عن سورية وايران وصفقة القرن .. هل تمتلئ السلال بالماء؟ / نارام سرجون
نارام سرجون ( سورية ) الثلاثاء 4/6/2019 م …
هل يملك بعضكم الجلد والصبر والقوة ليعيد المحاولة مع هذا الدماغ المثقوب كالسلة .. فكلما سكبتم الماء الزلال ونظرتم لم تجدوا قطرة ماء في قعر هذا الدماغ السلة .. ولو غيرتم مجرى النيل والفرات ليصبا في تلك السلة .. فان كل الماء سيذهب الى البحر ..
ماذا أنتم فاعلون مع المقامر الذي يخسر كل شيء .. وعندما تعطونه مالا ليبدأ من جديد او ليأكل سندويشة يذهب فورا الى صالة القمار ليخسر حتى ثمن السندويشة ..
وماذا انتم فاعلون مع المدمنين على الخمر والحشيش والهيرويين تعطونهم الدواء ومئات جلسات المعالجة .. وماان تفتحوا باب المشفى حتى يبحثوا عن خمارات البلد ويعيدوا السرقة من اجل ان يحصلوا على جرعة حشيش وحقنة هيرويين ..
هل أسألكم أكثر؟؟ أم أكتفي؟؟ أم ألخص لكم كل هؤلاء في رمز واحد اسمه المعارض السوري في الخارج ..؟؟
منذ سنوات ونحن نقول الحقائق العارية ونتحدث ونسكب في الآذان الماء العذب والحقيقة .. ونكتب كلاما كله دواء وعلاج لمن يريد ان يشفى من السقم .. ونفتح الحوارات كأطباء النفس مع الفصاميين .. وبعد كل هذه السنوات نكتشف ان المعارض السوري في الخارج عقله مثقوب كالسلة وانه مدمن على الحشيش والحشائش والهيرويين ..
فبعد ان اشتد وطيس التصريحات بين الاميريكيين والايرانيين ورقص الاميريكون رقصة الحرب استبشر المعارضون بأن ايران ستخرج من الشرق الاوسط وانها ستخرج من المعادلة السورية .. رغم انهم رأوا قبل ذلك أن ترامب رقص رقصة الحرب النووية مع كوريا الشمالية وامتشق ازراره الذرية قبل ان يزور رئيسها ويثني عليه .. وهم رأوا بعد ذلك كيف رقص ترامب رقصة الحرب مع فنزويلا ولم يخرج للحرب .. ورأى الجميع قبل ذلك ان اوباما جاء بنفسه الى الشواطئ وقد أقسم انه لن يعود الا برأس الأسد .. وكلف نفسه عناء الرحلة ولما وصل الى الشواطئ السورية اخذ بعض البراميل الكيماوية وعاد تاركا المعارضة السورية لتموت وحدها بين أشداق الأسد .. ورأى المعارضون نفس النموذج ونفس الهمروجة مع اردوغان الذي لبس الثياب الانكشارية وحمل سيف السلطان سليم وعمامة محمد الفاتح وكان يريد الصلاة في الجامع الاموي .. ووصل صوته وهو يكبر الى عام 1516 في مرج دابق .. ومع هذا وفي كل المعارك وفي لحظة اتخاذ القرار كان يصيبه الزهد وينزوي للعشاء مع امينة ويترك المقاتلين السوريين والاسلامييين يموتون وحدهم ..
السلال لم تمتلئ بالماء .. ولايزال من العبث ان نسكب ماء او ان نحول ماء المحيط الهادي الى تلك السلال .. حتى الطين والحجر لن يبقى في هذه السلال التي لاقعر لها ..
الأمر الذي لاشك فيه ان التهدئة بين اميريكا وايران هي رغبة امريكية .. فالامريكيون لايريدون حربا لانه لم يعد لهم سوى طلب واحد وبه سيبيعون وجودهم في سورية .. وهو خروج ايران من سورية وترك المعادلة السورية .. وذلك كي يتحقق الأمن الاسرائيلي .. ويصبح طريق صفقة القرن سالكا لأن التحام سورية وايران والعراق وحزب الله هو ماسيفسد صفقة القرن كلها التي لايمكن ان تتحقق الا بعد انفراط عقد المفاومة والرفض وتسليم فلسطين وحيدة يتيمة للعرب والقمم الاسلامية حيث سيباع لحمها ودمها ..
ايران لن تكون قادرة (مع سورية) على ايقاف صفقة القرن وهي بعيدة عن حدود فلسطين .. فصفقة القرن ستعتمد على عزل سورية وتأمين امن اسرائيل .. لأن سورية وحدها من دون ايران لن تكون قادرة على ايقاف صفقة القرن او تشكيل اي تهديد عسكري لاسرائيل او لاقامة مشروع لتحرير الجولان لأن سورية بخروج مصر لم تتمكن من تعديل المعادلة العسكرية الضاغطة على اسرائيل وتعويض ثقل مصر الا بدخول ثقل ايران .. فسورية تتكامل مع محور بنته يمتد من طهران الى بنت جبيل بعد ان تهدم محور القاهرة دمشق .. واخراج ايران من الجوار الاسرائيلي وبقائها بعيدة يحولها الى دولة مثل الجزائر او ليبيا في الصراع مع اسرائيل .. أو ربما تتحول الى مصر أخرى بكامب ديفيد من نوع خفي .. فهي ستكون اول خطوة في التراجع الايراني بعد كل هذا التقدم في الدور في الصراع .. حيث ستقبل ايران بأن تبقى الجمهورية الاسلامية على اسمها كما بقيت جمهورية مصر العربية من غير عروبة ولا دور .. وايران ستبقى تؤيد فلسطين وسورية عن بعد .. ومهما ساندت سورية فلن يكون تهديدها لأمن اسرائيل الا محدودا بنوع السلاح الذي تقدمه للحليف السوري عن بعد كما فعل السلاح السوفييتي مع حكومة كارميل الافغانية بعد خروج السوفييت .. اي قليل التأثير .. لأن ايران ستكون محكومة بمفهوم الخروج من سورية الذي لاعودة فيه والذي ستحدده المفاوضات التي ستستدرج اليها سورية وايران ..
الايرانيون والسوريون يعلمون ان في ظاهر الطلب الامريكي بساطة شديدة للغاية وفخا خطيرا للناس العاديين .. فكل ماتريده اميريكا هو عودة سورية الى ماقبل عام 2011 بخروج ايران منها الى خارج حدودها .. مع الحفاظ على علاقات تفاهم وانسجام بين الدولتين دون شراكة استراتيجية .. وهذا أول انفصال في المسارات والمصالح والمعارك .. وهي نفس اللعبة التي لعبها الاميريكيون مع مصر في كامب ديفيد .. فكل ماقالت اميريكا للشعب المصري عبر السادات انها تريد من مصر الخروج من معادلة فلسطين العسكرية واحتفاظها بكل مابنته قبل ذلك .. ومقابلها سيناء والاقتصاد والثروة .. ولكن خرجت مصر من معادلة فلسطين العسكرية .. وبعد ذلك تدحرج خروجها من كل معادلات الشرق والعالم منذ ذلك التاريخ .. المواطن المصري البسيط صدق السادات الذي قال له: ان الطلب الامريكي بسيط .. فقط سنحرج من المعادلة العربية الاسرائيلية .. وسنعود كما كنا .. ولكن هل مصر عادت كما كانت؟؟
واليوم يقول الاميريكيون للسوريين والايرانيين .. طلبنا بسيط .. سنسلم المنطقة الشرقية للسوريين في خلال 24 ساعة ونغض النظر عن معركة ادلب مقابل شيء بسيط للغاية وهو خروج ايران وحزب الله من سورية .. فلماذا تطيلون الحرب على شعبيكما ؟؟.. ويظن البعض ان هذه الطلبات بسيطة للغاية ويجب التعامل معها بواقعية وهي ثمن بسيط مقابل ثمن باهظ ..
ولكن على المستوى الايراني اذا خرجت ايران وفق المفهوم الاميريكي و قبلت بالمبدأ .. فانها ستخرج من المعادلة العسكرية في الصراع مع اسرائيل بعد ان صارت جزءا منها لأن الجغرافيا تحكم وتفرض منطقها في اي دور عسكري .. لأن ايران ليست على حدود فلسطين مثل مصر .. والخروج من الجغرافيا يضعف التأثير العسكري .. فاميريكا تدرك اهمية الجغرافيا في الصراعات وهي تحتاج ان تكون على الجغرافيا التي تريد ان تتعامل معها .. فهي اضطرت لاحترام الجغرافيا وأتت بنفسها لتدمير العراق ولم تتمكن من تدميره بالحصار عن بعد رغم استمراره 13 سنة الا عندما دخلت على الجغرافيا وتخلت عن ترقبه من البحر الاحمر ورشقه بالصواريخ من البحر.. وروسيا كذلك رغم ان سلاحها كان في سورية عبر الجيش السوري وديبلوماسيتها تشكل قبة حديدية في مجلس الامن فانها اضطرت الى الوجود على الجغرافيا السورية لاكمال الدفاع عنها وعن مصالحها .. وهي بتجربتها تعلم انه رغم ان سلاحها بقي مع الجيش الافغاني يعد انسحابها من افغانستان فانها لم تقدر على البقاء سياسيا او حمايته وهي خارج الجغرافيا الافغانية .. ومن نافلة القول ان الاميريكيين توقعوا كل شيء في سورية الا ان تدخل ايران وحزب الله الجغرافيا السورية بالحرب بل وتدخل روسيا الى تلك الجغرافيا وهذا ماجعل كل المعادلات الامنية الاسرائيلية غير مرتاحة .. ومصدومة من ان السحر انقلب عليها .. وبدل الحصول على سورية من غير تحالف مع ايران جاءت ايران وحزب الله الى سورية ..
من ناحية أخرى فان خروج ايران سيفيد اميريكا في دحرجة مطالب داخل ايران بالتقهقر كما حدث في السيناريو المصري .. لأن ذلك سيعني بداية لتشكيل تيار في ايران يطالب بالمزيد من الخروج من معادلات الصراع في الشرق وتقوية شعار ايران اولا لأن الاتفاق النووي سيعاد تقديمه وتفعيله على انه مكافأة قيمة لسلوك ايران بأول تعبير عن النأي بالنفس .. والاهم من ذلك ان انفكاك العلاقة السورية الايرانية دون ضمان لنهاية التهديد على سورية قد يعيد الصراع في سورية الى ماكان عليه عام 2011 حيث يتم تفعيل الدور التركي ودور القاعدة وداعش والاخوان المسلمين والعرب .. فهل ستكون عودة ايران بالهينة او حتى اعادة تسويقها في سورية وفي ايران بعد انكسار الثقة وتراجع الحماس لمحور ترك آخر ميل لينتصر وعاد الى قواعده من غير المكافأة التي أرادها ..
السوريون والايرانيون يدركون هذه المعادلات .. وقالوا بالفم الملآن للامريكان انهم لن يقايضوا الانسحاب الامريكي بالمحور .. وهم يدركون ان الامريكي سيخرج بطريقة أخرى .. أقل كلفة وان كانت أطول زمنا ..
وهنا قرر الامريكي ان يغير رقصة الحرب .. وترك المعارضة السورية بعد ان ملأ سلالها بالوعود والآمال .. وربما ستكون هناك مفاجأة ثقيلة للمعارضين وللأكراد ان اميريكا ستقدمهم على الطاولة كهدية لمقايضة .. لأن المواجهة الايرانية الامريكية أظهرت ان ايران قادرة على تحمل الضغط ولكن اميريكا تتألم من عدة أعصاب .. العصب النفطي وعصب الممرات البحرية .. وعصب الرهائن المتمثل بآلاف الجنود المنتشرين في الشرق الاوسط تحت النار .. وعصب اسرائيل الذي سيكون أكبر عصب مؤلم ان وقعت مواجهة سيدخل فيها حزب الله ..
ولذلك لن تقع حرب اميريكية ايرانية طالما تمناها الكثيرون من المعارضين .. ولن تدخل اميريكا حربا دفاعا عن اي منهم في ادلب او الشرق السوري .. رغم انهم ملؤوا سلالهم بالاحلام التي تسربت من الثقوب .. بل سيتقدم المفاوض الامريكي من الطاولة التي عليها محور المقاومة ويعرض للايرانيين والسوريين صفقة ما من بينها رأس المعارضة ورأس الاكراد ليس مقابل الدخول السوري والايراني في صفقة القرن بل فقط لعدم التدخل فيها وافسادها مع احتفاظ السوريين والايرانيين بحق الرفض والتحفظ والنقد واقامة المهرجانات والمؤتمرات والحفاظ على كل خطوط التماس هادئة وترك الفلسطينيين لمصيرهم الذي سيقرره محمود عباس او خليفته وفق مبدأ القرار الفلسطيني المستقل ..
وبخروج ايران وسورية من التأثير على صفقة القرن فان الفلسطينيين سيجدون انهم كما أقنعوا ان لابديل عن اوسلو بعد خروج مصر والعراق من المعادلة .. فان حياد ايران وسورية سيعني ان اوسلو انتهى اليوم وجاء ماهو أسوأ منه .. ولكن لاخيار لهم ..
مما سبق .. منذ اللحظة الاولى للحرب على سورية كانت الغاية هي اسرائيل وأمنها .. ومستقبلها .. وكل المناورات السابقة والمساومات منذ احتلال العراق واغتيال رفيق الحريري والربيع العربي .. كل المبادرات كانت من أجل شيئ واحد هو ايجاد أجواء انهاء اتفاق اوسلو والبدء بشيء جديد صرنا نعرف انه سمي لاحقا بصفقة القرن .. والمعارضون ذوو القرون الذين يعارضون ويحلمون بأدوار لهم في سورية لايعرفون انهم مربوطون من قرونهم من أجل صفقة القرن .. وعندما تحين الساعة .. سيجرون منها الى المسالخ .. كالقرابين ..
بعد كل هذا الماء الذي سكبناه اليوم في أدمغة السلال العربية والاسلامية والمعارضات من كل الانواع والمذاقات .. على الجميع ان يدرك اننا نحن فقط من يقرر من يدخل ومن يخرج من بلادنا .. نحن من نأذن له بالاقامة ووفق مصالحنا الاستراتيجية المتبادلة كحلفاء .. ونحن نقرر متى تنتهي استضافته .. وليس اميريكا واسرائيل ….
هل تعتقدون ان السلال امتلأت بالماء؟؟ وهل تظنون ان المدمنبن على الحشيش والحشائش والخمر سيخرجون من مشفانا الى المكتبة ام الى الخمارة؟؟ وهل تظنون ان المدمنين على القمار سيخرجون الى العمل الخيري ام الى صالات القمار؟؟ بعد ان أعدنا الدرس للمرة المليون وأعطينا الأغبياء الاسئلة والاجوبة انهم سينالون غير الصفر المكعب؟؟ لاتقولوا لي .. أنا أعرف النتائج ..
التعليقات مغلقة.