“الفجيرة وخليج عمان” ورقة “طرنيب التشتيت” من نانسي بيلوسي الى “ورشة البحرين: السلام والازدهار من اجل اسرائيل” مرورا بحضارة الأزتيك المكسيكية! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) الإثنين 17/6/2019 م …
صبت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي جام غضبها مجددا، على الرئيس دونالد ترامب، ووصفته بأنه “Master of Distraction” و “Master of Diversion” .. وهذه من أوصاف الشيطان في الكتب المقدسة حيث جرب ابليس كل الأنبياء وحاول تشتيت انتباههم، وإلهائهم عن غاية وجودهم، وصرف اهتمامهم وتحويلهم عن الهدف والمرام!
ومن معاني “Master” في القواميس العربية: أُسْتاذ، أمِير، أمِين، جَهْبَذ، رَبّ، رَئِيس، زَعِيم، سَيّد، شَيْخ، عَمِيد، قائِد، مَلك، وَلِيّ!
فهل نطلق على ترامب لقب “ملك” تيمنا ب”ملك البطاطا” بشارع الحمرا ببيروت مثلا ليصبح “ملك التشتيت، والالهاء وتحويل الاهتمام، وصرف الانتباه” كما تشتهي نانسي بيلوسي؟!
وهل هذا ما يفسر التصعيد مع ايران وفي الخليج ضمن المحاولات البائسة لتمرير “صفقة القرن” .. “صفقة القرن” بين “أردسطين – Jordestine” والدولة الفلسطينية في غزة (دبي المتوسط) وحتى اليمن! قلتها و لطالما كررتها و أعيدها اليوم: “غيرالمحمود” ، و“غير الخالد،” و“غير المحمد” و ينضم إليهم “جن البلاط” و“صديقه” وولاتهم من “الابناء” يتهافتون علی ما قد يلقيه ترامب من فتات العظام ولا يأبهون بالأسری يقاومون بأمعاء خاوية .. ولا بالشهداء يرتقون جماعات او فرادى!
أما العظمة التي يبدو أن ترامب يفكر بالقائها فتتمثل بدويلة “الكازينو” والملهى الليلي/ ديسكو/ نايت كلوب (“كازينو حلال” و “نايت كلوب شرعي” من نوع خاص علی نمط “اسلاموي” لا يعوقه الانغلاق الايديولوجي لحركة حماس) .. دويلة حول “برج ترامب” في مدينة غزة يلحق بها أجزاءا من صحراء النقب وبعضا من شبه جزيرة سيناء .. دويلة تفرح قلب احدهم فيسميها “دبي المتوسط”! سمها ما شئت .. هو مشروع غزة الكبرى الذي اقترحه الجنرال ايلاند هربا من الخطر الذي تمثله غزة /1967على الكيان الإسرائيلي .. مشروع يقضي بمضاعفة مساحة غزة مرتين الى ثلاث مرات الأمر الذي يسمح ببناء مدن جديدة للفلسطينيين ويساهم برفع الفرص الإقتصادية لهم عبر اقامة ميناء بحري ومطار دولي .. اما مشروع “أردسطين – Jordestine” فيتم من خلال ما يعرف ب “الأردن الكبير”، ذلك المشروع الكونفدرالي الذي يهدف لإدماج جزء يسير من الضفة الغربية مع الأردن وقطاع غزة بحكومة مركزية من عمان انسجاما مع معايير و مصالح الأمن القومي الإسرائيلي .. اما التوابع فيعودون من حج غير مبرور ليحدثونك بزهو عن “كانتون” طائفي هنا و اخر هناك؛ واحد ينتهي بوادي النصارى للمسيحيين، والثاني يمتد من الشوف الى حوران للموحدين الدروز الحاقا ب”صفقة القرن”!
من هنا عملهم الدؤوب لاستمرار الحرب و تغذيتها تمهيدا لاعادة النظر في الخارطة السورية بالتعاون مع تركيا واسرائيل الامر الذي ينعكس تلقائيا علی العراق لتجزئته وانتقال العدوی الی المملكة العربية السعودية .. نعم ما زالوا يعملون علی انشاء كوندومينيوم صهيواعروبيكي لادارة الدويلات العربية الموزعة طائفيا وعرقيا وقبليا ضمن الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط .. ومصداقا لذلك، تراهم يعملون لطرد الإيرانيين فالروس من سوريا – ولو بالكبسة النووية!
أكرر، احوال عربية متردية تتمظهر جزئيا بهرولة تطبيعية مجانية تفتح الأبواب مشرعة على صفقة او صفاقة او صفعة القرن كاستثمار صهيواعروبيكي استراتيجي توسل سياسة الخطوة خطوة او القضم التدريجي من القدس الى الجولان فإسقاط صفة الاحتلال عن كل ماتغتصبه “اسرائيل” وإسقاط صفة “لاجئ” عن “الفلسطيني” ومحاصرة وكالة غوث اللاجئين إسقاطا لحق العودة، وفي الطريق إلصاق تهمة الإرهاب بقوى المقاومة والتحرير من غزة الى القدس، ومن سوريا الى ايران. وها هم يحاولون إنجاز هيكل دولي صوري لتمويل الصفقة من أموال العرب في “ورشة البحرين” مستخدمين “الفجيرة وخليج عمان” كورقة “طرنيب التشتيت” وغايتهم: السلام والازدهار من اجل اسرائيل”!
“طرنبوا” ما شئتم، “زايدوا” ما بدا لكم، و”انشروا” ما اسطعتم .. لَيْسَ بِالْمال والسلطان والمجد الصهيواعروبيكي وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ .. لا شلالات الدولارات “العربية”، ولا الماكينة الاعلامية الأيديولوجية الصهيوأعروبيكية، ولا “الربيع العربي”، ولا “الأخ الأكبر”، ولا “الدب الداشر”، ولا الغارات الهستيرية، ولا المدمرات الامريكية في الخليج العربي، ولا اثارة الشبهات بالهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان، ولا معمارية كوشنر الجديدة .. ولا، ولا .. كلها لا تقوى على تقديم ايران باعتبارها العدو والخطر الداهم ليتم بهذا ازاحة “إسرائيل” ومشروعها الاستعماري من المشهد!
اضغاث أحلام .. “عبس” من “عبس”، و”اشعل” من “اشعل”، و“دحل” من “دحل” و“جن” من “جن” و“جعجع” من “جعجع” فقد ارتقی الشهداء قرعا للأجراس مؤذنين باستعادة فلسطين – كل فلسطين – من النهر إلى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش (27،009كم مربع – متر ينطح متر، كاملة غير منقوصة!) .. اوقفوا “الكوميديا الجاهلية”، لقد شبعنا لعبا بين يدي بيرنارد لويس و صحبه اصحاب بدع وخطط وخدع تفتيت المنطقة طائفيا وعرقيا كي لا تبقی فيها دولة سوی اسرائيل .. من زئيف جابوتينسكي الی موشی هالبيرتال وحتی أوباما –وترامب بالتاكيد!
Top of Form
لا تدعوا “الخب” يخدعكم .. أوقفوا تقسيم المقسم و كفوا عن اللعب بين يدي برنارد لويس .. الا تذكرون ملجأ 11 ايلول 2001 الاستراتيجي السري الذي جمع بوش الابن و ديك تشيني بالبروفيسور الصهيوامريكي برنارد لويس؟ عندها عرض لويس خرائطه طارحآ التحالف ضد “الخطر الايراني” كتكتيك لتسهيل تفكيك الدول العربية والاسلامية خدمة لاسرائيل وحماية لها من الخطر المصيري .. وهذا يعيدنا إلى يوم أوقعنا “الخب” في الفخ بشن الحرب على ايران عام 1980.. اما بريجنسكي، فقد بدأ يفكر بتنشيط حرب خليجية ثانية لتفتيت المفتت و “تصحيح اتفاقية سايكس بيكو”.. و عليه قامت وزارة الدفاع الأميركية بتكليف برنارد لويس بوضع مشروع عملي لتفكيك المنطقة على أسس دينية، طائفية، مذهبية، عرقية، ثقافية!
لا تخرجوا من النور الى الظلمات .. ولا تغذوا مصانع الأسلحة الأمريكية يالدم العربي من فلسطين الى سوريا والعراق فاليمن .. واذكروا ان أهل اليمن هم أصل العرب، وفرسان الاسلام، ولهم فضل الريادة في بناء السدود وناطحات السحاب .. انها اليمن ان صلحت صلح العالم، وان اضطربت اضطرب العالم!
أما الايرانيون فهم حاكة السجاد العجمي ولاعبو الشطرنج، وهم من توج العشق بين التاريخ والايديولوجيا بزواج أثمر اللحظة التكنولوجية النووية .. واذكروا أن الفرس هم الشعب الأول في التاريخ الذي بنى حضارته منذ قرابة 7000 سنة قبل الميلاد فكانت الحضارة الاولى التي عرفها الانسان!
أما الولايات المتحدة الامريكية فمواليد عام 1776م ولا يمتد تاريخها لأكثر من 243 عام! واليوم تزخر الادارة الامريكية بالرؤوس الحامية التي تری في سوريا عقبة جيواستراتيجية تهدد المصالح الامريكية منذ نيف وعقود خمسة تؤكدها اليوم نظريتا الفالق الزلزالي والبحار الخمس الاستراتيجيتان!
فها هي مبادرة “الحزام والطريق” الصينية تلتقي مع مبادرة ”الاتحاد الاقتصادي الاوراسي” الروسية والموقع الايراني الاستراتيجي كمركز للتجارة والطاقة، وكحصن منيع في مجابهة الجهادية التكفيرية التي يتلاعب بها الغرب .. ولعلكم تذكرون مشروع التعاون والتشبيك الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد في مطلع العقد الأول من القرن الحالي (أبيض، أحمر، خليج، قزوين، أسود – منظومة البحار الخمس) استثمارا لموقع سوريا الجغرافي، ووضعها في مركز شبكة الطاقة والنقل الإقليمية .. مشروع يضم روسيا وايران وتركيا ومصر والسعودية والعراق وسوريا والجزائر واليمن تكاملا مع اوروبا المتوسطية .. أرادها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تعمل بالتفاوض لحل النزاعات وبالتعاون للتنمية والتقدم الاقتصادي ولضمان أمن الطاقة والملاحة .. مشروع يقوم على شراكة استراتيجية في الشرق الجديد .. فهل ترسم دمشق القدر وتربط البحار الخمسة لتلتقي الرياح والامواج السياسية بالامال الاقتصادية الكبری وتمنع بذلك التيه العربي قبل وقوعه في الصحاری وعلی ظهور الابل بعد نضوب النفط او نضوب الحاجة اليه ومع استشراس الذكاء الاصطناعي (AI)؟
وختاما لابد أن نستدعي أسطورة من حضارة الأزتيك المكسيكية حيث تشوى القلوب البشرية بالنيران المقدسة و تشترط الآلهة أن تكون القرابين من الأطفال ليفاجأهم الإله المخلص الأكثر وحشية فيحمل الكوكب بأسنانه و يلقيه في النيران الأبدية .. وأكثر ما يدعو إلى التفكر في هذه الأسطورة وصف هذا الإله المتوحش أنه ذو شعر أحمر ووجه منتفخ ..
الا ينطبق هذا الوصف والفعل على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيما وأنه تفاخر غير مرة مغردا أن لديه زرا نوويا هو الأقوى والأكثر كفاءة؟! وبعد فهل نعجب لاستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي خاصة إذا استبدلت النيران الأبدية في الأسطورة بالنيران النووية الأمريكية؟!
وبعد، هل نسمح ل”ملك التشتيت، شيطان الالهاء، شيخ تحويل الاهتمام، وولي صرف الانتباه” بتشتيت انتباههنا، وإلهائنا عن غاية وجودنا، وصرف اهتمامنا وتحويلنا عن الهدف والمرام!؟
أعلم اني أدعوكم للمرة الالف بعد الالف – ضنا بكم، والله ضنا بكم – أن كونوا مع الامام علي اذ قال: “لست بخب، ولا الخب يخدعني” .. وتعالوا ليوم مرحمة وكلمة سواء، فلكم استخدموكم كما استخدموا القاعدة ومشتقاتها من داعش ونصرة وفتح الشام .. وحتى جاستا منذ زمن غير بعيد!
فلسطين هي المبتدأ والخبر .. فلسطين هي الإسم والفعل والحرف .. من النهر إلى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش .. الانتفاضة الثالثة على الأبواب، وردود المقاومة في تصاعد .. ان وعد الله حق والساعة آتية لا ريب فيها .. فوجهوا البوصلة وسددوا البنادق الى تل ابيب .. واقرأوا: “نصر من الله، وفتح قريب”!
تمشي وامشي والليالي بيننا//
ستُريكَ من يهوي ومن سيظفرُ//
ديانا فاخوري
كاتبة عربية اردنية
Bottom of Form
الكاتبة السيدة ديانا فاخوري، تتألق بفن التحليل ، فلها اسلوبها الخاص ، الذي لا يماثلها به اي محلل آخر، وهي بقدر بساطة افكارها ووضوحها ، الا انه لا يمكن قراءتها دون تأن وتعمق وتفكير ، ليتمكن القارئ من فك رموز افكارها وكلمات سر لسانها ، وفن واناقة قلمها، فلا الخاتمة تدرك من المقدمة ، ولا تفيدك الخاتمة وحدها إن لم تبدأ من المقدمة. فمقالها كل متكامل .
هي جواد اصيل ، يحسن الجري بين مسارات المضمار السياسي ، بخطوطه التاريخية والحاضرة والمستقبلية ، وكيف تراه هي بالمستقبل .
عنيدة حريصة على مبادئها ، لينة صارمة لا تنحني، ومن يتعمق بما تكتب ويتابعه يدرك بسهولة ان لا هم لها الا فلسطين، فهي المبتدأ والخبر والمنتهى ، وهي الكلمة الفصل.
تسكنها الآمال والطموحات ، رغم المآسي والخيانات ، همنا فلسطين… وجهتنا فلسطين… امنا فلسطين …فلسطين استعدي وتزيني، فنحن عائدون وقادمون .
17/06/2019