الأمّة الإسلامية تعاني، من يجدّد لها مجدها؟ / فوزي بن يونس بن حديد

نتيجة بحث الصور عن فوزي بن حديد

فوزي بن يونس بن حديد ( الإثنين ) 10/6/2019 م …




[email protected]

من يجدّد للأمة الإسلامية دينها؟ من يجدّد لها مجدها وعزّتها؟ الأمة الإسلامية اليوم مُنْهكة تنشد السلام والأمن والأمان، بعد أن تشرذمت وتمزّقت وتشتت وصار أهلها أعداءً يتقاتلون من أجل ماذا؟ من أجل تدمير البلاد ونهب الثروات وهتك الأعراض وتهجير الكفاءات والمسّ بالسيادات وانتهاك المقدّسات فماذا بقي أن نتمسّك به؟

من يجدّد للأمة دينها بعد حالة الضعف والهوان التي وصلت إليها، وبعد حالة السكون والاستسلام والخذلان التي هي عليه اليوم، من يُخرج الأمة من سُباتها بعد أن دُنّست مقدّساتها؟ واُنتهكت أعراضها ودُمّرت بلدانها هل من أمل؟ هل من فرج؟ فإذا نظرنا إلى حالة بلداننا الإسلامية ماذا نرى؟ نرى قوات حفتر المدعوم سعوديا وإماراتيا ومصريا في ليبيا تقاتل قوات السراج المدعوم دوليا، ونرى الحوثيين المدعومين إيرانيا يقاتلون قوات التحالف السعودي والإماراتي والسوداني والباكستاني وغيرها المدعومين أمريكا وإسرائيليا، ونرى قوات المجلس الانتقالي في السودان المدعومة سعوديا وإماراتيا تقاتل قوى الحرية والتغيير في البلد نفسه، ونرى شباب الصومال المدعومين من القاعدة يقاتلون إخوانهم قوات محمد عبد الله محمد، ونرى الأحداث تتسارع في المملكة العربية السعودية، من خلال مشروعها الانفتاحي والإصلاحي، حتى طال اعتقال الدّعاة والمفكرين والناشطين وأصبحت السعودية مسرحا للمساومات  والمزايدات الأمريكية والإسرائيلية، ونرى النزاع الخليجي الخليجي مستمرا ولا حلّ قريب في الأفق.

تلك حالة الأمة اليوم، بعد أن كانت أنظارها تتجه صوب فلسطين أصبحت اليوم تتجه نحو كل بلد عربي مسلم، يعاني من الانقسام الداخلي والفُرقة والتمزق، كل بلد ينتحر داخليا، تفكّكت عراه وانفصمت، عروة عروة، والهدف المعلوم للجميع إعادة احتلال البلدان دون تدخل عسكري من الخارج من خلال إثارة المشاكل والنعرات الطائفية والاختلافات المذهبية التي أسقطت كل مشروعِ وحْدة حتى في البلد الواحد نفسه، مشروع أفصحت عنه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في عهد جورج بوش الابن، التي كانت تمثل الجناح المتطرف في الإدارة الأمريكية، وكانت تصول وتجول في العواصم العربية والإسلامية تسترق السمع وتخطط من أجل تفكيك البنية العربية الواحدة والاستفادة من قدراتها الطبيعية والبشرية، هكذا كانت الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، وقد نجحت في ذلك إلى حدّ بعيد.

من لهذه الأمة اليوم؟ نحن نعيش عصر الحديث النبوي الشريف، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها” فقال قائل: ومن قِلة نحن يومئذ؟ قال: “بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن” فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت”. فها نحن اليوم نعيش أحداث هذا الحديث النبوي الشريف بكل تفاصيله الدقيقة، وإلا كيف يقدم مسلم على انتهاك حرمة مسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ” “لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ”.

عزة الأمة تكمن في ثلاث آيات ذكرها المولى عز وجل في كتابه العزيز في سورة آل عمران، حيث قال تبارك وتعالى “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه” فهذه الثلاثية الرائعة هي التي ستنقذ الأمة من وحلها الذي علقت به ولم تستطع إلى اليوم الخروج من عنق الزجاجة، ثلاثية لها أثرها الكبير في التغيير إلى الأفضل والأحسن، هي الإيمان المطلق بالله تعالى، وهذا الركن يعزز وحدتها، ويقوي أواصرها، ويوثق روابطها، فلا تنفك عراها ولا تنفصم بعدها أبدا لأنها متمسكة بالله تعالى لا تختلف الاختلاف الذي يقطع الرؤوس ولكنه الاختلاف الذي ينثر الرحمة ويبث الطمأنينة في النفوس.

أما الركنان الثاني والثالث فمرتبطان ببعضهما إلى حد كبير، وهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا تمسكت بهما الأمة الإسلامية وتمسك بها كل بلد على حدة في نطاقه الشرعي والانضباط الفطري وحسن التدبير العملي، كانت الأمة قد حازت السبق في كل أمر من أمورها، ولكي يحصل هذا ينبغي أن تكون البطانة من العلماء على مستوى من التقوى والوعي الفكري والمجتمعي، وعلى قدر كبير من الثقافة الشرعية والواقعية والانفتاح الذي لا يكون سببا في انهيار المنظومة الأخلاقية، وأن يتعامل السياسيون وفق نظام الأخوة والتسامح والمحبة والاخوة، واحتواء القدرات والكفاءات والناشطين والعلماء البارزين، وجميع المواطنين فنحن أمة لها ثروات كبيرة وكفاءات عالية وقدرات مؤثرة يمكن أن نصنع من أنفسنا قوة لا نحتاج معها إلى قوة خارجية ولا يستخف بنا عدو ولا ماكر ولا يستهين بنا من كان يظن أنه يملك القوة وحده.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.