رأي ابن رشد في القضاء والقدر أو (التجويز) … رداً على  مبدأ الجبرية عند الأشاعرة / د. عدنان عويّد

د. عدنان عويّد ( سورية ) الثلاثاء 18/6/2019 م …




نتيجة بحث الصور عن ابن رشد

     لقد كان للفيلسوف العربي العقلاني ابن رشد, موقفا كلامياً وفقهياً من مسألة القضاء والقدر, أو ما يسمى عند علماء الكلام بالتجوز, كما يقول المتكلمون الأشاعرة. أي القول بأن كل شيء في هذا الكون مخلوق لله, وبالتالي كل حركات الإنسان وسكناته مسجلة في لوح محفوظ. مع إنكار طبائع الأشياء وأسباب قيامها, فالله في مسألة التجويز والقدرة, قادر على أن يخلق (من الفأرة جملاً أو العكس) على سبيل المثال هنا لا الحصر. وهذا هو مبدأ التجويز الذي لا يؤمن كما قلنا بثبات سمات وخصائص الأشياء, حيث أثبت العلم أن للجينات تأثير على المورثات, ولقانون الجاذبية دور في سقوط الأشياء من علِ, وغير ذلك من قوانين في الطبيعة والمجتمع أثبتتها الخبرة والتجربة الإنسانيتين.

     لقد انطلق ابن رشد في بناء موقفه العقلاني هذا الرافض أو الناكر للموقف الجبري التجويزي في عصره على مسألتين أساسيتين, وجد فيهما إنكاراً لدور العقل الإنساني وحرية الإرادة الإنسانية, وهما:

الأولى قوله بالحكمة الإلهية في الخلق:

    حيث يؤكد هنا : بأن الله هو خالق هذا الكون بنظامه وبطبيعة الأسباب المتحكمة في هذا النظام. وبالتالي فإن مسألة نظام هذا الكون القائم على (السببية) عنده, يؤكد وجود الله وقدرته وحكمته في خلق الكون على سنة ثابته, (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً.). الفتح- 23.

     إن الله عز وجل وفق هذه الرؤية كما يقول ابن رشد له سنة ثابته في خلقه لهذا الكون, قائمة على النظام وليس على الفوضى في الخلق من جهة, ومن جهة أخرى إن كل ما يقوم بخلقه له أسبابه, وهناك آلية عمل أو ميكانزيم  تتحكم في حركة الظواهر أي مخلوقاته وتطورها وتبدلها, ولم يكن الله بخلقه عبثياً أو مزاجياً. وهذا ما أكده العلم وتطوره المستمر برأينا في عصرنا الحالي من حيث سمات وخصائص وطبائع المخلوقات, فعلم الجينات استطاع أن يبين لنا الكثير من السمات والخصائص والطباع البيولوجية للإنسان والنبات والحيوان على سبيل المثال لا الحصر.

الثانية  المصالح والغايات من وراء الخلق:

      يقول ابن رشد: إن الله جل جلاله لا يخلق من أجل التسلية وإثبات الذات وإدهاش الآخرين وتبيان قدرته في الخلق حتى يقنع الاخرين به وقبول عبادته والانصياع لأوامره. (إن الله غني عن العالمين). وإنما الخلق عنده يأتي وراءه مصالح الناس وحاجاتهم من أجل البقاء وإعمار هذه الحياة, فالإنسان خليفة الله على هذه الأرض وهو الذي سخر له هذا الكون بكل ما فيه لمصلحته ورعايته.

كاتب وباحث من ديرالزور- سورية

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.