كيفية الوقاية من الفساد في مصر وطرق مواجهته / د. عادل عامر
د. عادل عامر ( مصر ) الإثنين 17/6/2019 م …
تتسم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) بأنها اتفاقية متعددة الأطراف تتفاوض بشأنهـا الدول الأعضـاء فـي الأمـم المتحـدة. تعتبـر تـلك الاتفاقية أول وثيقة في مكافحة فساد دولي ملزم قانونا. وتضم الاتفاقيـة 71 مادة مقسمة إلى 8 فصول على أن تقوم الدول الأطراف بتنفيذ عدة تدابير لمكافحة الفساد والتي قد تؤثر على القوانين والمؤسسات والممارسات.
تهدف هذه الإجراءات إلى منع الفساد وتجريم بعض التصرفات وتعزيز إنفاذ القانون والتعاون القضائي الدولي وتوفير آليات قانونية فعالة لاسترداد الموجودات والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات وآليات لتنفيذ الاتفاقية بما في ذلك مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وفقا للمادة 63، الفقرة 7، من الاتفاقية فقد أسس المؤتمر في دورته الثالثة آلية استعراض تنفيذ الاتفاقية. وتم تأسيس الآلية كذلك وفقا للمادة 4، الفقرة 1 من اتفاقية مكافحة الفساد التي تنص على أنه يتعين على الدول الأطراف أن تنفذ التزاماتها بموجب الاتفاقية على نحو يتفق مع مبدأي المساواة في السيادة والسلامة الإقليمية للدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
إن آلية الاستعراض هي عملية حكومية دولية بهدف العام يتمثل في مساعدة الدول الأطراف في تنفيذ الاتفاقية. ويجب أن تكون الآلية قابلة للتطبيق على جميع الدول الأطراف. يقوم باستعراض كل دولة طرف دولتان أخريان من الدول الأطراف.
وتشارك الدولة الطرف المستعرَضة مشاركة فعالة في عملية الاستعراض. وتكون إحدى الدولتين الطرفين المستعرِضتين منتمية إلى المنطقة الجغرافية نفسها التي تنتمي إليها الدولة الطرف المستعَرضة، ويكون لديها، إن أمكن، نظام قانوني مماثل لنظام الدولة الطرف المستعرَضة. ويجرى اختيار الدول الأطراف المستعرِضة بالقُرعة في بداية كل سنة من الدورة، على ألاَّ تقوم الدول الأطراف باستعراضات متبادلة. ويجوز للدولة الطرف المستعرَضة أن تطلب تكرار سحب القرعة مرتين على الأكثر. ويجوز في ظروف استثنائية تكرار سحب القرعة أكثر من مرتين.
يجوز للدولة الطرف المستعرَضة أن تؤجل اضطلاعها بدور الدولة الطرف المستعرِضة في العام نفسه. ويطبق المبدأ ذاته على الدول الأطراف المستعرِضة مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال. وبحلول نهاية دورة الاستعراض يجب أن تكون كل دولة طرف قد خضعت لاستعراض خاص بها وأجرت لغيرها استعراضًا واحدًا على الأقل وثلاثة استعراضات على الأكثر. تعين كلُّ دولة طرف خبراءَ حكوميين يصل عددهم إلى 15 خبير لغرض القيام بعملية الاستعراض. وتُعدّ الأمانة وتعمم، قبل موعد سحب القرعة لاختيار الدول الأطراف المستعرِضة، قائمة بأسماء أولئك الخبراء الحكوميين، تتضمن معلومات عن خبراتهم المهنية ومناصبهم الحالية، والمناصب ذات الصلة التي شغلوها أو الأنشطة ذات الصلة التي اضطلعوا بها ومجالات خبراتهم اللازمة لدورة الاستعراض المعنية. وتسعى الدول الأطراف إلى تقديم المعلومات اللازمة إلى الأمانة لتنظيم تلك القائمة وتحديثها باستمرار.
ووفقا لهذا النظام، تتولى الأمانة صياغة مجموعة من المبادئ التوجيهية للخبراء الحكوميين والأمانة بشأن إجراء استعراضات التنفيذ الُقطرية (المشار إليها فيما يلي بـ “المبادئ التوجيهية”)، وذلك بالتشاور مع الدول الأطراف. ويقر فريق استعراض التنفيذ هذه المبادئ التوجيهية.
تجري الدولتان الطرفان المستعرِضتان، وفقا للمبادئ التوجيهية، استعراضا مكتبيًا للرد الوارد من الدولة الطرف المستعرَضة على قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة. ويتضمن هذا الاستعراض المكتبي تحليلا للرد، يركِّز على التدابير المتخذة لتنفيذ الاتفاقية وعلى جوانب النجاح والتحديات التي صُودفت في تنفيذها.
ويجوز، وفقًا للمبادئ التوجيهية المبينة في الباب الثاني وطبقًا للمبادئ التوجيهية، أن تطلب الدولتان الطرفان المستعرِضتان، بدعم من الأمانة، إلى الدولة الطرف المستعرَضة أن تقدم إيضاحات أو معلومات إضافية أو أن تعالج مسائل تكميلية ذات صلة بالاستعراض. ويمكن إجراء الحوار البناء المترتب على ذلك بوسائل منها التواصل بالهاتف أو بالفيديو أو تبادل الرسائل الإلكترونية، حسبما يكون مناسبًا.
يحب على الدول الاطراف المستعرَضة ووفقا للتوجيهات وبرنامج العمل إعداد تقرير الاستعراض القطري يتضمن ملخص تنفيذي للتقرير، وذلك بالتعاون الوثيق والتنسيق مع الدولة الطرف المستعرَضة، وبمساعدة من الأمانة العامة. ويجب على التقرير ان يحدد أوجه النجاح والممارسات الجيدة والتحديات، وأن يقوم بإبداء الملاحظات اللازمة لتنفيذ الاتفاقية. وحيثما كان مناسبا، يجب أن يشمل التقرير تحديدا لاحتياجات المساعدة التقنية بغرض تحسين تنفيذ الاتفاقية. ويجب أن تبقى تقارير الاستعراض القطري سرية.
تعرف اتفاقية مكافحة الفساد على أهمية الوقاية من الفساد عن طريق الذهاب إلى أبعد من التدابير من الاتفاقيات السابقة في كل من النطاق والتفصيل. توجه تدابير وقائية في كل من القطاعين العام والخاص. يتضمن الفصل الثاني سياسات وقائية مثل إنشاء هيئات لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية والأحزاب السياسية.
ينبغي لهيئات مكافحة الفساد تنفيذ سياسات مكافحة الفساد ونشر المعرفة ويجب أن تكون مستقلة والموارد الكافية والمدربة بشكل صحيح والموظفين. تلتزم الدول الأطراف أيضا لضمان أن خدماتها العامة تخضع للضمانات التي تعزز الكفاءة والشفافية والتوظيف على أساس الجدارة.
يجب على موظفي القطاع العام أن يكونوا ملزمين بمدونات السلوك ومتطلبات الإفصاح المالية وغيرها والتدابير التأديبية المناسبة.
كما يجب تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة المالية العامة ويتم وضع شروط محددة للوقاية من الفساد في المجالات الحيوية وخاصة في القطاع العام مثل السلطة القضائية والمشتريات العامة. يتطلب منع الفساد أيضا محاولة من جميع أفراد المجتمع ككل. لهذه الأسباب يدعو مكتب الأمانة البلدان على العمل بنشاط على تعزيز مشاركة المجتمع المدني ورفع الوعي العام بالفساد وما يمكن القيام به حيال ذلك. تطبيق المتطلبات المقدمة للقطاع العام أيضا في القطاع الخاص وهو أيضا من المتوقع أن تعتمد إجراءات وقواعد السلوك شفافة. على ضرورة ترسيخ السياسات التي تعزز مشاركة المجتمع وتأكيد النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون.
ويقصد بالشفافية ” توافر المعلومات التي تتعلق بالسياسات والنظم والقوانين والقرارات واللوائح لكافة المواطنين ” أما المسائلة فيقصد بها ” مسئولية الأفراد عما يقترفون من أعمال ووجوب مساءلتهم عن أدائهم الوظيفي وما يصدر عنهم من سلوكيات وتصرفات ” ويقصد بالنزاهة ” الجوانب الأخلاقية والقيم المرتبطة بقيام الموظف بأداء مهامه مثل الأمانة والصدق والعناية والإتقان والحفاظ على المال العام وصونه.
وقد تضمن النص أيضا أن يتم إجراء تقييم دوري للصكوك القانونية والتدابير الإدارية ذات الصلة، بغية تقرير مدى كفايتها لمنع الفساد ومكافحته.
ويقصد بذلك وضع إليه مؤسسية لرقابة جودة التشريعات واللوائح والقرارات والنظم الإدارية ومعاييرها ومراجعة أثارها في مجال حماية النزاهة ومحاربة الفساد بحيث تجعلها مواتية لمعايير الشفافية والنزاهة، وذلك فضلا عما نصت عليه من ضرورة التعاون بين الدول الأطراف فيما بينها ومع المنظمات الدولية والإقليمية لتعزيز وتطوير تلك التدابير سالفة الذكر بما يشمله ذلك التعاون من المشاركة في البرامج والمشاريع الرامية إلي منع الفساد.
وعلى الرغم من كون مصر موقعه على تلك الاتفاقية وبالتالي ملتزمة بما تضمنته من نصوص سالفة الذكر الإ أنها حتى الآن لم تقدم على البساط الواقعي ما يدل على ذلك سوي مجرد تقارير ومشاريع قوانين لم تظهر للنور حتى الآن مثل مشروع قانون تنظيم الافصاح وتداول البيانات والمعلومات.
هذا وقد تضمنت الاتفاقية ضرورة وجود هيئة أو هيئات داخل الدول الأعضاء تقوم بمنع الفساد وذلك بتنفيذ السياسات الواردة بالمادة 5 من الاتفاقية والأشراف عليها وإجراء التوعية والدراسات والتواصل مع الأجهزة المختلفة على أن تتمتع تلك الهيئة بالاستقلالية حتى تستطيع أن تقوم بدورها دون أي تأثير.
وجدير بالذكر أن هناك وجهتين في مصر إحداهما ترى وجود تلك الهيئات سالفة الذكر بينهما الأخرى ترى عدم وجودها وصاحبة الوجهة الأولى هي لجنة الشافية والنزاهة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية
حيث أوضحت ذلك في تقريرها الثاني والذي تضمن ” أن لدى مصر إطارا مؤسسيا شبه متكامل لمحاربة الفساد وكذلك ترسانة تشريعية متطورة من حيث التجريم والعقاب بما يحتاج فقط لمزيد من التعاون والتكامل والعمل المشترك بما يحقق الإرادة السياسية المنعقدة لمحاصرة الفساد الإداري والالتزام بأحكام الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ” ودللت على ذلك بدور الأجهزة الآتية: –
1 -النيابة العامة -نيابة الأموال العامة 2 -جهاز الكسب غير المشروع
3 -الجهاز المركزي للمحاسبات 4 -هيئة الرقابة الادارية
5 -مباحث الأموال العامة 6 -وحدة غسل الأموال
7 -النيابة الادارية 8 -قطاع الشرطة المتخصصة
9 -آليات وزارة المالية 10 -المخابرات العامة
ولا يقتصر انتشار الفساد على القطاع العام فقط بل قد يمتد ويتوغل في القطاع الخاص أيضا ولذلك فقد وضعت الاتفاقية سبل وقائية لمنع ضلوعه في القطاع الخاص وذلك من خلال تعزيز التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون وكيانات القطاع الخاص ذات الصلة ووضع مدونات قواعد سلوك لضمان ممارسة المنشآت التجارية وجميع المهن ذات الصلة أنشطتها على وجه منضبط وتعزيز الشفافية بينها وكذلك منع تضارب المصالح بين مقتضيات الوظيفة العامة واعتبارات العمل في القطاع الخاص
وذلك بفرض قيود ولفترة زمنية معقولة على ممارسة الموظفين العموميين السابقين أنشطة مهنية أو على عمل الموظفين العموميين في القطاع الخاص بعد استقالتهم أو تقاعدهم عندما تكون لتلك الأنشطة أو ذلك العمل صلة مباشرة بالوظائف التي تولاها أو أشرفوا عليها أثناء مدة خدمتهم وعدم السماح باقتطاع النفقات التي تمثل رشاوي من الوعاء الضريبي.
ونجد هنا المشرع المصري قد منع الموظف العام من العمل بالقطاع الخاص قبل مرور خمسة سنوات على تركة الخدمة ولكن هذا المنع يأتي من الناحية النظرية فقط ولكن من الناحية العملية فليس هناك من يمتثل إليه فنجد معظم الموظفين العموميين فور تركهم الخدمة يلتحقون بالعمل بالقطاع الخاص
ولا يوجد من يمنعهم على الرغم من خطورة ذلك نظرا لأهمية المعلومات التي يعلمونها والتي من الممكن أن يستخدمونها لصالح العمل الجديد والأخطار من ذلك القيادات الأمنية والذي يعملون فور تقاعدهم بوظائف أمنية ذات صلة بشركات القطاع الخاص، ولذلك فيجب أحكام الرقابة في هذا الشأن من قبل الجهات المعينة وفرض عقوبات مدنية وجنائية على المخالفين.
التعليقات مغلقة.