة ، ليُنفي وجود دوافع خفية وراء الإجتماع .

وقال أن قرار البحرين ، إستضافة  هذه المبادرة، هي إنعكاس لدعم القضية الفلسطينية، وأكد أن الهدف هو تعزيز الإقتصاد الفلسطيني، ولكي يتمكن الشعب الفلسطيني من النهوض بقدراته، وتعزيز موارده.

يتناسى السيد وزير الخارجية، أن شعب فلسطيني في قطاع غزة،  وفي الضفة الغربية وفي مخيمات اللجوء، يعاني منذ عشرات السنين ، من الحرمان وضيق العيش، والحصار الشديد، وشُح الإمكانيات المادية، وأن معاناته بسبب سياسات الإحتلال الكولونيالي الإستيطاني، ومنذ قيام هذا الكيان، شملت كل جوانب الحياة، وأن قضيته في جوهرها ، هي صراع وجودي من أجل الأرض والإنسان، وحقوق وطنية أساسية من أجل الحرية والكرامة والإستقلال، وليست مجرد  مطالبات حقوقية أو معيشية لأقلية أو فئة إجتماعية في دولة.

عشرات السنوات والعالم ينظر، لمعاناة وآلام الشعب العربي الفلسطيني، ويقف عاجزا عن إجبار دولة الإحتلال على تطبيق قرارات الشرعية الدولية ، وهي بالعشرات، أو الإلتزام بالإتفاقيات،  فهل تستطيع الخارجية البحرينية، أن تُغير هذه المعادلة، بإستضافة مؤتمر؟.

لماذا لم نرى الحكومة البحرينية، في السنوات الماضية، تبادر لتخفيف المعاناة الإقتصادية عن سكان المخيمات : عين الحلوة، نهر البارد، البداوي، الوحدات، الحسين، البقعة، وقطاع غزة وغيرها، ومعظمهم يعيشون تحت خط الفقر منذ النكبة. أو تتبنى مبادرات من أجل توفير حالة عربية أو دولية، لدعم صمود الشعب الفلسطيني؟.

كيف تحتفل المنامة بعرس إقتصادي، تقيم له حفلة زفاف، والعريس الفلسطيني، وهو عنوان الشعب الفلسطيني السياسي، غائب، ولا يُستشار، ورافض أساسا لمثل هكذا مؤتمرات تصفوية مشبوهة؟.

أما عن دوافعكم الحقيقية في إستضافة هذا المؤتمر، فهي وبإختصار:

 

أولا: منذ عام 1861، والبحرين محمية بريطانية، لا تملك قرارها السياسي، ولا تتمتع بسيادتها كدولة.  حين تعهد أمير البحرين في ذلك العام، عن الإمتناع عن الحرب والقرصنة وتجارة العبيد، تعهدت بريطانيا بتوفير الحماية له من التهديد الإيراني والتركي، وليحفظ إمارته.

وتم تجديد تلك الإتفاقية عام 1880 وعام 1892. وحتى أغسطس عام 1971، وإعلان الإستقلال، والضامن الوحيد لإستمرار الحكم في البحرين ، هي بريطانيا، ثم أمريكا لاحقا.  ومن مصلحتكم ، الإستجابة لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة الآيباك الصهيونية، الداعم الأكبر لدولة الإحتلال في أمريكا، لإستمرار هذه المظلة الأمنية.

ثانيا: منذ عام 1919، منذ ثورة الغواصين، التي طالبت بمجلس تشريعي، وتشكيل شرطة وطنية، ووضع حد للتدخل البريطاني في شؤون البحرين الداخلية، وأنتم تواجهون أزمة حكم مع تيارات سياسية وطنية بحرينية معارضه، مثل جمعيات: الوفاق، المنبر الإسلامي، وعد، الأصالة، المنبر التقدمي، أمل، التجمع الديمقراطي، وغيرها.

وشهدت البحرين مطلع عام 2011، إنتفاضة عنيفة، وسلسلة من الإحتجاجات والمظاهرات، تشهد عليها ساحة اللؤلؤة في المنامة،مما دفعكم لطلب الدعم من السعودية، ولولا تدخل قوات درع الجزيرة لحمايتكم، لسقط نظام الحكم.

لذلك أنتم بحاجة لهذه الرعاية السعودية- الإماراتية، للإستقواء بها على قوى المعارضة،التي عانت التمييز المنهجي، والمُلاحقة والمطاردة والإعتقال والتعذيب ، والمحاكمات العسكرية، والإلتفاف -على مدار سنوات- على مطالبها السياسية الإصلاحية.

أليس الأجدى، بأن تحلوا أزمتكم الداخلية، وأن تستجيبوا لمطالب شعبكم وحركته الوطنية، في الحرية والمشاركة السياسية، وإيجاد صيغة أفضل لتقاسم السلطة والثروة، بدل أن تهيمن عليها عائلة فقط، وأن تعملوا على تخفيف التوترات الأمنية، بدل أن يُحمل البحرينيون مستقبلا، الشعب الفلسطيني،  نتائج سياساتكم التي لا تحقق العدالة الإجتماعية.

ثالثا: الكل يعلم أن البحرين ، هي الدرع الخلفي للسعودية، وأن الصراع على الحكم بين الملك وعمه خليفة بن سلطان، رئيس الوزراء، هو بمثابة  القنبلة الموقوتة، التي يمكن أن تنفجر داخل الأسرة الحاكمة، بين جناحين في السلطة ، أمريكي وبريطاني، وأن هشاشة نظام الحكم، تستدعي الرعاية السعودية الإماراتية الدائمة، لحفظ التوازنات. لذلك وبأسم الإمارات والسعودية ، يتم إستضافة هذا المؤتمر.

رابعا: يقع مقر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي في العاصمة المنامة، وهناك تواجد شبه دائم لحاملة الطائرات، ووحدات التدخل السريع من البحرية الأمريكية. وتستخدم القيادة المركزية الأمريكية بشكل كبير ، قاعدة الشيخ عيسى الجوية وهذه القاعدة، تتولى المساهمة في حماية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج، في المقابل تحصل البحرين، على الحماية، والتجهيزات والمعدات التي يحتاجها جيشها، بالإضافة للمساعدة البحرية والأمريكية. وعندما تطلب أمريكا منكم إستضافة هكذا مؤتمر، لا تملكون سوى الإنصياع.

رابعا: عندما كان السيد وزير الخارجية ، يدرس في الكلية العلمية الإسلامية في عمان حتى عام 1978، ألم يلتفت لحلم اللاجئين الفلسطينيين، بالعودة والتحرير وإقامة الدولة المستقلة؟.  وعندما كان يدرس التاريخ والعلوم السياسية في جامعة سانت إدوارد، في ولاية تكساس في عام 1984، ويشارك متطوعا في الحملات الإنتخابية الأمريكية، ومنها حملة الرئيس جيمي كارتر في عام 1980، هل شارك مرة بحمل علم فلسطين في مظاهرة أو إعتصام لعرب أمريكا؟.

 

خامسا: أين كانت مصلحة شعب فلسطين، وعلاقاتكم ( العلنية) مع دولة الإحتلال، تعود للعام 1994، عندما قام وفد رسمي إسرائيلي، بزيارة البحرين في شهر سبتمبر . أو عندما دعا السيد وزير الخارجية، بتشكيل منظمة إقليمية، تضم الدول العربية وإسرائيل، وإيران، وتركيا،وشدد على أنها يجب أن تضم الجميع، وأن تتجاوز الأعراق والأديان؟.

سادسا: عندما كشفت وثائق ويكلكس، عام 2011 ، ونشرتها صحيفة هآرتس وقتها، أن الملك البحريني، كان يتفاخر في لقاء مع سفير الولايات المتحدة، في فبراير عام 2005، عن وجود إتصالات مع الموساد، وان البحرين مستعدة لتطوير علاقاتها مع إسرائيل في مجالات أخرى. هل كان المقصود هو هذا النوع من العلاقات؟.

سابعا: عند إعلان نائب رئيس مجلس الوزراء، محمد بن مبارك آل خليفة، أن البحرين إتخذت قرارا ، برفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية، وإغلاق مكتب المقاطعة الإسرائيلية. هل كان هذا القرار جزءا من مشروع دعم الإقتصاد الفلسطيني؟ أم تلبية لشروط إتفاقيتكم بخصوص التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية؟.

ثامنا: هل صحيح ما نشره الموقع الرسمي، لجيش الإحتلال الإسرائيلي ” بيسم “، بأن نتيجة التعاون الوثيق بين جهاز الموساد، وسلطات البحرين، كان تلقي إسرائيل المعلومات الإستخباراتية، عن إيران ومنظمات فلسطينية في عام 2011.

تاسعا: هل صحيح، ما كشف عنه الصحفي ألكسندر ماكدونالد، في أكتوبر عام 2015، في مقال له على موقع ” ميدل إيست آي “، أن حملة ” هذه هي البحرين “الحكومية، والمؤلفة من 200 عضوا، زارت أمريكا ووقعت مذكرة تفاهم مع معهد ” ميمري” الإسرائيلي لأبحاث الشرق الأوسط، من أجل تحسين صورة البحرين في الخارج؟ هل شملت هذه المذكرة أيضا، تحسين صورة الفلسطينيين؟

عاشرا: هل صحيح ما ذكرته قناة ” سكاي نيوز” أن البحرين، تسعى للحصول على منظومة الصواريخ الإسرائيلية، المعروفة ب ” القبة الحديدية ” من خلال متعاقدين أمريكيين، مع شركة الأسلحة ” رافائيل “الإسرائيلية؟. وهل إستضافة المؤتمر، تأتي ضمن هذا التحركات؟.

عندما زار الحاخام مارك شنير، وهو رئيس مؤسسة التفاهم العرقي، ومقرها نيويورك، البحرين وإلتقى بالملك، أكد له الملك – كما ذكرت صحيفة ” جيورزاليم بوست ” ، أن فتح علاقات دبلوماسية علنية ، مع دولة الإحتلال، ليس سوى مسألة وقت، هل  إستضافة مؤتمر ” صفقة القرن ” إستكمالا لهذه الوعود؟

في لقاء لها مع قناة 13 ، أكدت تسيفي ليفني قبل مدة، أن العلاقات مع الحكومة البحرينية، عمرها 25 سنة، وانها كانت تتم من خلال قناتين: الخارجية الإسرائلية وجهاز الموسلد، وأنها على أحسن ما يُرام.

وفي أعقاب الإنتفاضة البحرينية عام 2011، دافع نتنياهو، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة ” سي إن إن ” في آذار من نفس العام ، عن نظام الحكم في البحرين.

وقال الحاخام مايك شناير المقرب من ملك البحرين، أن البحرين عملت خلال السنوات 2012- 2014 ، على دفع دول الخليج للإعلان عن حزب الله ” كمنظمة إرهابية ” .

 

لا يحتاج وزير الخارجية البحريني، أن يكرر على مسامعنا، حرصه الشديد على تحسين الأوضاع  الإقتصادية للشعب الفلسطيني، فللبيت رب يحميه. ومبارك عليهم الحماية الإسرائيلية- الأمريكية ضد شعبهم وامتهم العربية. ولكن لماذا لا ترحمونا ، من هذا الُحب القاتل!.

 

كاتب وباحث فلسطيني

[email protected]

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.